يسعى المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (يونيسكو)، للعمل جنباً إلى جنب مع المؤسسات والوسائل الإعلامية السورية بهدف الوصول إلى معايير محلية يتم اعتمادها مستقبلاً كمادةً مرجعية حول خطاب الكراهية، ولأجل الوصول إلى ميثاقٍ خاص بمكافحة خطاب الكراهية بمشاركة المؤسسات والوسائل الإعلامية السورية على اختلاف توجهاتها، لما في ذلك من فائدة للمجتمع السوري بكافة أطيافه وللإعلام السوري على حد سواء.
يستغرق الوصول إلى تعريفٍ إجرائيٍ واضح لخطاب الكراهيّة وقتاً طويلاً، وذلك لعدم وجود تعريفٍ دولي متفق عليه في الأدبيات العالمية، حيث يتم تعريف وقياس خطاب الكراهية بحسب المعايير المحلية والسياق الوارد فيه مع مراعاة كافة التفاصيل المحيطة بهذا السياق. وفي هذا الإطار تسعى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للوصول إلى مثل هذا التعريف من خلال مقاربة مركبة ودقيقة تضمن التوازن بين تأييد حرية التعبير، من حيث حق الأشخاص في التعبير عن أفكارهم بالأشكال المختلفة، وتقييدها في حال تسببها بالإضرار بأشخاص آخرين. كذلك، يدافع المركز السوري للإعلام وحرية التعبير عن حق الأشخاص والمؤسسات الإعلامية في التعبير، وهو ما ظهر في عدد من إصداراته السابقة التي وثقت التعديات على هذه الحرية.
واصطدمت محاولة ضبط مفهوم خطاب الكراهية باحتماليّة التعدّي على حريّة التعبير، ولذا يهتم (المركز السوري للإعلام وحرية التعبير) بالتصدي لخطاب الكراهية والتحريض على العنف، وبالقدر نفسه، يرفض أيّ اعتداءٍ على حرية التعبير. كذلك، تدافع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عن الموقف الذي يرى أن التدفق الحر للمعلومات يجب أن يكون دائماً هو القاعدة وليس الاستثناء. وظل التعارض المحتمل بين حرية التعبير والتحريض على العنف أو الكراهية محل قلق المُشرّع الدولي إلى أن قدمت منظمة المادة (19) المعنية بتعزيز حرية التعبير “مبادئ كامدن” عام 2009 باعتبارها تفسيراً متقدماً يتفادى التعارض المُحتمل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية والحض على العنف.
وبالنظر إلى نتائج الجولة الثانية من دراسة خطاب الكراهية والتحريض على العنف ضمن العينة محل الدراسة، يمكن القول: إن خطاب الكراهية في وسائل الإعلام السورية يأخذ منحيين، الأول: ويتمثل بخطاب يستهدف الجماعات السياسية والعسكرية لكل طرف من أطراف الصراع، وعلى الرغم من كثافته وطغيانه على الجزء الأكبر من خطاب الكراهية للعينة؛ يمكن اعتباره ذو أثر مؤقت وقصير المدى، ويرتبط وجوده ومنسوبه بتغيّر الظرف السياسي والعسكري. وأما المنحى الثاني: فيتمثل بالخطاب الذي يستهدف جماعات مدنيّة عبر ربطها بجماعات عسكرية، والذي بالرغم من انخفاض نسبته قياساً بالخطاب الأول؛ إلا أنه موجود ويعتبر أخطر وذو أثر بعيد المدى يتجاوز الظرف السياسي والعسكري إلى مجالات أكثر خطورة، قد يؤدي خلالها هذا الخطاب إلى تكريس العداء والكراهية في ذهن المتلقي السوري في حال استمرار النزاع العسكري لسنوات أخرى، ما قد يساهم بتأجيج صراعات على أُسس عرقية أو طائفية بعد نهاية الصراع السياسي والعسكري.
أدناه الملحق رقم (1)، قاموس مصطلحات خطاب الكراهية: