ستافان دي ميستورا المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا: إحاطة إعلامية مقدمة إلى مجلس الأمن ٢٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧

   سيدي الرئيس [فرانسوا دولاتر، فرنسا]، أيها الأصدقاء الأعزاء، حضرات السفراء،

          اسمحوا لي أن أوافيكم بآخر المستجدات وأعرض عليكم بعض ما أعددناه من خطط للجولة المقبلة من المحادثات بين الأطراف السورية في جنيف، ثم أطلعكم على بعض المبادرات المحتملة الأخرى.

          إننا نشهد تطورات هامة جداً في محاربة الإرهابيين – طبقا لتصنيف الأمم المتحدة – في سوريا. فقد حرر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مدينة الرقة؛ وحررت الحكومة السورية وحلفاؤها مدينة الميادين؛ ولا يزال العمل جارياً للقضاء على ما تبقى من جيوب داعش في دير الزور. وعلى وجه العموم، فإن تفادي النزاع بين الأطراف التي تحارب داعش قد نجح حتى الآن.

          ولكننا نرى أيضاً داعش تنسحب إلى الصحراء وتشن هجمات وحشية غير متماثلة في دمشق ومحيطها. ومن دون عملية سياسية شاملة للجميع، سنواجه خطر حقيقي وهو أن تتمكن داعش أو كيانات مماثلة من العودة واستغلال مشاعر التهميش والمظالم. ولهذا نحن بحاجة إلى عملية سياسية.

          ومن جهة أخرى، من الواضح أيضاً أن بعض الاحتفالات العامة التي جرت مؤخراً في الرقة لم ترسل إشارات إيجابية، على العكس نتج عنها إشارة سلبية بشأن إشراك الجميع.

          وفي الوقت نفسه – إذا استثنينا الجنوب الغربي، حيث يبقى المستوى العام للعنف منخفضاً بفضل ترتيبات عمان على الرغم من بعض البؤر في بيت جن – فإن تقارير كثيرة تصلنا عن حدوث قصف شديد وحتى غارات جوية. وفي إدلب وحماة، يمكن أن يعزى هذا إلى عمليات تقوم بها هيئة تحرير الشام – النصرة. ولكن في مناطق أخرى – الغوطة الشرقية وجنوب دمشق ومثلث الرستن – كان هناك اتجاه إلى إعادة التصعيد بدلاً من التهدئة، وهو أمر يخشى الكثيرون أن يشتد إذا جرى صرف الطاقات عن محاربة داعش إلى أمور أخرى.

          واسمحوا لي أيضاً أن أسجل قلقي مما يلي: إننا لا نشهد تحسناً في وصول المساعدات الإنسانية، في مناطق خفض التصعيد وفي أماكن أخرى كما كنا نتمنى، ولكنني سأترك لزميلي مارك لوكوك التطرق إلى هذه المسألة عندما يأتي دوره. وكما تعلمون، فقد رأينا صوراً مروعة تعذر علينا التحقق منها بصورة مستقلة تأتي على ما يُزعم من الغوطة الشرقية في الأيام القليلة الماضية، ومرة أخرى سأترك لمارك لوكوك تقديم التفاصيل عندما يأتي دوره. ولذلك لا يزال التحسن المنشود في وصول المساعدات الإنسانية أمراً بعيد المنال، ويعزى ذلك إلى عوامل عديدة: استمرار القتال في بعض المناطق، أو العوائق البيروقراطية، أو تدخل أطراف النزاع. ويجب على أصحاب النفوذ أن يعملوا على تمكين الأمم المتحدة وشركائها من إيصال المساعدات بأية طرائق متاحة – عبر خطوط النزاع وعبر الحدود ومن خلال البرامج العادية.

          وما برحت تصلنا من منظمات المجتمع المدني، التي يحدوها شعور صادق بالواجب المدني والالتزام بدعم إخوانها السوريين، رسائل متوالية تعرب عن جزعها إزاء تأثير النزاع في حماية المدنيين، الذين لا يزالون يعانون من أشكال من الأذى، من قتل وحرمان من المساعدات الإنسانية. وهذا مصدر قلق لنا جميعاً، ولهذا أَثَرتُ هذه المسألة، ولكن مرة أخرى سأترك لمارك لوكوك أن يقدم تفاصيل عن ذلك.

