اليوم العالمي لمحاربة الافلات من العقاب على الجرائم الواقعة على الصحفيين

 

بتاريخ 21 شباط/فبراير 2014، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 68/163، والمعنون “سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب”، أعلنت فيه يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، يوماً دولياً “لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضدّ الصحفيين”، وقد اختير هذا التاريخ  احياءً لذكرى صحفيين فرنسيين اغتيلا في مالي يوم /2/ تشرين الثاني/نوفمبر 2013 .

سبق وأن أحصت اليونسكو مقتل قرابة /1200/ صحفي، أثناء تأديتهم لعملهم في نقل الأخبار والمعلومات إلى الجمهور، خلال الأعوام الأربعة عشر الماضية 2006-2019، حيث يُقتل وسطيّاً صحفي/ة كل أربعة أيام. في حين، وثّق تقريرنا الصادر في اليوم العالمي لحريّة الصحافة 3 أيار 2021 تحت عنوان، “الثقب الأسود”، /1609/ انتهاكاً بحق العاملين/ات في الحقل الإعلامي، في الفترة بين 15 آذار 2011 ونهاية كانون الأول  2020، من ضمنهم /70/ انتهاكا بحق إعلاميّات نساء، أو عاملات في المجال الإعلامي، بمعدّل وقوع انتهاك على الأقل بحق إعلامي/ة كلّ ثلاثة أيام. كما أشار التقرير نفسه إلى أنّ سوريا كانت الدولة الأكثر دمويّة في العالم على الصحفيين عام 2016، حيث تمّ توثيق /261/ انتهاك. 

وفي حين أنّ القاتل يُفلت من العقاب في تسع حالات من أصل عشرة بحسب اليونسكو، فإنّ المحاسبة على الجرائم الواقعة على الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي، ضحايا هذا العدد الكبير من الانتهاكات واسعة الطيف، لم يعرفوا أيّ نوعٍ من العقاب على جرائمهم الممتدّة من الخطف إلى الإخفاء القسري، إلى التعذيب والقتل تحت التعذيب، أو عبر المحاكمات غير العادلة، وليس انتهاءاً بالاستهداف المباشر، خاصّة للصحفيين/ات والإعلاميين/ات السوريين. ومن المؤسف أنّ الإفلات من العقاب يشجّع على تكرار الجريمة من ذات المجرمين، كما يشجّع الأطراف الأخرى على القيام بجرائم مماثلة. 

وبحسب تقريرنا آنف الذكر، تبين أنّ الحكومة السورية هي الطرف الأكثر ممارسة للانتهاكات بحق الصحفيين، بواقع /795/ انتهاك، وإفلات مرتكبي هذه الانتهاكات من العقاب، يُعتبر أحد أبرز العوامل التي شجّعت الأطراف الأخرى المنخرطة في الصراع السوري، الداخليّة أو الخارجيّة، على تكرار الجرائم. حيث وثّق التقرير ارتكاب مجموعات من المعارضة المسلّحة لـــِ /171/ انتهاكاً ضدّ عاملين وعاملات في المجال الإعلامي؛ أيّ أنّ الحكومة السورية متهمة بالمسؤوليّة عن أربعة أضعاف هذا العدد. في حين تمّ توثيق /106/ انتهـاك مـن قبـل الإدارة الذاتيـة ضمن مناطق سيطرتها في شمال شرق سوريا، وهو العدد الأقل، في منطقة تضمّ حالياً، عدداً كبيراً جداً مـن العاملين/ات، والمؤسسـات الإعلاميّة فـي سـوريا. 

كذلك تمّ توثيق /78/ انتهاكاً ارتكبها الاتحاد الروسي، و/38/ انتهاكاً من قبل تركيا، في حين تمّ تسجيل /5/ انتهاكات من قبل كل من قوات الأمن الأردنيّة، ومثلها اللبنانيّة. أما جبهة النصرة، فسجّلت في التوثيقات /140/ انتهاكاً بالإضافة إلى /6/ من قبل حكومة الإنقاذ. فيما تم توثيق /164/ انتهاكاً ارتكبه تنظيم داعش الإرهابي. 

إنّ محاربة الإفلات من العقاب على الجرائم الواقعة على الصحفيين من أهم خطوات استعادة سيادة القانون والثقة بالنظام القضائي في الدولة، وبحسب اليونسكو فإنّ “الإفلات من العقاب يدّل، في معظم الأحيان، على تفاقم النزاع، وعلى تداعي النظامين التشريعي والقضائي”؛ وعليه يجب على جميع أطراف النزاع، ولاسيما الحكومـة السـورية خاصّة، وبشكلٍ فوري، أن تقوم بتنفيذ الخطوات التالية: 

  • الإفراج الفوري وغير المشروط عـن المعتقليـن/ات، والمختفيـن/ات قسـراً فـي السجون ومراكز الاحتجاز ّ الرســميّة أو غير الرسميّة، وإنهاء ممارسات التعذيب، والمعاملة المُهينــة للكرامة الإنسانيّة، والتــزام متطلبّــات المحاكمــة العادلــة فــي الهيئــات القضائيــة، أو التــي تمــارس مهــام القضــاء.
  •  الكشـف الفوري وغير المشروط عن مصير المغيبين من المشتغلين في الحقل الإعلامي، والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقــم /1738/ عــام ،2006 بشأن حماية الصحفيين/ات، والعامليــن/ات فــي الشــأن الإعلامي، والمنشآت الإعلاميّة، أثنــاء النزاعات المسلحة، واتخاذ الخطوات ّ المناسبة لكفالة المساءلة عــن الجرائم المرتكبة ضــدّ العامليــن/ات فــي المجــال الإعلامي.
  • منـح المراقبين الدوليين حـق الوصـول إلـى كافـة مراكـز الاحتجاز، كذلك مراقبـي حقـوق الإنسان، بمـن فيهـم مقـرّر الأمم المتحــدة الخــاص المعنــى بالإعدام خــارج نطاق القانــون، والمقرر الخاص المعني بحريّة الرأي والتعبير، ومكتــب المفــوّض السامي لحقوق الإنسان، ولجنة التحقيـق فـي سـوريا التابعـة لمجلـس حقـوق الإنسان فـي الأمم المتحـدة،  المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان فـي الجمهوريـة العربيـة السـورية.
  • الوقف الفوري لتنفيـذ أيـّة أحكام صادرة بالإعدام، وضمـان احتـرام أشـد المعاييــر الدوليــّة للمحاكمة العادلة صرامة، فيما يتصل بالإجراءات المتعلقـة بأيـّة جرائـم، يحتمـل أن تـؤدي إلـى فـرض مثـل هـذه العقوبـة.
  • التحقيـق فـي جميـع جرائـم قتـل الصحفييـن/ات والإعلاميين/ات، مـع التأكـد مـن أنّ التحقيقات تتمتـع بالمـوارد الكافية والفعّالة، وضمان محاسبة جميــع المســؤولين عــن قتــل الصحفييــن والعامليــن فــي وســائل الإعلام؛ والحــد مــن ظاهــرة الإفلات مــن العقــاب عــن الجرائــم المرتكبــة بحــق الإعلام، والعامليــن فــي الحقل الإعلامي.
  • حمايــة الصحفيين/ات والمشتغلين/ات فــي الشــأن الإعلامي، وتأمين أماكــن للتغطيــة الإعلاميّة، لا تطالها الأعمال القتاليّـة بشـكل مباشـر، ومعاقبة كل مـن تثبـت عليـه تهمـة الاعتداء علـى العامليـن فـي الشـأن الإعلامي.