لا توجد سجون تتسع للكلمة الحرة

بيان مفتوح للمثقفين والكتاب والصحفيين السوريين ومن حول العالم للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي والنشطاء السلميين في سوريا

لا توجد سجون تتسع للكلمة الحرة, شعار رفعه وآمن به العديد من الشباب السوري منذ زمن, وتزايدت أعدادهم مع انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011. لكن, و في المقابل لا يزال النظام السوري متمسكاً بمحاربة الكلمة الحرة بأقسى وأعنف الوسائل, باعتبارها السلاح الأخطر المرفوع في وجهه, أمام شعبه, وأمام العالم والتاريخ. من هذا المنطلق اعتمد النظام السوري على سياسة الإخفاء القسري والاعتقال التعسّفي, ومن ثمّ رفع مقصلتي المحكمة الميدانية العسكرية, ومحكمة الإرهاب الاستثنائيتين في وجه نشطاء الثورة السلميين, والإعلاميين, ومختلف معتقلي الرأي السوريين. محوّلاً الزمن إلى معتقله الأسوأ.

في هوّة الزمن العميقة غيّب النظام السوري الآلاف من معتقلي الرأي, وإننّا إذ ندعو جميع المثقفين والإعلاميين والكتاب إلى التوقيع على هذه العريضة من أجل المطالبة بالكشف عن المصير المجهول للكثير من   المُغيبين قسراً,  ومن أجل إطلاق سراح المهددين بوحشيّة المحاكم الاستثنائية في سوريا, فإننا ندعو إلى رفع الصوت في وجه ستار النسيان الحديدي الذي لفّ العديد من الأصوات التي نادت بالحرية والكرامة للإنسان السوري بكل الوسائل السلميّة.

ومنهم, منذ زمن البدايات الأولى:

– حسين عيسو:

كاتب وصحفي سوري كردي, من مواليد 1950. عضو رابطة الكتاب السوريين, عمل بالإضافة إلى الكتابة في إطار مجموعة من الباحثين المستقلّين الكُرد والعرب والمسيحيين على تطوير فعاليّات المجتمع المدني السوري, مُعتقل منذ 3/ ايلول / 2011 وقد أفادت الأنباء الصادرة في شهر كانون الثاني من العام 2012 برتدي وضعه الصحي وإصابته بشلّل نصفي, بالإضافة إلى مشاكل في القلب, وكان قد أجرى عملية قسطرة قلبية قبل اعتقاله بوقت قصير. لا معلومات أخرى عن وضعه, وإن كان لا يزال على قيد الحياة أم لا.

– الناشط السلمي يحيى الشربجي:

ناشط سياسي ولا عنفي من مواليد 21 كانون الثاني عام 1979 في مدينة داريا بريف دمشق.

درس في كلية العلوم بجامعة دمشق، ولم يكمل مشواره فيها، اعتقل مع مجموعة من أصدقائه بتاريخ 3-5-2003، لنشاطه فيما عُرف ب (مجموعة شباب داريا) بين عامي 1989 و 2003 وهي مجموعة شباب مسلم لاعنفي سعى لحل مشكلات مجتمعه من خلال تفعيل دوره في كافة قطاعات الحياة. اعتقل يحيى حينها وقضى مدة ثلاثة أشهر ونصف في أقبية الفروع الأمنية منها حوالي الشهر في زنزانة انفرادية، ثم حكم بالحبس لأربع سنوات في سجن صيدنايا العسكري. استنفذ منها سنتين ونصف وقضى فيها أربعة أشهر ونصف في المنفردة.

جرّد يحيى على إثر ذلك من حقوقه المدنية ومنع من السفر وتعرض لمضايقات مستمرة من قبل الأمن.

شارك يحيى الشربجي في الثورة منذ انطلاق شرارتها الأولى مع صديقه غياث مطر, واشتهرا فيما عُرَفَ بحملة “الورد”, نشطاهما السلمي المدني في وجه عناصر الأمن وأسلحتهم حوّلهما إلى أيقونتين للثورة السلمية في سوريا. لكن بتاريخ 6/09/2011 اعتقل يحيى الشربجي, وغياث مطر من قبل قوى المخابرات الجوية في كمين نُصِبَ لهما. بعد أربعة أيام تمّ تسليم جثمان صديقه الشهيد غياث مطر إلى ذويه. وبتاريخ 25/12/2011 أفادت الأنباء بتردي الوضع الصحي ليحيى ونقله إلى مشفى تشرين العسكري.

أفادت آخر الأنباء أنّ يحيى الشربجي, في سجن صيدنايا, لم تُسمح زيارته. وتنتظره مقصلة المحكمة الميدانية العسكرية.

– الصحفي والمخرج بلال أحمد بلال:

معتقل من 13/09/2011. مخرج وصحفي من معضميّة الشام. اعتقل على يد شعبة التجنيد أثناء مراجعته لإدراة الهجرة والجوازات وقد تعرّض للضرب هناك قبل توقيفه من قبل المخابرات الجويّة. الصحفي بلال خريج كليّة الإعلام وهو مخرج في قناة “فلسطين اليوم.” متزوّج ولديه ولدين. بلال كان معتقلاً في المخابرات الجوية. تمّ الحكم عليه أمام المحكمة الميدانية العسكرية 15 عاماً. وبحسب شهادات فإنّ بلال يُعاني في سجن صيدنايا من وضع صحي سيء جداً ناتج في معظمه عن التعذيب الوحشي الذي تعرّض له.

