الصحافة في سوريا

في سوريا لم تكن النظرة الى وظائف الصحافة تستند الى نفس الارضية و حتما لا تسعى الى نفس الأهداف على الرغم من انه كانت سوريا تاريخيا من اوائل الدول في العالم العربي التي انتشرت فيها الصحافة المطبوعة فقد صدرت اول مجلة مطبوعة سورية عام 1851 بعنوان "مجمع الفوائد" كما تم اقرار اول قانون مطبوعات في عام 1865 وقد شهدت بداية القرن العشرين ثورة حقيقية في الصحافة حيث أصدرت ماري عجمي اول مجلة تعنى بحقوق المرأة في الشرق الاوسط اسمها " العروس " عام 1910 وفي عام 1920 بلغ عدد المطبوعات 31 مجلة و 24 جريدة دورية واستمر هذا الزخم الصحفي الى ان وصل الى أوجه في تاريخ سوريا بعد انجاز الاستقلال في عام 1947 حيث تم اقرار قانون مطبوعات جديد حمل رقم 35 لعام 1949 الذي رفع الكثير من القيود على حرية اصدار و تملك الصحف المستقلة و الحزبية وبلغ عدد المطبوعات في سوريا رقما قياسيا في فترة الخمسينات وصل الى 52 مطبوعة متنوعة الى ان جاءت الوحدة السورية المصرية في عام 1958 حيث كانت واحدة من اقسى اشتراطات عبد الناصر لاتمام الوحدة موائمة الوضع السوري مع الوضع القائم في مصر وذلك اقتضى التضحية بالاحزاب السياسية و بالبرلمان و بالصحافة وانصاعت القوى السياسية السورية لهذه الاشتراطات على اعتبار ان الوحدة اهم من الديمقراطية وشكل ذلك اقسى ضربة وجهت لحرية الرأي و التعبير و الصحافة تلقاها المجتمع السوري بشكل طوعي وفي الفترة التي تلت الانفصال بين عامي 1961 و 1963 استعادت الصحافة السورية حيويتها وعادت الصحافة الى الواجهة مرة اخرى الا انه مع ذلك لم يسمح بترخيص الصحف المعارضة للانفصال و فور قيام حزب البعث باستلام السلطة في عام 1963 تم اعلان حالة الطوارئ و صدر الامر العرفي رقم 4 الذي اوقف بموجبه تراخيص الصحف و المطبوعات و اغلقت بموجبه الصحف و المجلات وصودرت المطابع وجميع ادوات الطباعة و حجزت الاموال المنقولة و غير منقولة لماكي المطابع و دور النشر و لم يستثنى منها لوقت قصير سوى صحيفتين ( بردى و العربي  ) اللتين ما لبثتا ان انضمتا الى القائمة الطويلة من المطبوعات المعدمة و دخلت البلاد مرحلة الاعلام الحكومي الموجه الذي سيطر عليه فكر يرى ان  الاعلام هو احدى ممتلكات الحزب الحاكم قائد الثورة وما عليه الا ان يساهم في تعبئة الجماهير من اجل نصرة اهداف الحزب و الثورة و كانت النظرة الى دور الصحفيين في هذا السياق ما عبر عنه وزير الاعلام الراحل احمد اسكندر الذي اعاد تشكيل الاعلام السوري وفق هذه المعطيات عندما خاطب مجموعة من الصحفيين في اجتماع معهم قائلا     " اريد ان يكون الاعلام السوري كله مثل فرقة سيمفونية يقودها مايسترو هو وزير الاعلام وكل عازفيها ينظرون الى العصا التي يحملها المايسترو و يعزفون حسب حركتها ". وصيغ هذا الفهم على شكل مواد قانونية في نظام وزارة الاعلام السورية حيث نصت المادة 3 على أن " تكون مهمة وزارة الإعلام استخدام جميع وسائل الإعلام لتنوير الرأي العام وترسيخ الاتجاهات القومية العربية في القطر ودعم الصلات مع الدول العربية والدول الصديقة وفقاً لمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي وسياسة الدولة " و جاءت القوانين لاحقا بشكل يتسق مع هذا التوجه بشكل عام …
قانون اتحاد الصحفيين رقم 1 تاريخ 1411990

"تبعية تامة" في الاهداف و الصلاحيات للحزب الحاكم :
عادة ما تسعى السلطة التنفيذية للسيطرة على النقابات المهنية و ذلك من خلال قوانين الاعلام و المطبوعات و وزارة الاعلام و التعليمات الادارية الا انه دائما تقف النقابات المستقلة من خلال تنظيمها النقابي و قوانين مزاولة المهنة في وجه السلطة التنفيذية و تجابه هذه المحاولات ضمانا لاستقلال مهنة الصحافة و من اجل الدفاع عن حقوق الصحفيين الا انه في سوريا تم تشكيل النقابات المهنية بشكل تكون فيه منظمات رديفة للحزب الحاكم  وعليه يعد قانون اتحاد الصحفيين السوريين واحدا من اكثر القوانين في العالم التي تكرس تبعية نقابة الصحافيين الى الحزب الحاكم و الى الحكومة بحيث يحولها من نقابة مهنية مستقلة الى جهاز اداري توجيهي تعبوي فقد جاء تعريف اتحاد الصحفيين في المادة 3 من القانون ليؤكد ذلك حيث نص على ان " اتحاد الصحفيين تنظيم نقابي مهني يؤمن بأهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية و الاشتراكية ملتزم بالعمل على تحقيقها وفق مقررات حزب البعث العربي الاشتراكي و توجيهاته ". حتى جاءت اهداف الاتحاد متطابقة مع اهداف الحزب الحاكم في الوحدة و الحرية و الاشتراكية و اشترط على الصحفي كي يكون عضوا في الاتحاد ان "يؤمن" بهذه الاهداف تحديدا وقد الزم الاتحاد نفسه في المادة الرابعة على العمل بالتعاون مع الجهات الرسمية و الشعبية و المهنية على تحقيق هذه الاهداف " بناء اعلام عربي قومي واع يعزز روابط الاخوة بين ايناء الامة العربية و يساهم في الكفاح من أجل تحقيق اهدافها في الوحدة و الحرية و الاشتراكية . ويدعم نضالها في مواجهة الامبريالية و الصهيونية وقاعدتها العنصرية (الكيان الصهيوني) في فلسطين المحتلة وفضح جميع القوى المتعاملة معها."(مادة 41).
