الرسالة التي سلمها مازن درويش الى المبعوث الخاص ستيفان ديميستورا اليوم في جنيف

سعادة المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي مستورا

تحية طيبة:

ترددت كثيرا قبل تلبية دعوتكم الكريمة وذلك لإحساسي كمواطن سوري بـ الخذلان وبعدم الجدوى نتيجة لفشل المجتمع الدولي في التصدي لمسؤولياته الأخلاقية والسياسية طوال السنوات الخمس السابقة وخوفا من المشاركة في مشهد تم اعداده بشكل مسبق بعيدا عن طموحاتنا ورغباتنا كمواطنين سوريين نمتلك كامل الحق والمشروعية في العيش بكرامة وحرية وعدالة. الى أن قال لي معاتبا أحد الاصدقاء (ان رفض المشاركة هو ترف شخصي لا تمتلك الحق به في ضوء الواقع الذي تعيشه بلادنا).

السيد ديمستورا ما بدأ في سورية كحركة مطلبية سلمية مبنية على قيم الديمقراطية و حقوق الانسان تحول بسبب تعنت وبطش السلطة في سورية من جهة و بسبب الاستثمار السياسي لأطراف اقليمية ودولية وجماعات ارهابية من جهة أخرى الى حرب عالمية جديدة لكن هذه المرة تدور في بلد واحدة هي سوريا , نتائجها الكارثية على المستوى الانساني هي الاكبر منذ الحرب العالمية الثانية انما ضحيتها شعب واحد هو الشعب السوري. وأمام هذا الواقع المأساوي فانه لا يوجد أمامنا بديل عن الحل السياسي في سورية لوقف هذه الحرب الكارثية القائمة أساسا على متلازمة الاستبداد والارهاب , مع التأكيد على أن أي حل سياسي لا يؤسس لقيام نظام حكم مدني ديمقراطي تعددي قائم على المواطنة و حرية الاعتقاد والتعبير لن يكون عمليا إلّا اطالة لأمد الحرب وحلقة جديدة من حلقات الصراع.

السيد ديمستورا يتطلع اليوم الملايين من المواطنين السوريين الى مفاوضات جنيف كبارقة أمل لتخليصهم من ويلات الحرب والاستبداد والارهاب وللانطلاق نحو مستقبل آمن لأطفالهم وعائلاتهم خصوصا بعد أن أكدت لهم في كلمتك أنه (لا يمكن لهذا المؤتمر أن يفشل).

ولضمان امكانية نجاح هذا المؤتمر فانه لابد من المسارعة فورا الى البدء بوضع الاسس الكفيلة بحل مجموعة من الملفات الحقوقية بشكل فوري بغض النظر عن المسار السياسي و تعقيداته و الزام والتزام جميع أطراف المفاوضات بإجراءات بناء الثقة التي نصت عليها مجموعة من القرارات الاممية خصوصا قرار مجلس الأمن رقم 2139لعام 2014، وقرار مجلس الامن 2165 لعام 2014 والقرار 2254 لعام 2015 والذي ينص في بنوده على أن هذه الاجراءات فوق تفاوضية الامر الذي يقتضي تنفيذ مجموعة من الاجراءات مع ضمان الآليات التنفيذية لها و على الأخص :

