منح جائزة الصحفية الروسية “بوليتكوفسكايا” إلى الناشطة السورية رزان زيتونة

(دي برس – وكالات )
أعلنت منظمة " RAW in WAR" الحقوقية (Reach All Women in WAR) عن منح الجائزة الخاصة بها التي سميت تيمنا بالصحافية الروسية آنا بوليتكوفسكايا لرزان زيتونة الناشطة الحقوقية والمحامية السورية.
وقال متحدث باسم المنظمة يوم الخميس 6 تشرين الأول "أنّ رزان زيتونة لم تتمكن من اللقاء مع ممثلي المنظمة للحصول على الجائزة لأنها موجودة حالياً في سورية حيث تختبأ في مكان ما خوفاً من الاعتقال."
وأعاد المتحدث إلى الأذهان أنّ منح جائزة آنا بوليتكوفسكايا يتمّ سنويا في بريطانيا يوم 7 تشرين الأول الذي يصادف يوم اغتيال الصحافية الروسية في موسكو منذ 5 سنوات على أيدي مجرمين مجهولين.
وكانت رزان زيتونة قد فتحت في عام 2005 موقعا على الانترنت ينشر معلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، وفي آذار الماضي نشر الموقع تقريراً حول الأحداث في مدينة درعا التي بدأت فيها الاحتجاجات الشعبية التي انتقلت بعد قليل إلى مدن سورية أخرى.
وزيتونة مرشحة أيضاً للحصول على جائزة البرلمان الأوروبي لحقوق الإنسان التي سميت تيمنا بـ أندريه ساخاروف العالم والناشط الحقوقي السوفيتي.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة " RAW in WAR" التي أسستها الصحفية البلغارية ماريانا كاتساروفا، استحدثت الجائزة الخاصة بها عام 2007 بعد عام من اغتيال آنا بوليتكوفسكايا التي كانت معروفة بتقاريرها حول انتهاكات حقوق الإنسان في جمهورية الشيشان والجمهوريات الأخرى في شمال القوقاز.
فيما يلي نص رسالة الناشطة رزان زيتونة تعليقاً على حصولها على الجائزة:
رزان زيتونة: السوريون يريدون الحرية
عزيزتي آنا بوليتكوفيسكايا
أدرك جيدا أن هذا التكريم الذي يحمل اسمك ليس موجها لي كشخص بقدر ما هو موجه إلى أبناء وبنات شعبي الذين هدرت دماء أكثر من ثلاثة آلاف منهم خلال الأشهر السبعة الماضية، بنفس عقلية الإجرام والإقصاء التي هدر فيها دمك.
أدرك أن شغفك بالحقيقة والدفاع عن الكرامة الانسانية الذي دفعت حياتك ثمنا له، هو حلقة في سلسلة تمتد من أقصى العالم إلى أقصاه، عبر أفراد أو شعوب تؤمن بحق الجميع بحياة عادلة خالية من القهر والإذلال والعبودية.
ويأخذ هذا التكريم بالنسبة لي كسواي من السوريين بعدا آخر، وهو يأتي في الذكرى الخامسة لرحيلك، كمواطنة روسية، في الوقت الذي لا يزال فيه النظام الروسي يتخذ موقفا داعما للنظام السوري رغم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية على مدى شهور كما وثقته منظمات دولية معنية بحقوق الانسان. وليس أدلَ من ذلك على أن مشتركات الإنسانية لا تعرف فرقا بين لغة وأخرى وقومية وأخرى وهي عابرة للحدود، تماما مثلها مثل مشتركات الاستبداد والفساد التي تتشابه مهما اختلفت تفاصيلها في كل مكان. لذلك أرى في معركة الحرية التي يخوضها السوريون منذ أشهر، ماترتاح له روحك، فكل خطوة باتجاه الحرية والعدالة في أي بقعة من العالم، هي في صالح الإنسانية كلها والإنسانيين كلهم.
أدرك آنا، أنك كنت لتتألمين بالغ الألم لما يحدث في بلادي التي عانت من نظام احترف الإجرام لعقود عديدة، وقضى في ظله عشرات الآلاف نحبهم في مجازر ومقابر جماعية أو في ظلام أقبية الفروع الأمنية.. وعانى مئات الآلاف منهم قهر سنوات السجن الطويلة، وأجبروا على ترداد عبارات ومظاهر الولاء لجلادهم ليل نهار، ثم جرى توريثهم مع بلادهم كمتاع خاص للأسرة الحاكمة في سابقة هي الأولى من نوعها في نظام جمهوري. ذلك كله في ظل صمت وتواطؤ عربي ودولي قلما شهدنا مثيلا له، وعوضا عن لوم نظام الاستبداد كان يلقى باللوم على الشعب الخاضع لأقسى أشكال القمع والقهر اليومي.
وعندما قرر السوريون في آذار الماضي كسر جدران الخوف المتطاولة من حولهم، ومواجهة عنف الأجهزة الأمنية وذلها، قاموا بذلك بمفردهم، ليس معهم إلا نفحات الحرية التي هبت عليهم من تونس ومصر، وحلمهم بوطن جديد لا يسرق أعمارهم وأحلامهم ومستقبل أطفالهم.
ومنذ ذلك الوقت، قامت قوات الأمن بقتل المتظاهرين العزل الذين أذهلوا العالم بإصرارهم على سلمية احتجاجاتهم طوال أشهر، 3031 شهيدا حتى اللحظة، بينهم 192 طفلا وطفلة، و85 فتاة وسيدة وفقا لمركز توثيق الانتهاكات في سورية. وهي أرقام لا ترقى إلى العدد الحقيقي للشهداء نتيجة استمرار اكتشاف المقابر الجماعية واختفاء آلاف من معتقلي الثورة.
كما حوصرت المدن والبلدات بالدبابات وقوى الجيش وقصفت المنازل وقتل العشرات تحت التعذيب بعد تشويه جثامينهم وسرقة أعضائهم. حمزة الخطيب الطفل ابن الثلاثة عشر ربيعا الذي اعتقل ونكل بجثمانه وقطعت أعضاؤه التناسلية، لم يكن إلا واحدا من حالات كثيرة مشابهة.
اعتقل النشطاء السلميون وقتلوا بدم بارد..غياث مطر المناضل اللاعنفي ابن الستة وعشرين عاما قضى تحت التعذيب بعد ثلاثة أيام فقط من اعتقاله. قدموا له الموت بعد أن كان قد قدم لهم الورود والماء في المظاهرات التي كان يقودها.
اختطف أفراد من عائلات النشطاء وجرى التنكيل بهم وإعدامهم كعقاب لم يستثن أحدا. الشابة زينب الحصني 19 عاما هي مجرد مثال على مايلقاه أهالي النشطاء والمتظاهرين، حيث اختطفت وأعدمت بشكل بعد تعذيبها بشكل وحشي. ونفذت عمليات إعدام جماعي دفن أصحابها في مقابر لاتزال تكشف يوما بعد يوم.
وكما نفخر آنا، بأن وجدتِ من الأصدقاء المخلصين من يبقي اسمك حاضرا ليذكرنا بما كنته وماقدمته في سبيل الحقيقة وحقوق الانسان، أتمنى لو أتمكن من ذكر أسماء شهداءنا، اسما اسما، وأتمنى لو أتمكن من ذكر عشرات الآلاف ممن تعرضوا للاعتقال والتنكيل ولا يزالون منذ بداية الثورة، اسما اسما، كل منهم، أطفال ونساء وشباب وشيوخ، يستحقون أن تخلد أسماءهم وأن يكرمون وأن نشكرهم على فتح باب الحرية المغلق منذ عقود أمامنا، لنكمل الطريق معهم ومن ورائهم.
ولأذكَر العالم، بأن مثل هذا الشعب الذي مورس بحقه كل هذا الإجرام ولا زال صابرا ومستمرا، يستحق منه أكثر بكثير من الصمت المتواطئ أو التنديد الخجول، الذي استنكف حتى اللحظة حتى عن إحالة ملف هذا النظام إلى محكمة الجنايات الدولية، رغم إقراره بما ارتكبه من جرائم. وأن جميع هؤلاء ممن نعرف بعضهم ولا نعرف معظمهم، يصنعون تاريخا جديدا في بلدهم ومنطقتهم، وكما لا أملَ من القول، يقومون بعملية خلق لوطن ومستقبل من ركام عنف أقامه واحد من أعتى الأنظمة الاستبدادية في العالم.
مستمرون آنا بوليتكوفيسكايا.. بذكراك وذكرى جميع رموز الحقيقة والحرية في العالم..حتى تسود سوريتنا والعالم أجمع قيم الحرية والعدالة والديمقراطية.