اختطاف رزان زيتونة وزملاءها العاملين في مركز توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا

في اليوم الألف من عمر الحراك الثوري في سوريا, تمّت مداهمة مكتب “مركز توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا” في مدينة دوما, مساء يوم الاثنين 9 كانون الثاني 2013, وذلك من قبل (ملثمين مجهولين) بحسب ما أفادت الأنباء. واختطاف كل من الناشطة الحقوقية “رزان زيتونة” وزملاءها في المكتب وهم “وائل حمادة” وهو ناشط سلمي شارك منذ بداية الحراك الثوري في العمل المدني السلمي, متزوّج من الحقوقية رزان زيتونة, والشاعر والناشط الحقوقي ناظم حمادي, عُرِفَ بعمله التطوّعي في فرق الدفاع عن معتقلي ربيع دمشق وإعلان دمشق. لناظم ديوان شعر مطبوع وكان يعد لتشر ديوان آخر بعد انطلاق الثورة. بالإضافة إلى الناشطة والمعتقلة السياسية السابقة “سميرة الخليل”, لكونها من أعضاء حزب العمل لشيوعي, حيث استمرّ اعتقالها في فرع الأمن العسكري قرابة الأربع سنوات من أوائل شهر أيلول 1987 وحتى  26 تشرين الثاني/نوفمبر 1991.

رزان زيتونة إعلامية وناشطة حقوقية في الدفاع عن حقوق الإنسان, عملت منذ بداية تخرّجها من كلية الحقوق في دمشق في الدفاع عن معتقلي الرأي في سوريا, ومع انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011 كانت من أوائل المشاركين في فعاليات الحراك السلمي, وكانت من المؤسسيّن ل “لجان التنسيق المحلية” في سوريا, ثمّ تخفّت بسبب ملاحقة قوّات الأمن السوري لها واستهدافها, واعتقال زوجها الناشط السلمي “وائل حمادة” وأخيه. لاحقاً رفضت “زيتونة” وزملائها مغادرة سوريا, وتابعوا العمل في رصد انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري, (الغوطة الشرقية- دوما), كذلك تابعت زيتونة عملها الإعلامي, وكان آخر ما نشرته يوم 9 كانون الثاني بعنوان (ثلاثة أيام من الأمل على طريق الخروج من الحصار), وفيه كتبت:

(ما بعد الحصار، ما بعد الثورة وما بعد الحرب… حلم يربطنا جميعاً.. كأننا في سلسلة بشرية طويلة تحمل المعاول وتتقدم ببطء وثبات من نهاية الطريق… طوبى لمن سيجتازه في النهاية).

يُذكر أنّ زيتونة سبق وأن تلقت في 6 تشرين الأول 2011 جائزة “آنا بوليتكوفيسكايا” من الجمعية البريطانية (RAW in War) لعملها الشجّاع في مجال رصد انتهاكات حقوق الإنسان. كما واختارها اختارها البرلمان الأوروبي مع أربعة مواطنين عرب آخرين للفوز بجائزة “ساخاروف” لحرية الفكر, بالإضافة إلى فوزها بجائزة “ابن رشد”.

وكان سبق لرزان زيتونة أن طالتها التهديدات في مسكنها في مدينة دوما, وحول هذا ذكرت “زيتونة” في حوار معها: (رغم جميع الأخطاء تبقى الغوطة الشرقية أجمل مثال للثورة السورية بوجهها الناصع. لذلك قلنا ونقول لا تتركوا الغوطة لمصيرها، فهي بحاجة لتقوية عناصر القوة فيها لتكون قادرة على مواجهة السلبيات التي واجهت بقية المناطق المحررة. بكل الأحوال هناك دائماً من لم يستفيدوا من درس الثورة، ويعتقدون أن بإمكانهم استنساخ تجربة اللون الواحد والصوت والواحد. هذا مستحيل، الزمن لن يعود إلى الوراء. وهؤلاء سيسقطون كما سيسقط النظام. تهديد النشطاء واعتقالهم واغتيالهم بالآلاف من قبل النظام لم يؤدِّ إلى وقف أو تراجع الثورة. فلماذا يعتقد البعض أنه بمثل هذه الممارسات قد يفرض رؤيته وخطّه ولونه؟!).

من جهته أدان المجلس المحلي لمدينة “دوما” وعلى الفور اختطاف الناشطين الحقوقيين الأربع, وطالب “كافة التشكيلات العسكرية والقوى الثوريّة الفاعلة على الأرض بمتابعة القضية لأنها وصمة عار في جبين دوما الحرّة”.

إنّ اختطاف “رزان زيتونة” و”وائل حمادة” و”ناظم الحمادي” و”سميرة الخليل” هو أبعد من محاولة كتم صوت حقوقي, مدني, في منطقة خرجت عن سيطرة النظام السوري وأدوات قمعه. إنّها محاولة لسرقة تلك المناطق وفرض أنظمة ديكتاتورية, قمعيّة جديدة, تنهج سياسات التهديد, الخطف, والاغتيال, وسواها من الممارسات التي تحط من الكرامة الإنسانية, وقيمة الحياة الإنسانيّة, وتخرق جميع المواثيق والعهود الدولية والقانونية لشرعة حقوق الإنسان.

إننا في “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” نطالب الجهات الخاطفة بالإفراج الفوري عن الناشطة الحقوقية والإعلامية رزان زيتونة, وزملائها العاملين في “مركز توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا”, ونحمّلهم مسؤولية حياتهم وسلامتهم الجسدية والنفسيّة, ونطالب الجهات المسؤولة في منطقة “دوما”- الغوطة الشرقية, بمحاسبة المسؤولين بشكل علني ودون أي تأخير.