الاعلام الخاص

شهد الاعلام الخاص في سوريا نقلة نوعية_ مبدأيا من حيث الوجود على الاقل_ فبعد انتظار دام قرابة الاربعة عقود صدر المرسوم التشريعي رقم 50 لعام 2001 الذي سمح بانشاء صحافة خاصة وفق المعطيات و الضوابط التي حددها قانون المطبوعات و تعليماته التنفيذية وان كان الاعلام الخاص قد نجى من قيود الرقابة المسبقة الا انه مايزال يدور اجمالا في فلك ما هو مسموح به في قانون المطبوعات بالاضافة الى التزامه بالخطوط الحمر, السياسية منها على الاخص و يبقى الضابط الاساسي لايقاعه هو الرقابة الذاتية التي تبدوا حاضرة في كل خبر او مقال تحت وطأة سحب الترخيص بقرار اداري غير معلل. ومع ذلك فان الاعلام الخاص وعلى وجه التحديد الصحافة الاقتصادية أوجدت لنفسها مجالا رحبا يميزها عن الاعلام الحكومي واستطاعت ان تدخل الى مناطق محرمة وان تسلط الضوء على الكثير من المناطق المظلمة وجاء ادخال جريدة الوطن السياسية اليومية الى سوريا من المنطقة الحرة التي تصدر بها في عام 2006 اضافة نوعية الى سلة الصحف السورية الخاصة والتي شكلت سابقة بنشرها لبيانات المنظمات الحقوقية_الغير مرخصة_. بالاضافة الىSyria today  التي سبقت زميلتها الوطن وايضا من المنطقة الحرة في محاولة للهروب من سيطرة المؤسسة العربية لتوزيع الصحف والمؤسسة العربية للاعلان و من ضريبة الارباح. و اليوم يزيد عدد المطبوعات الخاصة في سورية على 150 مطبوعة بمختلف الاختصاصات وهناك 175 طلب ترخيص لم يبت فيها بعد من قبل وزارة الاعلام وعلى الرغم من الكم الكبير نسبيا بالقياس الى حداثة التجربة الا ان هناك الكثير من المعوقات التي تواجه الصحافة الخاصة في سوريا :
ضعف السوق الاعلاني    
تعتبر الاعلانات شريان الحياة بالنسبة للصحف الخاصة و تعاني الصحف السورية من نضوب هذا الشريان و ذلك بسبب ضعف سوق الاعلانات التي تشكل حصة الفرد منها سنويا 1 $ بما يجعل اجمالي مصاريف الاعلانات بكل وسائل الاعلام المقروء و المرئي و المسموع و الطرقي لا تتجاوز 20 مليون $ وجاءت سياسة الترخيص التي اعتمدتها وزارة الاعلام  لتزيد من مشاكل الحصول على الاعلانات بالنسبة للصحف الخاصة حيث عمدت الوزارة الى الترخيص للصحف الاعلانية المجانية و بكم كبير جاوز الاربعين ترخيص مما ادى الى امتصاصها لسوق الاعلانات وحرمان الصحف الاخرى من كم كبير من الاعلانات. بالاضافة الى تحكم المؤسسة العربية للاعلان بسوق الاعلانات و اقتطاعها نسبة كبيرة من اجور الاعلانات لصالحها دون ان تقدم اي خدمة مقابلها للصحف حيث ان الصحيفة هي من تؤمن المعلن و هي من تدفع لمندوبيها حتى ان صاحب صحيفة المال والنقل وصف المؤسسة وآلية عملها " بالجريمة " و مع غياب ثقافة الاشتراك بالمطبوعات التي تؤمن دخل ثابت للمطبوعات بدأت الازمات المالية تحاصر الصحافة الخاصة الى درجة ان الكثير من الصحف اغلقت او في طريقها ولم يبق الا تلك الصحف التي يتمتع اصحابها بملائة مالية كبيرة و بدأ بعضها الآخر بالتكتل و الاندماج .

جدول يبين عدد و نوع الصحف التي توقفت بسبب مشاكل مالية حتى نهاية 2006

     الافتقار للكادر الصحفي المتخصص
    يعاني القطاع الخاص من مشكلة عدم وجود كادر صحفي خاص به حيث ان النسبة العظمى من العاملين في             الاعلام الخاص هم نفسهم العاملين في الاعلام الحكومي و يعملون في الاعلام الخاص بعد الانتهاء من التزاماتهم   في الاعلام الحكومي مما يشكل مشكلة جوهرية تنعكس على نوعية المواضيع و طريقة معالجتها واسلوب الكتابة   بالاضافة الى عدم الاستقلالية و ازدواجية الولاء ومن الجدير بالذكر ان الصحف الخاصة حديثة العهد لم تتحول  بعد الى مؤسسات صحفية و ما تزال اقرب الى فكرة المشاريع التجارية وعلى ذلك لم تول الصحف السورية اجمالا أهمية لتدريب كوادرها واعدادهم علميا و عمليا.
العداء الحكومي و حجب المعلومات
على الرغم من الجرعات المعنوية الكبيرة التي اطلقتها الحكومة السورية وعلى أعلى مستوياتها حول دعمها وايمانها بالدور الايجابي الذي يمكن ان تلعبه الصحافة الخاصة الا انها ما لبثت ان ناصبت الصحافة الخاصة العداء بعد ان بدأت الصحافة الخاصة تشكل ازعاجا للحكومة وعلى الأخص في القضايا الاقتصادية والخدمية. ومن هنا بدأت الجهات الحكومية التضييق على مصادر المعلومات و منع الصحفيين من الحصول على المعلومة او حتى من التواجد في بعض الجهات الحكومية و منها على سبيل المثال مصرف سورية المركزي الذي ضاق ذرعا بزيارات الصحفيين المتكررة اليه وبدلا من ايجاد مكتب صحفي في المصرف للتعاون مع الصحفيين فانه منع مراجعة اي صحفي الى مبنى المصرف وذلك عبر كتاب وجهه حاكم المصرف اديب ميالة الى وزير الاعلام وعممه على المؤسسات الاعلامية. ولم يكن مجلس الوزراء ارحب صدر بجريدة الوطن التي غيبت عن اجتماعات الحكومة الخاصة بدراسة اسباب ارتفاع اسعار المواد الغذائية على اثر تغطيتها الصحفية لظاهرة ارتفاع الاسعار.وجاء هذا الموقف منسجما مع ما قاله محافظ اللاذقية في الاجتماع النصف سنوي للمديرين المركزيين و الفرعيين و الادارة المحلية في محافظة اللاذقية لافتا نظرهم الى عدم التعامل مع الصحافة في حال عدم وجود ضرورة لذلك " ان الصحافة و خصوصا الخاصة منها غير مفروض عليكم التعامل معها الا بقرار من رئيس مجلس الوزراء او وزارة الادارة المحلية او تعميم من جهة عليا " . بينما وجدت وزيرة الشؤون الاجتماعية و العمل طريقة افضل للتعاطي مع الصحفيين فقد احالت طلب الصحفية بثينة عوض من مجلة ابيض واسود لاجراء تحقيق صحفي في مركز الاحداث الجانحين بعد اسبوعين من الانتظار الى النيابة العامة بدمشق بحجة اختصاص الاخيرة وبعد زيارتين مراجعة النيابة العامة سمح لها بمقابلة النائب العام في المرة الثانية الذي تكرم بتحويل الطلب بدوره إلى وزير العدل وماتزال الزميلة بثينة عوض بانتظار رد وزير العدل .
ولم يجد رئيس اتحاد الكتاب العرب السابق على عقلة عرسان اي حرج في طلب اخراج كافة الصحفيين الموجودين لتغطية اعمال مؤتمر اتحاد الكتاب حتى انه ذهب الى طرد الصحفي رزوق الغاوي مراسل صحيفة الشرق الاوسط . ولم يكن تعاطي اتحاد الصحفيين نفسه بأفضل حيث منع مراسل جريدة الوطن في حلب خالد زنكلوا في من تغطية اعمال مؤتمر فرع حلب لاتحاد الصحفيين هذا بالاضافة الى سيل الدعاوى التي ترفع من جهات حكومية على الصحفيين و الصحف الخاصة من قبل الجهات الحكومية .

وعلى الرغم من تجاهل قانون المطبوعات للاعلام المسموع و المرئي الا انه تم استدراك هذا النقص بمرسوم تشريعي سمح بانشاء اذاعات خاصة في سوريا وبقي الاعلام المرئي الى يومنا هذا خارج اطار القانون السوري و تبدو تجربة الاذاعات الخاصة في سورية اكثر استقرارا من تجربة الصحف الخاصة من حيث المشاكل المالية او الانتشار نتيجة لطبيعتها الا انه من الملاحظ انه لم يتم الترخيص حتى الآن الا للاذاعات الاعلانية و الترفيهية فجميع هذه الاذاعات تعتمد على بث الاغاني و البرامج الترفيهية ولا تقدم اي منها نشرة اخبار او برامج سياسية ولا تقترب حتى من القضايا الاقتصادية او الخدمية.
الإذاعات الخاصة في سوريا
تم الترخيص لـ 13 إذاعة تجارية خاصة سبعة تبث اليوم وثلاث بانتظاراستكمال التجهيزات الإجراءات وثلاث بصدد العمل.

القنوات التلفزيونية الخاصة في سوريا
هي التجربة الاعلامية الاحدث في سوريا من جهة ولوج القطاع الخاص فيها وان يكن تخبط الحكومة السورية فيها يبدو جليا فلم تضع الحكومة السورية حتى يومنا هذا اي قانون ينظم عمل الاعلام المرئي وبنفس الوقت سمحت بانشاء قنوات فضائية خاصة في المنطقة الاعلامية الحرة حتى انها سمحت لاحداها البث من داخل دمشق و بالاعتماد على معدات التلفزيون السوري وكوادره لفترة الا انها ما لبثت ان اوقفت ذلك ثم فتحت باب الترخيص في المنطقة الاعلامية الحرة وسمحت لقناة الشام من بناء استديوهات وادخال معدات خارج المنطقة الحرة وبدأت فعلا في البث التجريبي الا انها عادت و اوقفتها بحجة ان الاستديو خارج المنطقة الحرة .