حرية التعبير قيمة و الدفاع عنها واجب :

إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا
فان إسكات هذا الشخص الوحيد
لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة”
     جون ستيوارت ميل

تعد حرية التعبير عن الرأي إرثاً إنسانياً عالمياً عاماً كلف البشرية قرونا من النضال و الثورات و الآلام, تمتد جذوره قدماً, قدم البشرية ذاتها, فمذ وجد الإنسان على هذه الأرض وجد النزوع إلى حرية التعبير عن الرأي و وجد أيضا التنازع حولها.إن حرية التعبير عن الرأي هي من الحريات الأساسية للإنسان  وهي فوق هذا حق من الحقوق الأصيلة التي توجد مع وجود الإنسان ذاته و تشكل جزءاً لا يتجزأ من كيانه و صيرورته, فلا يجوز الانتقاص منها بأي حال من الأحوال, فحق التعبير عن الرأي بحرية كاملة خالية من أي قيود أو ضغوط هو حق أساسي من حقوق الإنسان الفرد. وهو حق صرف في ذاته بغض النظر عما إذا كان الرأي الذي يتم التعبير عنه صحيحا أو خاطئا، مقبولا أو مكروها, ينسجم أو لا ينسجم . . . سواء مع آراء أغلبية أو أقلية , سلطة أو حكومة ,ديانة أو مذهب… وهو حق مجرد من اعتبارات الظروف المحيطة به مثل اعتبارات الزمان أو المكان , السلم أو الحرب , الشرق أو الغرب. . . ولا يجوز تقييده بأي حال من الأحوال إلا فيما يتجاوز التعبير عن الرأي إلى تهديد حق الحياة لفرد ما أو أفراد آخرين فلا يعلو عليه إذا إلا الحق في الحياة.  ويتصل حق التعبير عن الرأي مباشرة بعملية تطور الوعي الفردي والجمعي في المجتمع، أي تطور الوعي بالذات وتطور الهوية للفرد وللجماعة. فثورات المعرفة في كل عصر من العصور لم تكن لتأخذ مداها بدون حرية التعبير عن الرأي. وسواء نظرنا إلى عصور النهضة و التنوير في التاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث، فإن تراكم المعرفة كان يرتبط في كل منها بازدهار حرية التعبير عن الرأي. كذلك فإن التطورات السياسية الكبرى في تاريخ العالم كانت في جوهرها تعبيرا عن انقلاب في الوعي بسبب تراكم المعرفة أي بزيادة حرية التعبير وحركة الاتصال فيما بين الأفراد والجماعات و الأفكار. ولطالما أدى الاستبداد المعرفي وقمع حرية التعبير عن الرأي إلى تدهور إنجازات النهضة وتراجع الحضارة والانحطاط و والجهل وانتشار الفساد واضمحلال القيم الأخلاقية وتدني قيمة الإنسان الفرد إلى أدنى درجة.
لقد ساهمت الهيئات و الوكالات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة منذ إنشائها في عام 1945 بشكل فعال في وضع الأسس الأخلاقية و القانونية للالتزام بحرية التعبير على الصعيد الدولي و مارست دورا ايجابيا خلال عقود طويلة في حماية و تعزيز هذا الحق بما انعكس بشكل ايجابي على معظم دساتير الدول الأعضاء في المنظمة, فقد جاء في قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة في أول اجتماع لها بتاريخ 14121946 : ( إن حرية المعلومات هي حق أساسي للإنسان و حجر الزاوية لجميع الحريات الأساسية التي تنادي بها الأمم المتحدة ) القرار59 د-أ. وصولا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 10121948 والذي جاء في المادة 19/2 منه : ( لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية)
و لابد لنا في هذا السياق من إجلال الدور الذي تلعبه منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة (اليونسكو) في نشر نسق ثقافي جديد على مستوى العالم أجمع عبر مناداتها الدائمة بمفهوم مجتمع المعرفة الذي يستند إلى مبادئ حرية التعبير؛ وتعميم الانتفاع بالمعلومات والمعرفة؛ وتعزيز التنوع الثقافي.
وفي سياق الاعتراف المتزايد بأهمية دور الصحافة الحرة في دعم و تعزيز الديمقراطية والتنمية، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 3 أيار/مايو “اليوم العالمي لحرية الصحافة”.  حيث أصبح هذا اليوم يشكل مناسبة في العالم قاطبة للاحتفال بحرية الصحافة، وتوعية الرأي العام إلى انتهاكات حرية التعبير، واسترعاء الانتباه إلى عمل الصحافيين الذين يتعيّن عليهم المجازفة بحياتهم أو بدخول السجن من أجل إيصال المعلومات إلى الناس يوميا. وكل سنة، في احتفالات اليوم العالمي لحرية الصحافة تسلم جائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة (غييرمو كانو) إلى صحافي تميّز بعمله في الدفاع عن حرية الصحافة.
إن كل ما سبق ذكره عن الدور الهام الذي تقوم به الأمم المتحدة في مجال حماية و تعزيز الحق في حرية التعبير عن الرأي لا يمنعنا من قرع ناقوس الخطر تجاه استغلال بعض الأحداث التي حصلت خلال السنوات الأخيرة من أجل استباحة العديد من الحقوق الفردية و المدنية و تقييد نطاق الحق الأساسي لحرية التعبير على نحو غير مشروع تحت مسميات فضفاضة من مكافحة الإرهاب إلى الإساءة للمشاعر الدينية إن هذه الأحداث التي وقعت خلال السنوات السابقة قد وضعت حرية الرأي والتعبير في قلب الجدل العالمي، وما صاحبه من عنف أو تهديد بالعنف. إن أشد ما أبرزته هذه الأحداث هو الافتقار الخطير للقيادة على جميع المستويات ونزوعها النفعي، سواء إلى تصعيد التوترات وإبراز الانقسامات، أو إلى تبني إجراءات مواءمة سياسياً، فيما كانت حرية الرأي والتعبير وحرية المعتقد بمثابة الرهينة وكبش الفداء وضحية هذه التطورات مجتمعة و أكثر ما يثير الفزع في هذا المجال هو استخدام هيئات الأمم المتحدة كمطية لتحقيق هذا الغرض كما حصل في الدورة الماضية لمجلس حقوق الإنسان ،فبتاريخ 28/3/2008  وتحت بند مراجعة ولاية المقرر الخاص بشأن تعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير تم تمرير القرار A/HRC/7/L.39  رغم اعتراض 40 منظمة حقوقية من أنحاء العالم أغلبيتها من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بقيادة منظمة المادة 19 و مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، هذا القرار الذي يحول المقرر الخاص لحرية التعبير إلى “نائب عام”  حيث جاء فيه بأن المقرر الخاص سوف يتولى “متابعة ورصد الحالات التي يحدث فيها استغلال الحق في حرية التعبير عندما يمثل هذا الاستغلال فعلاً من أفعال التمييز على أساس عرقي أو ديني.” إن هذا التعديل يتناقض مع جوهر الصلاحيات التي يتمتع بها المقرر الخاص إذ أن دور المقرر الخاص ليس هو البحث في التعبيرات التي تمثل خروجاً عن حرية التعبير ولكن دوره هو النظر في الانتهاكات التي تتعرض لها حرية التعبير ومتابعة ومراقبة ذلك. ان هذا التعديل يشكل مدخلا لإساءة التأويل وذلك لأن العبارات غير المنضبطة التي تم بها صياغة هذا التعديل يمكن أن تجعل القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام والتكليف الخاص على وجه الخصوص عرضةً لأشكال مختلفة ومتباينة من إساءة الفهم والتأويل بشكل مضلل خصوصا عندما يتصل الأمر بشكل وثيق بالدول التي تستخدم فيها العبارات المطاطة والغامضة التي تتسم بها مواد القانون الجنائي الخاصة بحماية الأديان من “الازدراء” أو “التحقير”، استخدامًا منهجيا ومنتظما ليس فقط من أجل تقييد حرية التعبير والإعلام بطريقة تعسفية أو غير مشروعة ، وإنما أيضا لانتهاك حقوق أخرى مثل حرية الدين والمعتقد، عبر تجريم اعتناق معتقدات وآراء دينية معينة أو تجريم التعبير عنها، أو عبر ملاحقة المنتمين لأقليات دينية.إن المنطقة العربية التي ننتمي إليها تشهد كيف أن هذه المواد القانونية الفضفاضة وغير المقيدة والمتعلقة بالإساءة للأديان أو ازدرائها يتم استغلالها في تقييد أو معاقبة أو تجريم البحوث الأكاديمية النقدية التي لا تتفق مع التفسيرات السائدة للأديان، أو لفرض الرقابة على أشكال التعبير الفني التي تعتبر منافية للأحكام الدينية أو الأخلاقية، أو لتبرير التعصب الرسمي أو الاجتماعي ضد الأقليات الدينية بما في ذلك من ينتمون إلى مدارس أو معتقدات تمثل أقليات داخل الديانة الإسلامية ذاتها.

البيئة السياسية و القانونية: 

إن أفضل طريقة لمعرفة الحقيقة هي التبادل الحر للآراء
وان السبب الوحيد لمنع ذلك هو الخوف من ظهور الحقيقة”
اندريه شيدنيوس

* لمحة تاريخية :
كانت سوريا تاريخيا من أوائل الدول في العالم العربي التي انتشرت فيها الصحافة المطبوعة فقد صدرت أول مجلة مطبوعة سورية عام 1851 بعنوان “مجمع الفوائد” كما تم إقرار أول قانون مطبوعات في عام 1865 وقد شهدت بداية القرن العشرين ثورة حقيقية في الصحافة حيث أصدرت ماري عجمي أول مجلة تعنى بحقوق المرأة في الشرق الأوسط اسمها ” العروس ” عام 1910 وفي عام 1920 بلغ عدد المطبوعات 31 مجلة و 24 جريدة دورية واستمر هذا الزخم الصحفي إلى أن وصل إلى أوجه في تاريخ سوريا بعد انجاز الاستقلال في عام 1947 حيث تم إقرار قانون مطبوعات جديد حمل رقم 35 لعام 1949 الذي رفع الكثير من القيود على حرية إصدار و تملك الصحف المستقلة و الحزبية وبلغ عدد المطبوعات في سوريا رقما قياسيا في فترة الخمسينات وصل إلى 52 مطبوعة متنوعة إلى أن جاءت الوحدة السورية المصرية في عام 1958 حيث كانت واحدة من أقسى اشتراطات عبد الناصر لإتمام الوحدة موائمة الوضع السوري مع الوضع القائم في مصر وذلك اقتضى التضحية بالأحزاب السياسية و بالبرلمان و بالصحافة وانصاعت القوى السياسية السورية لهذه الاشتراطات على اعتبار أن الوحدة أهم من الديمقراطية وشكل ذلك أقسى ضربة وجهت لحرية الرأي و التعبير و الصحافة تلقاها المجتمع السوري بشكل طوعي وفي الفترة التي تلت الانفصال بين عامي 1961 و 1963 استعادت الصحافة السورية حيويتها وعادت الصحافة إلى الواجهة مرة أخرى إلا انه مع ذلك لم يسمح بترخيص الصحف المعارضة للانفصال و فور قيام حزب البعث باستلام السلطة في عام 1963 تم إعلان حالة الطوارئ و صدر الأمر العرفي رقم 4 الذي أوقف بموجبه تراخيص الصحف و المطبوعات و أغلقت بموجبه الصحف و المجلات وصودرت المطابع وجميع أدوات الطباعة و حجزت الأموال المنقولة و غير المنقولة لماكي المطابع و دور النشر و لم يستثنى منها لوقت قصير سوى صحيفتين ( بردى و العربي  ) اللتين ما لبثتا أن انضمتا إلى القائمة الطويلة من المطبوعات المعدمة و دخلت البلاد مرحلة الإعلام الحكومي الموجه الذي سيطر عليه فكر يرى أن  الإعلام هو إحدى ممتلكات الحزب الحاكم قائد الثورة وما عليه إلا أن يساهم في تعبئة الجماهير من اجل نصرة أهداف الحزب و الثورة , خصوصا في ضوء الدستور الدائم للجمهورية العربية السورية الذي أقره مجلس الشعب السوري بعد عرضه على استفتاء عام في عام 1973 و الذي نصبت المادة الثامنة منه حزب البعث العربي الاشتراكي حزبا قائدا للدولة و المجتمع
و كانت النظرة إلى دور الصحفيين في هذا السياق ما عبر عنه وزير الإعلام الراحل احمد اسكندر الذي أعاد تشكيل الإعلام السوري وفق هذه المعطيات عندما خاطب مجموعة من الصحفيين في اجتماع معهم قائلا ” أريد أن يكون الإعلام السوري كله مثل فرقة سيمفونية يقودها مايسترو هو وزير الإعلام وكل عازفيها ينظرون إلى العصا التي يحملها المايسترو و يعزفون حسب حركتها “. وصيغ هذا الفهم على شكل مواد قانونية في نظام وزارة الإعلام السورية حيث نصت المادة 3 على أن ” تكون مهمة وزارة الإعلام استخدام جميع وسائل الإعلام لتنوير الرأي العام وترسيخ الاتجاهات القومية العربية في القطر ودعم الصلات مع الدول العربية والدول الصديقة وفقاً لمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي وسياسة الدولة ”   و جاءت الممارسات الحكومية في هذا المجال تمشي على قدمين : الأولى قانون الطوارئ والثانية المادة الثامنة من الدستور.
و استمر احتكار الدولة لكافة أنواع وسائل الإعلام إلى العام 2001 حيث صدر قانون جديد للمطبوعات بالمرسوم التشريعي رقم 50 وأعطى هذا القانون الحق بإنشاء وسائل إعلام خاصة لأول مرة منذ ما يقارب الأربع عقود .

* قانون المطبوعات رقم 50 لعام 2001 :
ربما يكون هذا القانون بامتياز هو القانون الوحيد في سوريا الذي أجمع الجميع بدون استثناء على ضرورة تعديله و ربما منذ اللحظة الاولى التي صدر بها حيث من شأن الكثير من أحكامه أن تخل إخلالاً خطيراً بممارسة الحق في حرية التعبير الذي تعهدت الحكومة السورية بصونه وإعلاء شأنه باعتبارها من الدول الأطراف في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”. وقد أصدرت اللجنة المعنية بالحقوق المدنية و السياسية ملاحظاتها الختامية حول التقرير الدوري الثاني للحكومة السورية بشأن التزامها بأحكام العهد الدولي المذكور؛ وكان من بين بواعث القلق التي أشارت إليها اللجنة أن أنشطة الصحفيين “لا تزال عرضة لقيود شديدة” مما يتنافى مع حرية التعبير والرأي المنصوص عليها في المادة 19 من العهد الدولي. بالإضافة إلى إخلاله بالمادة 38 من الدستور السوري و التي مما جاء فيها 🙁 لكل مواطن الحق في أن يعرب بحرية و علنية بالقول و الكتابة و كافة وسائل التعبيرالأخرى )
و توالت المطالبات و الاقتراحات وشكلت وزارات الإعلام المتعاقبة حتى تاريخه العديد من اللجان المتخصصة لدراسته و لدراسة التعديلات المقترحة عليه . حتى جاء خطاب السيد رئيس الجمهورية بتاريخ 17/7/2007 في مجلس الشعب عقب أدائه القسم الدستوري لولاية دستورية ثانية لسبع سنوات قادمة جاء فيها حول تعديل قانون الإعلام: (هناك مقترحات سريعة في هذا الإطار من وزارة الإعلام سترسلها إلى مجلس الشعب ومن ثم يتم إقرار هذا القانون) و على الرغم أن المسافة التي تفصل مبنى وزارة الإعلام عن مبنى مجلس الشعب لا تتجاوز الخمسة كيلومترات إلا أن وزارة الإعلام السورية لم تستطع رغم انقضاء قرابة العشرة أشهر – حتى الآن – من اجتياز هذه المسافة و بناء عليه لا يزال المرسوم التشريعي رقم 50 لسنة 2001 معمولا به و لا تزال جميع الوعود حبرا على ورق حتى لحظة إصدار هذا التقرير:

– السجن بناء على مصطلحات قانونية فضفاضة :
يمنح المرسوم التشريعي السلطات قدراً كبيراً من الحرية لفرض قيود على ممارسة الصحفيين والكتاب وغيرهم لحقهم في حرية التعبير؛ فالمادة 51( أ ) تجرِّم نقل “الأخبار غير الصحيحة” ونشر “أوراق مختلقة أو مزورة” ولا يتضمن المرسوم تعريفاً محدداً لأي من الألفاظ الفضفاضة الواردة في المادة 51( أ )، التي تتسم بكثير من الإبهام مما يسمح بالتوسع في تأويلها على نحو يسوِّغ فرض قيود جارفة إذا ما شاءت السلطات ذلك. و تنص على معاقبة من يفعل ذلك بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسمائة ألف ليرة سورية إلى مليون ليرة سورية وهذا يُعدُّ عقوبات مالية باهظة في سورية. ثم تقضي المادة بتوقيع الحد الأقصى من العقوبتين معاً “إذا كان النشر أو النقل قد تم عن سوء نية أو سبب إقلاقاً للراحة العامة أو تعكيراً للصلات الدولية أو نال من هيبة الدولة أو مس كرامتها أو مس الوحدة الوطنية أو معنويات الجيش والقوات المسلحة أو ألحق ضرراً بالاقتصاد الوطني وسلامة النقد.

– السجن عقاباً على الذم أو القدح أو التحقير:
يجرِّم قانون المطبوعات “الذم والقدح والتحقير”، و ينص على معاقبة المدانين بهذه الجرائم بغرامة تتراوح بين 100 ألف ليرة سورية و200 ألف ليرة سورية وبالحبس من شهرين إلى سنة حسب المادة 49(أ) . وإلى جانب ما تقدم، فإن المادة 29 من المرسوم التشريعي تحظر نشر معلومات عن هذه القضايا، مما يعد انتهاكاً مزدوجا لحرية التعبير.

– السجن لمن يقوم بنشر أو توزيع مواد تعتبرها الحكومة ذات صلة بالتحريض على الجرائم:
تنص المادة 52(أ) على أن “كل من حرض على ارتكاب جرم بواسطة المطبوعات الموزعة أو المبيعة أو المعدة للبيع أو المعروضة في المحلات والتجمعات العامة أو بواسطة الإعلانات المعلقة في الطرقات وأنتج هذا التحريض مباشرة شروعاً في ارتكاب جرم يعاقب بالعقوبة التي تفرض على الشريك في الجرم المذكور”. إن إطلاق النص بهذا الشكل دون تحديد هذه الجرائم أو طبيعتها و دون حصرها بالقضايا الجنائية، يمّكن السلطات السورية على سبيل المثال إدانة الكتَّاب و الصحفيين الذين يدعون إلى حرية تكوين الجمعيات بالنسبة لجميع الجماعات السياسية في سورية، إذا ما حدث في أعقاب هذه الدعوة أن اعتُقل ثم حوكم بعض الأفراد لعقدهم اجتماعات سلمية وقيامهم بغير ذلك من الأنشطة التي تعتبرها السلطات من قبيل “الإجرام”. إن النشاط السياسي السلمي و النشاط المدني لا يجوز إدراجه ضمن الأفعال التي تستوجب الملاحقة .

– السجن في حال نشر دعاية لشركات أو مؤسسات أجنبية :
تحظر المادة 55(ب) من المرسوم التشريعي قبض أموال من شركات أو مؤسسات أجنبية “بصورة مباشرة أو غير مباشرة” بهدف “الدعاية لها ولمشاريعها عن طريق المطبوعات”؛ ولا يتضمن المرسوم أي تعريف لتعبير “الدعاية” أو تبيان أنواعها أو تحديد للشركات أو المؤسسات الأجنبية. ويُعاقب المخالفون بالحبس من ستة أشهر حتى سنة، وبغرامة “تساوي ضعفي المبالغ المقبوضة”. أما المادة 55(أ) فتنص على عقوبات أشد لكل من “اتصل بدولة أجنبية وتقاضى منها أو من ممثليها أو عملائها أموالاً لقاء الدعاية لها، أو لمشاريعها عن طريق المطبوعات”، وهي الحبس من ستة أشهر إلى سنتين والغرامة من 50 ألف ليرة سورية إلى 100 ألف ليرة سورية إن هذه الأحكام تجعل السلطات تتمتع بسلطة تقديرية واسعة لمقاضاة أعضاء جماعات المجتمع المدني المستقلة التي تتلقى تمويلاً من الخارج لنشر المطبوعات الدورية أو التقارير أو غيرها من الوثائق، إذا كان مضمونها لا يلقى قبول الحكومة. وإلى جانب هذا، يحق لرئيس الوزراء إلغاء رخصة أي مطبوعة إذا خالف أحد مسؤوليها أحكام المادة 55 ويجب أن تتمتع المنظمات المدنية السورية بحرية طلب الدعم المالي وتلقيه من الخارج وفق معايير قانونية واضحة بغرض ممارسة أنشطتها المدنية السلمية، بما في ذلك جمع المعلومات ونشرها في مطبوعاتها الخاصة. وتناقض المادة 55 بفقرتيها (أ) و(ب) المبادئ الرئيسية التي باتت تحظى بقبول دولي واسع النطاق، والمودعة في “الإعلان بشأن حق ومسؤولية الأفراد والجماعات وأجهزة المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها عالمياً” حيث تنص المادة 13 من الإعلان على أن لكل إنسان، بمفرده أو بالاشتراك مع الآخرين، الحق في السعي للحصول على الموارد وتلقيها واستخدامها بهدف محدد هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية عن طريق وسائل سلمية؛ أما المادة 6 من الإعلان فتنص على أن من حق كل إنسان، بمفرده أو بالاشتراك مع الآخرين:
(أ) أن يعرف، أو يطلب، أو يتلقى، أو يحتفظ بمعلومات عن جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بما في ذلك حرية الوصول إلى معلومات عن سبل إحقاق هذه الحقوق في النظم المحلية، التشريعية أو القضائية أو الإدارية.
(ب) أن ينشر أو ينقل أو يبث للآخرين آراء ومعلومات ومعارف بشأن جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وفقاً لما تنص عليه الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وغيرها من الصكوك الدولية المناسبة.
(ج) أن يدرس ويبحث ويكوّن ويعتنق آراءً عن مراعاة جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، سواء في القانون أو في الممارسة الفعلية، وأن يوجه، من خلال هذه وغيرها من السبل المناسبة، أنظار الجمهور إلى هذه الأمور.

– معاقبة المطبوعات التي تدعو للإصلاح الدستوري و السياسي :
تنص المادة 56(د) على إلغاء رخصة “كل مطبوعة تدعو إلى تغيير دستور الدولة بطرق غير دستورية”، وعلى معاقبة المسؤولين عنها – وهم على الأرجح صاحب المطبوعة ومديرها ورئيس تحريرها – بـ”العقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة”. ومن الأهمية ملاحظة أن تعبير “بطرق غير دستورية” يمكن أن يشمل أفعالاً غير عنيفة، ولا تنطوي على أي تحريض على العنف  . ومن ثم فإن المادة 56(ب) تضمن في واقع الأمر أنه ما من مطبوعة في سورية سوف تجرؤ على نشر مقالات تدعو إلى تغيير الدستور على نحو يغيِّر دور الحزب الحاكم على سبيل المثال.

– قائمة من المواضيع المحظور نشرها :
تنص المادة 29 على  قائمة من المواضيع المحظور نشرها، وهي :
* المعلومات المتعلقة بالاتهام والتحقيق في قضايا الجنح والجنايات ” قبل تلاوتها في جلسة علنية “.
* “وقائع دعاوى الإهانة والقدح والذم والافتراء”.
* “وقائع المحاكمات السرية وسائر المحاكمات التي تتعلق بالطلاق أو الهجر أو بدعوى النسب وجميع وقائع الدعوى التي تحظر المحكمة أو دوائر التحقيق نشرها وتقارير الأطباء الشرعيين حول الجرائم الأخلاقية”.
* “مذكرات مجلس الشعب السرية”.
* “المقالات والأخبار التي تمس الأمن الوطني ووحدة المجتمع وكذلك التي تتعلق بأمن الجيش وسلامته وبحركاته وعدده وتسلحه وتجهيزه ومعسكراته باستثناء التي تصدر عن وزارة الدفاع أو التي تمسح هذه الوزارة بنشرها”.
* “الكتب والرسائل والمقالات والتحقيقات والرسوم والأخبار التي تتضمن طعناً بالحياة الخاصة”.
والظاهر أن حظر هذه المواضيع يستهدف منع أي تحقيقات أو تعليقات صحفية بشأن طائفة واسعة من القضايا المعروضة على النظام القضائي في سورية – بما في ذلك المحاكمات المنعقدة وراء أبواب مغلقة والقضايا المتعلقة بالإهانة والقدح والتشهير – إلى جانب القضايا المطروحة على بساط البحث في مجلس الشعب المنتخب، وهما مجالان مهمان من مجالات النشاط الحكومي يحق للجمهور الاطلاع على ما يدور فيهما. وتجيز المادة 14(1) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” منع الصحافة والجمهور “من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة”. غير أن المرسوم يعكس المنطق الذي ينطوي عليه هذا المعيار الدولي، إذ يجعل حظر نشر المعلومات هو القاعدة وكشف النقاب عنها هو الاستثناء.
وأي مخالفات للمادتين 51(أ) و29 يمكن أن تؤدي إلى توقيف المطبوعة عن الصدور لمدة تتراوح بين أسبوع وستة أشهر بحسب المادة 22(3) . فإذا ما خالفت مطبوعة ما هذه الأحكام مرتين خلال عام واحد، يجوز لرئيس الوزراء إصدار قرار بإلغاء رخصتها بناءً على اقتراح وزير الإعلام. وتجيز المادة 19(3) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” فرض قيود على الحق في حرية التعبير ولكن في ظروف محددة فقط، وهي أن يكون الهدف منها “احترام حقوق الآخرين وسمعتهم” أو “حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”. ويجب أن تكون هذه القيود “محددة بنص القانون” و”ضرورية”. ومثل هذه الاستثناءات لا تسري إلا في أضيق الحدود، ويقع على عاتق الدولة عبء إثبات وجوبها.
ومن المتعارف عليه أن القيود المفروضة على حرية التعبير ينبغي أن تتناسب مع الهدف المنشود من ورائها في أي حالة من الحالات، وأن التدخل المسموح به في ممارسة الحق في حرية التعبير يجب تأويله في أضيق الحدود وعلى وجه التخصيص؛ فالقيود المفروضة بغرض حماية الأمن القومي، مثلاً، لا يُسمح بها إلا في الحالات الخطيرة والمحددة التي تنطوي على خطر سياسي أو عسكري يهدد الأمة بأكملها. وبالمثل، فإن القيود المفروضة على حرية التعبير بهدف حماية النظام العام يجب أن تكون هي الأخرى محددة ومتناسبة مع موجباتها. ويبدو أن الهدف من إدراج هذه المواضيع المحظورة في المرسوم التشريعي هو فرض نظام من الرقابة الذاتية على الصحافة وغيرها من المطبوعات، ومنع الصحفيين والمؤلفين من الكتابة عن طائفة واسعة من القضايا المتعلقة بالسياسة الداخلية والأجنبية. ويترك المرسوم طائفة من المصطلحات المبهمة بلا أي تفسير، مما يفتح الباب لتأويلها على نحو تعسفي من جانب السلطات؛ كما يلقي المرسوم على عاتق الكتاب والمحررين والناشرين عبئاً من الحيف أن يُفرض عليهم، وهو تخمين ما عسى الحكومة أن تقصده من وراء مصطلحات من قبيل “وحدة المجتمع” و”الأمن القومي”، وإلا فقد يواجهون عقوبات الحبس، والغرامات، وتوقيف مطبوعاتهم عن الصدور، أو مصادرتها، أو إغلاقها. وتقضي المعايير المعترف بها دولياً للحق في حرية التعبير بأن تبرر الدولة أي حظر على مضمون المطبوعات، وذلك بتبيان موجبات فرض القيود، وضرورتها لتحقيق غرض محدد ومشروع في إطار أحد الاستثناءات المذكورة.

نظام متكامل للرقابة:  
يقضي قانون المطبوعات بإخضاع كافة المطبوعات التي تجري طباعتها في سورية للرقابة من جانب السلطة التنفيذية؛ ويوجب على دور الطباعة الاحتفاظ بسجل تدون فيه جميع المؤلفات أو المطبوعات التي تمت طباعتها، وتسليم نسخ منها قبل نشرها لوزارة الإعلام؛ وهذه القاعدة تسري أيضا على أصحاب المطابع في سورية، وتعرف المادة 2(ج) المطبعة على أنها “كل آلة أو جهاز أعد لنقل الألفاظ والصور والشارات والأرقام على ورق أو قماش أو غير ذلك من المواد، ولا يدخل في هذا التعريف الجهاز المعد للتصوير الشمسي والآلات الكاتبة المستعملة في الدوائر والمحلات التجارية والمؤسسات والجهاز الذي يستعمل من أجل أغراض تجارية بحتة أو لحفظ النسخ عن الوثائق”.
ويتعين على أصحاب المطابع الاحتفاظ بسجل “تدون فيه كل مرة وبتسلسل التاريخ عناوين المؤلفات أو المطبوعات المعدة للنشر وأسماء أصحابها وعدد النسخ المطبوعة منها” المادة 6. كما تنص هذه المادة على أن “يعرض هذا السجل على السلطة الإدارية أو القضائية عند كل طلب. ويجب أن يسلم صاحب المطبعة نسخاً من كل مطبوعة يوم نشرها لوزارة الإعلام، ويحدد عدد النسخ المطبوعة منها.كما تنص المادة 7.
و تنص المادة 8 من القانون على أن يُذكر في كل مطبوعة تاريخ الطبع ورقم السجل المتسلسل الذي تحتفظ به المطبعة، مضيفةً أن هذا التدبير ينطبق “على كل أنواع المطبوعات والنشرات الصادرة بأية طريقة طباعية كانت وكذلك على التصوير والحفر والرسم والقطع الموسيقية”. ومن يخالف أياً من هذه الأحكام يُعاقَب بالحبس من عشرة أيام حتى ثلاثة أشهر، وبغرامة تتراوح بين 10 آلاف ليرة سورية و50 ألف ليرة سورية. ثم يغلو القانون في العقاب ويستخدم في معرض ذلك تعابير فضفاضة لا تحتوي على محددات قانونية دقيقة مثل الإخلال  بالأمن و سلامة البلاد إذ يجيز للمحاكم أن تحكم بإغلاق المطابع أو المكتبات بصورة مؤقتة أو نهائية في حال “تكرار مخالفات من شأنها الإخلال بالأمن أو سيادة البلاد وسلامتها” المادة 43(أ) .

الترخيص على أساس النوع بغية حظر المواضيع السياسية :
يحظر المرسوم التشريعي على المطبوعات الدورية المرخصة باعتبارها مطبوعات غير سياسية من نشر مقالات “سياسية”، ويعاقب أصحاب المطبوعات التي تخالف هذا الحظر بغرامة تتراوح بين 20 ألف ليرة سورية و50 ألف ليرة سورية وفقاً للمادة 44(د) ومن المعلوم استحالة فصل المواضيع الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الدينية عن السياسة وبالتالي تستطيع الحكومة توظيف هذه المادة في أي وقت تريد. ويُعَدُّ هذا الحظر بمثابة رقابة حكومية شاملة، وينتهك المعايير الدولية لحرية التعبير، فالمطبوعات الدورية غير المملوكة للدولة، بما فيها تلك التي تصدرها الجمعيات والنقابات المهنية وغيرها من المنظمات غير الحكومية المستقلة في سورية، يجب أن تتمتع بالحق في نشر المعلومات والتحليلات والتعليقات بشأن القضايا السياسية دون أي تدخل من الحكومة.
الحق المطلق لوزير الإعلام بمنع دخول المطبوعات الأجنبية إلى سوريا :
يتعين على موزعي وبائعي المطبوعات الدورية الأجنبية تسليم نسخ منها إلى وزارة الإعلام قبل توزيعها في السوق، تمشياً مع المادة 9 من المرسوم التشريعي؛ ويحق للوزير أن يمنع دخول أو تداول هذه المطبوعات إذا “تبين أنها تمس السيادة الوطنية أو تخل بالأمن أو تتنافى مع الآداب العامة”.كما تنص المادة 10
وهذه العبارات الفضفاضة تمنح وزير الإعلام سلطة تقديرية لا تكاد تحدها حدود، مما يجيز لها تقييد حق المواطنين السوريين في الاطلاع على المعلومات الواردة في المطبوعات الأجنبية.

التمييز السلبي على أساس القومية :
تنص المواد 16 و18 و19 من المرسوم التشريعي على ضرورة أن يكون كل من صاحب المطبوعة دورية ومديرها ورئيس تحريرها عربياً سورياً، مما يوحي بأن المواطنين السوريين من القوميات الأخرى، لا يحق لهم امتلاك الصحف وغيرها من المطبوعات الدورية، أو تولي مناصب رفيعة فيها.وإذا كان الأمر كذلك – وهو أمر يتوجب إيضاحه بصورة ملحة – فإن استثناء الأقليات القومية ، وهم ليسوا عرباً من الناحية العرقية،لا يمثل انتهاكاً صارخاً للمادة 2(1) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” فحسب، وإنما أيضاً للمادة 26 من هذا العهد، التي ترسي حق الناس جميعاً في التمتع بالحماية أمام القانون على قدم المساواة. وإلى جانب هذا، فإن المرسوم التشريعي لا يوضح ما إذا كان بالإمكان إصدار الصحف والمطبوعات الدورية وغيرها من المواد بلغة غير اللغة العربية ، علماً بأن الالتزامات الواقعة على عاتق سورية بموجب المادة 27 من العهد الدولي المذكور تستوجب منح حقوق محددة للأقليات، من بينها حقها في استخدام لغتها.

منع المعتقلين السياسيين من امتلاك أو إدارة المطبوعات :
تحظر المادة 16 أن يكون صاحب أي مطبوعة دورية قد سبق أن حُكم عليه بجرم شائن أو طرد من وظيفته، أو جرد من حقوقه المدنية والسياسية. ومثل هذا الوضع قد آل إليه المئات، بل ربما الآلاف، من الناشطين السياسيين السلميين في سورية، الذين زج بهم في السجون، لفترات طويلة في كثير من الحالات، بعد أن أدانتهم محكمة أمن الدولة بتهم جنائية مبهمة الصياغة؛ وهي محكمة غير دستورية تقصر إجراءاتها وممارساتها عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ولا يجوز الطعن في أحكامها أمام محكمة أعلى درجة. وقد درجت هذه المحكمة، عند إصدار أحكامها على النشطاء السياسيين، على فرض عقوبة قانونية إضافية عليهم، وهي تجريدهم من حقوقهم المدنية لمدة سبع أو عشر سنوات، بعد انقضاء مدة عقوبة السجن المفروضة عليهم. وتطبيق المادة 16 من شأنه، في واقع الأمر، أن يحظر على السجناء السياسيين السابقين امتلاك الصحف أو غيرها من المطبوعات الدورية، أو تولي مناصب رئيسية فيها، مثل المديرين ورؤساء التحرير.

شروط و معايير إدارية لملكية أو إدارة المطبوعة:
يقصر المرسوم التشريعي ملكية الصحف والمطبوعات الدورية على المواطنين العرب السوريين أو من في حكمهم منذ أكثر من خمس سنوات، كما يشترط أن يكون صاحب المطبوعة الدورية قد أتم الخامسة والعشرين من عمره، وأن يكون حائزاً شهادة جامعية أو مالكاً لرخصة مطبوعة دورية في تاريخ نشر المرسوم، أي 22 سبتمبر/أيلول 2001 (المادة 16). كما يحدد المرسوم مؤهلات مديري المطبوعات الدورية ورؤساء تحريرها، ويشترط أن يكون مدير المطبوعة الدورية حائزاً إجازة جامعية أو حاملاً بطاقة صحفية صادرة عن الوزارة بالاستناد إلى كتاب مصدق من اتحاد الصحفيين يثبت ممارسته لمهنة الصحافة منذ أكثر من ست سنوات (المادة 18)؛ أما رئيس التحرير فيجب أن يكون حائزاً إجازة جامعية، أو مارس مهنة الصحافة منذ أكثر من عشر سنوات، أو عمل رئيساً لتحرير مطبوعة دورية صادرة حين نشر المرسوم التشريعي، أي في 22 سبتمبر/أيلول 2001 (المادة 19).

الحق المطلق لرئيس مجلس الوزراء برفض ترخيص المطبوعة:
يخول المرسوم التشريعي لرئيس الوزراء سلطة منح الرخص للصحف وغيرها من المطبوعات الدورية، بما في ذلك تلك الصادرة عن “الأحزاب السياسية المرخصة”. وتمنح المادة 12(أ) رئيس الوزراء حق “رفض منح الرخصة لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة”؛ ويخلو المرسوم التشريعي من أي تعريف لتعبير “المصلحة العامة”. وتوحي المادة 12(ب) بأن ثمة شروطاً خاصة إضافية تتعلق بالترخيص للصحف السياسية اليومية؛ إذ تنص على ضرورة تقيدها “بالتعليمات المتعلقة بإعداد الجريدة ومواصفاتها والمحررين والمراسلين والاشتراك بوكالات الأنباء التي تحدد بقرار يصدر عن الوزير”. وتُستثنى من أحكام منح الترخيص المطبوعات الصادرة عن المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية، ولو أن المرسوم التشريعي لا يذكر ما إذا كان يجوز للمنظمات غير الحكومية السورية إصدار المجلات أو غيرها من المطبوعات الدورية؛ ولا بد من السماح لهذه المنظمات بنشر مطبوعاتها بحرية ودون أي قيود.و ينص المرسوم التشريعي على مصادرة أي مطبوعة دورية تصدر بلا ترخيص على الفور بأمر من الجهة الإدارية، ومعاقبة كل من صاحب المطبوعة ومديرها المسؤول ورئيس تحريرها و المسؤول عن طباعتها بالحبس من عشرة أيام حتى ثلاثة أشهر، وبالغرامة من 10 آلاف ليرة سورية حتى 50 ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما تنص المادة 44.

عدم قانونية تغيير المالك أو المدير أو رئيس التحرير إلا بعد موافقة وزارة الإعلام :
يجب على جميع المطبوعات الدورية الحصول على موافقة من وزارة الإعلام قبل تغيير صاحب المطبوعة أو مديرها أو رئيس تحريرها بصورة قانونية. حيث تنص المادة 20(أ) على ما يلي: “قبل إجراء أي تبديل يتعلق بمدير المطبوعة الدورية أو صاحبها أو رئيس تحريرها يقدم بذلك تصريح للجهة الإدارية ويعتبر هذا التبديل مؤقتاً ولمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر منذ اليوم الذي يقدم فيه التصريح ويكتسب الصفة القانونية عند موافقة هذه الجهة على ذلك”. أما المادة 20(ب) فتمنح من رفض طلبه الحق في الاعتراض على قرار الرفض أمام محكمة البداية في المنطقة التي تصدر فيها المطبوعة.

الضوابط الحكومية على الصحفيين :
يشترط المرسوم التشريعي أن يكون الصحفيون العاملون في وسائل الإعلام ، بما في ذلك الباحثون والمترجمون العاملون في مجال الإعلام، مسجلين في اتحاد الصحفيين لكي يتمكنوا من الحصول على بطاقة صحفية يمنحها وزير الإعلام، صالحة لمدة سنة واحدة (المادتان 27 و28). ولا يجوز أن تكون حرية ممارسة العمل الصحفي مرهونة بانضمام الصحفي إلى اتحاد الصحفيين السوري؛ فمثل هذا الشرط، أولاً، يتنافى مع حق كل إنسان في حرية التعبير عن نفسه، سواء أكان ذلك التعبير شفهياً أم كتابياً أم مطبوعاً، مثلما تقضي به المادة 19(2) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و المادة 38 من الدستور السوري. وثانياً، فإن الصحفيين والباحثين والمترجمين السوريين، وغيرهم من العاملين في مهن ذات صلة بالصحافة والمطبوعات، ينبغي أن يتمتعوا بحرية تنظيم الهيئات المهنية الخاصة بهم تمشياً مع الحق في حرية تكوين الجمعيات الذي تكرسه المادة 22(1) من العهد الدولي المذكور.

* تعديل القانون رقم 68 تاريخ 1951117 الخاص بالنظام الأساسي للإذاعة:
اعتمدت الحكومة السورية سياسة التدرج في إلغاء احتكار الدولة لوسائل الإعلام فبعد مضي قرابة العام على السماح بالمطبوعات الخاصة وفق قانون المطبوعات الجديد عام 2001. صدر المرسوم التشريعي رقم 10 بتاريخ 4/2/ 2002 و الذي أضاف مادة إلى القانون رقم 68 لعام 1951 استثنى من خلالها الإذاعات الخاصة و التجارية من قرار حصر حق استخدام موجات البث الهوائي ( الراديو ) بالجهات الحكومية و العسكرية وفق المادة 1 من القانون 68 لعام 1951 حيث أصبحت المادة 2 من القانون رقم 68 تنص على :
أ‌. تستثنى من هذا الحصر الإذاعات المسموعة التجارية والخاصة والتي تقتصر على برامج الموسيقى والبرامج الغنائية والإعلانات، شريطة التقيد بأحكام المادة 8 من القانون رقم 68 ويصدر قرار الترخيص لهذه الإذاعات من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الإعلام.
ب‌. تحدد بقرار تنظيمي يصدر عن رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الإعلام قواعد منح التراخيص للإذاعات التجارية الخاصة وأصولها وشروطها بالإضافة إلى شروط ممارستها لمهامها وعملها.
وبهذا تكون الحكومة السورية قد ألغت احتكارها فقط للأغاني و للموسيقى و للإعلانات التجارية و للبرامج الترفيهية و الأبراج والبرامج الاجتماعية الخفيفة و بقيت تحتكر كل ماعدا ذلك و لا تبدوا هناك أي بادرة نحو تغيير هذا الواقع حتى لحظة إصدار هذا التقرير.

* قانون اتحاد الصحفيين رقم 1 تاريخ 1411990:
ربما يكون هذا القانون هو من أسؤ قوانين نقابات الصحفيين في العالم أجمع -دون أي مبالغة- و على الرغم من ندرة تناول هذا القانون على الصعيد الإعلامي – حتى من قبل الصحفيين أنفسهم – إلا أن الفترة السابقة شهدت مبادرة نوعية من قبل بعض أعضاء المكتب التنفيذي الحالي لاتحاد الصحفيين تجلت في تشكيل لجنة من الصحفيين و القانونيين بهدف وضع مسودة قانون جديد يعمل على تحويل الاتحاد إلى نقابة مهنية حقيقية تعمل على تطوير مهنة الصحافة و حمايتها و الدفاع عن مصالح الصحفيين على الأسس النقابية, و لكن على الرغم من انتهاء هذه اللجنة من أعمالها و وضعت الاقتراحات و التعديلات منذ أشهر طويلة ألا أنه حتى لحظة إصدار هذا التقرير لم يطرأ أي تعديل على القانون و لم نتمكن من معرفة مصير التعديلات المنتظرة و إلى أن يتم تعديل هذا القانون فانه سيبقى بامتياز من أسؤ القوانين نظرا للأسباب الآتية:

عدم الاعتراف بالصحفي العامل بالصحافة الخاصة :
عندما انشئ اتحاد الصحفيين لم يكن هناك صحافة خاصة في سورية فبقي المرسوم التشريعي رقم (58) لعام     1974الذي يحصر حق الانتساب إلى الاتحاد بالصحفيين العاملين في بعض مؤسسات الدولة فقط و لم ينص المرسوم التشريعي الذي أحدث الاتحاد في عام 1990على إلغاء هذا المرسوم وبناء عليه ما يزال العمل بهذا المعيار قائما إلى يومنا هذا على الرغم من وجود عشرات الصحف الخاصة تضم ربما مئات من الصحفيين الذين لا يستطيعون الانضمام إلى هذا الاتحاد إلا كمشاركين و لا يحق لهم أن يكونوا أعضاء عاملين كاملي الحقوق و الأهلية وليس لهم الحق بتشكيل نقابات خاصة مستقلة. في الوقت الذي يقر فيه أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين السورين بوجود 360 عضو عامل في الاتحاد يحق لهم ممارسة كافة الحقوق في الترشيح والانتخاب وعضوية الهيئات واللجان الصحفية والاستفادة من جميع الامتيازات “تقاعد، علاج، معونة وفاة….” وهم ليسوا صحفيين ولم يمارسوا مهنة الصحافة في أي يوم من الأيام.

“تبعية تامة” في الأهداف و الصلاحيات للحزب الحاكم :
عادة ما تسعى السلطة التنفيذية للسيطرة على النقابات المهنية و ذلك من خلال قوانين الإعلام و المطبوعات و وزارة الإعلام و التعليمات الإدارية إلا انه دائما تقف النقابات المستقلة من خلال تنظيمها النقابي و قوانين مزاولة المهنة في وجه السلطة التنفيذية و تجابه هذه المحاولات ضمانا لاستقلال مهنة الصحافة و من اجل الدفاع عن حقوق الصحفيين إلا انه في سوريا تم تشكيل النقابات المهنية بشكل تكون فيه منظمات رديفة للحزب الحاكم  وعليه يعد قانون اتحاد الصحفيين السوريين واحدا من أكثر القوانين في العالم التي تكرس تبعية نقابة الصحافيين إلى الحزب الحاكم و إلى الحكومة بحيث يحولها من نقابة مهنية مستقلة إلى جهاز إداري توجيهي تعبوي فقد جاء تعريف اتحاد الصحفيين في المادة 3 من القانون ليؤكد ذلك حيث نص على أن ” اتحاد الصحفيين تنظيم نقابي مهني يؤمن بأهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية و الاشتراكية ملتزم بالعمل على تحقيقها وفق مقررات حزب البعث العربي الاشتراكي و توجيهاته “. حتى جاءت أهداف الاتحاد متطابقة مع أهداف الحزب الحاكم في الوحدة و الحرية و الاشتراكية و اشترط على الصحفي كي يكون عضوا في الاتحاد أن “يؤمن” بهذه الأهداف تحديدا وقد ألزم الاتحاد نفسه في المادة الرابعة على العمل بالتعاون مع الجهات الرسمية و الشعبية و المهنية على تحقيق هذه الأهداف ” بناء إعلام عربي قومي واع يعزز روابط الأخوة بين أبناء الأمة العربية و يساهم في الكفاح من أجل تحقيق أهدافها في الوحدة و الحرية و الاشتراكية . ويدعم نضالها في مواجهة الامبريالية و الصهيونية وقاعدتها العنصرية (الكيان الصهيوني) في فلسطين المحتلة وفضح جميع القوى المتعاملة معها.”(مادة 41).
وجاء في صلاحيات الاتحاد عقد الاجتماعات و إقامة المؤتمرات والندوات والمهرجانات والمحاضرات …. وهي أمور عادية وتكاد تكون روتينية في جميع النقابات إلا أن الأمر الغير عادي هو ما تطلبه المادة 5 في فقرتها 5 كشرط لإقامة هذه الفعاليات حيث اشترطت أن تكون هذه النشاطات ” بالتنسيق مع المكتب المختص في القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي “. بما يوحي أن أي نشاط أو فعالية للاتحاد يجب أن تتم بالتنسيق مع القيادة القطرية لحزب البعث حتى لو كانت ندوة عن ( دور الإعلام في التوعية من إخطار فأر الحقل).
وجاءت المادة 2 من القانون لتحرم الصحافيين من إمكانية إنشاء اتحادات مستقلة متعددة أخرى بحيث نصت على أن “يؤلف الصحافيون في الجمهورية العربية السورية تنظيما نقابيا مهنيا واحدا يسمى اتحاد الصحفيين …”
ويبدو أن واضعي القانون وقعوا في حيرة تتعلق بجعل هذا الاتحاد يشبه بشكل من الأشكال النقابة المهنية إلا أنهم وجدوا الحل في وضع كلمة نقيب في متن مواد قانون اتحاد الصحفيين إلا أنهم لم يغفلوا عن التذكير بأن المقصود بالنقيب هو رئيس الاتحاد(المادة 1) ومن المفارقة أيضا أنهم في نفس المادة اخرجوا من تعريف الصحفي كل من (رئيس التحرير، نائب رئيس التحرير، مدير التحرير، معاون مدير التحرير، سكرتير التحرير، المحرر، المندوب الصحفي) إلا أنهم ما لبثوا أن انتبهوا لذلك بعد قرابة 16 سنة فاعترفوا بهم كصحفيين بناء على كتاب اتحاد الصحفيين رقم (477 تاريخ 11-12-2005) ولكنهم بنفس الوقت أصروا على اعتبار “المخبر” صحفيا إلى يومنا هذا.

  صلاحيات استثنائية لوزير الإعلام و رئيس مجلس الوزراء:
يفتح القانون الباب لتدخل كل من وزير الإعلام ورئيس مجلس الوزراء ويعطيهم صلاحيات استثنائية تصل إلى حد حل اتحاد الصحافيين فبالإضافة إلى اعتبار تنظيم وتسجيل المراسلين الصحفيين هو حق من حقوق وزير الإعلام وحده دون الاتحاد، فان وزير الإعلام أيضا هو من يؤلف بقرار منه مجلس التأديب حسب المادة 57 الذي يختص بفرض العقوبات الشديدة على الصحفيين والتي تصل إلى الشطب النهائي من جداول الاتحاد بحسب المادة 54 (ب)
كما أعطى القانون لوزير الإعلام حق ندب عدد من العاملين في المؤسسات الإعلامية للعمل في الاتحاد بحسب المادة 74
أعطى القانون المكتب التنفيذي الحق في اقتراح تفرغ اثنين من أعضائه على الأكثر للعمل في الاتحاد و حقيقة الأمر أن المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين المنتخب لا يملك سوى الاقتراح و بالمقابل فان وزير الإعلام هو من يتحكم وحده بقبول اقتراح التفرغ و بإصدار قرار التفرغ .
كما أن وزير الإعلام هو من يصدر و يصادق على اللوائح التنفيذية لقانون الاتحاد مثل النظام الداخلي للاتحاد و النظام المالي والنظام الداخلي لصندوق تقاعد الصحفيين و ….
تشكل عادة الهبات و التبرعات و الوصايا المصدر الرئيسي لاتحاد الصحافيين و التي من الممكن أن تعطيه إمكانية لتطوير عمل الصحافيين و زيادة مكتسباتهم و على الرغم من سماح القانون للاتحاد من قبول هذا النوع الحيوي من الموارد إلا انه اشترط موافقة رئيس مجلس الوزراء عليها بحسب المادة 65 (5).

حق مجلس الوزراء حل المؤتمر العام والمجلس و المكتب ومكاتب الفروع :
تعتبر استقلالية الهيئات النقابية و حصانة هيئاتها المنتخبة من تدخل وسيطرة السلطة التنفيذية الضمانة الأساسية  _والتي تكفلها عادة الدساتير والقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية_ لحرية هذه النقابات وإحدى أهم المعايير الدولية لمدى تطور المجتمع المدني ولمدى ديمقراطية أنظمة الحكم وقد جاء الفصل الثاني من الباب الثالث من النظام الداخلي لاتحاد الصحفيين ليشكل صفعة لكل تلك القيم الحضارية والديمقراطية حيث أعطت المادة 103 الحق لمجلس الوزراء حل كل أو أي هيئة من هيئات الاتحاد المنتخبة: “يجوز بقرار من مجلس الوزراء حل المؤتمر العام أو مجلس الاتحاد أو مكتبه في حالة انحراف أي منها عن مهامها وأهدافها ويكون القرار غير قابل لي طريق من طرق المراجعة أو الطعن.”
وجاءت المادة 104 لتعطي رئيس مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الاتحاد في الدعوة لانتخاب مجلس ومكتب جديدين وان تعذر ذلك يستطيع رئيس مجلس الوزراء أن يحل محل المؤتمر العام للصحفيين ومحل مجلس الاتحاد ويعين مكتب مؤقت للاتحاد يمارس اختصاصات المكتب والمجلس .

تمييز و تحكم” في العضوية و التسجيل ومزاولة المهنة :
أعطت المادة 10(ج) من النظام الداخلي لاتحاد الصحفيين الحق للعاملين في أي وسيلة إعلامية تابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي أو المنظمات الشعبية الحق في التسجيل بجدول الصحفيين المشاركين بينما منعته عن باقي الأحزاب السياسية حتى المتحالف منها مع حزب البعث في الجبهة الوطنية التقدمية كما منعته عن العاملين في المنظمات المستقلة .
تنص المواد 6 و18 ضمن شروط العضوية في الاتحاد و شروط مزاولة المهنة أن يكون الصحفي عربيا سوريا أو من في حكمهم من اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948. كما تنص المادة 4 من النظام الداخلي على أن “الوسيلة الأساسية لنشاط الاتحاد وفعاليته هي: الصحفي العربي الملتزم …الخ”
مما يوحي بأن أفراد الأقليات القومية السورية _ وان كان واقع الحال مخالفا لذلك _ إلا إن هذه المواد تشكل انتهاكا حتى وان كان (لفظيا) لحقوق الأقليات القومية السورية وفقا للمادة 2(1) من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” فحسب، وإنما أيضاً المادة 26 من هذا العهد، التي ترسي حق الناس جميعاً في التمتع بالحماية أمام القانون على قدم المساواة.
تنص المادة 6(3)(6) على عدم قبول عضوية من كان محكوم بجناية أو من كان معزول أو مطرود من وظائف الدولة أو إحدى جهات القطاع العام أو غير مسرح من إحدى هذه الجهات لسبب ماس بأمن الدولة أو شرف الوظيفة ومثل هذا الوضع قد يشمل المئات، بل ربما الآلاف، من الناشطين السياسيين السلميين في سورية، الذين زج بهم في السجون، لفترات طويلة في كثير من الحالات، بعد أن أدانتهم محكمة أمن الدولة بتهم جنائية مبهمة الصياغة؛ وهي محكمة غير دستورية تقصر إجراءاتها وممارساتها عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ولا يجوز الطعن في أحكامها أمام محكمة أعلى درجة. وقد درجت هذه المحكمة، عند إصدار أحكامها على النشطاء السياسيين، على فرض عقوبة قانونية إضافية عليهم، وهي تجريدهم من حقوقهم المدنية لمدة سبع أو عشر سنوات، بعد انقضاء مدة عقوبة السجن المفروضة عليهم.بالإضافة إلى العديد أيضا ممن عزلوا أو طردوا من وظائفهم لنفس الأسباب وتطبيق المادة 6(3)(6) من شأنه أن يخرج هذه الشريحة الواسعة من حق الانتساب إلى اتحاد الصحفيين مع العلم أن الكثير منهم يزاول مهنة الصحافة فعليا .
كما تنص المادة 6(7) على عدم قبول انتساب الأشخاص المعينين لدى الجهات العامة بمهنة أو عمل لا علاقة لهما بالصحافة وهذه المادة أيضا تخرج شريحة واسعة من الصحفيين الفعلين الذين يعملون بمهن أخرى لدى جهات عمومية فعلى سبيل المثال لا يستطيع المدرس أو المهندس بينما يستطيع المدرس أو المهندس الذي يعمل في القطاع الخاص أن ينتسب إلى الاتحاد وان اعتماد مبدأ العمل لدى جهة عامة ينطوي على تمييز غير مفهوم.
تحرم المادة 6(5) الصحفي الذي تجاوز 45 عام عند تسجيله في الاتحاد من التمتع بحقوق التقاعد وفق قانون تقاعد الصحفيين وذلك لاعتبارات مالية _على الأغلب_ تتعلق بمدى إسهامه في دفع اشتراكات في صندوق التقاعد إلا أن قانون صندوق التقاعد ينص على حق الصحفي في طلب التقاعد في حال تجاوزت  مدة عمله في الصحافة و عضويته في الاتحاد 20 عام وعلى هذا الأساس لا نجد ما يمنع الصحفي الذي تجاوز 45 من التمتع بحقوق التقاعد على أساس مدة الخدمة وليس على أساس العمر عند التسجيل.
على الرغم من قبول القانون في المادة 8 منه مبدأ اللجوء إلى القضاء في حال رفض طلب التسجيل إلا انه عاد في المادة 12 وسلب هذا الحق للمتمرن الذي أمضى فترة التمرين _التي تصل في بعض الأحيان إلى أربع سنوات_ واجتاز اختبار التمرين بنجاح هذا الحق في حال طلب تثبيت عضويته حيث أعطت الفقرة (ب) من المادة 12 حق رفض طلبه هذا بقرار مبرم من مكتب الاتحاد دون أن يكون له أي حقوق في الاعتراض على هذا القرار مما يجعل مكتب الاتحاد يتحكم بشكل مطلق في اختيار الأعضاء العاملين فيه والذي يعود لهم وحدهم حق المشاركة في الجمعية العمومية وحق الترشيح والانتخاب.
هذا بالإضافة إلى أن المادة 10 قد اشترطت قبول المكتب بالجهة الصحفية التي يختارها المتمرن للتمرن فيها وأيضا دون الحق في الاعتراض أو المراجعة.
تشترط المادة 18 لمزاولة مهنة الصحافة أن يكون الصحفي مسجل في احد جداول الاتحاد أي أن يكون صحفيا عاملا أو متمرنا أو مشتركا وبالتالي لا يحق لمن ليس مسجل في احد جداول الاتحاد مزاولة مهنة الصحافة .

صلاحيات تعطيلية لرئيس الاتحاد (النقيب):
يعطي القانون رئيس الاتحاد صلاحيات _تعطيلية_ واسعة لرئيس الاتحاد تجعله قادرا على تعطيل قرارات المؤتمر العام وقرارات مجلس الاتحاد ومكتب الاتحاد وكذلك تعطيل الانتخابات عن طريق الامتناع عن إصدار هذه القرارات أو الدعوة إلى الاجتماعات دون أن يبين طريقة التصرف في حال استخدام رئيس الاتحاد هذه الصلاحيات:
المادة 21( ب) : يصدر النقيب قرارات المؤتمر ويتابع تنفيذها من خلال المجلس والمكتب
المادة 22( آ ) : يجتمع المؤتمر بدعوة من النقيب
المادة 26( ب) : يصدر النقيب قرارات المجلس ويتابع تنفيذها من خلال المكتب
المادة 27( آ ) : يجتمع المجلس بدعوة من النقيب
المادة 34( آ ) : يدعو النقيب المكتب للاجتماعات ويرأسها
المادة 41 : يدعو النقيب الوحدات الصحفية في كل فرع لانتخاب ممثليها إلى المؤتمر العام في المواعيد التي يحددها المكتب.
المادة 44 ( آ ) : يدعو النقيب المؤتمر العام إلى الانعقاد….الخ
المادة 45: يدعو النقيب أعضاء مجلس الاتحاد للاجتماع …. الخ

*-  المرسوم التشريعي رقم 15 للعام 2008 القاضي بإحداث “المؤسسة العامة للطباعة:
أصبح هذا المرسوم التشريعي نافذا منذ تاريخ 1/7/2008 و اكثر ما يثير القلق في هذا المرسوم انه يجعل عملية طباعة الصحف الحكومية تحت ادارة و سيطرة وزارة التربية و التعليم حيث تنص المادة 2 منه على : ” تحدث في الجمهورية العربية السورية مؤسسة عامة ذات طابع اقتصادي تسمى “المؤسسة العامة للطباعة” تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وترتبط بوزير التربية ومركزها محافظة دمشق. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