مُنحت جائزة “حقوق الإنسان الدولية لمدينة نورمبرغ” الألمانية لعام 2017 للمصور قيصر ( سيزر ) الذي قام بتسريب عشرات آلاف الصور لجثث معتقلين توفوا في السجون السورية، غالبا نتيجة للتعذيب الوحشي الذي تعرضوا له.
قيصر هو الاسم الذي أعطي لمصور انشق عن جهاز الشرطة العسكرية السورية، وكان جزءاً من عمله تصوير وأرشفة جثث القتلى بعد آذار 2011. خرج “قيصر” من سوريا معه 55 ألف صورة لـ 11 ألف ضحية تم تعذيبها في سجون النظام السوري حتى الموت.
في آب / أغسطس 2013، فرّ “قيصر” مع عائلته من وطنه. في كانون الثاني / يناير 2014 تمّ نشر مجموعة من صوره على شبكة الإنترنت، وأقيمت بعض المعارض لنماذج منها، وقد تمّكنت عائلات كثيرة من التعرّف إلى جثث ذويها وأحبائها بين ما يُعرف ب”صور قيصر”
اضطّر “قيصر” إلى التخفّي حتى بعد خروجه من سوريا، لا اسم، لا وجه، لا مظهر شخصي، وهو معروف فقط تحت غطاء الاسم “قيصر”، ويعيش مع عائلته في مكان مجهول في مكان ما في شمال أوروبا. وهو يعتبر عدوّاً للدولة في وطنه سوريا.
ولما كانت رحلته إلى “نورنبيرغ” لاستلام الجائزة غير واردة لأسباب أمنية، فقد استلمت الجائزة نيابة عنه الصحفية الفرنسية “غارانس لو كايسن”، التي تعاونت مع المصوّر ونشرت قصته عام 2015 في كتاب حمل اسم “الاسم: قيصر- في قلب آلات الموت السورية”.
في تقرير سابق لـ”هيومن رايتس ووتش”، بعنوان “لو تكلم الموتى: الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية”، أكدت المنظمة أنّ آلاف الصور التي تمّ تسريبها عن معتقلين ماتوا تحت التعذيب داخل السجون الحكومية في سوريا هي بمثابة “أدلة دامغة” على ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة.
قام ثلاثة من كبار قضاة المحاكم الجنائية الدولية الخاصة بجرائم الحرب المرتكبة في سيراليون ويوغوسلافيا السابقة بالتحقيق في الصور والأدلة المقدمة. وقال الخبراء في تقريرهم لعام 2014 إنها “موثوقة” ويمكن استخدامها “في أي عملية”. وكذلك كان رأى رئيس فريق التحقيق، والمحامي البريطاني والمدعي العام للأمم المتحدة، ديزموند لورينز دي سيلفا.
وتوثق الصور تعذيب الضحايا حتى الموت في سجون وأقبية أفرع المعتقلات في سوريا، وتحمل كل جثة معلومات مرافقة. وتثبت الصور مقتل عدد كبير من المعارضين للنظام. وأعرب العديد من المتحدثين عن تقديرهم لشجاعة المصور لنسخ الصور. وقال أولريش مالي: “هذا هو تراث نورنبيرغ هنا وفي كل مكان في العالم: إدراك أنه لا يمكن للمرء أن يهرب من العدالة”.
90 أسرة من الضحايا على استعداد للإدلاء بشهاداتهم
تشكل الصور من السنوات 2011 إلى 2013 الآن أساسا للجهود المختلفة الرامية إلى إخضاع الأشخاص المسؤولين في النظام السوري للمساءلة. وقد تم تحديد ما يقرب من 800 ضحية من قبل عائلاتهم. وقد أعرب أكثر من 90 من هذه الأسر عن استعدادها للإدلاء بشهادتها في بلدان ثالثة. يعيش العديد منهم في ألمانيا أو في بلدان أوروبية أخرى.
الجريمة ” بلا شك الأسوأ في القرن الواحد والعشرين”
وفي رأي هيئة محلفين في نورنبيرغ ، أراد المصور إبلاغ الجمهور العالمي عن الجرائم المرتكبة ضد السجناء السوريين، لذلك لن يظلوا غير مقيدين. وكدليل على القتل المنتظم والواسع النطاق لمعارضي النظام السوري، فإنّ الصور القاسية دليل مهم على قضية جنائية دولية ضدّ قادة الأفعال السورية المرتكبة في المستقبل. بالإضافة إلى “قيصر”، سيتم منح مجموعة الأشخاص حول المصور جائزة نورنبيرغ الدولية لحقوق الإنسان.
جائزة نورنبيرغ الدولية لحقوق الإنسان هي جائزة ألمانية تأسست في 17 سبتمبر 1995، و تأتي الأهمية التاريخية لمدينة نورمبرغ انهها شهدت محاكمات قادة النازية في العالم بعد الحرب العالمية الثانية في العالم تشرين الثاني / نوفمبر 1945 واستمرت حتى بداية أكتوبر 1946.