وجاء في صلاحيات الاتحاد عقد الاجتماعات و اقامة المؤتمرات والتدوات والمهرجانات والمحاضرات …. وهي امور عادية وتكاد تكون روتينية في جميع النقابات الا ان الامر الغيرعادي هو ما تطلبه المادة 5 في فقرتها 5 كشرط لاقامة هذه الفعاليات حيث اشترطت ان تكون هذه النشاطات " بالتنسيق مع المكتب المختص في القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ". بما يوحي ان اي نشاط او فعالية للاتحاد يجب ان تتم بالتنسيق مع القيادة القطرية لحزب البعث حتى لو كانت ندوة عن ( دور الاعلام في التوعية من اخطار فأر الحقل).
وجاءت المادة 2 من القانون لتحرم الصحافيين من امكانية انشاء اتحادات مستقلة متعددة اخرى بحيث نصت على ان "يؤلف الصحافيون في الجمهورية العربية السورية تنظيما نقابيا مهنيا واحدا يسمى اتحاد الصحفيين …. "
ويبدو ان واضعي القانون وقعوا في حيرة تتعلق بجعل هذا الاتحاد يشبه بشكل من الاشكال النقابة المهنية الا انهم وجدوا الحل في وضع كلمة نقيب في متن مواد قانون اتحاد الصحفيين الا انهم لم يغفلوا عن التذكير بأن المقصود بالنقيب هو رئيس الاتحاد(المادة 1) ومن المفارقة ايضا انهم في نفس المادة اخرجوا من تعريف الصحفي كل من (رئيس التحرير، نائب رئيس التحرير، مدير التحرير، معاون مدير التحرير، سكرتير التحرير، المحرر، المندوب الصحفي) الا أنهم ما لبثوا ان انتبهوا لذلك بعد قرابة 16 سنة فاعترفوا بهم كصحفيين بناء على كتاب اتحاد الصحفيين رقم (477 تاريخ 11-12-2005) ولكنهم بنفس الوقت اصروا على اعتبار "المخبر" صحفيا الى يومنا هذا.
"تمييز و تحكم" في العضوية و التسجيل ومزاولة المهنة :
اعطت المادة 10(ج) من النظام الداخلي لاتحاد الصحفيين الحق للعاملين في اي وسيلة اعلامية تابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي او المنظمات الشعبية الحق في التسجيل بجدول الصحفيين المشاركين بينما منعته عن باقي الاحزاب السياسية حتى المتحالف منها مع حزب البعث في الجبهة الوطنية التقدمية كما منعته عن العاملين في المنظمات المستقلة .
تنص المواد 6 و18 ضمن شروط العضوية في الاتحاد و شروط مزاولة المهنة ان يكون الصحفي عربيا سوريا او من في حكمهم من اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948. كما تنص المادة 4 من النظام الداخلي على ان "الوسيلة الاساسية لنشاط الاتحاد وفعاليته هي: الصحفي العربي الملتزم …الخ"
 مما يوحي بأن أفراد الأقليات القومية السورية _ وان كان واقع الحال مخالفا لذلك _ الا ان هذه المواد تشكل انتهاكا حتى وان كان (لفظيا) لحقوق الاقليات القومية السورية وفقا للمادة 2(1) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" فحسب، وإنما أيضاً المادة 26 من هذا العهد، التي ترسي حق الناس جميعاً في التمتع بالحماية أمام القانون على قدم المساواة.
تنص المادة 6(3)(6) على عدم قبول عضوية من كان محكوم بجناية او من كان معزول او مطرود من وظائف الدولة او احدى جهات القطاع العام او غير مسرح من احدى هذه الجهات لسبب ماس بأمن الدولة او شرف الوظيفة ومثل هذا الوضع قد يشمل المئات، بل ربما الآلاف، من الناشطين السياسيين السلميين في سورية، الذين زج بهم في السجون، لفترات طويلة في كثير من الحالات، بعد أن أدانتهم محكمة أمن الدولة بتهم جنائية مبهمة الصياغة؛ وهي محكمة غير دستورية تقصر إجراءاتها وممارساتها عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ولا يجوز الطعن في أحكامها أمام محكمة أعلى درجة. وقد درجت هذه المحكمة، عند إصدار أحكامها على النشطاء السياسيين، على فرض عقوبة قانونية إضافية عليهم، وهي تجريدهم من حقوقهم المدنية لمدة سبع او عشر سنوات، بعد انقضاء مدة عقوبة السجن المفروضة عليهم.بالاضافة الى العديد ايضا ممن عزلوا او طردوا من وظائفهم لنفس الاسباب وتطبيق المادة 6(3)(6) من شأنه ان يخرج هذه الشريحة الواسعة من حق الانتساب الى اتحاد الصحفيين مع العلم ان الكثير منهم يزاول مهنة الصحافة فعليا .
كما تنص المادة 6(7) على عدم قبول انتساب الاشخاص المعينيين لدى الجهات العامة بمهنة او عمل لا علاقة لهما بالصحافة وهذه المادة ايضا تخرج شريحة واسعة من الصحفيين الفعلين الذين يعملون بمهن أخرى لدى جهات عمومية فعلى سبيل المثال لا يستطيع المدرس او المهندس بينما يستطيع المدرس او المهندس الذي يعمل في القطاع الخاص ان ينتسب الى الاتحاد وان اعتماد مبدأ العمل لدى جهة عامة ينطوي على تمييز غير مفهوم.
تحرم المادة 6(5) الصحفي الذي تجاوز 45 عام عند تسجيله في الاتحاد من التمتع بحقوق التقاعد وفق قانون تقاعد الصحفيين وذلك لاعتبارات مالية _على الاغلب_ تتعلق بمدى اسهامه في دفع اشتراكات في صندوق التقاعد الا ان قانون صندوق التقاعد ينص على حق الصحفي في طلب التقاعد في حال تجاوزت  مدة عمله في الصحافة و عضويته في الاتحاد 20 عام وعلى هذا الاساس لا نجد ما يمنع الصحفي الذي تجاوز 45 من التمتع بحقوق التقاعد على اساس مدة الخدمة وليس على اساس العمر عند التسجيل.
على الرغم من قبول القانون في المادة 8 منه مبدأ اللجوء الى القضاء في حال رفض طلب التسجيل الا انه عاد في المادة 12 وسلب هذا الحق للمتمرن الذي امضى فترة التمرين _التي تصل في بعض الاحيان الى اربع سنوات_ واجتاز اختبار التمرين بنجاح هذا الحق في حال طلب تثبيت عضويته حيث اعطت الفقرة (ب) من المادة 12 حق رفض طلبه هذا بقرار مبرم من مكتب الاتحاد دون ان يكون له اي حقوق في الاعتراض على هذا القرار مما يجعل مكتب الاتحاد يتحكم بشكل مطلق في اختيار الاعضاء العاملين فيه والذي يعود لهم وحدهم حق المشاركة في الجمعية العمومية وحق الترشيح والانتخاب.