          الصورة كما ترون، سيدي الرئيس، متباينة للغاية. فالإرهاب في تقهقر – لكنه لن يُهزم بالوسائل العسكرية وحدها. وأحياناً، تتعرض ترتيبات خفض التصعيد لتحديات جدية، لكنها تؤدي وظيفتها. لذا ينبغي أن يركز اجتماع أستانا المقبل على إعادة الترتيبات الحالية إلى مسارها، وإتمام إنشاء نظام ملائم للرصد. ومما له أهمية حيوية أن نرى إجراءات حقيقية على الصعيد الإنساني.

          سيدي الرئيس،

          اسمحوا لي أن أعود إلى العملية السياسية، ودعونا نتذكر (١) أن أي خفض للتصعيد أو أي ترتيبات أخرى يجب أن تكون ذات طابع مؤقت، وينبغي ألا تؤدي إلى تقسيم أمر واقع (سلس) لسوريا، و(٢) أن الأمم المتحدة لا تزال، مثلكم جميعاً، ملتزمة بسيادة سوريا وسلامتها الإقليمية ووحدتها. فهدفنا هو تحقيق وقف حقيقي لإطلاق النار في جميع أرجاء البلد وعملية سياسية للمضي قُدماً في تنفيذ بيان جنيف والقرار ٢٢٥٤، و(٣) أنكم أنتم، أعضاء هذا المجلس، كلفتم الأمم المتحدة وحدها دون أي جهة أخرى، من خلالي بصفتي المبعوث الخاص للأمين العام ومبعوثكم، بتنظيم عملية تفاوض سياسي بين الأطراف السورية والدفع بها قدماً من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع.

          لذلك، فإنني مستمر في الإعداد لجولة جديدة من المحادثات. ففي الأسبوع الماضي، كنت في موسكو لمقابلة وزير خارجية الاتحاد الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع شويغو؛ وكنت في بروكسل لمقابلة الممثلة السامية المعنية بالسياسة الخارجية والأمنية، فيديريكا موغيريني ولأناقش معها الإمكانيات والسبل التي يمكن من خلالها لمؤتمر بروكسل في الربيع أن يدفع قُدماً بالعملية السياسية التي يؤمل أن تكون قد انطلقت بحلول ذلك الوقت.

          ويوم أمس، قابلت في واشنطن مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية، ماكماستر وقدِمت للتو لأحيطكم علماً بعد لقائي مع وزير خارجية الولايات المتحدة، تِيلَرسون، هنا في جنيف – ولهذا، أستميحكم عذراً لأني لا أستطيع أن أكون بينكم شخصياً وإنما من خلال التداول بالفيديو. وكذلك أثناء وجودي في نيويورك، تشاورت أيضاً مع الأمين العام في وقت سابق من هذا الأسبوع في نيويورك وتلقيت توجيهات واضحة جداً. ولدي الآن مجموعة من الاتصالات الأخرى، بما في ذلك مع جهات سورية وإقليمية.

          وبناءً على ذلك، أود أن أبين – لكم – بل في الواقع أن أعلن من خلال جلسة مجلس الأمن هذه اعتزامي الدعوة إلى عقد الجولة الثامنة من المحادثات بين الأطراف السورية في جنيف في ٢٨ تشرين الثاني/نوفمبر. وسأواصل التشاور مع جميع الأطراف المعنية في هذا الشأن حتى ذلك اليوم. ونعتزم أن تُعقد [في جنيف] جلسات عامة رسمية، فضلاً عن ان تنعكس مناقشات تقنية على مدى فترة من الزمن.

          إن خطة عمل الجولة الثامنة في جنيف ستكون في إطار القرار ٢٢٥٤ والسلات الأربع – التي يتعين كل واحدة منها في اتفاق إطاري يهدف الى تحقيق عملية سياسية انتقالية تنفذ القرار ٢٢٥٤. وقد طالبت بالتركيز والواقعية لأننا بحاجة إلى أن تبدأ الأطراف مفاوضات حقيقية حول البنود التي يوجد بشأنها بعض الأمل في تضييق الفجوات وخوض مفاوضات حقيقية. وبتطبيق هذا المنطق، فإن تقييمي للموقف بصفتي وسيطاً هو أن علينا أن نرى، فيما يتعلق بالجولة الثامنة – وأود أن أطلب دعمكم في هذا الشأن – ما إذا كان بوسعنا تحقيق تقدم ملموس في بعض جوانب جدول الأعمال – بحيث نتجاوز بعيداً مرحلة الاستكشاف وننتقل إلى التفاوض.

