شاركت يارا بدر ، مديرة برنامج الإعلام والحريات في المركز السوري للإعلام و حرية التعبير ، في فعالية جانبية للدورة 44 من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة # UNRC44. و ذلك ضمن مجموعة من الخبراء في مجال الإعلام و حقوق الإنسان من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها ، ناقشت الجلسة خطاب الكراهية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ، والصحفيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، و طالبت بآليات دولية لمكافحة خطاب الكراهية بما في ذلك أنظمة الأمم المتحدة للعمل على الفور. إليكم مداحلتها:
أطلق المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، في النصف الثاني من العام 2017 مشروع “مرصد خطاب الكراهية والتحريض على العنف”، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وذلك لقياس وتقييم مدى استخدام خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الإعلام السوري، عبر رصد محتوى وسائل إعلام سورية متمثلة بعينة مؤلفة من 24 وسيلة إعلام تمثل مجتمع البحث المكون من وسائل الإعلام السورية، بمختلف أنماطها (مقروء، مسموع، مرئي)، وعلى اختلاف توجهاتها السياسية، وفي النهاية أصدر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (مرصد خطاب الكراهية) دراسة هي الأولى من نوعها على مستوى الإعلام السوري، وقد توصلت في نتائجها إلى أن؛ وسائل الإعلام السورية على اختلاف توجهاتها السياسية وأنماطها الإعلامية تستخدم “خطاب الكراهية والتحريض على العنف” بنسب متفاوتة، حيث بلغ متوسط استخدام الوسائل المشمولة في عينة الدراسة 23.5% كنسبة من إجمالي المحتوى الذي تقدمه.
كما أظهرت نتائج الدراسة وجود فروقات في مدى استخدام الوسائل المشمولة بالعينة، تبعاً للنمط الإعلامي والاتجاه السياسي، وكنتيجة لعملية الرصد جرى تحديد المفردات والعبارات الأكثر استخداماً، والتي حملت دلالات كراهية وتحريض على العنف في وسائل الإعلام محلّ الرصد، وجرى تصنيفها ضمن جداول تبعاً للاتجاه السياسي، وتبعاً للجهة/الجماعة المستهدفة بهذا الخطاب.
وبالرغم من جهود التوعية، التي يبذلها المركز والعديد من المؤسسات السورية والعربية كما الدولية مثل اليونسكو والمؤسسة الأوروبية للديمقراطية وسواها الكثير، إلاّ أنّ سنوات الحرب بكل ما تضمّنته من مآسي إنسانيّة وجرائم ضدّ الإنسانيّة وجرائم حرب ارتكبها أطراف الصراع السياسي بحق المدنيين فرضت واقعاً تمثّل كذلك من خلال خطاب عنف وكراهية واضح ومباشر، ضدّ الآخر المختلف سياسياً، أو دينياً أو قومياً. في سوريا كما في مناطق عدّة من العالم كان المدافعون عن حقوق الإنسان، والنساء بشكل خاص من أكثر الفئات المُستهدفة في خطاب الكراهية هذا، وكانت النساء من المدافعات عن حقوق الإنسان أو العاملات في الحقل السياسي ضحية مرتين. المرّة الأولى ضحيّة لثقافة عامّة يتم فيها التمييز السلبي ضد المرأة ، وللصورة النمطية للمرأة خلال السنوات الماضية (قبل النزاع وطوله) باعتبارها أقل قدرة وفعاليّة من الرجل في نواح كثيرة وبخاصة العمل السياسي، وضحيّة مرّة ثانية لحساسية وحدّة توتر الصراع السياسي القائم اليوم
للأسف شهدنا ونشهد إلى اليوم حالات خطاب كراهية وعنف ضدّ نساء عاملات في الشأن السياسي ومن أبرزها تجربة “المجلس الاستشاري النسائي” الذي كان جزءاً من مُقترح المبعوث الدولي الخاص الأسبق إلى سوريا “ستيفان دي مستورا”، وضدّ نساء عاملات في الشأن الإعلامي وهذه ذات تواتر وتسارع أكثر حتّى من الموجّه ضدّ النساء المنخرطات في الشأن السياسي حيث شهدنا خلال الشهرين المنصرمين فقط أكثر من حالتين شديدتي القسوة تجاه إعلاميتين، وللأسف في أحد هاتين الحالتين كان تكريم الإعلامية بجائزة دولية عن عملها الإعلامي المُتميّز أحد الأسباب المباشرة لمهاجمتها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، فلماذا هي وليس أحد الرجال؟
نؤمن أنّ النساء لسنّ ضعيفات وإنمّا مُستضعفات، ومن واجبنا العمل للتصدّي لثقافة التمييز السلبية هذه، والضغط من أجل محاربة خطاب الكراهية والعنف وإعطاء المساحة العادلة للنساء إعلاميات ومدافعات عن حقوق الإنسان لممارسة فعاليتهنّ الكاملة وغير المنقوصة، وألاّ يكون الجنس أو الدين أو العرق أو الرأي السياسي سبباً للحط من الكرامة الإنسانيّة في سوريا وفي كل مكان، في زمن الحرب كما في زمن السلم. أختم بما قالته الفيلسوفة الألمانية “حنة أرندت”: (لا يوجد الإنسان، على النحو الذي تعرّفه الفلسفة واللاهوت، أو كما هو مُستنتج في صلب السياسة، إلا على أساس الحقوق المتساوية التي يضمنها لبعضهم بعضاً أولئك الذين يكونون على أشدّ الاختلاف فيما بينهم)