الصحافة ضد البرلمان في الأردن وتتهمه بالسعي لتحصين الفساد

بسام البدارين:
2011-09-28

عمان ـ  القدس العربي  دخلت الصحافة الأردنية أمس في اتجاه شرس ضد تعديل قانوني جديد أقره مجلس النواب أمس الأول وصف بأنه يسعى  لتحصين الفساد ، فيما لم يثبت بعد ورغم السباق مع الزمان أن ملف التعديلات الدستورية يسير بالسرعة المطلوبة وإن كان يثير حتى اللحظة جدلا عاصفا لكن داخل أروقة الحكم والحكومة.
وصعدت نقابة الصحافيين أمس خطابها ضد الحكومة والبرلمان معا، بعدما أعلن مجلسها رهن استقالته الجماعية في خطوة تصعيدية نادرة بالإصرار على نص قانوني جديد يفرض قيودا مشددة مع غرامات مالية مرهقة على الصحافة والإعلام، حسب نقيب الصحافيين طارق المومني، الذي أعلن الحرب عمليا على النص الجديد.
وفي الوقت الذي تبحث فيه الأوساط السياسية عن بوصلة تحدد مستقبل الحكومة الحالية والتعديلات الدستورية تفجرت أزمة جديدة بين النواب والجسم الصحافي عموما بعد التصويت على المادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد وهي مادة تعاقب بغرامة جزائية لا تقل عن 80 الف دولار تقريبا كل من أذاع ونشر خبرا يؤدي إلى اغتيال سمعة وشخصية أي من المواطنين في ما يخص الجرائم الاقتصادية.
ويرى النواب الذين صوتوا على هذا النص وعددهم 54 نائبا دعمتهم الحكومة في هذا الاتجاه بأنه يحمي كرامات وحقوق الأفراد من تجاوزات واعتداءات الصحافة، فيما عارض ويعارض الصحافيون النص بشراسة ويتهمون الحكومة ومجلس النواب بالسعي لتكميم الأفواه.
ويختص القانون الجديد بعقوبات مالية وسجن ضد من يذيع وينشر أخبارا بغير وجه حق تسيئ إلى سمعة الأفراد. ويرى حقوقيون أن القصد النهائي للنص هو تخفيض سقف النشر في البلاد وإجبار وسائل الإعلام على وقف حملات اتهام الفساد التي تطال المئات من النخب والمسؤولين.
لكن خلايا النشاط والحراك السياسي دعمت المؤسسات الصحافية المعترضة على النص الجديد حيث نظمت وقفة احتجاجية تبتعها حملات على الفيسبوك ضد برلمان  الفستق  كما سمي مجلس النواب الحالي المتهم الآن بالسعي لتحصين الفساد عبر منع الكتابة عن الفاسدين وتغليظ عقوبات التحدث عنهم .
ومع ثبوت ضغط الحكومة بقوة على النواب لإقرار النص يدافع أنصاره عن قناعتهم بأن الممارسات الصحافية والحراكية تمس بسمعة الأفراد وتغتال شخصياتهم معنويا وبدون وجه حق وأدلة، وهي المسألة التي يقول النائب خليل عطية أحد أبرز متبني الموضوع، ان النص جاء ليعالجها.
وفي غضون ذلك لم يحسم بعد مصير ملف التعديلات الدستورية ولا المهلة الضمنية التي وضعت لإقراره قبل الثلاثين من الشهر الجاري، حيث يخوض مجلس الأعيان بنقاشات مفصلة ومعمقة حول بنود الملف لم تكن متوقعة وسط اعترافات رسمية نادرة بحصول  أخطاء  منهجية وتشريعية في بعض البنود التي خرجت من مجلس النواب بعد إدارة سيئة للتعاطي النيابي مع الموضوع.
وبسبب هذه الأخطاء التي يتحدث عنها الجميع عمليا برزت سيناريوهات لم تكن محسوبة فبعض الأعيان المهمين ومنهم وزيرا العدل السابقان أيمن عودة وشريف الزعبي يرجحان نقل الاستحقاق إلى الدورة العادية المقبلة للبرلمان وعدم الاستعجال وهو أمر سيفوت الفرصة على إطلاق سلسلة إصلاحات تشريعية تراهن عليها الدولة لاحتواء الحراك الاجتماعي.