سوريا تفقد فرسانها..يحيى الشربجي وإسلام دبّاس.. قُتلا في السجون السورية

ينعي “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، وبأشدّ عباراة الأسى، الزملاء “يحيى الشربجي” و”إسلام دبّاس” الذين تمّ تأكيد أنباء مقتلهما إعداماً يوم 15 كانون الثاني من العام 2013. سُلّمت أوراق وفاة “الشربجي” مع أخيه “محمد الشربجي” المعروف بمعن الشربجي يوم 23 تموز 2018، علماً أنّ معن وبحسب ما أُبلغت العائلة توفيّ 13 كانون الأول من العام نفسه.
قُتل يحيى الشربجي الذي قال “أن أكون مقتولاً أفضل من أن أكون قاتلاً” بعد عام وأربعة أشهر من التعذيب الوحشي بحسب ما افادت الأنباء آنذاك. وكان “الشربجي” وهو من ابرز قادة الحراك المدني السلمي في مدينة داريا، وأحد مؤسّسي لجان “لجان التنسيق المحليّة” قد اعتقل يوم 6 أيلول 2011 في الكمين الذي نصبته قوات المخابرات الجويّة السورية لشقيقه، واعتقل برفقته آنذاك “غياث مطر” رفيق دربه الذي تمّ تسليم جثمانه إلى ذويه بتاريخ 10 أيلول 2011 وقد شوّهه التعذيب.
“يحيى الشربجي” و”إسلام دبّاس” من أبرز نشطاء الحراك المدني السياسي، اللا عُنفي، في سوريا لسنوات قبل بدء ثورة الكرامة والحرية في آذار 2011، والذي عُرف بحراك “شباب داريا السلمي”. وقد سبق لشربجي وهو من مواليد (1979) أن اعتقل في أيارّ العام 2003 بسبب نشاطه هذا في حملات مدنيّة في مدينة داريا لمكافحة الفساد وتنظيف الشوارع، في الوقت الذي كانت البلاد ترزح فيه اسميّاً ورسميّاً تحت “قانون الطوارئ” الذي يمنع المبادرات المواطنيّة التي لا يُشرف عليها جهاز الأمن السوري، ويمنع التجمّع، ويمنع النشاط كما يمنع التفكير والحلم بالتغيير، وفي هذه البلاد التي تصوغ القانون فيقتل المواطنون ولا يَحييون حَكمت المحكمة العسكرية عليه بالسجن 4 سنوات في سجن صيدنايا العسكري، قضى منها سنتين ونصف منها أربعة أشهر ونصف في المنفردة، بالإضافة إلى التجريد من حقوقه المدنيّة والمنع من السفر.
ولدّ “إسلام دبّاس” عام 1989، وقتل في ظلام السجون السورية عام 2013، إلاّ أنّ عائلته لم تُبلّغ حتى يوم 16 تموز 2018. اعتقل الدبّاس وهو طالب هندسة معمارية لنشاطه البارز في قيادة الحراك المدني السلمي في مدينة داريا التي أعلنت انتمائها الكلّي إلى ثورة الكرامة والحريّة، الثورة السلميّة غير المُسلحّة، التي انطلقت في آذار 2011، وكان لا بُد للقضاء عليها من القضاء على فرسانها المدنيين، ومن أبرزهم شباب داريا. فاعتقل إسلام يوم 22 تموز 2011 في يوم الجمعة التي سُميّت “بجمعة الوحدة الوطنية”!
تطوّال قائمة الشهداء السلميين الذي دفعوا حياتهم ثمناً لحلم بالكرامة والحريّة يمهدّون دربّه بالكلمة والورد، واليوم تُقدّم الحكومة السورية شهادات الوفاة لذوي الشهداء كجزء من عمليّة طيّ ملف المعتقلين في السجون السورية، الذي يأتي في إطار ترتيب الأوراق لمرحلة “إعادة الإعمار” والتعاون مع الحكومة السورية، والذي تقوم به معظم حكومات العلم مُتغاضية عن واحدة من أفظع الجرائم التي سوف يذكرها التاريخ طويلاً، وهي “القتل تحت التعذيب” الذي فاخرت به الحكومة السورية منذ اليوم الأوّل حين سلمّت جثمان الطفل “حمزة الخطيب” ومن ثمّ جثمان “غياث مطر” كرسائل واضحة على سياسة لا تهادن ولا تجامل في وحشيتها.
نجحت الحكومة السورية في خياراتها جميعاً، مذ جرّدت الثورة من فرسانها والبلد من أحلامها، وصفّت جماجم أبناء البلد درباً إلى السنوات القادمة والانتخابات القادمة.. لكن من ينقذ البلد من وحشّة الذاكرة ومن مستقبل يبنيه ملوك الحرب لا رجالات عقل وسلم وكلمة؟!