ترحيل طالبي اللجوء من بريطانيا

ترحيل طالبي اللجوء من بريطانيا                    

مقدمة:

في 14 نيسان/أبريل 2022 ، نشرت الحكومة البريطانية مذكرة تفاهم أبرمتها مع حكومة رواندا تنص على نقل طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى بريطانيا “بطرق غير شرعية” إلى رواندا لتقديم طلبات اللجوء والبقاء فيها حال قبول اللجوء، على أن يتم توفير المقومات الحياتية اللازمة لهم حسبما أكدت الحكومتان، وذلك بالتوازي مع محاولاتٍ إعادة هيكلة قوانين اللاجئين واللجوء في المملكة المتحدة التي تسعى حكومتها لبناء أرضية تشريعية تضمن تنفيذ الاتفاق وعدم الطعن فيه مستقبلًا، من خلال طرح مشروع قانون الجنسية والحدود، الذي يسمح بإرسال طالبي اللجوء إلى دول أخرى لحين البت في طلباتهم، شرط أن تكون الدول المراد نقلهم إليها “آمنة”. وبحسب المادة 23 من مذكرة التفاهم يتحدد الإطار الزمني للاتفاق بخمسة سنوات قابلة للتمديد لسنة إضافية، على أن يبدأ سريانه بأثرٍ رجعي منذ الأول من كانون الثاني عام 2022 وذلك حسب تصريح رئيس الوزراء بوريس جونسون في 14 نيسان 2022، ومن المقرر أن تركز المرحلة الأولى من الاتفاق على الرجال غير المتزوجين الذين عبروا قناة المانش في قوارب أو شاحنات من فرنسا .

وتتعارض المذكرة مع التزامات المملكة المتحدة بموجب قانون اللاجئين وحقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر،  وقد قوبلت بانتقادات واسعة النطاق، لما تتضمنه من التفاف على مبدأ عدم الإعادة القسرية وعلى حق اللجوء المستقر عالمياً، ولما لها من تداعيات على واقع اللاجئين وطالبي اللجوء حول العالم، في ظل ترحيب دولٍ أوروبية مثل الدنمارك بالاتفاق، خاصةً وأن “الميثاق الجديد للهجرة واللجوء” الذي طرحته المفوضية الأوروبية سنة 2020 يفتح الباب أمام عدد من الدول الأوروبية لتطبيق خيار ترحيل اللاجئين إلى دولة ثالثة خارج حدود الاتحاد. 

وقد حذّرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR)، من أنّ الاتفاق يتضمن انتهاكًا للقانون الدولي، وهو ما أكدته مقررة الأمم المتحدة المعنية بالاتجار بالبشر معتبرةً أن “الاتفاق ينطوي على خطر التسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه للأشخاص الذين يسعون للحصول على الحماية الدولية” وأضافت: “هناك مخاطر جسيمة من انتهاك مبدأ القانون الدولي بعدم الإعادة القسرية، من خلال الترحيل القسري لطالبي اللجوء إلى رواندا” كما انتقدت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية الاتفاق قائلة: “إن إرسال طالبي اللجوء على بعد أكثر من 6000 كم والاستعانة بمصادر خارجية لعمليات اللجوء، ليس سياسة هجرة إنسانية وكريمة” أما داخلياً فقد قوبل الاتفاق بانتقادات واعتراضات من العديد من الجهات السياسية والمدنية والحقوقية ومن الكنيسة البريطانية، وأفراد من العائلة المالكة والشخصيات العامة، وتركزت في غالبيتها على النقاط التالية :

أولاً: تدعي مذكرة التفاهم تعزيز الالتزامات الدولية المشتركة بشأن حماية اللاجئين والمهاجرين. لكنها في الواقع تفعل العكس تماماً، حيث أن دفع العدد الصغير نسبيًا من اللاجئين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة إلى بلدان مثل رواندا لا يكاد يكون تقاسم للمسؤولية، بقدر ما هو تهرب من المسؤولية.

ثانياً: بحسب نص مذكرة التفاهم “تستضيف رواندا وتوفر المأوى لمئات الآلاف من اللاجئين، وتوفر أنظمة مناسبة لحمايتهم”. علماُ أنه يوجد في رواندا عشرات الآلاف فقط من اللاجئين، معظمهم من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهي إحدى الدول العشر التي وقعت على الإطار المشترك للاستجابة للاجئين. ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)  يُعتقد أن رواندا لديها مساحة كافية لاستقبال حوالي 100 شخص في المرة الواحدة وقدرة استيعابية لما يصل إلى 500 شخص في السنة، بينما وفقًا للإحصاءات الحكومية في عام 2021 “دخل أكثر من 35000 شخص إلى المملكة المتحدة بشكل غير منتظم ، 28526 منهم بالقوارب”.  كما أنها بلد صغير نسبياً يعيش 39% من سكانه تحت خط الفقر ، أما اللاجئون فتعتمد نسبةٌ منهم على التحويلات المالية من أفراد الأسرة الذين يعيشون في بلدان أخرى كمصدر أساسي للدخل ويواجهون “محدودية فرص العمل، والتعليم ذو النوعية الرديئة، والاعتماد على الزراعة منخفضة الدخل لكسب الرزق” إضافةً لغياب شبكات الدعم أو البنى التحتية التي يحتاجون إليها للوصول أو خلق فرص عمل، كذلك صعوبة التنقل عملياً بسبب البيروقراطية وموقع بعض المخيمات النائية. 

وبينما تم تقديم رواندا على نطاق واسع على أنها آمنة ومستقرة منذ التسعينيات، إلا أن التقارير الحقوقية بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية تخالف هذه الرواية، وحتى حكومة المملكة المتحدة نفسها أعلنت عام 2021 عن القلق المستمر بشأن القيود التي تفرضها الحكومة الرواندية على الحقوق المدنية والسياسية وحرية الإعلام. حيث يواجه جميع طالبي اللجوء واللاجئين في رواندا قمعاً لحرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات، إلى جانب خطر الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب في مرافق الاحتجاز الحكومية. إضافةً لتسجيل حالات وفاة بين اللاجئين نتيجة عنف أجهزة الشرطة الرواندية.

ثالثاً: تركز تصريحات المسؤولين البريطانيين على أن الاتفاق سيضع حداً للاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية ،ويردع طالبي اللجوء المحتملين عن عبور القناة.على اعتبار أنه سيتم ترحيلهم إلى رواندا عند بلوغ الشواطئ الإنجليزية وهو ما تسميه الحكومة البريطانية بقوة ردع اللاجئين والمهاجرين الآخرين من خلال خلق بيئة معادية لهم ،إلا أن هذا الإدعاء يتجاهل واقع اللاجئين الذي قد يدفعهم للمخاطرة على اعتبار  أن البدائل المتاحة أمامهم أسوأ, ويتجاهل نتائج التجارب المشابهة حيث سبق لرواندا المشاركة في استقبال المرحلين الأفارقة من إسرائيل ومن بين نحو 4000 شخص تم ترحيلهم من قبل إسرائيل إلى رواندا وأوغندا بموجب خطة “المغادرة الطوعية” بين عامي 2014 و2017. يُعتقد أن جميعهم تقريبًا غادروا البلاد على الفور. مع محاولة العديد منهم مجددًا العودة إلى أوروبا عن طريق تهريب البشر المختلفة

المخالفات القانونية لمذكرة التفاهم :

يخالف الاتفاق المعايير الصارمة التي يفرضها القانون الدولي على المملكة المتحدة عند صياغة ترتيبات النقل إلى الخارج وتشغيلها في الممارسة العملية وهي :  

 

  1. إجراء تقييم فردي لكل عملية نقل من أجل تجنب خطر الإعادة القسرية المباشرة أو غير المباشرة أو الطرد الجماعي ودعم الالتزامات الأخرى بموجب قانون حقوق الإنسان وحقوق الطفل والحق في لم شمل الأسرة.  
  2. الالتزام بأن يكون أي إجراء لجوء خارجي عادلًا وفعالاً، وبما يتماشى مع التزامات المملكة المتحدة بموجب المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
  3. يجب أن يتمتع الأفراد المنقولين إلى دولة ثالثة بالقدرة للوصول لمعلومات كافية حول إجراءات اللجوء، والوصول إلى نظام اتصال موثوق بين طالب اللجوء والسلطات، والوصول إلى المترجمين الفوريين والمساعدة القانونية.  