 هذا بالاضافة الى ان المادة 10 قد اشترطت قبول المكتب بالجهة الصحفية التي يختارها المتمرن للتمرن فيها وايضا دون الحق في الاعتراض او المراجعة.
تشترط المادة 18 لمزاولة مهنة الصحافة ان يكون الصحفي مسجل في احد جداول الاتحاد أي ان يكون صحفيا عاملا او متمرنا او مشتركا وبالتالي لا يحق لمن ليس مسجل في احد جداول الاتحاد مزاولة مهنة الصحافة .
المرسوم التشريعي رقم (58) لعام 1974:
عندما انشئ اتحاد الصحفيين لم يكن هناك صحافة خاصة في سورية فجاء هذا المرسوم ليحصر حق الانتساب الى الاتحاد بالصحفيين العاملين في بعض مؤسسات الدولة فقط وما يزال العمل بهذا المعيار قائما الى يومنا هذا على الرغم من وجود عشرات الصحف الخاصة تضم ربما مئات من الصحفيين الذين لا يستطيعون الانضمام الى هذا الاتحاد كاعضاء عاملين وليس لهم الحق بتشكيل نقابات خاصة مستقلة. في الوقت الذي يعترف فيه اعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين السورين بوجود 360 عضو عامل في الاتحاد يحق لهم ممارسة كافة الحقوق في الترشيح والانتخاب وعضوية الهيئات واللجان الصحفية والاستفادة من جميع الامتيازات "تقاعد، علاج، معونة وفاة…." وهم ليسوا صحفيين ولم يمارسوا مهنة الصحافة في اي يوم من الايام.
صلاحيات رئيس الاتحاد (النقيب):
يعطي القانون رئيس الاتحاد صلاحيات _تعطيلية_ واسعة لرئيس الاتحاد تجعله قادرا على تعطيل قرارات المؤتمر العام وقرارات مجلس الاتحاد ومكتب الاتحاد وكذلك تعطيل الانتخابات عن طريق الامتناع عن اصدار هذه القرارات او الدعوة الى الاجتماعات دون ان يبين طريقة التصرف في حال استخدام رئيس الاتحاد هذه الصلاحيات:
المادة 21( ب) : يصدر النقيب قرارات المؤتمر ويتابع تنفيذها من خلال المجلس والمكتب
المادة 22( آ ) : يجتمع المؤتمر بدعوة من النقيب
المادة 26( ب) : يصدر النقيب قرارات المجلس ويتابع تنفيذها من خلال المكتب 
المادة 27( آ ) : يجتمع المجلس بدعوة من النقيب 
المادة 34( آ ) : يدعو النقيب المكتب للاجتماعات ويرأسها 
المادة 41 : يدعو النقيب الوحدات الصحفية في كل فرع لانتخاب ممثليها الى المؤتمر العام في المواعيد التي يحددها المكتب.
المادة 44 ( آ ) : يدعو النقيب المؤتمر العام الى الانعقاد….الخ
المادة 45: يدعو النقيب اعضاء مجلس الاتحاد للاجتماع …. الخ
  تدخل السلطة التنفيذية:
يفتح القانون الباب لتدخل كل من وزير الاعلام ورئيس مجلس الوزراء ويعطيهم صلاحيات استثنائية تصل الى حد حل اتحاد الصحافيين فبالاضافة الى اعتبار تنظيم وتسجيل المراسلين الصحفيين هو حق من حقوق وزير الاعلام وحده دون الاتحاد، فان وزير الاعلام ايضا هو من يؤلف بقرار منه مجلس التأديب حسب المادة 57 الذي يختص بفرض العقوبات الشديدة على الصحفيين والتي تصل الى الشطب النهائي من جداول الاتحاد بحسب المادة 54 (ب)
كما اعطى القانون لوزير الاعلام حق ندب عدد من العاملين في المؤسسات الاعلامية للعمل في الاتحاد بحسب المادة 74
اعطى القانون المكتب التنفيذي الحق في اقتراح تفرغ اثنين من اعضائه على الاكثر للعمل في الاتحاد و حقيقة الامر ان المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين المنتخب لا يملك سوى الاقتراح و بالمقابل فان وزير الاعلام هو من يتحكم وحده بقبول اقتراح التفرغ و باصدار قرار التفرغ .
كما ان وزير الاعلام هو من يصدر و يصادق على اللاوائح التنفيذية لقانون الاتحاد مثل النظام الداخلي للاتحاد و النظام المالي والنظام الداخلي لصندوق تقاعد الصحفيين و ….
تشكل عادة الهبات و التبرعات و الوصايا المصدر الرئيسي لاتحاد الصحافيين و التي من الممكن ان تعطيه امكانية لتطوير عمل الصحافيين و زيادة مكتسباتهم و على الرغم من سماح القانون للاتحاد من قبول هذا النوع الحيوي من الموارد الا انه اشترط موافقة رئيس مجلس الوزراء عليها بحسب المادة 65 (5).
حل المؤتمر العام والمجلس و المكتب ومكاتب الفروع :
تعتبر استقلالية الهيئات النقابية و حصانة هيئاتها المنتخبة من تدخل وسيطرة السلطة التنفيذية الضمانة الاساسية  _والتي تكفلها عادة الدساتير والقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية_ لحرية هذه النقابات واحدى اهم المعايير الدولية لمدى تطور المجتمع المدني ولمدى ديمقراطية انظمة الحكم وقد جاء الفصل الثاني من الباب الثالث من النظام الداخلي لاتحاد الصحفيين ليشكل صفعة لكل تلك القيم الحضارية والديمقراطية حيث اعطت المادة 103 الحق لمجلس الوزراء حل كل او اي هيئة من هيئات الاتحاد المنتخبة: "يجوز بقرار من مجلس الوزراء حل المؤتمر العام او مجلس الاتحاد او مكتبه في حالة انحراف اي منها عن مهامها واهدافها ويكون القرار غير قابل لي طريق من طرق المراجعة او الطعن."  
وجاءت المادة 104 لتعطي رئيس مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الاتحاد في الدعوة لانتخاب مجلس ومكتب جديدين وان تعذر ذلك يستطيع رئيس مجلس الوزراء ان يحل محل المؤتمر العام للصحفيين ومحل مجلس الاتحاد ويعين مكتب مؤقت للاتحاد يمارس اختصصات المكتب والمجلس .

