- ما هي وقائع وخصائص القضية؟
في شهر نيسان/ أبريل 2021، تم فتح تحقيق في اثنتين من الهجمات الكيميائية التي ارتكبت في آب/ آغسطس 2013 في سوريا، أمام الوحدة الفرنسية المختصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، التابعة لمحكمة باريس القضائية.
وينظر قاضيا التحقيق في المسؤولية المزعومة للحكومة السورية عن استخدام الأسلحة الكيميائية أثناء النزاع، كجزء من نمط يعتمد على الهجمات المتعمدة والممنهجة وواسعة النطاق ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة. وكانت مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية -حيث وقعت الهجمات- تحت سيطرة المعارضة آنذاك.
في 5 آب/ آغسطس 2013، يبدو أن الحكومة السورية استهدفت بلدتين متجاورتين في الضواحي الشرقية للعاصمة السورية، حيث استهدفت الأسلحة الكيميائية أولاً مدينة عدرا العمالية في حوالي الساعة 1:00 صباحًا، ثم ضربت الأسلحة الكيميائية مدينة دوما الكبرى حوالي الساعة 5:00 صباحًا. ولجأ المدنيين في دوما إلى أسطح المباني لتجنب استنشاق المواد الكيميائية السامة، وهي أثقل من الهواء وتميل إلى البقاء أقرب إلى الأرض. وتذكر شهادات الناجين والأطباء أن المرضى كانوا يعانون من صعوبة في التنفس والاختناق بسبب التعرض للمواد الكيميائية، مما أدى إلى اكتظاظ المستشفيات في دوما بالضحايا. وكان من شأن الهجوم بالأسلحة الكيميائية على دوما أن يؤدي إلى إصابة أكثر من 400 شخص، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال. شكلت الهجمات الكيميائية على دوما وبلدة عدرا المجاورة في 5 آب/ آغسطس 2013، أكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية في ذلك الوقت، وأنذرت بالدمار الذي سوف يتبع في الغوطة الشرقية بعد أسبوعين.
في الساعات الأولى من يوم 21 آب/ آغسطس 2013، تم إطلاق أكثر من إثني عشر صاروخاً كيميائياً محملاً بغاز السارين -وهو غاز أعصاب شديد الفتك- على أحياء عين ترما وزملكا في الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق. وعندما سارعت العائلات المذعورة في منتصف الليل للوصول إلى أسطح منازلها لتجنب التعرض لغاز السارين، تعرضت للقصف بقذائف الهاون وغيرها من قبل قوات الحكومة السورية، مما أجبرهم على الفرار من أسطح المنازل إلى الأرض بالأسفل، حيث أسفر تعرضهم لغاز السارين عن مقتل العديد من الأطفال والنساء والرجال. كذلك تعرض المستجيبون الأوائل والعاملون الطبيون للأذى أثناء محاولتهم إنقاذ الضحايا. ونُفذت الهجمات على المرافق الطبية القريبة بالتزامن مع الهجمات الكيميائية، مما حد بشدة من الاستجابة الطبية الطارئة. وأسفرت الهجمات الكيماوية عن مقتل أكثر من ألف شخص وإصابة الآلاف بجروح خطيرة. يعد الهجوم الكيميائي الذي وقع في 21 آب/ أغسطس 2013 هو الهجوم الأكثر دموية خلال النزاع السوري، وقد أدانه المجتمع الدولي على نطاق واسع.
- ما هي أهمية ورمزية هذه القضية ومذكرات التوقيف؟
تكتسب هذه القضية أهميتها من الأثر الكبير الذي تركته الهجمات الكيميائية في الغوطة الشرقية عام 2013 سواء لجهة عدد الضحايا والمصابين الذين خلفتهم هذه الهجمات أو لجهة الصدمة التي أصابت المجتمع الدولي نتيجة الهجمات.
