الباكستانية سناء مقدمة البرامج الحوارية الساخنة: أمشي على حبل مشدود كل يوم

قالت لـ «الشرق الأوسط»: اتهامات حكومة الرئيس زرداري بأن وسائل الإعلام تخلق التطرف غير صحيحة

عمر فاروق
يمكن وصف سناء بوتشا بأنها مقدمة البرامج الحوارية السياسية الساخنة الأفضل والأكثر توازنا على قناة إخبارية باكستانية بارزة. وكما يوحي اسم برنامجها الحواري «لكن»، تركز على تغطية القصص السياسية العادية بصورة غير تقليدية. وتعتبر نسبيا جديدة على عالم الصحافة، ولكنها على الرغم من ذلك تمكنت من ترك بصمة واضحة عليها. بدأت حياتها المهنية في الصحافة الناطقة باللغة الإنجليزية، ولكنها تحولت بعد ذلك إلى الصحافة الأردية، وهي اللغة الوطنية الباكستانية. وفي برنامجها الحواري الذي يستغرق نحو نصف ساعة في وقت الذروة، تقوم بتغطية آخر الأخبار السياسية في باكستان. وفيما يلي نص الحوار:
 
* كيف تشعرين وأنت صحافية مشهورة ومؤثرة؟
 
– هل أنا مشهورة أو مؤثرة؟ من الممكن. نعم، بعض الناس ربما يعرفوني في الشارع، ولكن ليست هذه الشهرة. أفضل أن أحظى بالاحترام وأن يكون هناك شعور بالمصداقية بدلا من المنافسة، لأكون صاحبة الشهرة الأكبر. وبالنسبة لكوني مؤثرة، أعتقد أن لدي القدرة على التأثير على الناس بصورة إيجابية، ولذا أتوخى الحذر فيما أقول وكيف أنطقه وقبل هذا كله، هل أصدقه أم لا. يبدو الأمر وكأني أمشي على حبل مشدود في كل يوم. فالجمهور ربما لا يرحم، وعلي أن أكون منتبهة لهذا الأمر. ولكن هذا الخوف يجعلني لا أنحرف إلى الطريق الخطأ.
 
* هلا أخبرتني عن تجربتك كمذيعة لبرنامج حواري تلفزيوني.
 
– حسنا، في الواقع توجد بها بعض الصعوبة، حيث تقف أمام سياسيين وشخصيات لم يُعرف عنهم ذكر إجابات مباشرة! يجب أن تكون مسيطرا ومؤدبا، وعليك تغطية كل الجوانب وأن تراعي كل كلمة تتلفظ بها. وهناك أيضا اتجاه جديد وفيه يتصارع الناس خلال برنامجك، ولكن ليس لدي صبر على ذلك. أريد إنجاز شيء ما من كل برنامج حواري أعده، ومن كل موضوع أختاره، وإذا لم يحدث هذا أشعر بالإحباط الشديد.
 
يتميز عالم التلفزيون بالمنافسة، ويجعلك تقوم بأشياء غريبة. وآمل ألا أستسلم لهذا الغرابة. أختار المواضيع التي أناقشها والتي أشعر بعاطفة تجاهها. وإذا لم يحركني شيء ما، فلن أكون قادرا على التأثير على مشاهدي. وهذه هي النقطة الأساسية على وجه التحديد. يمكن للواحد أن يكون له أداء جيد، إذا كان الأمر مرتبطا بما يفيد الآخرين وليس ما يعود بالنفع عليه.
 
* تناقشين قضايا سياسية ساخنة في برنامجك الحواري، منذ متى تدير النساء جلسات نقاش حول قضايا سياسية في وسائل الإعلام الباكستانية؟ وما مدى تأثير ذلك؟
 
– أعتقد أن النساء كن دوما في وسائل الإعلام، حتى عندما كان هناك تلفزيون حكومي فقط. وأتذكر مذيعات «بي تي في نيوز». وبعد ذلك كان هناك عدد أكبر من الصحافيات والمضيفات البارزات اللاتي خرجن من الصحافة المطبوعة إلى وسائل الإعلام الإلكترونية، مثل نسيم زهرة، التي تعجبني كثيرا. وكانت فايزة داود مذيعة أخرى، ولكنها اختفت بعد ذلك من على الشاشة.
 
