نص الكلمة التي ألقاها مازن درويش رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في الأمم المتحدة حول جريمة الإفلات من العقاب
السيدات والسادة ممثلي الدول السيدات والسادة المشاركين:
وأنا في طريقي الى نيويورك قصفت طائرات حربية تابعة للنظام السوري أو لدولة روسيا الاتحادية مجمع مدارس في قرية (حاس) شمال سورية راح ضحية هذا القصف العشرات من الأطفال بين قتيل وجريح. لكن بالنسبة لي كمواطن سوري لم يعد هذا الموضوع يثير الدهشة فاستهداف المدارس والمستشفيات والأسواق الشعبية وقتل المدنيين والأطفال أصبح أمرا عاديا يحدث دوما في بلادي تحت مرآى ومسمع الجميع فالمدنيين والأطفال في سوريا أصبحوا مجرد أضرار جانبية وأرقام احصائية لدرجة أنه حتى وكالات الأنباء لم تعد تتعامل مع هذا النوع من الأخبار على أنه أخبار مهمة أو عاجلة.
لكن ما أثار دهشتي حقيقة قيام الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون بتكريم “جوزيف غوبلز السوري ” قبل هذه الجريمة بيوم واحد فقط وداخل هذا المبنى على الرغم مما يفترض بالأمين العام أن يمثله من قيم أخلاقية انسانية هو وهذا المكان.
لذلك أتمنى أن تنقلوا سؤالي للسيد الأمين العام ان كان ينوي قبل مغادرته منصبه تحديد يوم عالمي لتكريم مجرمي الحرب ولربما يستبدل به اليوم العالمي لأنهاء الافلات من العقاب الذي هو موضوع اجتماعنا اليوم ؟.
– لا يجب أن نتساءل بعد اليوم لماذا الشباب في الشرق الأوسط وسوريا تحديدا فقدوا ايمانها بالقيم الأخلاقية وحقوق الانسان وأصبحوا يتجهون نحو التطرف والعنف -.
وبالعودة الى موضوعنا الأساسي مكافحة الافلات من العقاب في الجرائم الواقعة على الصحفيين ومما يحدث في بلدي سوريا تحديدا أستطيع أن أؤكد لكم أن جميع الأطراف يستهدفون الصحفيين والعاملين في مجال الاعلام ونقل المعلومات بشكل منهجي وبينما نصنف التنظيمات التي تقوم بمثل هذه الأفعال على أنها ارهابية فلماذا عندما تقوم الحكومات بنفس الأفعال بل على نطاق أوسع لا تصنف على أنها حكومات ارهابية؟ أطراف الصراع في سوريا يعتقدون أنهم يستطيعون تغطية الجريمة من خلال قتل الشهود هؤلاء الصحفيين والمواطنين الصحفيين المحليين الذين يعملون مخلصين من أجل حقنا في المعلومة ورغم ذلك تركوا وحيدين ليطحنوا بين نظام فاشي وتنظيمات اسلامية فاشية وحتى العاملين في مناطق الادارة الذاتية الكردية لم ينجوا أيضا من الاعتقال والتنكيل بدورهم. وهذا السلوك المنهجي لأطراف الصراع في سوريا مستمر حتى يومنا هذا وسيستمر كذلك للأسف طالما أن هناك غياب للمحاسبة وطالما أن الافلات من العقاب أصبح سمة لعصرنا هذا.
السيدات والسادة:
في يوم 27 أيار 2015 صدر القرار رقم (2222) عن مجلس الأمن بشأن حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة والذي اتقدم بالشكر للزملاء في منظمة مراسلين بلا حدود بسبب جهدهم الاستثنائي في العمل على صدوره كما باقي المنظمات المختصة – وأشعر بالفخر لأن زملائي في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير كان لهم مساهمتهم في هذا الخصوص – و على الرغم من شحنة الأمل و التفاؤل التي حملها لنا صدور القرار الا أننا اليوم اذا قمنا بمراجعة سريعة لأعداد الصحفيين الذين يتعرضون للانتهاكات حول العالم سنجد أن الأعداد في ازدياد وخصوصا في مناطق الصراع ولذلك نحن بحاجة الى تدعيم القرار (2222) بإجراءات عملية تنفيذية حتى يستطيع أن ينتج أهدافه في حماية الصحفيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضدهم وضمان عدم افلاتهم من العقاب و لذلك فاننا نعيد التأكيد على ضرورة:
1- تعيين ممثل خاص للأمين العام ليكون معنيا بحماية الصحافيين ومكلف خصيصا بمتابعة مدى التزام الدول الأعضاء بالقرار(2222) .
2- انشاء محكمة دولية دائمة خاصة بالجرائم المرتكبة ضد الصحفيين من أجل ملاحقة ومعاقبة من تثبت إدانته بجرائم بحق الصحفيين.
3- اصدار قائمة سوداء سنوية للأشخاص والتنظيمات والحكومات التي تستهدف الصحفيين وحرية الصحافة وفرض عقوبات عليهم .
نيويورك 27-10-2016