يسلط الجزء الثاني من تقرير جيوش الظل 2024 الضوء على مجموعات المقاتلين الأجانب التي تستوفي متطلبات تعريف المرتزقة في سوريا, كما يسلط الضوء على الشركات الأمنية والشركات العسكرية الخاصة وطبيعة دورها في النزاعات المسلحة ودورها في سوريا التي تنتشر فيها مجموعات المقاتلين الأجانب والميليشيات ومجموعات المرتزقة والشركات العسكرية أو الأمنية, وتساهم جميعها في إطالة أمد الحرب وتعطيل فرص التسوية وإنهاء النزاع. فمع استقرار الميليشيات وسلطات الأمر الواقع وممارستها لجانبٍِ من وظائف الدولة بقوة السلاح, وسيطرتها على الموارد في إطار اقتصاديات الحرب ضعفت هياكل الدولة الهشة اصلاً, وتبدلت مراكز القوة داخل المجتمع, بالتزامن مع تفكك البنى البشرية المستقرة في المنطقة منذ قرون. بعد أن صار التهجير القسري أحد أسلحة الحرب الناجزة، التي كانت موجَّهَةً بصورة أساسية وبارزة ضد السكان في مناطق المعارضة، بحيث سيطرت الميليشيات ومجموعات المرتزقة على المناطق التي اقتلع سكانها من جذورهم وفروا بحياتهم إلى الدول المجاورة أو الشتات,فيما لُزمت قطاعات اقتصادية وحيوية للشركات العسكرية والأمنية التي تستمر في عملها لحماية مصالح روسيا وقواعدها العسكرية.
ومنذ إصدار الجزء الأول من جيوش الظل عام 2022 مع انسداد أفق الحل وتفاقم الفقر والحالة الاقتصادية المزرية التي باتت تخيم على شرائح كبيرة داخل المجتمع السوري. اتسعت عمليات تجنيد المرتزقة- ووفقاً لمصادر إعلامية امتدت الساحات التي يقاتل فيها سوريون كمرتزقة لروسيا أو تركيا. في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورنو كاراباخ, وفي ليبيا وفي أفريقيا شمال مالي-وفي أمريكا الجنوبية فنزويلا, وفي الغزو الروسي لأوكرانياكما دخلت إيران على خط التجنيد وافتتحت مركزاً لتجنيد مقاتلين سوريين للقتال الى جانب جماعة الحوثي في اليمن بعقود عمل 3 سنوات وبدل شهري يصل إلى 1000 دولار للمدنيين 1200 دولار للعسكريين.
أخيراً يأتي هذا التقرير بجزأيه ضمن رؤية المركز الثابتة للتعامل مع واقع حقوق الإنسان في سوريا الذي لابد أن يتم في إطار عملية شاملة ومتواصلة، ومشروع عام لنشر وتعميم حقوق الإنسان بمسارات متوازية منها توثيق ونشر ورسم خريطة ما يقع من انتهاكات وتجاوزات ومخالفات بشأن حقوق الإنسان والقانون الإنساني في سياق النزاع السوري وبالسعي للتصدي للإفلات من العقاب ومحاسبة المنتهكين والاستعانة بالآليات القضائية التي تسعى إلى تعزيز المساءلة عن الانتهاكات في مختلف الولايات القضائية، بما في ذلك الولاية القضائية العالمية وفي 22 من آب/أغسطس 2023– كان المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، قد تقدم بشكوى إلى مكتب شرطة جرائم الحرب في النرويج، ضد عنصر سابق في ميليشيا الحشد الشعبي العراقي يدعى حسين الحجيمي، مقيم في النرويج ومشتبه بارتكابه جرائم قتل وانتهاكات جسيمة، أثناء اشتراكه في القتال ضمن صفوف ميليشيا الحشد الشعبي في سوريا، وطالب المركز بفتح تحقيق هيكلي متعلق باعترافات المشتبه به، والتي بثها مباشرة على موقع التواصل الاجتماعي تيك توك، وأكد مكتب شرطة جرائم الحرب في النرويج استلام طلب شكوى المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بتاريخ 21 آب/أغسطس 2023. كما تقدم المركز بالتعاون مع شركاء دوليين بالادعاء أمام القضاء الروسي على عناصر من شركة فاغنر يشتبه بارتكابهم جرائمهم بحق سوريين, وانتقل للادعاء أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بعد استنفاذ درجات التقاضي في روسيا.