كما يتعارض الاتفاق مع مبادئ اتفاقية اللاجئين لعام 1951، والتي تعد بمثابة نقطة مرجعية لحقوق اللاجئين في جميع أنحاء العالم وتخل الحكومة البريطانية فيه بالتزامها عدم إعادة اللاجئين إلى مكانٍ يمكن أن يتعرضوا فيه لخطر الاضطهاد أو العنف فهي تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية وتخالف الغرض من الاتفاق الدولي المتمثل بحماية الشخصية الإنسانية، و الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وحقوقهم المتساوية الثابتة، ومنها حقُّ التماس ملجأ آمن والتمتُّع به خلاصًا من الاضطهاد، الذي عبرت عنه المادة [14] من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما تخالف روح وفلسفة الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، والمادة [3] من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومبادئ القانون الدولي الإنساني العرفي والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. . 

كما تنص الفقرة الخامسة من الاتفاق على أنه” من أجل تسريع عملية الانتقال إلى رواندا في الوقت المناسب، ستكون المملكة المتحدة مسؤولة عن الفحص الأولي لطالبي اللجوء، قبل أن يتم الانتقال إلى رواندا وفقًا لهذا الترتيب. ستبدأ هذه العملية دون تأخير بعد وصول الشخص المنتقل المحتمل إلى المملكة المتحدة ومعرفة حكومة المملكة المتحدة بوجوده” ما يعني عدم وجود مهل محددة تتيح لطالب اللجوء الاستفادة من الحمايات المقررة له قانوناً , كما تثير عبارة ” دون تأخير ” المخاوف من انتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية لجهة الإلزام الذي يرتبه على الدولة وقبل البت في إجراء الإعادة أو النقل بأن تقيم بعناية وعلى أساس من حسن النوايا ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن الشخص يواجه خطر التعرض لانتهاك حقوق أساسية. ,والامتناع عن إعادته فيما إذا كانت هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض لأي نوع من هذه الانتهاكات .

كما يثير المخاوف من انتهاك الحق الأساسي لطالبي اللجوء في الحصول على سبيل انتصاف فعال والذي يعني وفي سياق عدم الإعادة القسرية، الطعن في الإعادة أو النقل أمام هيئة مستقلة ومحايدة. الذي أحاطه القانون الدولي لحقوق الإنسان بضمانات إضافية، منها الحق في الحصول على دعم قانوني أثناء الإجراءات وضمانات الإجراءات القانونية الأخرى الواجبة. وبأن يُنظر في التماس الانتصاف الفعال أمام محاكم وطنية أو مجلس مخصص أو لجنة مخصصة. وأن تتاح للشخص المعني فرصة مجدية لالتماس قرار مستقل وغير متحيز يكفل ألا يتم نقله بطريقة تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية. ومن بين الضمانات أيضاً تعليق النقل أثناء مراجعة سلامة الأسس التي تستند إليها مخاوف الشخص بسبب الضرر الذي لا رجعة فيه الذي قد يلحق به إذا تبين أنه معرض للخطر بالفعل.وهو ما أوصت به اللجنة التنفيذية التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الضمانات الإجرائية الدنيا التي يتعين احترامها عند تحديد الوضع القانوني للاجئ والحماية من الإعادة القسرية بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، والتي تضمن إمكانية الطعن على قرار سلبي من الدرجة الأولى بشأن وضع اللاجئ.

ويخالف أيضاً الحدود الدنيا للحقوق التي يجب أن تمنحها الدول – لحين التوصّل إلى حلّ دائم – للأشخاص الذين يشملهم تعريف الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 ولا يمكنهم الاستفادة من وضع اللاجئ الذي تنصّ عليه والتي أقرتها اللجنة التنفيذية التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمفوضية الأمم المتحدة ومنها حظر طرد أو إعادة (بالقوة) مثل هؤلاء الأشخاص إلى أراضٍ قد يتعرّضون فيها للاضطهاد.