يؤكد قرار قضاة التحقيق بإصدار مذكرات التوقيف على ضرورة محاسبة المسؤولين عن مثل هذه الجرائم الخطيرة وعدم إمكانية الإفلات من العقاب عند ارتكاب هذه الجرائم
مذكرات التوقيف هذه هي الأولى التي توجه ضد رئيس دولة في منصبه وتتناول جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
- ما هو التحقيق القضائي وإلى متى يمكن أن يستمر؟
يوجد في النظام الإجرائي الفرنسي نوعان من التحقيقات:
- التحقيقات الأولية (“enquêtes préliminaires”): يتولى إجراؤها ضباط الشرطة تحت إشراف المدعي العام.
- التحقيقات القضائية (“instruction” أو “information judiciaire“): يتولى إجراؤها قاضي تحقيق ويمكن فتحها من قبل المدعي العام في نهاية التحقيق الأولي، أو من خلال تقديم شكوى مدنية من قبل الضحايا و/أو المنظمات غير الحكومية.
يمكن للمدعي العام أن يفتح تحقيقًا قضائيًا في نهاية التحقيق الأولي، أو من خلال تقديم شكوى مدنية من قبل الضحايا و/أو المنظمات غير الحكومية.
أثناء التحقيق القضائي، يحق لجميع الأطراف (الأطراف المدنية، المتهمون، المدعي العام) الاطلاع على ملف القضية، ويجوز لهم أن يطلبوا من القاضي جمع الأدلة، على سبيل المثال طلب الاستماع إلى الشهود، أو تحقيق الخبرة أو التدابير الفنية، الخ.
عادةً، يستغرق التحقيق القضائي في المتوسط عدة سنوات (في كثير من الأحيان من سنتين إلى ثلاث سنوات)، وذلك اعتماداً على مدى تعقيد القضية والتهم الجنائية.
في نهاية التحقيقات، إذا توفرت الأدلة الكافية، يصدر قاضي التحقيق (juge d’instuction) أمراً بإحالة (ordonnance de renvoi) القضية إلى المحكمة المختصة، وفي هذه الحالة، ستحال القضية إلى محكمة الجنايات في باريس.
- لماذا يتم التحقيق في هذه القضية في فرنسا؟
لدى بعض الدول بما في ذلك فرنسا، قوانين الاختصاص القضائي خارج الحدود الإقليمية والتي تعطي للمدعين العامين والمحاكم الوطنية سلطة التحقيق في الجرائم الدولية ومحاكمتها عند ارتكابها في الخارج.
وفي هذه القضية، تم تقديم شكوى مدنية في فرنسا في 1 آذار/مارس 2021، أمام الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة للمحكمة القضائية في باريس، سعيًا لإجراء تحقيق جنائي في هجمات الأسلحة الكيميائية في آب/أغسطس 2013، والتي قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتم تقديم الشكوى الجنائية بطلب مدني من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وشهادات الضحايا حول الهجمات الكيميائية، بناءً على الأدلة التي جمعها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والأرشيف السوري، ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح. .
تم إنشاء الوحدة المتخصصة بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في عام 2013، وتتكون من مدعين عامين وقضاة تحقيق لديهم خبرة متخصصة في التحقيق والملاحقة القضائية في جرائم القانون الدولي، ويعملون مع وحدة الشرطة المتخصصة (OCLCH). هناك حوالي 160 قضية معلقة، في مراحل مختلفة من الإجراءات أمام هذه الوحدة المختصة وتتعلق بجرائم مفترضة في أكثر من خمسة عشر (15) دولة.
- ما هي الشكاوى الأخرى المتعلقة بالهجمات الكيميائية في سوريا؟
تم تقديم شكاوى تتعلق بهجمات الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013 وخان شيخون عام 2017 إلى السلطات في ألمانيا في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وفي السويد في 19 نيسان/ أبريل 2021. وتضمنت هذه الشكاوى مجموعة كبيرة من الأدلة والمعلومات. وواصلت المنظمات غير الحكومية تقديم أدلة جديدة واسعة النطاق إلى سلطات التحقيق في كل من فرنسا وألمانيا والسويد، بما في ذلك مجموعة كبيرة من شهادات الشهود والأدلة المرئية والمعلومات حول التسلسل القيادي للكيانات التي يشتبه بضلوعها بتنفيذ للهجمات.
