بيان صادر عن مجموعة منظمات جسور الحقيقة بخصوص مسار المحاسبة عبر المحاكم الأوروبية

شهدت بداية عام ٢٠٢٢ حدثين ُمهمَين في مسار الجهود الرامية لتحقيق العدالة وإنصاف ضحايا الحكومة السورية، تمثل الأول بالحكم بالسجن المؤبد، والذي أصدرته المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنز، ألمانيا، بحق أنور رسلان، العقيد السابق في المخابرات السورية. والثاني ببدء محاكمة علاء م.، الطبيب السابق في مستشفيات عسكرية، أمام المحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت، والمتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بما فيها القتل العمد، والتعذيب.

يرحّب مشروع جسور الحقيقة، وهو ثمرة التعاون بين تسع منظمات تهتمّ بقضايا المخفيّين والمفقودين وأُسرهم في سوريا، بالخطوات القضائية المتخذة في ألمانيا ودول أوروبية أخرى بحق مجرمي الحرب السوريين، ويشيد بجهود المنظمات الحقوقية السورية الرامية لتحقيق العدالة لضحايا الحكومة السورية والناجين من المقتلة المستمرة في سورية.

إن العجز في تحقيق العدالة هائل وينمو كل يوم مع استمرار الفظائع التي ترتكبها الجهات الحكومية وغير الحكومية دون عوائق في الوقت الحالي. تتحمل الحكومة السورية وحدها المسؤولية عن انتهاكات لا حصر لها، بما في ذلك الإخفاء القسري لأكثر من ١٥٠ ألف سوري في مراكز الاحتجاز، وتعذيبهم وقتلهم، بالإضافة إلى آلاف الحالات الأخرى غير الموثقة. ومع ذلك، فإن المحاكمة والحكم التاريخي في كوبلنز، وهو الأول من نوعه لمسؤول كبير في حكومة الأسد عن جرائم ضد الإنسانية، والتي شملت أكثر من ٤٠٠٠ ضحية تعذيب و٢٧ جريمة قتل وقضايا أو اغتصاب واعتداء جنسي، توفر الأمل في أن بعض العدالة يمكن أن تتحقق لكثير من السوريين.

إن منظمات المجتمع المدني الموقعة أدناه، تشيد بشجاعة الناجين والناجيات والشهود الذين قدموا، واللواتي قدّمن، شهادتهم/نّ والأدلة بالغة الأهمية، بالرغم من المخاطر التي قد يتعرّضون لها نتيجة لذلك. لقد كانت مساهماتهم القيّمة ضرورية لفضح نطاق الفظائع المُرتكَبة في سوريا، ما عزّز قناعة محكمة كوبلنز في ضرورة إصدار الحكم، وساعد في إظهار أن الجرائم التي تقترفها الحكومة في سوريا هي جزء من سياسة منهجية وواسعة النطاق. وعليه، نحثّ كلّ من يمتلك/تمتلك معلومات أو أدلة أو شهادات ألاّ يتردّدوا وألا يتردّدن في تقديمها للآليات الدولية والمحاكم، إذا كان ذلك آمناً بالنسبة لهم ولهن، من أجل استكمال الجهود الحالية الرامية إلى توثيق جرائم الحكومة السورية.

إنّ هذه الأحداث المتمثلة بالحكم الصادر عن المحكمة الإقليمية الألمانية في كوبلنز، والبدء بمحاكمة المتهم علاء م.؛ تعتبر بمثابة خطوات جيدة على مسار تحقيق العدالة للضحايا وذويهم. فهو يبعث رسالة واضحة لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، مفادها أنّ أحدًا لن يُفلت من العقاب، وأنّ العدالة ستتحقّق، وأنّ جميع مرتكبي الانتهاكات سيُحاسبون، وأنّ لا حصانة لأحد فوق القانون.

نتحمّل جميعًا مسؤولية مشتركة لتحقيق العدالة والمساءلة، والقضاء على ظاهرة الإفلات من العقاب، ومحاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات. نعيد التأكيد ختامًا، على ضرورة كشف مصير المفقودين/ات، ونحثّ الجهات المحلية والوطنية والدولية على مضاعفة الجهود والتنسيق بشكل أوثق من أجل الإيفاء بالتزاماتها وتوفير الإطار القانوني والآليات التنفيذية الكفيلة بتحقيق العدالة والإنصاف لجميع أصحاب الحقوق وذويهم، ومنع انتهاكات حقوق الإنسان، كالتعذيب وجميع أشكال العنف في مستقبل سوريا.

 

الموقعون:

المركز الدولي للعدالة الانتقالية

بدائل

مركز المجتمع المدني والديمقراطية

دولتي

محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان

المعهد السوري للعدالة

اليوم التالي

المركز السوري للإعلام وحرية التعبير