كنت أول صحافية تبدأ برنامجا سياسيا على «جيو نيوز» وعلى ضوء الشخصيات الكبيرة التي لدينا، كان ذلك في حد ذاته إنجازا بالنسبة إلي. وكانت المنافسة بعد ذلك، ورأينا الكثير من المذيعات الجدد يدخلن إلى ساحة الأخبار. ولكن ما زلت أمثل شيئا مختلفا. وكما يقولون، لا يوجد ما يماثل الأصل. ومن الملحوظات المهمة، يجب أن تكون النساء أكثر مراعاة لما يقلن وكيف يقلن ذلك؛ سواء على الشاشة أم خارجها في حياتهن الشخصية. تظهر الفضائح في هذا القطاع أسرع مما تعتقد.
 
وبالنسبة إلي، من الصعب دائما أن أثبت لضيوفي وزملائي في العمل وقناتي أني أستطيع الأداء بشكل جيد باستضافة برنامج سياسي، إن لم يكن أفضل من أي رجل. ربما نكون في القرن الحادي والعشرين، ولكن لا تزال الهيمنة الذكورية مسيطرة على هذا القطاع.
 
* هل تعتقدين أن وسائل الإعلام الباكستانية مسيّسة بصورة مبالغ فيها؛ إذ إن كل شيء يبدأ وينتهي عند السياسة؟
 
– نعم، في الأغلب. في الفترة الأخيرة، بدأت القنوات تركز على أخبار تهم الناس، ويعد ذلك شيئا جيدا.
 
* خلال الأعوام العشرة الماضية، أصبحت وسائل الإعلام الباكستانية، لا سيما الإلكترونية، مؤثرة بدرجة كبيرة على المجتمع الباكستاني. وفي الواقع، أصبحت من القوة بحيث إنها تؤثر على الحكومات، هل تتفقين مع هذا التصور؟
 
– أعتقد أن هذا التصور مبالغ فيه. نعم، لقد سلطت وسائل الإعلام الضوء على الكثير من القضايا وخلقت حالة من الوعي بين الناس، ويمكننا التأثير على التغيير من خلال تقديم الحقائق والمعلومات، ولكن لا يمكننا فرض شيء. ومن حاولوا القيام بذلك عادة ما يبوءون بالفشل في هذا.
 
* تتهم الحكومة الباكستانية وسائل الإعلام بالتحيز، وأن لها دورا في زعزعة الاستقرار داخل البلاد كيف تردين على هذا الاتهام؟
 
– زعزعة الاستقرار شيء نسبي. ما الذي تقوم به وسائل الإعلام؟ لا يمكنني الحديث عن الجميع، ولكن هناك أشياء تحتاج إلى تسليط الضوء عليها. ويتبع الكثير من الصحافيين والمذيعين أجندة معينة، ولكن سيكشف عن ذلك إن عاجلا أم آجلا. وسؤالي هو إنه إذا كنت تورد تقريرا عن تفجير معين داخل الدولة، فأنت لست مسؤولا عن التفجير، ولكن مسؤوليتنا أن نتساءل عما إذا كان ممكنا تجنب ذلك وإنقاذ الأرواح. كيف يسهم ذلك في زعزعة الاستقرار داخل البلاد؟ هذه هي وسيلة الدفاع التي يستخدمها من يحوزون السلطة ضد وسائل الإعلام. لسنا كاملين، ولكنهم ليسوا كذلك أيضا. نحن – وسائل الإعلام الإلكترونية – موجودون منذ نحو 10 أعوام على أقصى تقدير، ولكنهم موجودون منذ الأمد! لم يساعدوا البلاد على أن تصبح أكثر استقرارا، والآن هل سيمكنهم القيام بذلك؟
 
* يوجد محللون سياسيون في باكستان، يرون أن المنابر الإعلامية القوية لعبت دورا مهما في الإطاحة بالجنرال مشرف من سدة الحكم هل ترين صدق هذا القول؟ هل وسائل الإعلام في باكستان قوية بهذه الصورة؟
 
– لقد أجبت عن هذا في ردي على السؤال السابق. ولكن بخصوص الجنرال مشرف على وجه التحديد، أتساءل عما إذا كنت متضايقا لأنه أطيح به. لو كان هذا ما قمنا به، ألم نكن على حق في القيام بذلك؟ وفي معرض ردي على سؤالك، أقول نعم، لقد لعبنا دورا كبيرا في الترويج للديمقراطية. الشعوب ذكية بالقدر الذي يمكنها من تحديد ما تريد لنفسها.
 
