تقرير الانتهاكات الواقعة على الصحفيين 1-11-2011 حتى 20-12-2011

مقتل مصور سوري واعتقالات بالجملة والإفراج عن صحفيين
تقرير الانتهاكات الواقعة على الصحفيين 1-11-2011 حتى 20-12-2011

رصد “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” واقع عمل الصحفيين في سوريا خلال الفترة الممتدة من 1/11/2011 وحتى 20/12/2011, والتقرير يأتي استكمالاً لتقريره السابق حول واقع عمل الصحفيين في سوريا من للفترة من 1/2/2011 حتى 31/10/2011. حيث برزت مجموعة من المُتغيرات كالإفراج عن مجموعة من الصحفيين, إلاّ أنّ مؤشرات الرصد تشير في مجملها إلى تردي وضع الصحفيين في سوريا, خاصة من جهة الحماية المؤمنة لهم.
*- اعتقالات جديدة طالت إحدى عشر صحفياً ومدوناً مصوّراً:
رصد “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” إحدى عشر اعتقالاً جديداً بحق إعلاميين ومدونين سوريين نتيجة عملهم أو على خلفية مواقفهم من الأحداث. وهم كل من:
– عضو الهيئة التدريسية في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية “محمد نهاد كردية” والدكتور “جلال حسّون النجار” على خلفية اتصالهم مع قنوات فضائية إخبارية, ولا معلومات عنهما حتى تاريخه.
– كمال شيخو: تم اعتقاله للمرة الثالثة لتواجده في منزل صديق له مطلوب للأجهزة الأمنية, وأطلق سراحه لاحقاً.
– المصوّرة والمنتجة السينمائية غيفارا نمر.
– عمار مصارع, علاء الخضر و المخرج فراس فيّاض لا معلومات عنهم حتى تاريخه.
– المدوّنة رزان غزاوي والمدوّن حسين غرير, والمخرجان نضال حسن وريم غزّي, وقد تمّت إحالتهم جميعاً إلى القضاء.

*- الإفراج عن إحدى عشر صحفياً ومدوناً:
تمّ الإفراج عن مجموعة من الصحفيين والمدونين المعتقلين بكفالات مالية متفاوتة على أن تستمر محاكمتهم وهم طلقاء, وبلغ عددهم الإجمالي سبعاً. هم كل من “هنادي زحلوط”, “ملك الشنواني”, “رودي عثمان”, “عاصم حمشو”, “عمر الأسعد”, “حسين غرير”, و”رزان غزاوي”.
في حين صدر حكم قضائي بحق الصحفي “كمال شيخو” شمل اسقاط دعوى الحق العام لشمولها بالعفو و ذلك عن كافة التهم الموجه للصحفي كمال شيخو بالمواد : 287- 286-410-383-307, مع تغيّير الوصف الجنائي للمادة 286 و التي تتعلق بنشر معلومات كاذبة توهن نفسية الامة من الفقرة الأولى الى الفقرة الثانية حيث تنص الفقرة الثانية ما يلي: 2 – إذا كان الفاعل يحسب هذه الأنباء صحيحة فعقوبته الحبس ثلاثة أشهر على الأقل. علماً أنّ “شيخو” كان قد امضى في الاعتقال ثمانية أشهر على خلفية الدعوى سالفة الذكر.
من جهة ثانية تمّ إطلاق سراح كل من المصوّرة والمنتجة السينمائية “غيفارا نمر”, والصحفيان “لينا إبراهيم” و”وائل يوسف اباظة” دون توجيه أي تهم لهم.

