صدور عدد جديد من مجلة الكرمل التي اسسها الراحل محمود درويش بعد 3 سنوات من التوقف

القدس العربي

رام الله (الضفة الغربية) ـ من علي صوافطة ـ (رويترز) – تعود مجلة الكرمل التي أسسها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود دوريش للصدور مجددا باسم (الكرمل الجديد) بعد توقف استمر ثلاث سنوات منذ رحيل مؤسسها لتحمل في عددها الجديد واحدة من قصائده (شاهد على زمن الطغاة) التي لم تنشر في اي من دواوينه والتي تحاكي الثورات في عدد من الدول العربية.
وقال حسن خضر رئيس تحرير المجلة لرويترز "تعود المجلة للصدور من جديد وتحمل اسم الكرمل الجديد على نفس المبادئ والأفكار التي انطلقت عليها الكرمل قبل ما يقارب من 30 عاما."
وتابع "اخترنا أن نخصص هذا العدد للحديث عن الثورات العربية في مقالات وتحليلات وشهادات حية إضافة إلى واحدة من قصائد شاعر فلسطين التي نشرت قبل 25 عاما في مجلة اليوم السابع الباريسية."
وأضاف "من يقرأ القصيدة ومفرداتها وبالرغم أنها نشرت قبل 25 عاما يرى أنها معاصرة تماما كما أن بعض الحكام العرب الذين ألمح إليهم في تلك النصوص ما يزالون على قيد الحياة يحاولون البقاء في ربيع الشعوب التي تسعى للإطاحة بهم في أماكن مختلفة من العالم العربي."
وكتب خضر في افتتاحية المجلة " لهذه الدورية حكاية لم يحن أوان سردها بعد وقد اشتبك فيها وتشابك الثقافي بالسياسي على نحو مألوف في نماذج عربية أخرى."
وتابع "في واقع العالم العربي هذه الأيام أكثر من ضوء ومن شمس ساطعة كأن الخليقة تبدأ الان الضوء الساطع كما الظلام الدامس يحد من كفاءة الضوء ويستنفر البصيرة."
ويضيف "وتحت هذا الضوء الساطع تسعى الممارسة الثقافية إلى استعادة ما كان لها من دور في ازمنة مضت… في زمن الثورات الشعبية وربيع الشعوب لا يحق لأحد ادعاء البراءة."
واحتلت قصيدة درويش 40 صفحة من صفحات المجلة البالغ عددها 247 من القطع المتوسط والتي اختار القائمون عليها وضع لوحة للفنان المصري احمد بسيوني التي تكتب المجلة انه "شارك في الثورة المصرية واستشهد في ميدان التحرير" لتكون غلافا لها.
ويبدأ درويش قصيدته في إشارة مخالفة لما يجري في العادة من اختيار الشعب لرئيسه ليقول "سأختار شعبي.. سأختار أفراد شعبي… سأختاركم واحدا واحدا من سلالة أمي ومن مذهبي.. سأختاركم كي تكونوا جديرين بي.. سأمنحكم حق أن تخدموني وأن ترفعوا صوري فوق جدرانكم وأن تشكروني لاني رضيت بكم امة لي."
ويصف درويش التي تصادف ذكرى رحليه الثالثة بعد أيام تشبث الحكام بكراسيهم بالقول "وانتم تزكونني مرة كل عشرين عاما إذا لزم الأمر أو مرة للأبد.. وإن لم تريدوا بقائي لا سمح الله أن شئتم أن يزول البلد.. من منكم يستطيع الجلوس ثلاثين عاما على مقعد واحد دون أن يتخشب.. ومن منكم من يستطيع السهر ليمنع شعبا من الذكريات وحب السفر."
ويخلص المفكر المصري سمير أمين في مقالة مطولة يتناول فيها العديد من جوانب الثورة المصرية وتجارب عدد من الدول في هذا المجال بعنوان (ثورة مصر وما بعدها) "أننا ندخل اليوم في المد الثوري الطويل الثاني وقد تكون حدود أفضل من المد الثوري الطويل الأول. وأعتقد أن التوعية في ظل الظروف العالمية والمحلية المختلفة يمكن ان تلعب دورا في تحقيق ذلك."
ويرى أمين في مقاله أن مصر شهدت فترة امتدت من 1970 وحتى 2011 استغرق فيها المجتمع المصري "في النوم بلا وزن في المنطقة والعالم."
ويقول المفكر الفلسطيني رشيد الخالدي المقيم في الولايات المتحدة في مقال بعنوان (الثورتان المصرية والتونسية) "قبل كل شيء هذه لحظة فرص جديدة في العالم العربي وفي الشرق الأوسط برمته. لم نشهد لحظة كهذه منذ زمن بعيد… الأنظمة الاستبدادية الراسخة في العالم على مدار جيلين كاملين تبدو فجأة قابلة للعطب وقد تهاوى اثنان من أكثرها سطوة في تونس ومصر أمام أعيننا في أسابيع قليلة."
ويختتم الكاتب السوري صبحي حديدي المقيم في فرنسا مقاله (سورية الانتفاضة: من جيل الاسد الى امثولة درعا) بالقول "كان يراد لدرعا أن تكون الفصل الدموي الرادع المكمل للمجازر العديدة السالفة فصارت درعا أمثولة وطنية نبيلة وبطولية ودشنت اقتراب الساعة وانتصار الشعب وبزوغ فجر سورية الحرة الديمقراطية."
ويضم العدد الجديد من المجلة زاوية بعنوان "كلام الشهود" كتب فيها الشاعر الفلسطيني المقيم في القاهرة مريد البرغوثي تحت عنوان (العرب واستباق التاريخ) "نزل أصحاب حنظلة طفل ناجي العلي بالملايين إلى الشوارع مذهولين من اكتشاف ثقتهم بالنفس… ربما احتفظ الفتى الحزين الغاضب بعافية القلق على مستقبل هذا الشغف الباهظ بالحرية. ربما توجس من قسوة الأسياد المهدِّدين فحمل همّ الدماء الوشيكة لكن المؤكد أن مبدعه ناجي العالي سيلاحظ قبل كل شيء وبعد كل شيء أن الخوف مات."
وضمت هذه الزاوية شهادات لكل من الروائي المصري عز الدين شكري عن انطباعاته الحية في أيام الثورة المصرية فيما تحدث الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد عن تجربته الشخصية ومشاهداته في أيام اندلاع الثورة. كما قدم الناقد والكاتب الفلسطيني فيصل دراج شهادة شخصية عن مكونات وعيه الثقافي والسياسي وكيف تأثر بما صدر عن مصر وفيها من كتب وأفكار.
وفي باب بعنوان "الشاهد من نافذة الأمس" قدمت الأكاديمية المصرية سامية محرز دراسة تحليلية عن حروب الثقافة في مصر ومحاولة المؤسسة الرسمية تدجين الكتّاب وتجنيدهم فيما استعرض السينمائي الفلسطيني صبحي الزبيدي في دراسة تحليلية السينما المصرية في العقد الأخير.
وأسهم الباحث الفلسطيني مهند مصطفى بدراسة استعرض فيها ملامح التحولات السياسية في كل من مصر وتونس. وقدم رئيس تحرير المجلة حسن خضر في هذا العدد تأملات في ربيع الشعوب العربية.