          وتحديداً، ينبغي أن نركز في رأيي في الجولة الثامنة على نقطتين أساسيتين وهما: أولاً، الجدول الزمني والخطوات العملية لصياغة دستور جديد؛ وثانياً (وليس بالضرورة بهذا الترتيب)، الشروط الدقيقة لإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة كما جاء في القرار ٢٢٥٤. وينبغي أن تسترشد جميع المفاوضات بالإطار العام للقرار ٢٢٥٤ بطبيعة الحال – وسبق لي أن قلت هذا – وبالمبادئ الأساسية الاثني عشر. وأنا على استعداد لأن أطرح على الأطراف في تلك المناسبة بعض الأفكار الأولية كنقطة انطلاق لمفاوضات جادة.

          وأعتقد أيضاً أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوة جادة بشأن المحتجزين والمختطفين والمفقودين – ويحدوني أمل حقيقي في أن ينتج هذا عن اجتماع أستانا المقبل. وفي الواقع، سبق أن طرحنا بعض الاقتراحات حول كيفية الاستفادة من ذلك؛ ونحن بحاجة إلى مواصلة الضغط من أجل إحراز تقدم كيفما أمكن لأن هذا الأمر على الأرجح هو أحد أهم تدابير بناء الثقة التي يتطلع اليها الاف السوريون.

          ويجب علينا، ونحن نركز على المفاوضات بشأن نقطتين رئيسيتين – إجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة وفقاً لما جاء في القرار ٢٢٥٤ والدستور – أن نواصل المناقشات والأعمال التحضيرية للمفاوضات بشأن السلات جميعها، بما في ذلك السلتان 1 و4. ومن الصعب أن نتصور كيف يمكن لهذا أن ينجح في الواقع من دون النظر إليه في سياق القرار ٢٢٥٤.

          وسنبذل أيضاً كل ما في وسعنا لضمان استفادتنا من أفضل إسهامات المجتمع المدني من خلال غرفة دعم المجتمع المدني التي لدينا هنا والاستفادة من إسهامات المرأة والأخذ بمنظور النوع الاجتماعي، بما في ذلك من خلال المجلس الاستشاري للمرأة، ولا سيما بشأن مسألتي التفاوض الرئيسيتين في الجولة الثامنة اللتين ذكرتهما للتو.

          والآن، أحتاج إلى دعمكم للمضي قُدماً بالاستناد إلى ما قلته – ودعوني أولاً وقبل كل شيء أن أبين المجالات المقصودة.

          إننا نأمل أن نرى اجتماعاً ناجحاً ومركزاً في أستانا يومي ٣٠ و٣١ تشرين الأول/أكتوبر. وفيما يتعلق بأستانا، سبق أن أبرزت التحديات الخطيرة التي تواجه ترتيبات خفض التصعيد، وأهمية المضي قُدماً في ملف المحتجزين. ويجب علينا أيضاً ضمان التقدم في العمل الإنساني المتعلق بالألغام. إن لدينا مصلحة مشتركة في الحيلولة دون استمرار تقويض الترتيبات المؤقتة القائمة فعلاً لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار. وهذا ما كان القصد من أستانا دائماً – وهذا ما نريده ونأمل في أن يتمكنوا من تحقيقه تحقيقاً صحيحاً وكاملاً.

          ثانياً، ينبغي لمن لهم نفوذ على الحكومة أن يمارسوه الآن وأن يركزوا على كيفية ضمان قدومها إلى جنيف وهي على استعداد للتفاوض. وقد أثرت هذه النقاط تحديداً بصورة مفصلة ومكثفة للغاية في اجتماعاتي في موسكو.

          ثالثاً، نحن بحاجة إلى نجاح اجتماع الرياض ٢ في أقرب وقت – والأفضل أن يتم الاجتماع قبل جولة جنيف المقبلة، وسنواصل التنسيق في هذا الشأن. حيث أننا علمنا ان المبادرة سوف تنفذ بالفعل. نأمل صادقين في نجاح هذه المبادرة التي كانت أصلاً مبادرة من المملكة العربية السعودية عندما استضافت الاجتماع الأول عام ٢٠١٥، وتمثل استضافة اجتماع الرياض 2 للمعارضة متابعةً للاجتماع الأول.

          وسنكون جميعاً مخطئين إذا اعتبرنا أن الوقت في صالحنا. والواقع أن خير سبيل للمضي قدماً يتطلب بدلاً من ذلك مشاركة مكثفة من الجهات الفاعلة الرئيسية دعماً لعملية جنيف.

          وأود أن أشير هنا إلى أن المدافعين عن حقوق المرأة السورية ينادون بتمثيل النساء بنسبة لا تقل عن ٣٠ في المائة من المفاوضين في وفدي الحكومة والمعارضة كليهما. وأحث الأطراف السورية – وهذا ما دأبت عليه كما تعلمون – والجهات الدولية المؤيدة على دعم هذا النداء بقوة.

          رابعاً، دعونا نتذكر الأبعاد الإقليمية والدولية في سوريا. وأنا أبذل قصارى جهدي بصفتي وسيطاً للتشاور على نطاق واسع، وتركيز المناقشات الدولية بشأن كيفية دعم عملية جنيف بشكل ملموس، وقد رحبت صراحةً بأي اقتراحات أتت من صفوفكم بشأن كيفية القيام بذلك. وفي هذا الصدد، أرحب بالمبادرات التي يمكن بها للمجتمع الدولي أن يتحد في دعم جهود الأمم المتحدة.

          أخيراً، أود أن أوجه انتباهكم إلى أن الاتحاد الروسي أحاطني علماً، عندما كنت في موسكو، بمبادرة صادرة عنه، أو بمبادرة ترمي لعقد، في المستقبل القريب، تجمع كبير للسوريين داخل سوريا، في قاعدة حميميم الجوية العسكرية الروسية.  وربما نسمع  المزيد عن هذه المبادرة خلال مشاوراتنا المغلقة، بما في ذلك من الممثل الدائم للاتحاد الروسي، وأتطلع إلى سماع ذلك وإلى سماع آراء أعضاء المجلس آخرين.

          وإن تركيزي وأنا أنظر إلى هذا الأمر سواء بالنسبة في الرياض، وفي أستانا، وفي كل مكان آخر هو نفسه دائماً: هل يساعد على الدفع قُدماً بالعملية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف وفقاً لما جاء في القرار ٢٢٥٤ أم لا؟

          وإليكم فيما يلي بعض النقاط التي تلخص ما تقدّم:

  • أولاً، آن الأوان للتحرك على المسار السياسي. إنها لحظة مناسبة حقاً لإحداث تغيير، فلنغتنمها. فبعد الرقة، وبعد دير الزور، كنت أقول، كما تذكرون ربما، إنها لحظة حاسمة الآن، إنها اللحظة الحاسمة.
  • ينبغي لاجتماع أستانا الأسبوع المقبل أن يركز على المهام الرئيسية لأستانا.
  • ينبغي لمن لديهم نفوذ على الحكومة أن يضغطوا عليها الآن لتكون جاهزة أخيراً للتفاوض على المسائل الجوهرية في جنيف.
  • ينطبق الشيء نفسه على الجهات التي لها نفوذ على المعارضة، وينبغي أن يُعقد اجتماع المعارضة في الرياض في أقرب وقت ممكن وأن يؤدي إلى نتائج بناءة وفعالة.
  • نحن بحاجة إلى مشاركة دولية فاعلة في دعم جنيف.
  • الجولة الثامنة مقرر عقدها في ٢٨ تشرين الثاني/نوفمبر.
  • سنحاول الانتقال إلى مفاوضات حقيقية بشأن الدستور وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة على نحو ما جاء في القرار ٢٢٥٤.
  • ينبغي لنا بموازاة ذلك طبعاً أن نواصل استكشاف ملفي الحكم والإرهاب.
  • ينبغي لنا أن ننظر إلى أي مبادرة، أي مبادرة أساساً، من حيث مدى مساهمتها في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف والتي كلفتموني بتحقيقها نيابة عن الأمين العام وعنكم.

          هذا موجز لما يمكن أن أسميه قائمة أمنيات ختامية. وأنهي كلامي بهذا.

          شكراً سيدي الرئيس.

الفيديو الخاص بالإحاطة الإعلامية (الترجمة العربية):