*- مقتل مصوّر:
نظراً إلى استمرار السلطات السورية في منعها الإعلاميين من التجوّال بحرية لتغطية الأحداث في سوريا, فقد انتشرت ظاهرة “المواطن الصحفي”, وعلى الرغم من سوء أوضاع الإعلاميين العاملين في سوريا, وصعوبة التوثيق الدقيق لأعداد “المواطنين الصحفيين” الذين تعرّضوا لانتهاكات نتيجة عملهم هذا, فقد سجّل شهر تشرين الثاني حالة مقتل “مواطن صحفي”, الأمر الذي ينظر إليه “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” ببالغ القلق, لما فيه من مؤشرات على ازدياد العنف بحق من يقوم بالتصوير أو الإخبار عمّا يجري في شوارع المناطق الساخنة, وارتفاع وتيرة القمع تجاه الصحفيين في سوريا بشكل عام. خاصّة ما في مقتل المصّور والناشط “فرزات جربان” من وحشيّة. كذلك يطالب “المركز السوري” بإجراء تحقيق فوري كامل وشفاف عن الجريمة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة في أسرع وقت ممكن
اعتقل “فرزات جربان” على يد أجهزة المخابرات الجوية في حمص يوم 19-11-2011 وهو في صحة جيدة, ثمّ عُثِرَ على جثته على الطريق العام بالقرب من المستشفى “الأهلي” في منطقة القصير, وكان وجهه قد شوّه واقتلعت عيناه بحسب ما أفادت مصادر مقربة منه, ممّا يؤكد تعرّضه لعملية إعدام. وقد عُرِفَ “فرزات جربان” بتصويره لمقاطع فيديو المظاهرات, وبصوته المميز الذي يصف المكان ويحدد تاريخ المقطع المصور.

*- استقالة ثلاث إعلاميين عاملين في وسائل إعلام رسمية:
بعد أن قدّم عدد من الإعلاميين السوريين استقالتهم من أعمالهم احتجاجاً على التغطية الإعلامية الرسمية للأحداث, قدّم مراسل إذاعة “شام أف. أم.” السورية أحمد صطوف استقالته مباشرةً على الهواء، أثناء اتصال أجرته معه الإذاعة للإطلاع على الأوضاع الميدانية في مدينة حمص، يوم الأحد 11 كانون الأول 2011.
في كلمته من حمص قال “صطوف”:
(( عشرة أشهر من عمر الأزمة والأمور تتفاقم في حمص (…), عشرة أشهر تعبت خلالها حمص, وأتعبتني كواحدٍ من عشاقها. اليوم… أعلن استسلامي للمدينة التي أحببت ولحجارتها السوداء, وأهاليها الطيبين. أقدّم اعتذاري عن المتابعة بعد أن عجزت عن إيصال الصوت لأصحاب القرار, ونقل الصورة كما هي في حمص.  كنت معكم من حمص, أحمد صطوف. )).
الحالة الثانية والتي سببّت إرباكاً أكبر للمؤسسة الإعلامية الرسمية, هي امتناع المذيع “هاني الملاذي” مقدم نشرة الأخبار الرئيسية على “الفضائية السورية” عن الالتحاق بعمله في التلفزيون السوري بعد إجازة لمدة أسبوعين غادر خلالها لتركيا مع زوجته العاملة كذلك في التلفزيون السوري.
وكان “الملاذي” وبسبب مواقفه الناقدة في برامجه وحواراته على الهواء قد اصطدم مع وزير الإعلام السابق “محسن بلال” مع بدايات الأزمة، فأمر الأخير مديرة التلفزيون السابقة “ريم حداد” بإيقافه عن العمل قبل أن يعيده الوزير الجديد “عدنان محمود”.
إلاّ أنّ الحالة الأبرز هي استقالة مراسل وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” في دير الزور “علاء الخضر” بتاريخ 18-11-2011, والتي تعرّض على أثرها للاعتقال. وكان “الخضر” قد قام بوضع لاصق على فمه وتعليق لافتة على صدره كتب عليها: “أنا إعلامي سوري” تعبيراً عن رفض القمع وحرية التعبير.

