فاغنر في سوريا: محكمة موسكو تعرقل التحقيق وتؤيد قراراً صادراً في قضية القتل والتعذيب

موسكو، باريس، 02 شباط/ فبراير 2022

 

محكمة مدينة موسكو أيدت القرار الصادر عن محكمة بسماني في موسكو، حيث انّ لجنة التحقيق الفيدرالية الروسية تقاعست عن التحقيق في عملية القتل الوحشي التي تعرض لها السوري محمد الإسماعيل عام 2017 على أيدي أعضاء مزعومين في الشركة العسكرية الخاصة (PMC) والتي تعرف بـ (مجموعة فاغنر) في سوريا. لجنة التحقيق لم تقم بتقديم أي معلومات عن مصير الشكوى المقدمة من قبل أخ الضحية عبدالله الاسماعيل.

لقد تمّ توثيق التعذيب، القتل والتنكيل بجثة الإسماعيل من خلال فيديو الذي انتشر عبر شبكة الانترنت. المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مركز ميموريال لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان قاموا بالمساعدة على تحضير ملف الشكوى القضائية، وتكليف المحاميان إليا نوفيكوف وبيوتر زايكين لتمثيل الإسماعيل . 

“إنّ قرار المحكمة هو بالتأكيد غير قانوني ولكن ضمن إطار استراتيجيتنا، اعتبرنا منذ البداية أن القضاء الروسي وتطبيق القانون في روسيا سيكون حكماً عاجزاً وغير راغب بالاعتراف بجرائم ارتكبها عناصر في قبل مجموعة فاغن” قال المحامي الموكل بملف الدعوى إليا نوفيكوف، كذلك علق على القرار الصادر عن قرار محكمة روسيا: “كان من المهم بالنسبة لنا استنفاد كل الحلول داخل روسيا في سبيل تقديم الشكوى الى محكمة حقوق الإنسان لدى الاتحاد الأوروبي. ومن وجهة النظر هذه ما قالته المحاكم الروسية لا يشكل أي فرق بالنسبة لنا، ولذلك سوف تذهب هذه القضية إلى ستراسبورغ بطريقة أو بأخرى. 

المحاميان نوفيكوف وزايكين طلبا من محكمة مدينة موسكو بنقض القرار الصادر عن المحكمة من قبل والاعتراف ان رئيس لجنة التحقيق الفيدرالية الروسية ألكسندر باستريكين قد تقاعس عن أداء مهامه في هذا الصدد وإجباره على تصحيح الخروقات المرتكبة. 

المحكمة الابتدائية أيدت الحجج المتعلقة بالتحقيق، حيث أنّ رئيس لجنة قسم التحقيق أ. باختوسوف أبدى اعتراضه على ما تقدم به المحامين. برأيه أن الشكوى المرتبطة بقتل الاسماعيل ينقصها المعلومات: “نقص بالمعلومات حول الظروف التي أحاطت بالجريمة، وعليه من الصعب تسجيلها في سجل الجرائم وبالتالي لا تطلب تحقيق إجرائي.” 

وبالتالي اعتبر باختوسوف أن واقعة موت محمد الاسماعيل غير موجودة وغير موثقة. كذلك شكك بمصداقية الفيديو المرافق للشكوى على حدّ اعتباره، ولكن الفيديو يضهر بشكل واضح عدد من الرجال الذين يتكلمون اللغة الروسية ويرتدون بدلات عسكرية مموهة. هؤلاء الرجال قاموا بتعذيب الإسماعيل، ثمّ قتله ومن بعدها بتقطيع أوصاله وعرض الرأس المقطوع. 

ممثل لجنة التحقيق كذلك اعتبر ان هناك غياب لطلب قانوني من الجهات المختصة في سوريا، حيث تمت الجريمة وحيث أن مقدمي الشكوى يعتبروا أن أشخاص روسيين اشتركوا بجريمة قتل وهذا أمر “تخميني” بالطبيعة. 

بنفس الوقت أوضح المحاميان أن المحكمة المحلية كان عليها إعتبار أن الحجج المقدمة من قبل باختيسوف غير صحيحة ولا تمتلك أي براهين أو قرائن. وبالتالي، ليس هناك أي دليل أن لجنة التحقيق أرسلت طلب لسوريا للتحقيق في عملية التعذيب والقتل وأيضاَ أن اللجنة نفسها لم تقم بأي خطوة لتقديم الحقيقة.

لكن على العكس، الشكوى الأولى المقدمة تحتوي على المعلومات الكافية والوافية للشروع في التحقيقات حول إمكانية اشتراك أشخاص روسيين بقتل وتعذيب شخص سوري، حتّى أنه تم توثيق اسم أحد الأشخاص الذين اشتركوا بالجريمة وهو ستانيسلاف ديشكو وهو يقطن في قرية كراسنوكيومسكوي، ستافرولو كراي. 

ووفقاً للقانون الجنائي الروسي، يتم محاكمة محلياً كل روسي يرتكب جرماً خارج الأراضي الروسية، في حال لم يكن تمت محاكمته في دولة خارجية. وهذا يعني انّ من ارتكب جريمة قتل الإسماعيل كان قد خالف القوانين الروسية والسورية على حد سواء ولكن لم يتم محاكمتهم في أي من البلدين لغاية اليوم. 

محكمة باسماني تجاهلت كلّ الدلائل التي تم تقديمها من قبل عبد الله الإسماعيل والمحامين ولكن تم اصدار قرار تعسفي بناءً على اعتراضات لجنة التحقيق وهذا ما أيدته محكمة موسكو. 

المحامي مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير انتقد القرار الصادر عن المحكمة: “أسوأ شيء ممكن أن يحصل للنظام القانوني أن لا يكون مستقل ويتم تسييسه بحيث يتبع أوامر الحكومة. تمنينا ان يقوم الجسم القضائي الروسي بردع مرتزقة فاغنر او أي مجموعة أخرى مشابهة ارتكبت جرائم حرب، لكن على العكس هم يؤمنوا الحماية للمجرمين والمعتدين على حقوق الإنسان، بطريقة مشابهة لما تفعله الحكومة الروسية”

“اليوم تأكدنا للمرة الثانية أن القضاء الروسي يفتقد الإرادة والإستعداد للتحقيق في جرائم شنيعة ارتكبها مواطنين روس” هذا ما أضافته كليمانس بيكتارت، المحامية ومنسق مجموعة إجراءات التقاضي التابعة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان. 

درويش بدوره قال أيضاً: “أن مسار التقاضي في روسيا يمكن أن يكون متعب ومرهق، لكن سوف نستكمل جهودنا لتحقيق العدالة لعائلة اسماعيل وكل الضحايا الآخرين، وبالطبع هناك مسارات قانونية أخرى، ليست بالضرورة أن تكون أمام المحاكم الروسية. 

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعتبر أنه لكي يكون التحقيق “فعال”، التحقيق الأولي لا يكون كاف. وفي قضية ليابين، (case of Lyapin v. Russia) قالت المحكمة الأوروبية أن التحقيق الأولي الذي أجري كان ضيق النطاق أنه لا يمكن أن يقود لأي اتهام أو عقوبات ضدّ مرتكبي الجرائم. 

خلفية القضية: 

  • في 11 آذار/مارس تقدم عبد الله الإسماعيل، وهو على تواصل مباشر ودائم مع المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، تقدم بطلب لفتح قضية ضدّ مجرمين ارتكبوا عملية قتل وتعذيب. وكذلك قام بتقديم طلب للتأكد ان كان هناك أي من جرائم أخرى في القضية، كجريمة حرب على سبيل المثال. 
  • في 26 آذار/ مارس و13 تشرين الأول/ أكتوبر، المحاميان نوفيكوف وزايكين قاما بتقديم طلب للحصول على معلومات من لجنة التحقيق حول تسجيل القضية، تطور القضية ونتائج التحقيق الأولي وكذلك نسخ من الملفات والوثائق.
  • الشكوى تم تقديمها للمحكمة ثلاث مرات مختلفة، 19 نيسان/ أبريل، 04 أيار/ مايو وفي 19 تموز/ يوليو. في مرتين تم ردّ الدعوى بسبب حجج مختلفة، والمحامين بدورهما قاما ببذل جهد إضافي للحصول على معلومات حول مصير الشكوى.
  • في 01 تشرين الأول/ أكتوبر، المحامي زايكين تقدم إلى رئيس محكمة باسماني بطلب حول قرار المحكمة في ما يخصّ الشكوى الثالثة، وفي 18 كانون الثاني/ يناير  قامت المحكمة بردّ الشكوى.