حماية اللاجئين هو واجب قانوني بالإضافة إلى كونه التزاماً أخلاقياً وإنسانياً
سوريا ليست مكاناً آمناً لعودة اللاجئين، والترحيل إلى سوريا هو انتهاك جسيم لحقوق الإنسان
سبق للسلطات التركية وأن قامت بترحيل عدد من اللاجئين السوريين إلى مناطق شمال وشمال غرب سوريا، متذرعة بعدم حيازتهم على أوراق إقامة نظامية، أو مخالفتهم للأنظمة والقوانين التركية، بالاستناد إلى القانون رقم /6488/ من قانون الأجانب والحماية الدولية المادة /54/ الفقرة الأولى البند (د)، الذي ينص على ترحيل من يخرق النظام أو الأمن العام إلى خارج تركيا.
وقد شهد الأسبوعان المنصرمان اعتقال الصحفي السوري عبد المجيد الشمعة، والمعروف أيضا بإسم ماجد الشمعة، (مقدم برنامج “سوريلي بوب” الذي يبث على قناة أورينت ويستطلع آراء السوريين عن قضايا معيشية في تركيا)، ونقله إلى مركز ترحيل في مدينة غازي عنتاب، تجهيزاً لترحيله؛ إلا أن الطعن الذي قدم إلى القضاء الإداري التركي، من قبل محامي الصحافي الشمعة، أوقف تنفيذ عملية الترحيل، التي لو تمت لكانت قد عرضت حياته للخطر.
كما سبق للسلطات التركية أن قامت بترحيل عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء والحاصلين على الحماية المؤقتة من السوريين، في فترات زمنية متفرقة، ولأسباب مختلفة، رغم تصريحات وزير الداخلية التركي في شهر أغسطس/آب الماضي التي أكد فيها أن اللاجئين السوريين “هم تحت الحماية المؤقتة وإخوة للشعب التركي ولا حديث عن ترحيلهم إلى مناطق الصراعات في سوريا”.
كذلك بدأت السلطات الدانماركية بإجراءات احتجاز عدد من طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية المؤقتة من السوريين، في مراكز عزل، تمهيداً لترحيلهم، بعد أن قررت سحب إقاماتهم التي سبق ومنحت لهم. وتتذرّع السلطات الدانماركية بأن هؤلاء قد تقدموا بطلبات للجوء باعتبارهم هاربين من مناطق نزاع غير آمنة، بينما تعتبر الدنمارك اليوم أن مدينة دمشق والمنطقة المحيطة بها أصبحت آمنة، وبالتالي يمكن للاجئين السوريين العودة إليها.
إن حكومتي الجمهورية التركية ومملكة الدنمارك، تتجاهلان بإجراءاتهما التعسفية، حقيقة اضطرار السوريين إلى مغادرة وطنهم بسبب الانتهاكات الجسيمة التي يتعرضون لها، سواء من قبل الحكومة السورية، أو من قبل سلطات الأمر الواقع الأخرى، من قمع واعتقال تعسفي وتعذيب وقتل وإخفاء قسري وغيرها؛ حيث أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ترتكب من قبل جميع الأطراف.
كما تتجاهل حكومتا تركيا والدنمارك، جميع التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية حول حالة حقوق الإنسان في سوريا، بما فيها تقرير “أنت ذاهب إلى موتك” لمنظمة العفو الدولية، الذي يوثق بالأدلة، تعرض العائدين إلى سوريا، لانتهاكات جسيمة أدت لوفاتهم، أو اعتقالهم تعسفاً؛ بالإضافة إلى تعارضها الصريح مع القرارات الدولية التي تشير بصراحة إلى أن سوريا ما زالت تعتبر دولة غير آمنة لعودة اللاجئين إليها؛ كما ورد على سبيل المثال لا الحصر، في تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا الصادر بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر 2021، وقرار مجلس حقوق الإنسان 84/15 الصادر بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 2021، والذي نص صراحة في فقرته العاملة الثالثة عشر على أن سوريا “لا توفر بعد البيئة الآمنة لعودة اللاجئين بصورة مستدامة وكريمة”.
إن إجراءات حكومتي تركيا والدنمارك تشكل خرقاً لالتزاماتهما الدولية بعدم إعادة اللاجئين إلى مكانٍ يمكن أن يتعرضوا فيه لخطر الاضطهاد أو العنف، فهما تنتهكان مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتخالفان الغرض من الاتفاق الدولي المتمثل بحماية الشخصية الإنسانية، والاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة، ومنها حقُّ التماس ملجأ والتمتُّع به خلاصاً من الاضطهاد، كما تخرقان التزاماتهما التعاقدية في كل من الاتفاقيات الدولية التالية:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لاسيما البند الأول من المادة 14.
- المادة 3 من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
- المادة 16 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المؤسسة لولاية محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، وقرار المحكمة الصادر بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر 2021، والذي ينص بصراحة على عدم جواز إعادة أي سوري إلى سوريا لا الآن لا في المستقبل القريب.
لقد ضمنت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والقواعد الآمرة في القانون الدولي، حماية الحق المقدس بالحياة لأي إنسان، ويعتبر مخالفة هذه القواعد خرقاً صارخاً للقانون الدولي، وانتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة قانونية كانت؛ مما سبق فإن المؤسسات والمنظمات الموقعة على هذا البيان:
- تدين بأشد العبارات الإجراءات التعسفية التي تتخذها حكومتا الدانمارك وتركيا، بحق اللاجئين وطالبي اللجوء والمشمولين بالحماية من السوريين، لما تمثله من خرق للقانون الدولي، وتعدي على حقوق الإنسان الأساسية، حيث تعرض حياتهم في حال الترحيل إلى سوريا للخطر.
- تدعو جميع المنظمات الحقوقية الأوروبية إلى رفع دعوى عاجلة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طعناً بالإجراءات الدانماركية، والمطالبة بتعويض المتضررين من هذه الإجراءات التعسفية.
- تدعو المنظمات الحقوقية التركية إلى الطعن بإجراءات الترحيل التركية أمام القضاء الإداري المختص، باعتبارها تمثل خرقاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
- تدعو المفوضية الأوروبية لممارسة أقصى درجات الضغط السياسي على الحكومة الدانماركية لوقف إجراءات العزل بحق اللاجئين؛ كما يدعوها للعمل مع الحكومات الأوروبية الأخرى لاستقبال اللاجئين التي تنوي من الدانمارك ترحيلهم، حماية لأرواحهم، وصوناً للقانون الدولي الذي تعتبره الدول الأوربية سامياً على قوانينها الوضعية، لاسيما فيما يختص باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان.
- تدعو المفوضية الأوروبية إلى إعادة النظر بالاتفاقيات المعقودة مع تركيا بخصوص اللاجئين السوريين، لتضمينها مواد واضحة تمنع ترحيل اللاجئين إلى سوريا، وتربط المعونات المالية المقدمة إلى تركيا في ملف اللاجئين، بمدى التزامها بوقف عمليات الترحيل، بما في ذلك التحقيق في المزاعم الخاصة بإجبار المحتجزين في مركز ترحيل مدينة غازي عنتاب على التوقيع على وثائق الترحيل.
المنظمات الموقعة:
امبيونتي واتش
سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
جنى وطن
دولتي
تجمع المحامين السوريين
منظمة حقوق الانسان في سوريا- ماف
بيتنا
مؤسسة فراترنيتي لحقوق الإنسان-FFHR
مؤسسة LCDHR
رابطة عائلات قيصر
المركز السوري للإعلام وحرية التعبير