كما يخالف الاتفاق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 75/51/RES/A . 12  شباط 1997 ،الدورة 51″الذي دعت فيه جميع الدول إلى الاحترام الكامل للمبدأ الأساسي المتمثل في عدم إعادة اللاجئين قسراً إلى بلدان يخشى عليهم فيها من أن يتعرضوا لخطر الاضطهاد، باعتباره مبدأ غير قابل للتقييد”, ويخالف الميثاق العالمي بشأن اللاجئين، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 كانون الأول عام 2018 ويتضمن  إطاراً لتقاسم المسؤوليات بشكل أكثر إنصافاً لتحقيق حل مستدام لأوضاع اللاجئين عن طريق  التعاون الدولي.

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2312 (د-22) في 14 كانون الأول/ديسمبر 1967 إعلان بشأن الملجأ الإقليمي والذي تنص المادة 3 منه على أنه ” 1. لا يجوز إخضاع أي شخص من الأشخاص المشار إليهم في الفقرة 1 من المادة 1 لتدابير مثل منع دخوله عند الحدود أو إذا كان الشخص قد دخل الإقليم الذي ينشد اللجوء إليه، إبعاده أو رده القسري إلي أية دولة يمكن أن يتعرض فيها للاضطهاد. إضافة لمخالفته للقانون الداخلي القسم 77 من قانون الجنسية والهجرة واللجوء لعام 2002 الذي يمنع ترحيل طالبي اللجوء من المملكة المتحدة أثناء انتظار طلب اللجوء الخاص بهم.

كما يتعارض الاتفاق مع التزامات المملكة المتحدة بموجب اتفاقية مجلس أوروبا بشأن العمل ضد الاتجار بالبشر (ECAT): 

أولاً : سرعة القرار وتحديد مصير الأشخاص المراد نقلهم إلى رواندا, تمنع عنهم الحمايات التي توفرها الاتفاقية , لجهة التأكد من أن الشخص من ضحايا الاتجار  وبالتالي تمتعه بالحماية المقررة في المادة (10): “لا يجوز نقل هذا الشخص من إقليم الدولة الموقعة حتى تكتمل عملية تحديد هوية الشخص كضحية للجريمة “.

ثانيًا: يحق للأشخاص الذين صدر بحقهم قرار لأسباب معقولة الحصول على فترة استرداد وتفكير لا تقل عن 30 يومًا بموجب ECAT ، والتي بموجبها، وفقًا للمادة 13/1، يأذن الطرفان للأشخاص المعنيين بالبقاء في منازلهم .

ثالثاً: قد يكون الأشخاص المتاجر بهم والذين تم تحديد هويتهم بشكل قاطع مؤهلين للحصول على تصريح إقامة (المادة 14 من  ECAT) في حين أن منح تصاريح الإقامة قد تمت صياغته كشرط تقديري في ECAT ، بعد حكم المحكمة العليا في المملكة المتحدة لعام 2020 “يجب منح الأشخاص المُتجر بهم في المملكة المتحدة تصريح إقامة حيث ما يزال التحقيق في الإتجار بهم جاريا”.

رابعاً: تنص المادتان 12/3 و 12 /4  ECAT على المساعدة الطبية والوصول إلى سوق العمل للضحايا المقيمين بشكل قانوني داخل إقليم الدولة.

 

الخلاصة :

  • يتضمن الاتفاق انتهاكاً سافراً لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة. كما يتناقض والتزامات المملكة المتحدة ومسؤولياتها بموجب قانون اللاجئين ومبادئ اتفاقية اللاجئين لعام 1951 ، والتي تعد بمثابة نقطة مرجعية لحقوق اللاجئين في جميع أنحاء العالم. وبموجب الميثاق العالمي بشأن اللاجئين، الذي يفرض على الدول المضيفة بتعزيز التزاماتها الدولية تجاه اللاجئين وليس التهرب منها.
  • إذا دخل الاتفاق حيز التنفيذ الفعلي، فإنه يهدد بتقويض نظام اللجوء الدولي بشكل عام ويرسخ ما يمكن اعتباره انعطافاً أوروبياً يهدف إلى التحرر من كل الاتفاقات الدولية، وبينها معاهدة جنيف عام 1951، وقد يشكل سابقة ونموذجاً يدفع دولاً أخرى لتبني النهج نفسه في تصدير مشكلات اللاجئين إلى دول أكثر فقراً مقابل المال، خاصة في ظل التزايد المتوقع في أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء وأنماطهم في المستقبل المنظور، ما من شأنه تحويل ملف اللجوء إلى ملف اقتصادي بدلاً من كونه ملفاً إنسانياً.
  • لا تستوفي رواندا متطلبات البلد الثالث الآمن لاستقبال اللاجئين :  