- ما هي حالة القضية الراهنة؟
في نيسان/ أبريل 2021، وبعد تقديم الشكوى وطلبات الدعوى المدنية، فُتح تحقيق رسمي تبعه تعيين قاضيين للتحقيق. تم تطوير الشكوى الأصلية والأدلة الداعمة من قبل المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، والأرشيف السوري (برنامج تابع للمنظمة الغير حكومية Mnemonic)، بالإضافة إلى مبادرة عدالة المجتمع المفتوح والتي انضمت إلى التحقيق بالإضافة إلى الضحايا الأفراد كأطراف مدنية. كما انضمت منظمة المدافعون عن الحقوق المدنية (CRD)، كطرف مدني وهي منظمة غير حكومية شريكة في المشروع.
وقد تم جمع العشرات من الشهادات من ضحايا وشهود على الهجمات وخبراء. مئات الأدلة الوثائقية كتقارير استخباراتية رفعت عنها السرية، ومساهمات من المنظمات الدولية، وتحليل المعلومات مفتوحة المصدر، وكذلك عدد من الصور ومقاطع الفيديو التي تدعم المسؤولية المفترضة للحكومة السورية في تنفيذ هذه الهجمات.
حجم الأدلة وتفاصيلها أقنع القضاة بوجود أدلة جدية أو داعمة بأن يكون الرئيس السوري بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وماهر الأسد، القائد الفعلي للفرقة الرابعة في الجيش السوري، والعميد غسان عباس، مدير الفرع 450 من مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية، والعميد بسام الحسن، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية السورية، قد شاركوا في التخطيط لهذه الهجمات وفي تنفيذها ويتحملون المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم.
لذلك قرر قضاة التحقيق أن الاستجابة المناسبة لشكوى الضحايا والأدلة المقدمة، هو بإصدار مذكرات توقيف دولية ضد الأفراد الذين تم تحديد هويتهم.
- ما هي مذكرة التوقيف بموجب القانون الفرنسي؟
في النظام القضائي الفرنسي، مذكرة التوقيف تعني أن قاضي التحقيق يعطي أمراً للسلطات بالعثور على الشخص المذكور وعرضه أمامه. وينص القانون الفرنسي على أنه يجوز إصدار مذكرة توقيف إذا كانت هناك أدلة جدية أو ثابتة تشير أن هذا الشخص من المحتمل أنه قد شارك في ارتكاب جريمة. ويجب أن يكون الشخص هاربًا أو مقيمًا خارج فرنسا ومتهمًا بارتكاب جريمة يعاقب عليها بالسجن.
في حالة تعذر إلقاء القبض على الشخص المطلوب قبل إغلاق التحقيق القضائي، يتم تحرير محضر/ تقرير عن عملية تفتيش غير الناجح ويعتبر الشخص “متهماً” بغرض إحالة محتملة للقضية إلى المحكمة من أجل المحاكمة.
إذا كان الشخص المطلوب يقيم في الخارج، فليس من الضروري تحرير مثل هذا التقرير ويكفي صدور مذكرة التوقيف لإحالة القضية إلى المحكمة.
عند إصدار مذكرة توقيف دولية، تتواصل الدول الأعضاء بمنظمة الإنتربول لطلب إصدار نشرة حمراء ” Red Notice”. وتتولى المكاتب المركزية الوطنية (NCBs) في كل دولة مسؤولية إحالة هذه الطلبات الخاصة بها إلى الأمانة العامة للإنتربول. في فرنسا، يعد المكتب المركزي الوطني ومقره باريس، جزءًا من المديرية المركزية للشرطة القضائية (DCJP)، وبشكل أكثر تحديدًا قسم العلاقات الدولية (DIR).
تطبق الدول الأعضاء قوانينها الخاصة عند اتخاذ قرار بشأن اعتقال شخص ما.
- هل يمكن الطعن في مذكرات التوقيف؟
يجوز لأطراف الدعوى الطعن في مذكرات التوقيف، بمبادرة من دفاع الشخص المطلوب، أو المدعي العام.
ويجوز للشخص المطلوب المطالبة بإبطال مذكرات التوقيف، في الحالات التالية:
- أثناء التحقيق القضائي، فقط في حال تم استدعاؤه ومثوله أمام قاضي التحقيق لتوجيه الاتهام إليه رسمياً؛
- فقط إذا لم يتم توجيه لائحة اتهام إليه أو إذا لم يتم إخطاره بأمر الإغلاق (باللغة الفرنسية “Ordonnance or Arrêt de Mise en Actribution”) حسب الأصول.
كما يمكن للمدعي العام أن يرفع طلب إبطال مذكرة التوقيف أمام غرفة التحقيق، أو أن يطلب سحب مذكرة التوقيف أمام قاضي التحقيق، وعند الاستئناف أمام غرفة التحقيق.
- إذا لم تؤد مذكرات التوقيف الدولية إلى الاعتقال، فهل يمكن إجراء محاكمة غيابية؟
بموجب السوابق القضائية الفرنسية، في حال كان الشخص الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف يقيم خارج البلاد، ولا يمكن القبض عليه، فإن إصدار مذكرة التوقيف يفسح المجال لتوجيه الاتهام إليه أمام المحكمة.
وعليه فإن محاكمته غيابياً ممكنة إذا رأت المحكمة أن ذلك في مصلحة إقامة العدل، وتم إخطار المتهم بالإجراءات، ورفض ممارسة حقه في الحضور، ويحق للشخص المتهم -في حالة إدانته- الحق بالطعن في الإدانة/ الحكم، والمطالبة بمحاكمة جديدة.
- هل هناك أي حصانات في مثل هذه القضية؟
يرى قضاة التحقيق، لدى إصدارهم مذكرات توقيف، أنه لا يمكن لأي من الجناة المفترضين المطالبة بأي شكل من أشكال الحصانة من الملاحقة القضائية، بما في ذلك الرئيس السوري، بشار الأسد.
ولقد أجرى القضاة تحقيقاً استقصائياً لمدة ثلاث سنوات تقريباً، واستمعوا إلى الشهادات الاستثنائية للضحايا، واستعرضوا أدلة وثائقية واسعة النطاق، وأجروا مقابلات مع العديد من الخبراء، ومن خلال مراجعة هذه المجموعة القوية من الأدلة، وجدوا أنها تشير إلى أن بشار الأسد وثلاثة آخرين هم الأفراد الذين شاركوا بارتكاب هذه الجرائم المروعة.
وبعد التوصّل إلى هذا الاستنتاج، شعروا أن هذا واجبهم وأن القانون يسمح لهم بإصدار مذكرات التوقيف ضد هؤلاء الأفراد.
تعترف الدول على نطاق واسع بأن المسؤولين رفيعي المستوى في أي دولة، لا يتمتعون بالحصانة من الملاحقة القضائية أمام محاكم وطنية أجنبية لارتكابهم جرائم دولية جسيمة/ وحشية.
إن استخدام الأسلحة الكيميائية يعد من الجرائم التي يعتبرها القانون الدولي محظورة بشكل قطعي ومطلق، وهي جريمة لا يمكن أن يحظى مرتكبها بأي حصانة بغض النظر عن وضعه/ منصبه السياسي. (يُعرف هذا المفهوم من الناحية القانونية باسم “الحظر القطعي”، أو بالمصطلح اللاتيني jus cogens).
ومن الجدير بالذكر أن مذكرات التوقيف الحالية تمثل المرة الأولى التي يتم فيها تطبيق مبدأ “عدم الحصانة عن الجرائم الدولية” في نظام قضائي وطني، ليس فقط ضد مسؤولين رفيعي المستوى، ولكن ضد رئيس حالي لدولة أخرى. حتى الآن، اعترفت المحاكم الدولية فقط باختصاصها في محاكمة رئيس دولة في منصبه بتهمة ارتكاب جرائم دولية.
أدان المجتمع الدولي الهجمات الكيميائية على الغوطة في آب/ أغسطس 2013، وقرر مجلس الأمن في الأمم المتحدة في القرار رقم 2118، الصادر في 27 أيلول/ سبتمبر 2013، أن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا يشكل “تهديداً للسلم والأمن الدولي” وأكد على أنه “يجب محاسبة الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية”.