  قانون المطبوعات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 50 لعام 2001 :
يشكل قانون المطبوعات، الصادر في 22 سبتمبر/أيلول 2001 و المعمول به حتى يومنا هذا بحد ذاته منظومة متكاملة من الضوابط الصارمة و المقيدة لحرية الصحافة و التعبير تشمل هذه المنظومة الصحف والمجلات، وغيرها من المطبوعات الدورية، فضلاً عن أي مادة أخرى مطبوعة في سورية او خارجها، من الكتب إلى الكتيبات والنشرات والملصقات. وتسري أحكام هذا المرسوم التشريعي على الناشرين والمحررين والصحفيين والمؤلفين وأصحاب المطابع والمكتبات والموزعين، وتقضي بتوقيع عقوبات السجن والغرامات الباهظة عليهم عقاباً على المخالفات المرتكبة فيما يتعلق بأحكامه.
ومن شأن الكثير من أحكام هذا المرسوم التشريعي أن تخل إخلالاً خطيراً بممارسة الحق في حرية التعبير الذي تعهدت الحكومة السورية بصونه وإعلاء شأنه باعتبارها من الدول الأطراف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". وقد أصدرت اللجنة المعنية بالحقوق المدنية و السياسية ملاحظاتها الختامية حول التقرير الدوري الثاني للحكومة السورية بشأن التزامها بأحكام العهد الدولي المذكور؛ وكان من بين بواعث القلق التي أشارت إليها اللجنة أن أنشطة الصحفيين "لا تزال عرضة لقيود شديدة" مما يتنافى مع حرية التعبير والرأي المنصوص عليها في المادة 19 من العهد الدولي. ودعت اللجنة السلطات السورية إلى أن تكفل حماية الصحفيين من أي قيود على أنشطتهم، وممارستهم لمهنتهم دونما خوف من إحالتهم إلى القضاء وملاحقتهم بسبب انتقادهم سياسة الحكومة. بيد أن المرسوم التشريعي رقم 50 لسنة 2001 لا يعزز هذه الحماية، وإنما يقوضها إلى حد بعيد.
منظومة رقابية متكاملة :  
يقضي قانون المطبوعات بإخضاع كافة المطبوعات التي تجري طباعتها في سورية للرقابة الدقيقة من جانب السلطة التنفيذية؛ ويوجب على دور الطباعة الاحتفاظ بسجل تدون فيه جميع المؤلفات أو المطبوعات التي تمت طباعتها، وتسليم نسخ منها يوم نشرها لوزارة الإعلام؛ وهذه القاعدة تسري على أصحاب المطابع في سورية، وتعرف المادة 2(ج) المطبعة على أنها "كل آلة أو جهاز أعد لنقل الألفاظ والصور والشارات والأرقام على ورق أو قماش أو غير ذلك من المواد، ولا يدخل في هذا التعريف الجهاز المعد للتصوير الشمسي والآلات الكاتبة المستعملة في الدوائروالمحلات التجارية والمؤسسات والجهاز الذي يستعمل من أجل أغراض تجارية بحتة أو لحفظ النسخ عن الوثائق".
ويتعين على أصحاب المطابع الاحتفاظ بسجل "تدون فيه كل مرة وبتسلسل التاريخ عناوين المؤلفات أو المطبوعات المعدة للنشر وأسماء أصحابها وعدد النسخ المطبوعة منها" المادة 6. كما تنص هذه المادة على أن "يعرض هذا السجل على السلطة الإدارية أو القضائية عند كل طلب. ويجب أن يسلم صاحب المطبعة نسخاً من كل مطبوعة يوم نشرها لوزارة الإعلام، ويحدد عدد النسخ المطبوعة منها.كما تنص المادة 7.
 وتنص المادة 8 من القانون على أن يُذكر في كل مطبوعة تاريخ الطبع ورقم السجل المتسلسل الذي تحتفظ به المطبعة، مضيفةً أن هذا التدبير ينطبق "على كل أنواع المطبوعات والنشرات الصادرة بأية طريقة طباعية كانت وكذلك على التصوير والحفر والرسم والقطع الموسيقية". ومن يخالف أياً من هذه الأحكام يُعاقَب بالحبس من عشرة أيام حتى ثلاثة أشهر، وبغرامة تتراوح بين 10 آلاف ليرة سورية و50 ألف ليرة سورية. ثم يغلو القانون في العقاب ويستخدم في معرض ذلك تعابير فضفاضة لاتحتوي على محددات قانونية دقيقة مثل الاخلال بالامن و سلامة البلاد إذ يجيز للمحاكم أن تحكم بإغلاق المطابع أو المكتبات بصورة مؤقتة أو نهائية في حال "تكرار مخالفات من شأنها الإخلال بالأمن أو سيادة البلاد وسلامتها" المادة 43(أ) .

المنع من النشر:
يمنح المرسوم التشريعي السلطات قدراً كبيراً من الحرية لفرض قيود على ممارسة الصحفيين والكتاب وغيرهم لحقهم في حرية التعبير؛ فالمادة 51( أ ) تجرِّم نقل "الأخبار غير الصحيحة" ونشر "أوراق مختلقة أو مزورة"؛  ". ولا يتضمن المرسوم تعريفاً محدداً لأي من الألفاظ الفضفاضة الواردة في المادة 51( أ )، التي تتسم بكثير من الإبهام مما يسمح بالتوسع في تأويلها على نحو يسوِّغ فرض قيود جارفة إذا ما شاءت السلطات ذلك. وتنص على معاقبة من يفعل ذلك بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسمائة ألف ليرة سورية إلى مليون ليرة سورية وهذا يُعدُّ عقوبات مالية باهظة في سورية. ثم تقضي المادة بتوقيع الحد الأقصى من العقوبتين معاً "إذا كان النشر أو النقل قد تم عن سوء نية أو سبب إقلاقاً للراحة العامة أو تعكيراً للصلات الدولية أو نال من هيبة الدولة أو مس كرامتها أو مس الوحدة الوطنية أو معنويات الجيش والقوات المسلحة أو ألحق ضرراً بالاقتصاد الوطني وسلامة النقد.
وتورد المادة 29 من القانون قائمة من المواضيع المحظور نشرها، وهي:
* المعلومات المتعلقة بالاتهام والتحقيق في قضايا الجنح والجنايات " قبل تلاوتها في جلسة علنية".
* "وقائع دعاوى الإهانة والقدح والذم والافتراء".
* "وقائع المحاكمات السرية وسائر المحاكمات التي تتعلق بالطلاق أو الهجر أو بدعوى النسب وجميع وقائع الدعوى التي تحظر المحكمة أو دوائر التحقيق نشرها وتقارير الأطباء الشرعيين حول الجرائم الأخلاقية".
* "مذكرات مجلس الشعب السرية".
* "المقالات والأخبار التي تمس الأمن الوطني ووحدة المجتمع وكذلك التي تتعلق بأمن الجيش وسلامته وبحركاته وعدده وتسلحه وتجهيزة ومعسكراته باستثناء التي تصدر عن وزارة الدفاع أو التي تمسح هذه الوزارة بنشرها".