* ما الدور الذي يجب أن تلعبه وسائل الإعلام لتشكيل حالة من الإجماع داخل المجتمع ضد التطرف والعمل المسلح؟
 
– يمكن لوسائل الإعلام أن تغير من التصورات، ولكن هل يمكنها إملاء رأي ما؟ هذا تصور خاطئ آخر يحتاج إلى معالجته. تعاني وسائل الإعلام من بعض الخلل، كما الحال مع المؤسسات الأخرى داخل باكستان. لدينا الصحافي الجيد والسيئ ومن لا يحظون بمصداقية كبيرة، ولدينا مذيعون لديهم آراء وأوامر يريدون العمل بموجبها. وقد كانت وسائل الإعلام متهورة بشأن معتقداتهم المتغيرة بصورة مستمرة، كما أخرست معظم مواطنينا الراغبين في الاختلاف. وانضم التحيز والحقد على شاشات التلفزيون وفي أعمدة الرأي والمدونات إلى موجة من التطرف كلفتنا أرواح الكثير من المواطنين الأبرياء.
 
عندما استُهدف الأحمديون في لاهور، كنا هادئين. منع 5 في المائة من الباكستانيين على الأقل من حقهم، ولم نستطع الحديث. وبعيدا عن وسائل الإعلام، لم يستطع حتى سياسيونا إدانة الهجمات. قتل حاكم البنجاب سلمان تاسيير رميا بالرصاص، كما قتل الوزير الفيدرالي لشؤون الأقليات في وضح النهار. لم تستطع وسائل الإعلام تقديم الكلمات المناسبة لإدانة أفعال التطرف هذه.
 
وحاول الليبراليون هزيمة الصمت، ولكن لم ينتج شيء عن ذلك، وهذا ما يجعلني أطرح سؤالا ذي صلة. ما نسبة الباكستانيين الليبراليين؟ 10 أم 5 أم 2 في المائة؟ بالنظر إلى قنوات الأغاني والموضة والترفيه المتاحة داخل باكستان وصور الفعاليات والأعمال الخيرية، يعتقد أن هناك أعدادا أكبر. وتكمن القوة في الوحدة.
 
* يوجد من يقولون إن وسائل الإعلام الباكستانية مناهضة بدرجة كبيرة للولايات المتحدة، وإنها في بعض الأحيان تظهر بعض التعاطف مع المسلحين؟
 
– تظهر وسائل الإعلام الرجال والنساء بآراء قوية. البعض يدعم حركة طالبان، بينما يدعم آخرون الطائرات من دون طيار. وبنفس الصورة يعتقد البعض أن الولايات المتحدة هي المشكلة، بينما يرى آخرون أنها مجرد جزء من المشكلة. تظهر المشكلة عندما تختلط الآراء مع الحقائق، لا خطأ في أن يكون لديك رأي، ولكن يجب أن تكون لديك الحقائق التي تدعم هذه المزاعم. والأكثر أهمية من ذلك، تذكر أن تتحلى بالمسؤولية في كل الأوقات. لا تسكب الزيت على النار لمجرد أن ذلك يخدم أهدافك.
 
التفجير الانتحاري خطأ، ولا يوجد تبرير لذلك، وتمثل الطائرات من دون طيار انتهاكا لسيادتنا، ولكن إذا طلب إذن منا، لنكن على الأقل أمناء بشأن ذلك.
 

* على جانب، يقول البعض إن وسائل الإعلام الباكستانية تحظى بتأثير كبير داخل المجتمع، وعلى جانب آخر، توجد مرات لا يصدق فيها المجتمع ما تذكره وسائل الإعلام؛ على سبيل المثال قضية عملية أبوت آباد التي قتل فيها أسامة بن لادن. عندما تنزل إلى الشارع وتتحدث إلى المواطنين، سيقلون لك إن هذه أكاذيب كله.
 
– نعم، المواطنون لا يصدقون ما حدث في أبوت آباد، ولكن لا يعود ذلك إلى أن وسائل الإعلام فقدت مصداقيتها، ولكن يعود إلى إخفاء حقائق على كل مستوى؛ من جانب الأميركيين ومن جانب الهيئات الأمنية الباكستانية. وقد أنشأنا لجنة للتحقيق في القصة، ونأمل أن يتضح الأمر.

* هل تخططين للقيام بأي مشروع خاص عبر برنامجك الحواري؟
 
– أريد الترويج لأهمية التعليم، وربما تكون لدي سلسلة من الحلقات حول ذلك.
 
* هل ثمة خطط لم تنجز بعد؟
 
– أريد توسيع مداركي، وأريد ضم المزيد من القضايا الدولية في برنامجي، وربما إجراء مقابلات مع بعض رؤساء الدول المشهورين. وسيكون الرئيس الكوبي (السابق) فيديل كاسترو والرئيس الإيراني أحمدي نجاد على رأس قائمتي.