فاغنر في سوريا: حُكم محكمة روسية رسّخ الإفلات من العقاب على جرائم القتل الوحشي

باريس، موسكو، في 18 كانون الثاني/ يناير – أعلنت محكمة باسماني في موسكو اليوم، رفضها الشكوى المقدمة من المحامي إيليا نوفيكوف والمحامي بيوتر زايكين ضد تقاعس لجنة التحقيق التابعة للاتحاد الروسي. حيث أخفقت لجنة التحقيق (SKRF)، التي تتمتع بصلاحية فتح التحقيق في جريمة القتل الوحشية عام 2017، والتي تعرض لها م. الإسماعيل على يد أعضاء مزعومين في الشركة العسكرية الخاصة (PMC) والتي تعرف بـ (مجموعة فاغنر) في سوريا، في تزويد المحامين بأي معلومات بخصوص الشكوى المقدمة قبل عشرة أشهر نيابة عن شقيق الضحية.

 

ساعد كل من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، ومركز ميموريال لحقوق الإنسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، في إعداد الشكوى، واستعانت هذه المنظمات المحامين إيليا نوفيكوف وبيوتر زايكين لتمثيل شقيق الضحية م. الإسماعيل. تم تقديم العديد من المعلومات والأدلة إلى نشطاء حقوق الإنسان من قبل نوفايا غازيتا، التي أجرت تحقيقاتها الخاصة.

هذه هي الشكوى الثالثة بشأن تقاعس لجنة التحقيق SKRF، وقد تم تقديم أولها قبل تسعة أشهر. أعيدت شكوتان سابقتان، ولم يأت القرار بشأن الثالثة إلا بعد شهرين من المداولات.

 

في 18 كانون الثاني/ يناير، رفض القاضي إي. نيكولايفا الاستجابة إلى شكوى محامي بيوتر زايكن وإيليا نوفيكوف بحجة عدم وجود أي أسباب لإجراء تحقيق إجرائي فيما يتعلق بشكوى الإسماعيل. على وجه التحديد، نقلاً عن الرد على شكوى المحامين المقدمة في نفس التاريخ من قبل الإسماعيل. في المقابل قال باختوسوف، رئيس مديرية التحقيقات الرئيسة في SKRF، أن المحكمة رأت أن شكوى المقدمة في آذار/ مارس 2021 “تفتقر إلى المعلومات المتعلقة بالظروف التي تحدد عناصر الجريمة”، وبالتالي “لا تخضع للتسجيل [في سجل الجرائم] ولا تتطلب تحقيق إجرائي “.

 

في ردوده، ادعت مديرية التحقيق الروسية SKRF، التي لم يحضر ممثلها جلسة الاستماع، إلى جانب مواضيع أخرى: أن حقيقة وفاة م. الإسماعيل لم يتم إثباتها ولم يتم توثيقها؛ لم يتم التحقق من صحة تسجيل الفيديو (الذي يُظهر القتل الوحشي لشقيق الإسماعيل، م. إسماعيل، ويظهر بوضوح وجه الضحية، الذي حدده شقيقه، وكذلك بعض القتلة – محرر). ولم يتم تحديد مكان التسجيل. علاوة على ذلك، بينما ادعى مقدم الطلب أن مكان القتل المزعوم هو سوريا، لم ترد أي معلومات أو طلبات مساعدة قانونية ذات صلة من السلطات السورية؛ إن حجج المدعي بأن مواطنين روس متورطين في جريمة القتل هي فقط “خيالية”؛ و”حقيقة وفاة م. الإسماعيل لم يتم إثباتها وتوثيقها”.

 

ممثل مكتب المدعي العام في المحاكمة، يو ناغميونوفا أيدت موقف SKRF وقالت أن المدعية قد تم إخطارها في الوقت المناسب بالقرار الذي اتخذه التحقيق، لكنها لم تقدم أي دليل يدعم تصريحاتها.

 

صرح المحامي بيوتر زايكين، الذي يمثل الإسماعيل في المحكمة، أن SKRF لم تخطر أي شخص بقرارها، وأن القرار غير قانوني، كما أنه تم تزويد التحقيق بمعلومات كافية ضرورية للتحقق من الأدلة. علاوة على ذلك، حددت الشكوى الشخص المحدد المتورط في الجريمة.

 

وافق القاضي على حجج التي قدمها SKRF. في وقت أقرت حقيقة أن SKRF لم تخطر المدعي بقرارها بعدم بدء تحقيق جنائي، لكنها قررت أن المشكلة قد تم حلها منذ أن تم إخطار المحامي بهذا القرار في جلسة الاستماع.

 

وانتقد مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضاء الروسي أصبح وصياً على المجرمين. وأشار إلى أنه “من غير المقبول أن يصبح نظام عدالة أداة لحماية مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومساعدة المجرمين في التمتع بالإفلات من العقاب بدلاً من محاسبتهم على جرائمم ، وضمان العدالة للضحايا؛ مثل أعضاء مجموعة فاغنر”، وأضاف: “هذا القرار هو مصادقة قانونية على الإفلات من العقاب على جميع الجرائم التي يرتكبها المواطنون الروس في سوريا. وهذا هو بالضبط سبب دعوتنا منذ عام 2011 لإحالة الوضع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

 

وأضاف إيليا نوزوف، رئيس مكتب أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان: “يسلط القرار الضوء على أهمية المحاكم الروسية في القضايا الحساسة سياسياً”. وأضاف: “فشلت لجنة التحقيق في الوفاء بالتزامها الإجرائي بالتحقيق في الشكوى لأكثر من 10 أشهر، وفوضت هذا الالتزام بشكل واضح إلى المدعي”، وأتم: “إذا لا يوصف هذا بالتقاعس” فأنه يعني “لا شيء عُمل”.

 

خلفية القضية: 

  • في 11 آذار/ مارس 2021، قدم ع. الإسماعيل شكوى إلى لجنة التحقيق التابعة للاتحاد الروسي (SKRF) يطالب فيها بفتح قضية جنائية بالقتل بقسوة شديدة ضد الجناة المزعومين. كما طلب التحقق مما إذا كانت هناك أي علامات على جرائم أخرى في أفعالهم، بما في ذلك جرائم الحرب.
  • منذ لك الحين، سأل المحامون مرتين – في 26 آذار/ مارس و 13 تشرين الأول/ أكتوبر لجنة التحقيق (SKRF) عن معلومات حول تثبيت الطلب، وعن نتائج التحقيق الأولي أو التقدم الحاصل في القضية، بالاضافة إلى طلبهم في الحصول على نسخ من المستندات الإجرائية. ولكن لم يتم تلقي أي رد. وقُدمت ثلاث شكاوى بعد ذلك إلى محكمة باسماني – في 19 نيسان/ أبريل و4 أيار/ مايو و19 تموز/ يوليو. وقد أُعيدت الشكاوى مرتين بحجج مختلفة، وكان على المحامين بذل جهود للحصول على معلومات حول مصير الشكاوى والأحكام المتعلقة بإعادتها.
  • تم تقديم الشكوى إلى المحكمة ثلاث مرات في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، قدم المحامي بيوتر زايكين طلباً إلى رئيس محكمة باسماني لإبلاغه كتابياً بقرار الشكوى الثالثة، وبناءً عليه، بعد شهرين، عقدت جلسة الاستماع التي طال انتظارها.