إن انتهاكات القاعدة القطعية للقانون الدولي مثل حظر استخدام الأسلحة الكيميائية، تخلق التزامات على المجتمع الدولي ككل. وذكّرت محكمة العدل الدولية بأنه يجب على جميع الدول أن تسعى إلى وضع حد لـ الجرائم – مثل التعذيب – التي يعتبرها المجتمع الدولي قاعدة لا يجوز الانتقاص منها.
توضح مذكرات التوقيف هذه والصادرة بحق مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، بما في ذلك رئيس الدولة الحالي، أن حظر استخدام الأسلحة الكيميائية هو حظر مطلق، وأن أي مرتكب لهذه الجريمة سيواجه العدالة، بغض النظر عن رتبته أو وظيفته.
- ما هي الأسلحة الكيميائية وكيف تورطت فيها الحكومة السورية؟
تُعرِّف اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدميرها (اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية) -التي بدأ تنفيذها في نيسان/ أبريل 1997- الأسلحة الكيميائية بأنها “مواد كيميائية سامة وسلائفها، من ضمنها الذخائر والأجهزة التي تستخدم التأثيرات السامة للمواد الكيميائية على الكائنات الحية، والمصممة خصيصاً لـ تسبب الوفاة وغيرها من الأضرار من خلال الخصائص السامة لتلك المواد الكيميائية.”
يتم تصنيف السارين على وجه التحديد باعتباره مادة كيميائية مدرجة في الجدول 1 بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، ويشمل الجدول المواد الكيميائية التي لها استخدامات قليلة، إن وجدت، خارج نطاق الحرب الكيميائية. إن السارين هو غاز أعصاب يستخدم لقتل السكان المدنيين.
لقد اعترفت الحكومة السورية بامتلاك أسلحة كيميائية في تموز/ يوليو 2012. وتحت الضغوط الدبلوماسية رداً على الهجمات على الغوطة الشرقية، انضمت الحكومة السورية إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في تشرين الأول/ أكتوبر 2013. ويعتبر مركز الدراسات والأبحاث العلمية (SSRC) في قلب برنامج الأسلحة الكيميائية السوري، وهو برنامج حكومي سوري مسؤول عن تطوير وإنتاج الأسلحة التقليدية وغير التقليدية وأنظمة إيصالها، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية والذخائر التي تحملها.
كانت بعثة الأمم المتحدة للتحقيق في ادعاءات استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، والتي أنشأها الأمين العام في 21 آذار/ مارس 2013، موجودة في سوريا وقت الهجوم، وقامت بزيارة بعض مواقع الهجوم وأخذ عينات، ووجدت أدلة “واضحة ومقنعة” على استخدام غاز السارين في هجوم الغوطة الشرقية في آب/ آغسطس 2013.
في أعقاب الهجمات الكيميائية على الغوطة الشرقية في 21 آب/ آغسطس 2013، وانضمام سوريا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، تبنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) إجراءات لتدمير برنامج الأسلحة الكيميائية السوري. وقد أيد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في قراره الذي اتخذ في العام نفسه برقم 2118، ولكن الحكومة السورية لم تقم بتنفيذه.
بالإضافة إلى بعثة الأمم المتحدة، أشارت آلية التحقيق المشتركة (JIM) -التابعة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، التي أنشئت في عام 2015-، إلى الحكومة السورية باعتبارها مسؤولة عن هجمات كيميائية متعددة. وفي العديد من التقارير خلصت آلية التحقيق المشتركة إلى أن الحكومة السورية كانت مسؤولة عن استخدام الكلور والسارين في هجمات مختلفة خلال النزاع.
توصلت التحقيقات اللاحقة التي أجراها فريق التحقيق المستقل (IIT) التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) إلى تورط مسؤولين سوريين محددين في هجمات السارين في عام 2017، وأن غاز السارين الذي استخدم في هجوم الغوطة الشرقية وهجمات السارين اللاحقة كان له نفس التوقيعات الكيميائية التي تشير إلى أنها جاءت جميعها من منشآت إنتاج تابعة للحكومة السورية.