  • الزام جميع أطراف الصراع وأطراف المفاوضات في سورية بالوقف الفوري لأي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حد ذاتها والبنى الأساسية المدنية، خصوصا الهجمات ضد المرافق الطبية والمستشفيات والمخابز والأسواق، والوقف الفوري لأي استخدام عشوائي للأسلحة ، بما في ذلك القصف المدفعي والقصف الجوي، والامتناع الفوري عن استخدام الاسلحة المحرمة دوليا كالقنابل العنقودية و الاسلحة الكيماوية .وصولا الى اعلان شامل لوقف اطلاق النار .
  • الزام أطراف المفاوضات وقف تنفيذ كافة احكام الاعدام في القضايا المتعلقة بالأحداث الجارية والصادرة منذ العام 2011 في سورية و خصوصا تلك الاحكام الصادرة عن محكمة الميدان العسكرية الاولى و الثانية و محكمة قضايا الارهاب بدمشق والمحاكم العسكرية والاستثنائية بكافة انواعها وأشكالها و كذلك كافة أنواع المحاكم الشرعية و المحاكم التابعة للفصائل العسكرية.
  • فك الحصار عن جميع المناطق المحاصرة والالتزام المطلق من قبل أطراف المفاوضات وخصوصا الحكومة السورية بعدم استخدام الجوع كسلاح تحت أي ذريعة كانت وضمان ادخال كافة المواد الغذائية والطبية وتأمين العلاج اللازم لكافة الجرحى والمرضى وضمان حرية الحركة والسلامة لجميع المدنيين المحاصرين بدون اي قيد او شرط.
  • إطلاق سراح كافة المعتقلين تعسفيا ومعتقلي الرأي والنساء والاطفال وكافة الموقوفين والمختطفين على خلفية الصراع لدى جميع الاطراف المنخرطة في العملية التفاوضية
  • انشاء مؤسسة وطنية سورية تحت اشراف الامم المتحدة تكون مسؤولة عن ملف المعتقلين في سورية تبدأ بداية من فتح كافة مراكز الاعتقال والاحتجاز التي تديرها الحكومة السورية واجهزتها الامنية وتلك التابعة لمجموعات الدفاع الوطني واللجان الشعبية وكذلك مراكز الاحتجاز التابعة للفصائل العسكرية المعارضة امام مفتشين دوليين ومحليين وامام المؤسسات الحقوقية والانسانية المحلية والدولية ومنح مراقبي الاحتجاز الدوليين والمحليين المعترف بهم حرية الوصول إلى كافة مراكز الاعتقال، الرسمية وغير الرسمية، دون إخطار مسبق. وإلزام أطراف الصراع المنخرطين بالمفاوضات تسليم الامم المتحدة قوائم رسمية بأسماء كافة المعتقلين والمحتجزين لديها بحيث تتضمن مكان وتاريخ اعتقالهم واسباب اعتقالهم والتهم الموجهة إليهم.
  • إنشاء مؤسسة وطنية سورية تحت اشراف الامم المتحدة تكون مسؤولة عن مصير المختفين والرفات البشرية والمقابر الجماعية المجهولة في سوريا. يجب أن تتمتع هذه المؤسسة بتكليف دولي للتحقيق، بما في ذلك القدرة على مراجعة جميع السجلات الرسمية، مقابلة أي مسؤول، واستخدام أي وسيلة علمية أو تقنية أو قانونية ضرورية للتعرف على الرفات بواسطة الطب الشرعي واستعادتها. وإلزام أطراف الصراع المنخرطين بالمفاوضات بتسليم الامم المتحدة قوائم بأسماء الاشخاص الذين تم اعدامهم بناء على احكام قانونية او شرعية وقوائم بأسماء الاشخاص الذين ماتوا في المعتقلات ومراكز الاحتجاز يتضمن مكان دفنهم.
  • الغاء كافة مذكرات التوقيف والاعتقال وبلاغات منع السفر الصادرة عن محكمة قضايا الارهاب بدمشق ومكتب الامن الوطني وكافة الاجهزة الامنية بحق المعارضين السياسيين والفاعلين المجتمعيين والناشطين المدنيين وضمان حرية العمل السياسي والمدني السلمي من قبل جميع أطراف المفاوضات.
  • منح المنظمات المدنية السورية والدولية اذون عمل خاصة داخل الاراضي السورية تحت اشراف الامم المتحدة واعلان مدينة دمشق و كافة مراكز المحافظات و المناطق السورية الخاضعة لسيطرة أطراف المفاوضات مناطق حضراء تتكفل فيها هذه الاطراف بتأمين كافة اسباب الحماية و الأمان لهذه المنظمات و العاملين فيها و للصحفيين و وسائل الاعلام السورية و العالمية .

مازن درويش

مواطن سوري

جنيف 5/2/2016