المواقع الإخبارية السورية (تجدد) رقابتها على نفسها
رغم عدم تدخل الأجهزة الأمنية حاليا
عم الصمت هذه المرة كل المواقع الإخبارية السورية بعد العفو العام الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد مؤخرا، و الذي بموجبه تم الإفراج عن المعارض السوري المحامي هيثم المالح،كسر الصمت الإعلامي موقع "دي برس" بخبر مقتضب قال فيه: " تم الإفراج عن المعتقل السياسي هيثم المالح بعد مرسوم العفو الذي أصدره الرئيس بشار الأسد يوم الاثنين 7-3-2011،
وبينما استثنى المرسوم المعتقلين السياسيين، إلا أنه شمل هيثم المالح لتجاوزه سن السبعين"، كما نشر الموقع المذكور خلفية للخبر تكشف عن عمر المعارض المالح و سبب سجنه و دراسته، و باعتبار أن "دي برس" و هو موقع مقرب من الحكومة و قد نشر الخبر بذلك قد أعطى من خلال نشره هذا مؤشرا لموقع آخر كي "ينسخ" الخبر ذاته دون زيادة أو نقصان و ينشره مجددا و هو موقع "سيريا بوست" و ما عدا ذلك، بدت القصة بأن شيئا لم يكن في المواقع الإخبارية السورية التي تتوالد مثل الفطر على الشبكة العنكبوتية.
مواقع إخبارية أخرى، و تحظى بجمهور واسع في سوريا، أيضا لم تتناول خبر إطلاق المعارض هيثم المالح و أوضاع ما يوصفون بسجناء الرأي في سوريا، حيث "أبدع" على سبيل المثال لا الحصر موقع سيريا نيوز الإخباري و المقرب أيضا من السلطات في تغطية الثورة المصرية و الثورة الليبية و "معارضات" الأنظمة الأخرى حتى كأنه قد تفوق على مواقع محلية في تلك الدول لجهة التغطية، و لم يأت لا من قريب و لا من بعيد على خبر المالح الذي نعتقد أنه يهم جمهور كبير في سوريا.
و في تغطية أخبار المعارضة قد نشرت كل من المواقع: محطة اخبار سوريا "s n s " و موقع " "damaspost.com و موقع سيريا مور نشروا نقلا عن موقع "الحقيقة"، و لا نعرف إذا كان "الحقيقة" موقع المعارض السوري نزار نيوف، مادة خبرية تحت عنوان "وثائق مباحث أمن الدولة المصرية تطال سوريين معارضين، و ذكرت المادة أن مصادر مطلعة في القاهرة كشفت عن وجود وثائق خاصة بمواطنين سوريين"معارضين" ضمن وثائق مباحث أمن الدولة المصرية التي جرى اجتياحها من قبل شباب الانتفاضة المصرية.
و في متابعة الخبر و حتى يكون هناك تبريرا للنشر قالت المصادر: أن من بين هؤلاء "السوريين" شخص يدعى ثائر الناشف يقيم في مصر ويعمل مع عبد الحليم خدام ، ومسؤولين سوريين سابقين وأبنائهم ( من بينهم رفعت الأسد الذي تشير إحدى الوثائق إلى علاقة أحد أبنائه بآل مبارك وتجارة نفط مع الصين لصالح إسرائيل وزيارات إلى تل أبيب بترتيب من متنفذين مصريين) .
نشر الخبر بهذه الطريقة بالنسبة للمواقع المذكورة مبرر "حكوميا" طالما يحكي عن معارضين في الخارج، و لكن الطرافة في موضوع النشر و تناول أخبار المعارضة من قبل المواقع السورية، أنها و منذ عام تقريبا، أي قبل الثورات التي حصلت في بعض الدول العربية، لم تتلق تلك المواقع أية "توجيهات" أو "تعليمات" من الأجهزة الأمنية تتعلق بطبيعة المواد التي تنشرها، حيث قبل ذلك كانت تتدخل و تطلب حذف مواد و نشر أخرى، و سألنا أكثر من رئيس تحرير موقع عن هذا الموضوع فأكد صحة معلوماتنا.
رئيس تحرير موقع عكس السير السوري عبد الله عبد الوهاب قال : " لم تتدخل في عملنا أي جهة أمنية منذ نحو عام، و هذا أعتبره مؤشر إيجابي أكان لحرية الصحافة أو للمهنية التي من المفترض أن تتصف بها المواقع الإخبارية".
إذا كانت و في نهاية الأمر الجهات الأمنية لا تتدخل هذه الأيام في محتوى المواقع الإخبارية، فلماذا لم تنشر تلك المواقع أخبار المحاكمات التي تجري لنشطاء في دمشق، و كذلك لم تتناول خبر إطلاق هيثم المالح رغم أهميته، و حقيقة بدت كأنها تعمل و بشكل "ميكانيكي" على تجديد الرقابة على نفسها…تجربة تستحق التوقف في موضوع "غرائب" الإعلام العربي!.
خالد سميسم ـ كلنا شركاء