باريس- قدم المحامي مازن درويش، المدير العام للمركز السوري لحرية الإعلام والتعبير، مجموعة من الوثائق والأدلة الجنائية إلى قضاة التحقيق المكلفين بالنظر في الشكوى الجنائية التي سبق وقدمت من قبل مجموعة من الناجين/ات والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، بدعم من مبادرة عدالة المجتمع المفتوح والأرشيف السوري، حول هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا، والتي استهدفت مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية في كل من 5 و21 آب/ أغسطس لعام 2013. ترتكز هذه الدعوى المقدمة في فرنسا على اختصاص الولاية القضائية خارج الإقليم.
وقد تم تسليم القضاة 491 دليلاً، تتضمن مجموعة كبيرة وحصرية من الصور ومقاطع الفيديو التي توثق الهجمات بالأسلحة الكيماوية، بالإضافة إلى خرائط تحدد بدقة مواقع الهجمات ومواقع سقوط القذائف، والتي تم جمعها وتوثيقها من قبل فريق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا منذ الضربة حيث كان مقره في دوما في ذلك الحين، وفي وقت لاحق، أمضى فريق مشروع التقاضي الاستراتيجي في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير أكثر من أربع سنوات في متابعة وتحليل الأدلة.
وتكمن أهمية الأدلة التي تم تسلمها إلى قاضي التحقيق، بكونها تتضمن وثائق تتعلق بسلسلة القيادة العسكرية وحيث تحدد وبدقة المتورطين في إصدار الأوامر وتنفيذ الهجمات من أعلى السلسلة الهرمية للقيادة المتمثلة برئيس الجمهورية (القائد العام للجيش والقوات المسلحة)، وصولاً إلى أدنى الرتب المتصلة بهذه السلسلة. وقد تضمنت الوثائق أسماء ورتب 246 ضابطاً من الفرقة الرابعة التي يرأسها اللواء ماهر الأسد، و94 ضابطاً من اللواء 155 صواريخ، بالإضافة إلى 32 ضابطاً من اللواء 106 حرس جمهوري؛ كما تم توثيق ارتباط مركز الدراسات والبحوث العلمية في الهجوم، مع رسم الهيكلية الإدارية الخاصة بسلسلة القيادة في المركز، حيث تم تحديد أسماء ورتب ووظائف 418 من العاملين فيه، من بينهم ضباط وأفراد وإداريين وفنيين، بما في ذلك دور المعهد 540 والمسؤول عن وسائط تخزين الغازات السامة، لاسيما غاز السارين الذي استخدم في الهجمات، وتدريب العسكريين على تجهيز الرؤوس الحربية به.
كما تتضمن الأدلة المقدمة مجموعة واسعة من الشهادات المباشرة، بما في ذلك شهادات لـ 61 شاهد وناجي/ـة، من بينها شهادات لـ منشقين عن القطع العسكرية المذكورة أعلاه كان لهم الدور الكبير في المساعدة بتحديد المسؤولية الجنائية الفردية للجناة.
هذه الأدلة أتت ثمرة لجهود العاملين في المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير، الذي تابعوا العمل على جمع الأدلة وعلى توثيق التسلسل القيادي ضمن الحكومة والجيش والقوات المسلحة السورية، والتي تعتبر مسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا،
وهو العمل الذي كانت قد بدأته الزميلة رزان زيتونة قبل أن تصير ضحية للاختفاء القسري، وتابعه كل من فريق مشروع مركز توثيق الانتهاكات وفريق مشروع التقاضي الاستراتيجي في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بالتعاون مع مجموعة من الجهات الإعلامية والحقوقية، بما في ذلك موقعي “زمان الوصل” و”صحيفة جسر”.
الجدير بالذكر أنه تم تقديم شكاوى مماثلة في السويد وألمانيا بناءً اختصاص الولاية القضائية العالمية.