الوسط الصحافي الأردني يعتبر إقرار مجلس النواب المادة 23 من قانون مكافحة الفساد “خطوة مقيّدة للإعلام وحرّيته”

عمان ـ خاص “سكايز”
       سجا عبدللي
أثار إقرار مجلس النواب الأردني المادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد، استياء الوسط الصحافي، واعتبرها “مقيّدة للإعلام وحرّيته”.
وتنص المادة المذكورة على أن “كل من أشاع، أو عزا، أو نسب، دون وجه حق، إلى أحد الأشخاص، أو ساهم في ذلك، بأي وسيلة علنيّة كانت، أيّاً من أفعال الفساد المنصوص عليها في المادة (5) من هذا القانون وأدى إلى الإساءة الى سمعته، أو المسّ بكرامته، أو اغتيال شخصيته، عوقب بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف دينار ولا تزيد عن ستين ألفاً”، ممّا يعني أن الصحافيين اصبحوا مقيدين ولا يستطيعون البحث في قضايا الفساد خوفاً من الغرامة الماليّة الكبيرة التي لا يستطيعون تحملها، أو مواجهة عقوبة الحبس، ما يضيف قيداً جديداً الى الحرّيات الإعلامية في الأردن.
وأدخلت الحكومة المادة 23، بعد طلب الملك عبدالله الثاني”الحد من شائعات الكراهية والتصدي لمحاولات اغتيال الشخصية بادعاء محاربة الفساد”.
وعلّق رئيس تحرير صحيفة “الغد” الأردنية فؤاد أبو حجلة على إقرار القانون قائلاً: “لا بد من التأكيد أن مجلس النواب الحالي لديه حساسية من الاعلام، كما أن أغلبية أعضائه لا تستطيع التمييز بين المنابر الاعلامية المحترمة وتلك التي تعمل بطريقة الدكاكين وتمارس الابتزاز. ورئيس هذا المجلس لديه علاقات وطيدة بالعديد من المواقع الالكترونية الصغيرة وذات التأثير المحدود او المعدوم”.
وأوضح أن “تعديلات النواب على القانون كانت متوقعة، لان المجلس النيابي الحالي لا يمتلك رؤية، ولا قناعة لديه بقيمة الاعلام والصحافة وسلطتها. وأعتقد أن المادة 23 مناسبة تماماً لضبط الانفلات الذي يعانيه  الاعلام الاردني ووقف اغتيال الشخصية تحت عنوان مكافحة الفساد، إنما الواقع هو ابتزاز مكشوف لأشخاص ممتلئين مالياً. المشكلة تتمثل في انحياز الحكومة الى الاعلام الرديء، واختصار تطبيق التشريعات في حالات المواجهة مع الصحف اليومية الكبيرة”.
وتابع” “لقد جرّبنا ذلك في تطبيق مدوّنة السلوك. عموماً، كان يمكن عدم وضع هذه المادة في قانون مكافحة الفساد، وكان يمكن تغليظ العقوبات الخاصة بالاساءة الى اغتيال الشخصية في قانون العقوبات. أنا أعتبر أنه لا داعي لقانون المطبوعات والنشر في الأردن. بعد إقرار مجلس النواب للمادة 23، بقي إقرارها في مجلس الأعيان الأردني الذي تراجع في اللحظة الأخيرة بعد أن لوّح مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين بالاستقالة الجماعية”.
أمّا لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ نيويورك مقراً لها، فقد عبّرت في بيان في 8 تشرين الأول/ اكتوبر 2011 عن “الحزن من اقرار مجلس النواب الأردني تعديلات على قانون مكافحة الفساد والتي من شأنها أن تسمح بفرض غرامات باهظة على الصحافيين”، ودعت مجلس الأعيان “إلى رفض مشروع القانون المعدّل الذي تقدّمت به الحكومة الأردنية”. وذكّرت اللجنة باستقالة وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال طاهر العدوان احتجاجاً على القيود المفروضة على وسائل الإعلام، من بينها اقتراح تشريعات لمكافحة الفساد”.
أمّا الكاتب والمحلل السياسي جهاد الرنتيسي فرأى أن “القانون يقيّد الصحافي في التعاطي مع قضايا حساسة مثل قضايا الفساد ويحمي الفاسدين، لذلك ينطوي على اكثر من بعد. علاوة على انه قيد جديد على الصحافي، فهو يجذّف عكس رغبات الشارع المتعلقة بمكافحة الفساد. الّا ان هناك توجهاً ملكياً لالغاء البند 23 من قانون مكافحة الفساد”.
من جهته، إعترض مركز حماية وحرية الصحافيين على القانون، وحذّر من أن “تغليظ العقوبات المالية في التشريعات التي تمس الإعلام، يخلق بيئة قانونية غير حاضنة لحرية الصحافة، وأن مجلس النواب بدلاً من أن يتوجه الى مراجعة كافة التشريعات وتنقيحها لتتواءم مع المعايير الدولية لحرية الإعلام، ذهب في الاتجاه الآخر”.
وأوضح المركز أن “الغرامات المالية الضخمة ليست أقل خطراً من عقوبة السجن، لأنها في نهاية المطاف تضع الصحافيين خلف القضبان إن لم يقدروا على سداد الغرامات المبالغ فيها. هذه الغرامات جزائية تذهب الى خزينة الدولة وليست من قبيل التعويض المدني للمتضررين”.