* "الكتب والرسائل والمقالات والتحقيقات والرسوم والأخبار التي تتضمن طعناً بالحياة الخاصة".

والظاهر أن حظر هذه المواضيع يستهدف منع أي تحقيقات أو تعليقات صحفية بشأن طائفة واسعة من القضايا المعروضة على النظام القضائي في سورية – بما في ذلك المحاكمات المنعقدة وراء أبواب مغلقة والقضايا المتعلقة بالإهانة والقدح والتشهير – إلى جانب القضايا المطروحة على بساط البحث في مجلس الشعب المنتخب، وهما مجالان مهمان من مجالات النشاط الحكومي يحق للجمهور الاطلاع على ما يدور فيهما. وتجيز المادة 14(1) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" منع الصحافة والجمهور "من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة". غير أن المرسوم يعكس المنطق الذي ينطوي عليه هذا المعيار الدولي، إذ يجعل حظر نشر المعلومات هو القاعدة وكشف النقاب عنها هو الاستثناء.
وأي مخالفات للمادتين 51(أ) و29 يمكن أن تؤدي إلى توقيف المطبوعة عن الصدور لمدة تتراوح بين أسبوع وستة أشهر بحسب المادة 22(3) . فإذا ما خالفت مطبوعة ما هذه الأحكام مرتين خلال عام واحد، يجوز لرئيس الوزراء إصدار قرار بإلغاء رخصتها بناءً على اقتراح وزير الإعلام. وتجيز المادة 19(3) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" فرض قيود على الحق في حرية التعبير ولكن في ظروف محددة فقط، وهي أن يكون الهدف منها "احترام حقوق الآخرين وسمعتهم" أو "حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة". ويجب أن تكون هذه القيود "محددة بنص القانون" و"ضرورية". ومثل هذه الاستثناءات لا تسري إلا في أضيق الحدود، ويقع على عاتق الدولة عبء إثبات وجوبها.
ومن المتعارف عليه أن القيود المفروضة على حرية التعبير ينبغي أن تتناسب مع الهدف المنشود من ورائها في أي حالة من الحالات، وأن التدخل المسموح به في ممارسة الحق في حرية التعبير يجب تأويله في أضيق الحدود وعلى وجه التخصيص؛ فالقيود المفروضة بغرض حماية الأمن القومي، مثلاً، لا يُسمح بها إلا في الحالات الخطيرة والمحددة التي تنطوي على خطر سياسي أو عسكري يهدد الأمة بأكملها. وبالمثل، فإن القيود المفروضة على حرية التعبير بهدف حماية النظام العام يجب أن تكون هي الأخرى محددة ومتناسبة مع موجباتها. ويبدو أن الهدف من إدراج هذه المواضيع المحظورة في المرسوم التشريعي هو فرض نظام من الرقابة الذاتية على الصحافة وغيرها من المطبوعات، ومنع الصحفيين والمؤلفين من الكتابة عن طائفة واسعة من القضايا المتعلقة بالسياسة الداخلية والأجنبية. ويترك المرسوم طائفة من المصطلحات المبهمة بلا أي تفسير، مما يفتح الباب لتأويلها على نحو تعسفي من جانب السلطات؛ كما يلقي المرسوم على عاتق الكتاب والمحررين والناشرين عبئاً من الحيف أن يُفرض عليهم، وهو تخمين ما عسى الحكومة أن تقصده من وراء مصطلحات من قبيل "وحدة المجتمع" و"الأمن القومي"، وإلا فقد يواجهون عقوبات الحبس، والغرامات، وتوقيف مطبوعاتهم عن الصدور، أو مصادرتها، أو إغلاقها. وتقضي المعايير المعترف بها دولياً للحق في حرية التعبير بأن تبرر الدولة أي حظر على مضمون المطبوعات، وذلك بتبيان موجبات فرض القيود، وضرورتها لتحقيق غرض محدد ومشروع في إطار أحد الاستثناءات المذكورة.
حظر المواضيع "السياسية" على المطبوعات:
 يحظر المرسوم التشريعي على المطبوعات الدورية المرخصة باعتبارها مطبوعات غير سياسية من نشر مقالات "سياسية"، ويعاقب أصحاب المطبوعات التي تخالف هذا الحظر بغرامة تتراوح بين 20 ألف ليرة سورية و50 ألف ليرة سورية وفقاً للمادة 44(د) ومن المعلوم استحالة فصل المواضيع الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية او الدينية عن السياسة وبالتالي تستطيع الحكومة توظيف هذه المادة في اي وقت تريد. ويُعَدُّ هذا الحظر بمثابة رقابة حكومية شاملة، وينتهك المعايير الدولية لحرية التعبير، فالمطبوعات الدورية غير المملوكة للدولة، بما فيها تلك التي تصدرها الجمعيات والنقابات المهنية وغيرها من المنظمات غير الحكومية المستقلة في سورية، يجب أن تتمتع بالحق في نشر المعلومات والتحليلات والتعليقات بشأن القضايا السياسية دون أي تدخل من الحكومة.
منع "الدعاية" بتمويل أجنبي:
 تحظر المادة 55(ب) من المرسوم التشريعي قبض أموال من شركات أو مؤسسات أجنبية "بصورة مباشرة أو غير مباشرة" بهدف "الدعاية لها ولمشاريعها عن طريق المطبوعات"؛ ولا يتضمن المرسوم أي تعريف لتعبير "الدعاية" او تبيان انواعها او تحديد للشركات او المؤسسات الاجنبية. ويُعاقب المخالفون بالحبس من ستة أشهر حتى سنة، وبغرامة "تساوي ضعفي المبالغ المقبوضة". أما المادة 55(أ) فتنص على عقوبات أشد لكل من "اتصل بدولة أجنبية وتقاضى منها أو من ممثليها أو عملائها أموالاً لقاء الدعاية لها، أو لمشاريعها عن طريق المطبوعات"، وهي الحبس من ستة أشهر إلى سنتين والغرامة من 50 ألف ليرة سورية إلى 100 ألف ليرة سورية ان هذه الأحكام تجعل السلطات تتمتع بسلطة تقديرية واسعة لمقاضاة أعضاء جماعات المجتمع المدني المستقلة التي تتلقى تمويلاً من الخارج لنشر المطبوعات الدورية أو التقارير أو غيرها من الوثائق، إذا كان مضمونها لا يلقى قبول الحكومة. وإلى جانب هذا، يحق لرئيس الوزراء إلغاء رخصة أي مطبوعة إذا خالف أحد مسؤوليها أحكام المادة 55 ويجب أن تتمتع المنظمات المدنية السورية بحرية طلب الدعم المالي وتلقيه من الخارج وفق معايير قانونية واضحة بغرض ممارسة أنشطتها المدنية السلمية، بما في ذلك جمع المعلومات ونشرها في مطبوعاتها الخاصة. وتناقض المادة 55 بفقرتيها (أ) و(ب) المبادئ الرئيسية التي باتت تحظى بقبول دولي واسع النطاق، والمودعة في "الإعلان بشأن حق ومسؤولية الأفراد والجماعات وأجهزة المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المعترف بها عالمياً" حيث تنص المادة 13 من الإعلان على أن لكل إنسان، بمفرده أو بالاشتراك مع الآخرين، الحق في السعي للحصول على الموارد وتلقيها واستخدامها بهدف محدد هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية عن طريق وسائل سلمية؛ أما المادة 6 من الإعلان فتنص على أن من حق كل إنسان، بمفرده أو بالاشتراك مع الآخرين:
(أ) أن يعرف، أو يطلب، أو يتلقى، أو يحتفظ بمعلومات عن جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بما في ذلك حرية الوصول إلى معلومات عن سبل إحقاق هذه الحقوق في النظم المحلية، التشريعية أو القضائية أو الإدارية.
(ب) أن ينشر أو ينقل أو يبث للآخرين آراء ومعلومات ومعارف بشأن جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وفقاً لما تنص عليه الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وغيرها من الصكوك الدولية المناسبة.
(ج) أن يدرس ويبحث ويكوّن ويعتنق آراءً عن مراعاة جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، سواء في القانون أو في الممارسة الفعلية، وأن يوجه، من خلال هذه وغيرها من السبل المناسبة، أنظار الجمهور إلى هذه الأمور.
الرقابة على المطبوعات الأجنبية :
يتعين على موزعي وبائعي المطبوعات الدورية الأجنبية تسليم نسخ منها إلى وزارة الإعلام قبل توزيعها في السوق، تمشياً مع المادة 9 من المرسوم التشريعي؛ ويحق للوزير أن يمنع دخول أو تداول هذه المطبوعات إذا "تبين أنها تمس السيادة الوطنية أو تخل بالأمن أو تتنافى مع الآداب العامة".كما تنص المادة 10
وهذه العبارات الفضفاضة تمنح الحكومة سلطة تقديرية لا تكاد تحدها حدود، مما يجيز لها تقييد حرية المواطنين السوريين في الاطلاع على المعلومات الواردة في المطبوعات الأجنبية. ولئن كان الكثير من الصحف والمجلات الأجنبية قد أصبح متاحاً على شبكة الإنترنت، فإن القيود المفروضة على استخدام الإنترنت في سورية تجعل هذا النوع من الرقابة على المطبوعات أمراً يبعث على المزيد من القلق.
السجن عقاباً على الذم أو القدح أو التحقير:
يجرِّم قانون المطبوعات "الذم والقدح والتحقير"، وينص على معاقبة المدانين بهذه الجرائم بغرامة تتراوح بين 100 ألف ليرة سورية و200 ألف ليرة سورية وبالحبس من شهرين إلى سنة حسب المادة 49(أ) ويجب أن تكون العقوبات المفروضة على المدانين بالذم والقدح والتحقير خاضعة للقضاء المدني وليس الجزائي، وألا تشمل عقوبة السجن . وإلى جانب ما تقدم، فإن المادة 29 من المرسوم التشريعي تحظر نشر معلومات عن هذه القضايا، مما يعد انتهاكاً سافراً لحرية التعبير.
إلزام المطبوعات بنشر ردود الحكومة:
يلزم المرسوم التشريعي الصحف وغيرها من المطبوعات الدورية بأن تنشر مجاناً "كل تصحيح أو رد ترسله إليها الوزارات والإدارات العامة أو المؤسسات الرسمية بشأن مقال أو خبر نشرته يتعلق بالأعمال التي تقوم بها وذلك في أول عدد يصدر بعد استلامها الرد أو التصحيح على ألا ينشر هذا الرد في أي مطبوعات دورية أخرى قبلها"بحسب المادة 30 وبالنسبة للمطبوعات غير المملوكة للدولة، بوجه خاص، ينبغي أن تُتَّخذ القرارات المتعلقة بما ينشر فيها على ضوء سياسة وتقدير هيئة تحريرها، لا أن تُرغم عليها إرغاماً بأمر من الدولة. وإلزام المطبوعات الدورية بنشر "كل" تصحيح أو رد ربما يمنعها من تلخيص مثل هذه البيانات، إن هي آثرت ذلك، الأمر الذي من شأنه أن يحيل صفحات المطبوعات المستقلة إلى أبواق للمسؤولين الحكوميين، خاصة إذا كانت هذه الردود مطولة. كما أن سيطرة الحكومة السورية على كبريات الصحف اليومية، والإذاعة والتلفاز، تمنح المسؤولين مجالاً فسيحاً ووسائل وفيرة للاعتراض على المزاعم والقضايا المنشورة في المطبوعات المستقلة وتفنيدها.
النصوص التمييزية:
تنص المواد 16 و18 و19 من المرسوم التشريعي على ضرورة أن يكون كل من صاحب المطبوعة دورية ومديرها ورئيس تحريرها عربياً سورياً، مما يوحي بأن أفراد الأقليات القومية السورية، لا يحق لهم امتلاك الصحف وغيرها من المطبوعات الدورية، أو تولي مناصب رفيعة فيها.وإذا كان الأمر كذلك – وهو أمر يتوجب إيضاحه بصورة ملحة – فإن استثناء الأقليات القومية ، وهم ليسوا عرباً من الناحية العرقية، يمثل انتهاكاً صارخاً للمادة 2(1) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" فحسب، وإنما أيضاً المادة 26 من هذا العهد، التي ترسي حق الناس جميعاً في التمتع بالحماية أمام القانون على قدم المساواة. وإلى جانب هذا، فإن المرسوم التشريعي لا يوضح ما إذا كان بالإمكان إصدار الصحف والمطبوعات الدورية وغيرها من المواد بلغة غير اللغة العربية ، علماً بأن الالتزامات الواقعة على عاتق سورية بموجب المادة 27 من العهد الدولي المذكور تستوجب منح حقوق محددة للأقليات، من بينها حقها في استخدام لغتها. كما تحظر المادة 16 أن يكون صاحب أي مطبوعة دورية قد سبق أن حُكم عليه بجرم شائن أو طرد من وظيفته، أو جرد من حقوقه المدنية والسياسية. ومثل هذا الوضع قد آل إليه المئات، بل ربما الآلاف، من الناشطين السياسيين السلميين في سورية، الذين زج بهم في السجون، لفترات طويلة في كثير من الحالات، بعد أن أدانتهم محكمة أمن الدولة بتهم جنائية مبهمة الصياغة؛ وهي محكمة غير دستورية تقصر إجراءاتها وممارساتها عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ولا يجوز الطعن في أحكامها أمام محكمة أعلى درجة. وقد درجت هذه المحكمة، عند إصدار أحكامها على النشطاء السياسيين، على فرض عقوبة قانونية إضافية عليهم، وهي تجريدهم من حقوقهم المدنية لمدة سبع او عشر سنوات، بعد انقضاء مدة عقوبة السجن المفروضة عليهم. وتطبيق المادة 16 من شأنه، في واقع الأمر، أن يحظر على السجناء السياسيين السابقين امتلاك الصحف أو غيرها من المطبوعات الدورية، أو تولي مناصب رئيسية فيها، مثل المديرين ورؤساء التحرير.
