البطالة تدفع الشبان لحمل السلاح في إدلب

تقرير جريدة سوريتنا عن حملة لا للمحسوبية

عثمان إدلبي

قد لا يكون حمل السلاح والانضمام إلى إحدى الفصائل المسلحة في سوريا، هو محض انتماء لقضية وطنية، فقد يغدو هذا الانضمام بمثابة عمل يومي يؤمن للقائم به مدخولاً أفضل من أي عمل آخر في منطقته، خاصة أن تلك المنطقة هي منطقة أعمال عسكرية، وأكثر ما ينتشر فيها هو السلاح، وتعاني من قلة فرص العمل فيها.

تنعدم فرص العمل في الكثير من مناطق سيطرة المعارضة، فمن لا يملك أرضاً زراعية يعمل بها، أو محلاً تجارية يمكن من خلال أرباحه أن يؤمن قوت يومه منه، ولا يملك مبلغاً مالياً كافياً ليعبر من خلاله الحدود ويعمل في دولة من دول الجوار، أو يتابع طريقه نحو بلدان الهجرة، سيجد أن حمل السلاح هو المهنة الوحيدة المتوفرة له.

في محافظة إدلب ترتفع نسبة البطالة وتزداد معها نسبة هجرة الشبان إلى الخارج، أو انتمائهم إلى إحدى الفصائل العسكرية، والقصفُ والأعمال العسكرية في المحافظة هي التي تحكم بعدم وجود خيار ثالث، فما تتعرض له المنطقة يحرمها من أي مشروع اقتصادي يمكن أن يؤمن فرص عمل لسكانها، كما أن تعرُّض الشبان لمضايقات من عناصر الفصائل الإسلامية المقاتلة في إدلب، إضافة إلى انتشار “المحسوبيات” في بعض المؤسسات التي مازالت تعمل في الداخل، يجعل خيار الانتماء إلى الفصائل المسلحة أكثر حضوراً في أذهان من بقي من شبان إدلب فيها.

 

حملات مضادة

في محاولة للقضاء على المحسوبيات وتوفير بعض فرص العمل في إدلب، أطلق مجموعة من شبان جبل الزاوية، حملة أطلقوا عليها اسم “لا للمحسوبية” إذ قاموا بتوزيع “بروشورات”، ولصق منشورات معنونة باسم حملتهم، أمام مكاتب المجالس المحلية في جبل الزاوية وتحديداً في أحسم وأبلين، ويقول أسعد دقماق المشرف على الحملة: «هدفنا هو الحدُّ من المحسوبية في محافظة إدلب وإتاحة مبدأ تكافؤ الفرص»، وتحدث الدقماق عن نشاطات الحملة «أجرينا استبياناً حول خطر المحسوبية وأثرها على المجتمع، وانطلاقاً منه قمنا بتوزيع “بروشورات” وصممنا “غرافيتي” على الجدران، وتواصلنا مع المجالس المحلية لتسهيل العمل»، ويقول عمر “من سكان مدينة أحسم”: «أنا متخرِّج في كلية الحقوق منذ ثلاثة سنوات، ولم أجد وظيفة حتى اليوم، وفي الوقت نفسه أرى أشخاصاً لا يحملون سوى شهادة إعدادية متوسطة، موظفون ويقبضون رواتب جيدة، لمجرد أنهم يملكون وساطات في المؤسسات التي يعملون بها، فأنا مع حملة القضاء على المحسوبية، ولا نريد أن نعود إلى زمن النظام».

 

الفصائل المسلحة تستغل الوضع

تستغل الفصائل المسلحة التي تبدو بأمسِّ الحاجة إلى مزيد من المقاتلين، البطالة وحاجة الشبان إلى المال، فتقوم بتجنيدهم عن طريق دفع الأموال التي قد تبدو مغرية للبعض، ويقول سامر الإدلبي “ناشط ميداني في ريف إدلب”: «في كل شهر يتم تشكيل فصيل عسكري جديد في إدلب، ويقوم بنشر إعلانات ورقية في الشوارع يدعو فيها الشبان للانضمام إليه، ويكون موضِّحاً في إعلانه عن الراتب الذي سوف يمنحه لمقاتليه، والراتب هو الذي يحدد عدد الشبان الذين سينضمون إليه، حيث يتراوح الراتب الذي تمنحه الفصائل بين 100 و250 دولاراً»، وأضاف «جزء كبير من الشبان الذين يلتحقون بالفصائل العسكرية الحديثة التشكيل يكون هدفهم المال، وأعرف بعض الأشخاص العاطلين عن العمل، يقومون بالتنقل بين الفصائل العسكرية طمعاً برواتب أفضل».

 

“من لا يحمل السلاح جبان!”

دعوات مستمرة لتجنيد الشبان من قبل قادة الفصائل العسكرية، فالشابُّ الذي يقيم في منطقة مشتعلة في إدلب، ولا يقوم بحمل السلاح هو عرضة للمضايقة خاصة من قبل مقاتلي الفصائل، كما يحثُّ بعض خطباء الجوامع الشبان على ترك أعمالهم والالتحاق بالفصائل العسكرية، وهذا التجييش دفع الكثير منهم للهجرة، ويقول عامر جبور مهندس كهربائي هاجر حديثاً من ريف إدلب «في بعض مناطق إدلب المحررة، ينظر الناس للشاب الذي لا يحمل السلاح نظرة دونية ويصفه بعضهم بالجبان، كما يتعرض لمضايقات من عناصر الفصائل الإسلامية ومن الموالين لهم، والكثير منهم دعاني إلى ترك عملي وحمل السلاح، ففضلت الهجرة كي لا أرضخ لهم».