*- استمرار اختفاء سبعة إعلاميين ومصوّر رغم انتهاء مدّة توقيفهم القانونية المفترضة :
– د. محمد جمال الطحان:  نظرَ “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” في سوريا ببالغ القلق إزاء أخبار تناقلتها بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي تفيد بمقتل الدكتور الطحّان يوم الاثنين 28/11/2011, إلاّ أننا وفي اتصال مع مصدر مُقرّب من د. “طحان” أكدّ لنا أنه لا يزال على قيد الحياة, إلاّ أنّه ممنوع من تناول أدويته, علماً أنّ الدكتور مصاب بمرض السرطان وأجريت له عملية سرطان بروستات قبل عشرين يوما من اعتقاله وكان لا يزال في فترة النقاهة حين تمّ اعتقاله منذ خمسة أشهر بعد مداهمة منزله في حلب بتاريخ 20/7/2011. ومن هذا المنبر نطالب السلطات السورية بالكشف عن مصير الصحفي والكاتب الدكتور محمد جمال الطحان فوراً دون تأخير والإفراج عنه أو تقديمه لمحاكمة علنيّة وعادلة إن كان هناك مسوّغ قانوني لذلك. وهو من مواليد حلب 10/1/1957.
الدكتور الطحّان حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة وهو عضو اتحاد الكتاب العرب- عضو اتحاد الصحفيين ومحرر في صحيفة تشرين (مكتب حلب). مؤلف لأكثر من ثلاثين كتاباً.
– عبد المجيد تمر: اعتقل الأمن السياسي في القامشلي منذ أكثر من ستة أشهر منذ 31-5-2011 في كمين نصبه له عبر اتصال من شخص مجهول في القامشلي.
– طارق سعيد بلشة: (مُصوّر) اعتقل في اللاذقية بتاريخ 19/8/2011 لمشاركته بتغطية أحداث الرمل الفلسطيني في اللاذقية, أو تقديمه لمحاكمة علنية إذا ما كان هناك مسوّغ قانونيّ لذلك. وأشارت مصادر للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير في سوريا أنّ الصحفي معتقل الآن في السجن المركزي في اللاذقية.
– عبد المجيد راشد الرحمون: المعتقل في قرية معرزاف في ريف حماه بتاريخ 23/8/2011. يكتب مع صحيفة “الفداء” الصادرة عن مؤسسة “الوحدة للصحافة والطباعة والنشر” في حماة.
– عادل وليد خرسة: اعتقل بتاريخ 17/8/2011.
– الكاتب حسين عسيو: اعتقل من الحسكة بتاريخ3/9/2011 عندما قامت دوريّة من مخابرات القوى الجويّة باعتقاله من منزله. يذكر أنّه يعاني من مشكلات في القلب وهناك مخاوف من عدم السماح له بتناول الدواء بانتظام مما يؤدي لتدهور في حالته الصحية. أجريت له عملية قسطرة قلبية.
– بلال أحمد بلال: اعتقلته قوى المخابرات الجوية بتاريخ 13/09/2011 من شعبة التجنيد أثناء مراجعته لهم بشأن جواز سفره. وقد تعرّض للضرب أثناء وجوده في شعبة التجنيد. وهو متزوّج وأب لولدين. ولا معلومات عنه حتى تاريخه.

– على صعيد متصل بادر اتحاد الصحفيين في سوريا بعد أكثر من أربعة عقود صمت على واقع الانتهاكات التي تطال الصحفيين و مهنة الصحافة في سورية على اصدار تعميم  نشره المكتب التنفيذي في الاتحاد يوم 18/12/2011 لكافة الصحفيين السوريين ويطلب فيه موافاته بمعلومات كاملة بالدعاوى القضائية المرفوعة عليهم لدى المحاكم السورية لأسباب مهنية. والسبب كما وضّح الاتحاد هو توفير قاعدة بيانات لدى الاتحاد تمهيداً للوقوف مادياً ومعنوياَ مع الزملاء الصحفيين المدعى عليهم. الأمر الذي نأمل أن يتحقق على أرض الواقع, وبشكلٍ فعلي. إلاّ أنّ “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” ينظر بقلق إزاء ما أبلغتنا به مصادر مُقرّبة من الدكتور “محمد جمال الطحان” المُعتقل منذ 20/07/2011 بأنّ قراراً بفصله من عضوية اتحاد الصحفيين وعضوية اتحاد الكتاب العرب قد صدر بحقه, هذا بالإضافة إلى قرار فصله من عمله في صحيفة “تشرين” مكتب حلب.
كذلك ننظر بقلق تجاه صمت اتحاد الصحفيين أمام قضية “علاء الخضر” مراسل وكالة “سانا” السورية للأنباء في محافظة دير الزور, والذي تعرّض للاعتقال بعد أن قدّم استقالته احتجاجاً, وذاك عبر وضع لاصق على فمه وتعليق لافتة على صدره كتب عليها: “أنا إعلامي سوري” تعبيراً عن رفض القمع وحرية التعبير. ثمّ وبُعيد صدور خبر اعتقال “الخضر” سارعت وكالة الأنباء “سانا” إلى نفي “اعتقال مدير مكتبها في دير الزور” مؤكدة على أنّ مدير مكتبها هناك لمياء الرداوي وليس “علاء خضر”, وأضافت الوكالة أنّ “الخضر انتقل من الوكالة منذ خمسة اشهر للعمل في جامعة الفرات في دير الزور وليس له أي علاقة بمكتبها في دير الزور”.
غير أنّ أصدقاء وزملاء الصحفي المعتقل “علاء الخضر” أكدوا على أنّه كان لا يزال يعمل في الوكالة حتى إعلانه الاستقالة الاحتجاجية, رغم أنه تخلّى عن منصبه كمدير لمكتب الوكالة في المحافظة, كحركة احتجاجية على التغطية غير المهنية للوكالة. فيما يلي نص الرسالة التي نشرها أصدقاء الصحفي المعتقل أسفل تسجيل فيديو على يوتيوب يظهر فيه الصحفي الخضر مشاركاً في مظاهرة في دير الزور:
((رداً على خبر “سانا” بنفي كون علاء خضر مدير مكتبها بدير الزور و ليس نفيها لخبر اعتقاله، فإننّا نحن زملاء الصحفي الشجاع “علاء خضر” نؤكد أن علاء اعتذر عن منصبه كمدير لمكتب “سانا” بدير الزور شفهياً باتصال هاتفي مع وزير الإعلام “عدنان محمود” قبل خمسة أشهر، وذلك احتجاجاً على الدور التحريضي وغير النزيه الذي تمارسه الوكالة في تغطيتها للوقائع في دير الزور, والتعليمات الأمنية الصارمة، إلا أنّ “علاء خضر” تخلّى عن منصبه كمدير للمكتب لكنه استمر في عمله في المكتب كصحفي عادي بعيداً عن تغطية أحداث الثورة، وهذا ما أغفلته وكالة “سانا” في خبرها، تماماً كما أغفلت حقيقة اعتقاله. ومقطع الفيديو المرفق يوضح سبب اعتقال “علاء خضر” حيث شارك في مظاهرات دير الزور مصوراً حقيقة وضعه كصحفي سوري.. كتب على قميصه  (أنا إعلامي سوري) و كمم فمه بشريط لاصق… الحرية للصحفي البطل علاء خضر)).
وإذ يبدي “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” بالغ قلقه إزاء استمرار حالات الاختفاء القسري التي يتعرض لها الصحفيين فإنّه يحمّل السلطات السورية كامل المسؤولية فيما يتعلق بسلامتهم الشخصية, وضمان حقوقهم الدستورية. كما ويبدي “المركز” ترحيبه بتوقيع السلطات السورية على بروتوكول الجامعة العربية بتاريخ 19/12/2011. فإنّه يأمل بأن تلتزم الجهات المعنية بكافة ما ورد في البروتوكول من بنود تتعلق بفتح المجال أمام وسائل الإعلام لدخول الأراضي السورية, والتجوّل بحرية مع ضمان سلامة العاملين في هذه الوسائل. حيث ورد أنّ من مهام بعثة المراقبين : (التحقق من منح الحكومة السورية رخص الاعتماد لوسائل الإعلام العربية والدولية, والتحقق من فتح المجال أمامها للتنقل بحرية في جميع أنحاء سوريا, وعدم التعرض لها). علما أن “المركز” سيقوم بمتابعة تطبيق بنود الاتفاقية و إصدار تقارير خاصة حول هذا الموضوع.
كذلك يجدد “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ” مطالبته السلطات السورية للكشف الفوري عن مصير كافة الصحفيين الذين لم يتم تحويلهم إلى القضاء او إطلاق سراحهم على الرغم من انتهاء مدة توقيفهم التي ينص عليها القانون السوري, خاصة وأنّ من بنود الاتفاقية سابقة الذكر بنداً صريحاً يُلزم السلطات السورية بإطلاق سراح كافة المعتقلين. ومن هنا يطالب “المركز” بإطلاق سراح الصحفيين وكافة المعتقلين على خلفية إبداء رأيهم ومعتقلي الرأي والمعتقلين على خلفية التظاهرات السلمية بشكلٍ فوري أو تقديمهم إلى محكمة علنية تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة, إذا ما توفر مسوغ قانوني لذلك, و يعتبر حجزهم بمعزل عن العالم الخارجي والتكتم على مصيرهم انتهاكاً واضحاً للدستور السوري و للإعلان الدولي الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ويصطدم مع التزامات الحكومة السورية الدولة المتعلقة بحقوق الإنسان التي وقعت وصادقت عليها.