اقتصادياً في عام 2020 حل الناتج المحلي في رواندا في المرتبة  141 على مستوى العالم . أما فيما يتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فقد بلغ 2100 دولار في العام ذاته؛ لتأتي في الترتيب 212 على مستوى العالم

ووفقاً للتقرير السنوي لعام 2022 الصادر عن منظمة فريدوم هاوس فقد صُنّفت رواندا على أنه بلد غير حر وفقاً لمؤشر الحرية في العالم لعام 2022؛ حيث بلغت نسبة الحرية في البلاد 22%، وهذه النسبة موزعة بين الحقوق السياسية والحريات المدنية، حيث بلغت قيمة مؤشر الحقوق السياسية 8 من 40، وبلغت قيمة مؤشر الحريات المدنية 14 من 60.

الى جانب الانتهاكات التي تمارسها السلطات في رواندا بحق المواطنين والمقيمين, لا تقدم السلطة القضائية الحماية الواجبة لمن انتهكت حقوقهم حيث تشير التقارير الحقوقية إلى ضعف استقلال القضاء وتدخل أعضاء الحكومة في النظام القضائي، كتعيين القضاة لدوافع سياسية مثلًا، وسوء استخدام النيابة العامة، والضغط على القضاة من أجل اتخاذ قرارات معينة.

عدم إيفاء رواندا بمتطلبات البلد الآمن شكلت أساس الشكوى المقدمة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أصدرت قرارها في 14 يونيو/حزيران 2022، بإلغاء أول رحلة جوية كان يفترض أن ترحّل لاجئين من بريطانيا إلى رواندا. ورداً على القرار أعدت الحكومة البريطانية خطةً تشريعية للخروج من تحت مظلة المحكمة الأوروبية، وبحسب المشروع الذي أعده وزير العدل البريطاني فسيتم التخلي عن قانون حقوق الإنسان الذي يتضمن الخضوع للمحكمة الأوروبية، ليحل محله قانون جديد لحقوق الإنسان وهو ما يراه البعض  بأنه اتجاه ممنهج من جانب الحكومة لتقليص حقوق المواطنين؛ في محاولة منها لكي تصبح غير خاضعة للمراجعة من قبل المحاكم. فالمشروع الجديد لن يتضمن الحماية ذاتها التي يتضمنها القانون الحالي. ومن التعديلات التي تريد الحكومة إدخالها، أن قدرة المحكمة الأوروبية على فرض تدابير مؤقتة لم تعد تنطبق على المحاكم البريطانية، أي مثلما حصل في قضية الترحيل إلى رواندا.

  • الاتفاق بين المملكة المتحدة ورواندا والاتفاقات المشابهة لا تقدم حلولاً لقضية اللاجئين بل توسع من مداها الجغرافي وتضيف أعباءً جديدة على الهاربين من العنف والاضطهاد, في حين أن التعامل مع ملف اللجوء عالمياً لا يتم إلا عن طريق حظر تدفق الأسلحة إلى أطراف النزاعات المسلحة غير الدولية، والرقابة على مبيعات الأسلحة عالمياً, والتمسك بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لحل النزاعات, والاستثمار الاقتصادي والسياسي فى البلدان التى يفر منها اللاجئون ، والحد من عوائق البيروقراطية لدى الدول المستقبلة للاجئين وتسهيل الطرق الشرعية والقانونية لطلب اللجوء ، وإعطاء تأشيرات إنسانية عاجلة لحالات الطوارئ.

 

لتنزيل الملف الكامل: