المركز السوري للإعلام وحرية التعبير يرحب بالإدانة بحق ضابط الأمن السابق أنور رسلان

كوبلنز – المانيا 

الأربعاء 13 كانون الثاني/ يناير 2022

يعرب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير عن ترحيبه بالإدانة التي تضمنها القرار الصادر اليوم بتاريخ 13 كانون الثاني/ يناير 2022، عن المحكمة الإقليمية العليا بمدينة كوبلنز في ألمانيا، في الدعوى ( 1STE 9/19 ) بحق ضابط الأمن السوري السابق “أنور رسلان” – رئيس قسم التحقيق في الفرع 251 (فرع الخطيب)، إدارة المخابرات العامة -، المقيم في ألمانيا، والحكم عليه بالسجن المؤبد، لارتكابه بحكم وظيفته انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تتمثل بــِ القتل العمد والحرمان الشديد من الحرية والتعذيب كجرائم ضد الإنسانية بالإضافة إلى جريمة العنف الجنسي.

إننا في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير نرى أن موضوع الدعوى لا يتعلق بـ خصومة شخصية بين أفراد ينتج عنها عقوبة تقع على الجاني بقدر ماهو موضوع يرتبط بشكل عضوي بجرائم وانتهاكات قام بارتكابها ضباط وأفراد الأجهزة الأمنية السورية في معرض قيامهم بتنفيذ سياسات منهجية قائمة على الاعتقال التعسفي والتعذيب وقتل وترهيب المدنيين بتوجيه وعلم من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، بهدف ضمان استمرار السلطة الاستبدادية طوال العقود الماضية وخصوصاً مع انطلاق الانتفاضة الشعبية في العام 2011. وبناءً عليه فإن هذا الحكم بوصفه كاشفاً للحقيقة وعنوان لها يرتقي بأقوال الشهود والضحايا وبتقارير وتوثيقات المنظمات الحقوقية السورية والدولية حول الانتهاكات والجرائم الجسيمة التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية السورية من إطار المزاعم والادعاءات إلى مستوى الحقائق المثبتة بالأدلة والوقائع القانونية.

كما يؤكد المركز على أن المحاكمة التي بدأت في 20 نيسان/ أبريل من العام 2020، وامتدت على /103/ جلسات استماع لجمع الأدلة عن الجرائم الخطيرة المرتكبة في سوريا, انتصارٌ للمحاكمة العادلة والضمانات التي تقدمها للجناة كما الضحايا، على ثقافة الثأر والانتقام، وتأكيداً لمصداقية أدلة الإدانة التي تتضمنها الصور التي هرّبها المنشق قيصر من سوريا، والتي طالبت المحكمة بفحصها من قبل طبيب شرعي اطلع على حوالي /27/ ألف صورة تعود لـ /6,821/ ضحية، لمعاينة حالة الضحايا الجسدية، وللإدلاء بشهادته عن سبب الوفاة وما إذا كانت إفادات الضحايا التي أدلوا بها إلى محققي الشرطة تتطابق مع نتائج الطب الشرعي.

إن هذا الحكم – الذي يعد علامة بارزة في تاريخ القانون الجنائي الدولي, وتوثيقاً قانونياً للجرائم والانتهاكات التي حدثت في سوريا عامي 2011 و2012، وماتزال مستمرة حتى يومنا هذا، ماكان ليصدر لولا الدور الاستثنائي الذي قام به الضحايا أنفسهم وتصميمهم على العدالة وكشف الحقيقة بالدرجة الأولى ولولا شجاعة الشهود والمنشقين الذين دعموا المسار القضائي بشهاداتهم وبالأدلة التي قدموها للمحكمة، دون إغفال الدور المهم الذي قامت به المنظمات الحقوقية السورية والدولية كشريك اساسي في هذا المسار لتحقيق العدالة.

وفي هذا السياق شدد المحامي مازن درويش – مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير – على أن الحكم الصادر اليوم وغيره من الأحكام التي من الممكن أن تصدر مستقبلاً  عن القضاء الأوروبي بموجب الولاية القضائية العالمية أو الولاية القضائية العابرة للأقاليم، تأتي في إطار الخيار الممكن – حالياً – للحد من الإفلات من العقاب ولإبقاء حقوق الضحايا كقضية مركزية في أي حل سياسي قادم، كما أنها لا تشكل بأي حال من الأحوال بديلاً عن ضرورة التوافق على مسار وطني للعدالة الانتقالية التي هي المسار الأفضل لإصلاح ما تم إفساده طوال العقود الماضية، بما يضمن محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة من كافة أطراف الصراع، وجبر الضرر الناجم عن انتهاكات لحقوق الإنسان خلال سنوات النزاع، والتعامل مع التركة الكبيرة لانتهاكات حقوق الإنسان ومحو آثار الدكتاتورية، وترسيخ السلم الأهلي والسلام المستدام في سوريا.

خلفية:

تقدم المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بشهادته في الدعوى ( 1STE 9/19 ) من خلال المحامي مازن درويش في 15 و16 أيلول/ سبتمبر 2020، بناء على طلب المحكمة الإقليمية في كوبلنز بألمانيا. تضمنت الشهادة تسليط الضوء على التطور السياسي خلال ثلاث فترات، بين فترة الوحدة من عام 1958 إلى عام 1970، والفترة من عام 1970 إلى عام 2000، ومن عام 2000 إلى عام 2011، وطريقة عمل السلطة والأجهزة الأمنية التابعة لها، بالإضافة إلى أدوات تعاملها مع حركات المعارضة في سوريا بناءً على تجربة المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وشملت الشهادة تقديم مجموعة من الوثائق والمعلومات منها نسخ مسربة لوثائق من المراكز الأمنية بالإضافة لإحداثيات مقابر جماعية ومجموعة من التقارير التي ترصد الانتهاكات في الفترة الزمنية الخاصة بالدعوى.

قدم المحامي مازن درويش مجموعة من الأدلة الجديدة والتي شملت:

  1. هيكلية الفرع /251/ الخطيب ضمن الفترة المتعلقة بالدعوى بالاضافة إلى سلسلة القيادات والرتب تتضمن أسماء /93/ شخص: /29/ ضابط و/45/ صف ضباط و/19/ موظف مدني عاملين جميعاً في الفرع /251/ في الفترة الزمنية بين آذار/ مارس 2011 وتشرين الثاني/ نوفمبر 2012.
  2. نسخ من وثائق مسرّبة من مشفى حرستا العسكري ومشفى الهلال الأحمر حول حالات لمعتقلين توفوا في المشفى نتيجة التعذيب الذي تلقوه في الفرع /251/، أو وصلوا إلى الإسعاف بعد وفاتهم في الفرع.
  3. نسخة مسربّة من مراسلات برقية داخلية بين أحد الأفرع الأمنية والإدارة التي يتبع لها، ورد الإدارة على البرقية تتضمن دلائل قاطعة تثبت تسلسل المنهجية المتبعة مع المعتقلين منذ لحظة اعتقالهم مروراً بوفاتهم تحت التعذيب وصولاً إلى دفن الجثة عن طريق الشرطة العسكرية مع اطلاع كامل من مكتب الأمن الوطني الذي يتبع لرئيس الجمهورية.
  4. نسخة مسربّة من “مذكرة إطلاع” مقدمة إلى رئيس الفرع /251/ حول خلاف بين عناصر الفرع ومسؤولة الطب الشرعي في مشفى حرستا العسكري حول نقل وتغليف جثث المعتقلين. بالإضافة إلى صفحتين من سجل المتوفين لدى الفرع.
  5. إحداثيات جغرافية لمواقع /4/ مقابر جماعية في محيط العاصمة دمشق وريفها من ضمنها مقابر لضحايا تعذيب من الفرع /251/ في الفترة الزمنية بين آذار/ مارس 2011 وتشرين الثاني/ نوفمبر 2012. بالاضافة إلى موقع لأحد السجون السرية ضمن قطعة عسكرية تتبع الفرقة الرابعة وتم نقل المعتقلين إليها من قبل الفرع /251/ بحكم تبعية هذا السجن للفرع المذكور.

اصدرت المحكمة الاقليمية العليا في كوبلنز في جلستها المنعقدة في الرابع والعشرين من شباط/ فبراير 2021، أول حكم إدانة في جرائم التعذيب في سوريا ضد المتهم إياد الغريب الذي أدين بالتواطؤ لارتكاب جرائم ضد الإنسانية من خلال التعذيب والحرمان المشدد من الحرية، وتضمن القرار الحكم على أياد الغريب بالسجن لمدة أربع سنوات وستة أشهر، حكماً قابلاً للاستئناف.