– الطبيب محمد عرب:

بتاريخ 1/ 11/ 2011 اعتقل الطبيب المخبري محمد عرب في حلب. وهو من مواليد 1980. محمد عرب معتقل سابق في السجون السورية, حيث اعتقل عام 2004 في دمشق, من مقصف الجامعة بتهمة التخطيط لإعتصام طلابي أمام اتحاد الطلبة احتجاجاً على فصل مجموعة طلبة في جامعتي حلب ودمشق بعد احتجاجهم على المرسوم الرئاسي رقم ” 6 “, لاحقاً أفرجت السلطات السورية عن 11 طالب وتحفّظت على محمد عرب وزميله مهند الدبس, حيث قضوا 11 شهر من الاعتقال ما بين الأفرع الأمنية و سجن عدرا المركزي بدمشق .

أفادت الأنباء الواردة بتردي الوضع الصحي لمحمد عرب, حيث قام بأكثر من محاولة احتجاج سلمي على ظروف اعتقاله غير القانونية عبر الإضراب عن الطعام. كذلك أفادت الأنباء بتردي الوضع الصحي لوالدته التي لا تزال تسأل حول مكان وجود ابنها المعتقل, وإن كان لا يزال على قيد الحياة بعد عام وخمسة أشهر من الاعتقال التعسّفي.

– الحقوقي والإعلامي مازن درويش:

مازن درويش: من مواليد 1974. أب لطفلين. محامي وصحفي, عضو في الاتحاد الدولي للصحفيين, ومؤسس ورئيس “المركز السورى للإعلام وحرية التعبير”. وللمركز صفة عضو استشاري في المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة, تلقى “درويش” في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 جائزة “رولاند بيرجر” للكرامة الإنسانية لعام 2011، بوصفه مؤسس المركز السوري للإعلام و حرية التعبير. وقد لعب المركز دوراً رئيسياً في بث معلومات حول التطورات اليومية في سوريا في الوقت الذي حظرت فيه السلطات السورية دخول المراقبين والصحفيين الدوليين إلى البلاد. نال في نهاية عام 2012 جائزة “صحفي العام” من منظمة “مراسلون بلا حدود”.

تمّ توقيف واستدعاء واعتقال السيد درويش ثلاث مرات في بداية الثورة السورية, بالإضافة إلى اعتقاله وتوقيفه أكثر من مرة في السنوات السابقة التي عمل فيها في سوريا منذ أسّس المركز عام 2004, وهو ممنوع من السفر منذ العام 2007 من قبل جهتين أمنيتين مختلفتين. وقد تعرّض مكتب المركز للمداهمة والإغلاق أكثر من مرة.

بتاريخ 16/02/2012 داهمت قوى المخابرات الجوية مقر المركز في دمشق, تمّ اعتقال السيد درويش, وجميع العاملين وزائرين. إلى اليوم لا يزال السيد درويش وكل من المدوّن حسين غرير, وهو أب لطفلين ويعاني من وضع صحي دقيق (مشاكل في القلب والضغط ويحتاج إلى أدويته بشكل مُنتظم), وهاني الزيتاني قيد الاعتقال. حيث سوف يُحاكمون أمام محكمة جنايات الإرهاب وفقاً للمادتين 7 و 8 من قانون الإرهاب، الذي صدر في أواسط عام 2012، وتنصّان على:

(المادة (7)

عقوبة العمل الإرهابي:

1- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة ضعفي قيمة الضرر من ارتكب عملاً إرهابياً نجم عنه عجز إنسان, أو انهدام بناء جزئياً أو كلياً, أو الإضرار بالبنية التحتية أو الأساسية للدولة.

2- وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة خمس سنوات على الأقل إذا كانت الوسائل المستخدمة في العمل الإرهابي تحدث تفجيراً صوتياً فقط.

المادة (8):

الترويج للأعمال الإرهابية:

يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من قام بتوزيع المطبوعات أو المعلومات المخزنة مهما كان شكلها بقصد الترويج لوسائل الإرهاب أو الأعمال الإرهابية, وتنزل العقوبة نفسها بكل من أدار أو استعمل موقعا الكترونياً لهذ الغرض.)

– المهندس باسل الصفدي:

2 سنة فلسطيني سوري, مهندس الكترون, وهو من أهم مطوري الانترنت. عمل سابقاً بالموزيلا (Mozilla) والويكيبديا العربية. في نهاية عام 2012 اختارته مجلة “الفورين بوليسي” الاميركية بالمرتبة ال 19 من بين اعظم مئة شخصية مفكرة بالعالم. في 25 آذار 2013 حصل باسل على جائزة  “الاندكس اوورد” لحرية التكنولوجيا في لندن. وهي جائزة خاصة بحرية التعبير, وحصل عليها باسل عن فئة التكنولوجيا.

باسل خرطبيل المعروف باسم باسل الصفدي معتقل منذ آذار 2012. حيث قضى 8 اشهر في منفردات الأمن العسكري, ثمّ ثلاثة أشهر في صيدنايا, وله ثلاثة أشهر الآن في سجن عدرا المركزي. وقد تمّت إحالته إلى المحكمة الميدانية العسكرية.

– المسرحي زكي كورديللو وابنه مهيار.

تمّ اعتقالهما بتاريخ 11 آب 2012 إثر مداهمة منزلهما. يُعتبر زكي كورديللو وريث مسرح خيال الظل في سوريا. تخرّج من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1984, ثمّ عمل في المسرح القومي لمدة أربعة سنوات وقدم 20 عملاً في المسرح، لعب العديد من الأدوار في المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية، اهتمامه الأساسي بفن خيال الظل انطلق منذ عام 1993.

أمّا ابنه مهيار فهو طالب في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق. ولا معلومات عنهما حتى اللحظة.

– الدكتور عبد العزيز الخيّر:

من مواليد القرداحة 1951 درس الطب البشري ومارس المهنة كطبيب لمدة خمس سنوات إلى أن تمت ملاحقته واعتقاله بعد تخفٍ دام 11 عاماً على خلفية انتماءه لحزب العمل الشيوعي، ألقي القبض عليه في الأول من شباط/فبراير 1992 وأصدرت محكمة أمن الدولة عام 1995 حكماً عليه بالسجن لمدة 22 عاماً بتهمة الانتماء إلى حزب سياسي محظور ونقل أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة. تم الإفرج عن الخيّر في العام 2005 جراء ضغوط دولية.

في الثورة انضمّ عبد العزيز إلى “هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا”, وشغل منصب رئيس العلاقات الخارجية فيها,  بتاريخ 21/09/2012 تمّ اختطاف الخيّر ورفيقاه في هيئة التنسيق ماهر الطحان وإياس عياش بعد عودته من جولة مباحثات عقدها في الصين بشأن العملية السياسية في سورية.

– المحامي خليل معتوق:

محامٍ من أبرز المحامين الذين عملو في الدفاع عن معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين منذ محاكمات التسعينات التي تمّت لمعتقلي الأحزاب السياسية الذين جرى اعتقالهم منتصف الثمانينات, وحتى الثورة السورية. عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين في سورية والمدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية ، ويبلغ من العمر حوالي ثلاثة وخمسين عاماً متزوج وله ولدين. تمّ اعتقاله بتاريخ 2/10/2012 ويخضع خليل معتوق لعلاج مكثف ودقيق لوضعه الصحي حيث أنه مصاب بخلل بالرئتين أدى إلى تعطل 60% منهما عن العمل ولم تمض على عودته من رحلة العلاج بالخارج سوى أيام ويحتاج لرعاية طبية دائمة ولصيقة, إذ يحتاج إلى أدوية خاصة وتناول مُنتظم ودقيق لهذه الأدوية. لا معلومات عنه حتى اللحظة.

 

وإنّنا إذ ننوه إلى بعض الأصوات بالذكر التفصيلي فإنّ هذا لا يُلغي حقيقة الواقع المُخيف للأرقام التي تنضح بها المعتقلات السورية وتغص بمعتقلي الرأي, والمواطنيين الصحفيين, والإعلاميين, ونشطاء الحراك السلمي. مؤكدين على أنّ استمرار اعتقال المواطنين والإعلاميّين التعسّفي في سوريا يُعد انتهاكاً صارخاً للمرسوم رقم 161 لعام 2011 والذي قضى برفع حالة الطوارئ في سوريا. كما يعد انتهاكا للمادة 17 المعدلة من أصول المحاكمات الجزائية في سوريا والذي يقضي بضرورة عدم إبقاء الموقوف في التحقيق أكثر من ستين يوماً.

نحن الموقعون على هذه العريضة نطالب السلطات السورية بالكشف الفوري, وغير المشروط, عن كل النشطاء السلميين المُختفين قسراً, والذين نرى في استمرار اختفائهم ما يهدد حياتهم. كما نطالبها بإطلاق سراح المعتقلين في السجون السورية الذين يحاكمون أمام محاكم استثنائية تمّ وضعها لخنق الصوت الحر تحت مُسميات الإرهاب المطاطة. إنّ ملاحقة أفضل خبرات البلد العلمية والمهنية, واستهداف الناشطين السلميّن, محاولة ليس فقط للقضاء على أيّ إمكانية للحوار الوطني بين الأصوات المختلفة, وإنما كذلك رسالة إلى جميع السوريين بأنّ كل سوري مهدد بشموليّة التهم الإرهابية الجاهزة, التي تصل عقوباتها إلى الإعدام. إنّ شباب سوريا وخبراتهم ضمان لبناء سوريا التي دمرتها آلة العنف العسكرية. إننا نرفع الصوت في وجه ما تفرضه السلطات السورية من تساوي في إلغاء الحقوق الدستورية كالحق بحرية الرأي والتعبير والحق بالمحاكمة العادلة بإلغاء الحق الإلهي بالحياة نفسها.