بلطجية «المشير» يعتدون على الصحافيات
منى الطحاوي بعد الاعتداء عليهاالاعتداء الذي تعرّضت له منى الطحاوي على أيدي رجال الأمن المصري أثناء تغطية الأحداث في ميدان التحرير، ليس سوى حلقة في مسلسل مخجل طاول عدداً من الإعلاميّات والناشطات
صحيفة “الأخبار”: محمد شعير
القاهرة |ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها منى الطحاوي للتحرش الجنسي، لكنّها المرّة الأشدّ والأقسى. خرجت الصحافية والكاتبة المصريّة الأميركية من مبنى وزارة الداخليّة في القاهرة بيدين مكسورتين، بعدما أمضت 12 ساعة تعرّضت خلالها للتعذيب والتحرّش على أيدي رجال أمن الوزارة، كما قالت في حسابها على تويتر. في السابق، تعرّضت الطحاوي للتحرّش على أيدي رجال الأمن خلال مشاركاتها في التظاهرات الاحتجاجيّة في السنوات الماضيّة. وحين اشتكت مرّة لأحد الضباط المشرفين، قال لها: «ما تخديش بالك».
وأول من أمس، لم تكن الطحاوي قادرة على مقاومة جلّادها. الصحافيّة والمدّونة المقيمة في نيويورك جاءت القاهرة لتغطية المستجدات التي شهدها ميدان التحرير. هناك تعرضت للضرب المبرح على أيدي رجال الأمن المركزي أثناء وجودها في شارع محمد محمود المؤدي إلى وزارة الداخلية. ثمّ ألقى الأمن المركزي القبض عليها، واحتجزت لمدة 12 ساعة من دون توجيه أي تهمة إليها. وكتبت الطحاوي على تويتر: «ضربوني وأحدثوا كدمات في يدي. تعرّضتُ لمضايقات أسوأ من أي وقت مضى. ووصلت المضايقات إلى التحرش بي بطرق مشينة». وأضافت: «الله وحده يعلم ماذا كانوا سيفعلون بي لو أنني لا أمتلك الجنسية الأميركية إلى جانب جنسيّتي الأصليّة».
لو قرأ ضباط الداخلية ما تكتبه هذه الباحثة في شؤون العالم العربي والإسلامي، لما كانوا قد تمادوا في فعلتهم على الأرجح. كانوا يتوقّعون أنّها ستصمت. لكنّهم لم يقرأوا ما كتبته قبل سنوات: «إنّ مستجدّات الحقبة الساداتية جعلت المصريات يعتقدن أنّ المرأة عليها أن تُبقي ما يحدث لها من تحرّش بينها وبين نفسها، حتى لا يلحق بها العار أو الخوف الذي يلوّث سمعتها». لهذا خرجت الطحاوي من أقبية الوزارة الشهيرة، وحكت علناً ما عانته ضمن برنامج «آخر كلام» مع يسري فودة على قناة ontv. وأشارت إلى أنّ الاعتداء أدى إلى كسر يديها الاثنتين، مضيفةً أنّ المجلس العسكري «لم يعد حامياً للثورة، بل سارق للثورة».
الطحاوي التي تكتب مقالات دوريّة في «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست»، و«جيروزاليم بوست»، و«المصري اليوم»، ليست للأسف الصحافيّة الوحيدة التي تعرّضت للعنف في ميدان التحرير… فقد طاولت هذه الممارسات المشينة عدداً من الصحافيات اللواتي يحاولن نقل الأحداث المستجدّة، ومنهن مراسلة «فرانس 3» كارولين سينز. هذه الأخيرة تعرضت أيضاً للضرب والتحرش في أحد الشوارع المؤدية إلى الميدان على أيدي بلطجية نظام «المشير». وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» قد حذّرت من الخطر الذي تواجهه الصحافيات اللواتي يغطين الأحداث في ميدان التحرير. وأعلنت أمس أنّها المرة الأولى التي تتكرر فيها الاعتداءات الجنسية على الصحافيات، داعيةً وسائل الإعلام إلى اتخاذ إجراءات «حماية خاصة».
وتابعت المنظمة «أنّ الخطر الذي يتهدد الصحافية هو أكبر من الخطر الذي يتهدد الصحافي الرجل خلال العمل في ميدان التحرير. إنّها حقيقة لا بد لادارات التحرير من أخذها في الاعتبار. إنّها المرة الأولى التي ترتكب فيها اعتداءات جنسية متكررة في مكان واحد ضد صحافيات. على ادارات التحرير أن تفكّر ملياً عندما ترسل فرقاً للعمل في المكان وتتخذ تدابير خاصة للحماية».
وكانت المنظمة طلبت الخميس من ادارات التحرير التوقف موقتاً عن ارسال صحافيات الى مصر، بعد تعرض مراسلة «فرانس 3» كارولين سينز للاعتداء. وفي هذا الصدد، أشارت المنظمة إلى «أنّها على الأقل المرة الثالثة التي تتعرض فيها مراسلة صحافية لاعتداء جنسي منذ بدء الانتفاضة المصرية. على ادارات التحرير أخذ هذا الأمر في الحسبان والتوقف موقتاً عن ارسال صحافيات كمراسلات الى مصر». وتابعت المنظمة في بيانها «انه لمؤسف جداً أن نصل الى هذه النقطة، الا أنّه لا يوجد حل آخر نظراً إلى العنف الذي اتصفت به هذه الاعتداءات».
وفي اليومين الماضيين، تحوّل حساب الطحاوي على تويتر إلى ساحة تضامن، وأعرب ناشطون وفنانون كثر عن دعمهم لها من خلال الرسم على الجصّ الذي يغلّف يديها.