الضوابط الحكومية على ملكية وإدارة الصحف:
يقصر المرسوم التشريعي ملكية الصحف والمطبوعات الدورية على المواطنين العرب السوريين أو من في حكمهم منذ أكثر من خمس سنوات، كما يشترط أن يكون صاحب المطبوعة الدورية قد أتم الخامسة والعشرين من عمره، وأن يكون حائزاً شهادة جامعية أو مالكاً لرخصة مطبوعة دورية في تاريخ نشر المرسوم، أي 22 سبتمبر/أيلول 2001 (المادة 16). كما يحدد المرسوم مؤهلات مديري المطبوعات الدورية ورؤساء تحريرها، ويشترط أن يكون مدير المطبوعة الدورية حائزاً إجازة جامعية أو حاملاً بطاقة صحفية صادرة عن الوزارة بالاستناد إلى كتاب مصدق من اتحاد الصحفيين يثبت ممارسته لمهنة الصحافة منذ أكثر من ست سنوات (المادة 18)؛ أما رئيس التحرير فيجب أن يكون حائزاً إجازة جامعية، أو مارس مهنة الصحافة منذ أكثر من عشر سنوات، أو عمل رئيساً لتحرير مطبوعة دورية صادرة حين نشر المرسوم التشريعي، أي في 22 سبتمبر/أيلول 2001 (المادة 19).
ويجب على جميع المطبوعات الدورية الحصول على موافقة من وزارة الإعلام قبل تغيير صاحب المطبوعة أو مديرها أو رئيس تحريرها بصورة قانونية. حيث تنص المادة 20(أ) على ما يلي: "قبل إجراء أي تبديل يتعلق بمدير المطبوعة الدورية أو صاحبها أو رئيس تحريرها يقدم بذلك تصريح للجهة الإدارية ويعتبر هذا التبديل مؤقتاً ولمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر منذ اليوم الذي يقدم فيه التصريح ويكتسب الصفة القانونية عند موافقة هذه الجهة على ذلك". أما المادة 20(ب) فتمنح من رفض طلبه الحق في الاعتراض على قرار الرفض أمام محكمة البداية في المنطقة التي تصدر فيها المطبوعة.  يجب السماح للصحف والمجلات وغيرها من المطبوعات الدورية بأن تعمل في حرية، دون أي تدخل حكومي، بما في ذلك حقها في اختيار وتبديل ملاكها والعاملين الرئيسيين فيها بمحض اختيارها، دون الحاجة لاستيفاء شروط تضعها الدولة، أو الحصول على موافقة مسبقة من أي جهة دارية.
الضوابط الحكومية على الصحفيين :
ويشترط المرسوم التشريعي أن يكون الصحفيون العاملون في وسائل الإعلام المطبوعة أو المذاعة أو المصورة، بما في ذلك الباحثون والمترجمون العاملون في مجال الإعلام، مسجلين في اتحاد الصحفيين لكي يتمكنوا من الحصول على بطاقة صحفية يمنحها وزير الإعلام، صالحة لمدة سنة واحدة (المادتان 27 و28). ولا يجوز أن تكون حرية ممارسة العمل الصحفي مرهونة بانضمام الصحفي إلى اتحاد الصحفيين السوري؛ فمثل هذا الشرط، أولاً، يتنافى مع حق كل كل إنسان في حرية التعبير عن نفسه، سواء أكان ذلك التعبير شفهياً أم كتابياً أم مطبوعاً، مثلما تقضي به المادة 19(2) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". وثانياً، فإن الصحفيين والباحثين والمترجمين السوريين، وغيرهم من العاملين في مهن ذات صلة بالصحافة والمطبوعات، ينبغي أن يتمتعوا بحرية تنظيم الهيئات المهنية الخاصة بهم – دون خضوعهم لسيطرة الدولة أو حزب البعث – تمشياً مع الحق في حرية تكوين الجمعيات الذي تكرسه المادة 22(1) من العهد الدولي المذكور.كما يتضمن المرسوم التشريعي نصاً آخر يبعث على القلق، حيث يلزم الصحفي بالكشف عن مصادر معلوماته في ظروف معينة، وإلا فقد تسحب منه بطاقته الصحفية؛ إذ تنص المادة 28(ج) من المرسوم على ما يلي: "لا يسأل الصحفي عن مصادر معلوماته الصحفية باستثناء ما يسنده إلى مصدر مسؤول وللوزير صلاحية سحب بطاقته الصحفية في حال امتناعه عن التعريف بهذا المصدر"؛ غير أن المرسوم لم يعرِّف هذا التعبير المبهم "مصدر مسؤول"، مما يفتح الباب أمام تأويله على نحو تعسفي.

الترخيص الحكومي:
يخول المرسوم التشريعي لرئيس الوزراء سلطة منح الرخص للصحف وغيرها من المطبوعات الدورية، بما في ذلك تلك الصادرة عن "الأحزاب السياسية المرخصة". وتمنح المادة 12(أ) رئيس الوزراء حق "رفض منح الرخصة لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة"؛ ويخلو المرسوم التشريعي من أي تعريف لتعبير "المصلحة العامة". وتوحي المادة 12(ب) بأن ثمة شروطاً خاصة إضافية تتعلق بالترخيص للصحف السياسية اليومية؛ إذ تنص على ضرورة تقيدها "بالتعليمات المتعلقة بإعداد الجريدة ومواصفاتها والمحررين والمراسلين والاشتراك بوكالات الأنباء التي تحدد بقرار يصدر عن الوزير".
وتُستثنى من أحكام منح الترخيص المطبوعات الصادرة عن المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية، ولو أن المرسوم التشريعي لا يذكر ما إذا كان يجوز للمنظمات غير الحكومية السورية إصدار المجلات أو غيرها من المطبوعات الدورية؛ ولا بد من السماح لهذه المنظمات بنشر مطبوعاتها بحرية ودون أي قيود.
وينص المرسوم التشريعي على مصادرة أي مطبوعة دورية تصدر بلا ترخيص على الفور بأمر من الجهة الإدارية، ومعاقبة كل من صاحب المطبوعة ومديرها المسؤول ورئيس تحريرها والمسؤول عن طباعتها بالحبس من عشرة أيام حتى ثلاثة أشهر، وبالغرامة من 10 آلاف ليرة سورية حتى 50 ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما تنص المادة 44
معاقبة المطبوعات التي تنادي بالإصلاح الدستوري و السياسي :
تنص المادة 56(د) على إلغاء رخصة "كل مطبوعة تدعو إلى تغيير دستور الدولة بطرق غير دستورية"، وعلى معاقبة المسؤولين عنها – وهم على الأرجح صاحب المطبوعة ومديرها ورئيس تحريرها – بـ"العقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة". وقد اتُّهم منتقدوا الحكومة الذين ينادون بنظام حكم ديمقراطي باقتراف جرم جنائي خطير، ألا وهو محاولة "تغيير الدستور بطرق غير شرعية"؛ ومن الأهمية ملاحظة أن تعبير "بطرق غير شرعية" يمكن أن يشمل أفعالاً غير عنيفة، ولا تنطوي على أي تحريض على العنف. ومن ثم فإن المادة 56(ب) تضمن في واقع الأمر أنه ما من مطبوعة في سورية سوف تجرؤ على نشر مقالات تدعو إلى تغيير الدستور على نحو يغيِّر دور الحزب الحاكم على سبيل المثال.
يتضمن المرسوم التشريعي نص خطير من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام مقاضاة وسجن الصحفيين والكتاب ممن يقومون بنشر أو توزيع مواد تعتبرها الدولة ذات صلة بالتحريض على الجرائم.
فالمادة 52(أ) تنص على أن "كل من حرض على ارتكاب جرم بواسطة المطبوعات الموزعة أو المبيعة أو المعدة للبيع أو المعروضة في المحلات والتجمعات العامة أو بواسطة الإعلانات المعلقة في الطرقات وأنتج هذا التحريض مباشرة شروعاً في ارتكاب جرم يعاقب بالعقوبة التي تفرض على الشريك في الجرم المذكور". ان اطلاق النص القانوني بهذا الشكل دون تحديد هذه الجرائم او طبيعتها ، يمكن السلطات السورية  ادانة الكتَّاب و الصحفيين الذين يدعون إلى حرية تكوين الجمعيات بالنسبة لجميع الجماعات السياسية في سورية، إذا ما حدث في أعقاب هذه الدعوة أن اعتُقل ثم حوكم بعض الأفراد لعقدهم اجتماعات سلمية وقيامهم بغير ذلك من الأنشطة التي تعتبرها السلطات من قبيل "الإجرام"على سبيل المثال.
وما من شك في أن الحكومة تهتم اهتماماً مشروعاً بمنع وحظر نشر وتوزيع أي مواد مكتوبة تنطوي على تحريض على العنف أو ارتكاب جرائم جنائية معترف بها دولياً؛ بيد أن النشاط السياسي السلمي لا يجوز إدراجه ضمن الأفعال التي تستوجب الملاحقة الجنائية بمقتضى القانون السوري؛ كما أن مؤيدي مثل هذا النشاط – بما في ذلك الكتَّاب  و الصحفيين وغيرهم من المدافعين عن أولئك الذين لم يفعلوا شيئاً سوى ممارسة حقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانتماء إليها وحرية التعبير – لا يجوز أن يكونوا عرضة للملاحقة القضائية بموجب الفقرتين (أ) و(ب) من المادة 52.
سيطرة الدولة على الاعلام
يعتبر تحرير الاعلام من سيطرة الدولة احدى اهم اولويات الاصلاح السياسي  المنشود في سوريا و هي خطوة اساسية يرتكز عليها التحول الديمقراطي وعتبة الدخول الى التنمية المستدامة بكل مضامينها الاجتماعية والثقافية و الاقتصادية و السياسية.
ان وجود وسائل إعلام حرة ومستقلة يضمن تقاسم عادل للإعلام داخل المجتمع ويسهل كذلك الحكم الرشيد ويقدم فرصاً للوصول إلى خدمات أساسية ويؤكد على الشفافية ومكافحة الفساد، وينسج روابط بين مواطنين متمتعين بالإعلام نقديين ومهتمين بالمشاركة في الحياة العامة، وعلى الرغم من الخطوة الهامة التي انهت ما يقارب اربعة عقود من احتكار الدولة لجميع وسائل الاعلام في عام 2001 مما سمح بوجود عشرات الصحف الخاصة الا ان هذه الخطوة نبقى قاصرة و غير قادرة على خلق صحافة حرة مستقلة تمارس وظائفها الاساسية بمسؤولية ولاسيما الاعتراف بحقوق الإنسان الأساسية والتأكيد عليها، ودعم المجتمع المدني ونشر القيم الحضارية ، والتغييرات المؤسساتية، والشفافية في الحياة السياسية، واعادة انتاج الموروث الثقافي  للمجتمع , ومساندة التعليم، والإعلام في مجال الصحة العامة…الخ. في ظل سيطرة الدولة على الاعلام واعمال قانون الطوارئ و تدخل اجهزتها التنفيذية بجميع مفاصل العملية الاعلامية وفي كافة المراحل من خلال:
– تحديد نوع الوسيلة الاعلامية : حيث لم ينص قانون المطبوعات رقم 50 لعام 2001 على الحق في انشاء المحطات الاذاعية او التلفزيونية او الاعلام الالكتروني ولم يتناول سوى المطبوعات الورقية بحيث اخرج هذه الوسائل الاعلامية الهامة جدا و التي اصبحت تتقدم في المكانة و الانتشار و التأثير على المطبوعات الورقية من اطار التداول العام ولم يرد اي نص في القانون يشير اليها ولاحتى من باب الاشارة وبذلك بقيت سيطرة الدولة مطلقة عليها و على الرغم من السماح لبعض الاذاعات الخاصة بالعمل وفق مرسوم تشريعي خاص و بعض مواقع الاعلام الالكتروني و حديثا منح موافقات لانشاء قنوات تلفزيونية خاصة الا ان ذلك  يتم خارج اطار الحق القانوني و اعتمادا على سياسة رضى الحكومة على الاطراف اصحاب المحطات او المواقع مما يجعلهم عراة في مواجهة الحكومة التي تستطيع دائما اتخاذ قر