تعرضت النساء والفتيات في سورية لمختلف أنواع الانتهاكات من القتل والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري ، والتعذيب، والتهجير والتشريد وسياسات الحصار والتجويع التي استهدفتهن بشكل مباشر وغير مباشر، بالاضافة لأفعال العنف الجنسي على اختلاف درجاته من مختلف أطراف النزاع، والذي مارسته بالنسبة الأكبر القوات الحكومية.
وقد وثقت التقارير الصادرة عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية انتهاكات العنف الجنسي بحق الرجال والنساء والأطفال على أيدي القوات الحكومية والقوات الرديفة والتابعة لها منذ شباط 2012 خلال مداهمة المنازل ، وعلى نقاط التفتيش وفي مراكز الاعتقال الرسمية وغير الرسمية .
خلُصت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا الى أن المحكمة الجنائية الدولية هي الآلية القضائية الأكثر ملائمة للتصدي لظاهرة الإفات من العقاب في سوريا، الأمر الذي لم يتم بسبب اعتراض روسيا والصين الدولتين دائمتي العضوية في مجلس الأمن على إحالة الملف للمحكمة.
لكن ولانعدام امكانية اللجوء للقضاء الوطني التابع حالياً و بالكامل للسلطة التنفيذية المسؤولة عن الانتهاكات، وكذلك الهيئات القضائية وشبه القضائية التي تتبع لسلطات الأمر الواقع في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، ولغياب الحل السياسي الشرط الأساسي للبدء بإصاح المؤسسات وبرامج العدالة الانتقالية لا يبقى أمام الناجيات سوى التوجه للقضاء الوطني للدول التي تأخذ بمبدأ الولاية القضائية العالمية ، في حين يبقى تقديم شكاوى فردية لإجراءات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة خياراً لعدد محدود منهن بسبب ما يحيط به من محاذير وما يتطلبه من شروط.
التقاضي استناداً لمبدأ الولاية القضائية العالمية هو المسار الوحيد حالياً لمحاسبة الجناة المسؤولين عن جرائم العنف الجنسي في سوريا وغيره من الانتهاكات ،وهو المبدأ القانوني الذي يجيز لدولة أو يفرض عليها تحريك الإجراءات الجزائية فيما يتصل ببعض الجرائم بغض النظر عن موقع الجريمة وجنسية الجاني أو الضحية، أن تقر باختصاص هيئة معاهدة حقوق الإنسان المنشأة للنظر في الشكاوى وهو الأمر الذي لم تقبل به الحكومة السورية في اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها
وبناء عليه، يقوم فريق مختص في “المركز السوري للإعام وحرية التعبير “بجمع الأدلة والشهادات عن الانتهاكات المرتكبة لإعداد ملفات يتوجه بها مع الضحايا الى القضاء استناداً للولاية القضائية العالمية. حيث يؤكد المركز على إحاطة الضحايا بفهم شامل عن مراحل التقاضي وإجراءات حماية الشهود التي توفرها النصوص القانونية في البلد الذي يتم تقديم الادعاء فيه وتسمح بعضها بتقديم الشهادة بأسماء مخفية اذا كان التصريح بالاسم قد يعرض حياتهم أو سامتهم الجسدية أو حياة أحدٍ من ذويهم للخطر، أو بإجراء الشهادة من خارج قاعة المحكمة عبر توفير نقل سمعي بصري متزامن للشهادة مع جلسة الاستماع بالاضافة الى إجراءات عديدة أخرى.
ويعمل المركز منذ عام 2017 على ملفات قضائية عديدة للمحاسبة على الانتهاكات المرتكبة في سوريا في عدة دول أوروبية كألمانيا وفرنسا والسويد والنرويج وهولندا،وقد صدر في بعضها مذكرات توقيف دولية بحق مسؤولين أمنيين سوريين كبارعلى خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية كما يعمل المركز مع مكاتب جرائم الحرب والادعاء العام على ملفات أخرى منها ملفات تتعلق بجرائم العنف الجنسي المرتكبة في سوريا.
أعد هذا الكتيب ضمن برنامج “ العدالة ودولة القانون “ في “المركز السوري للإعام وحرية التعبير ”SCM بالتعاون مع الرابطة النسائية الدولية للسام والحرية (WILPF).
برنامج العدالة ودولة القانون يعمل على ضمان احترام حقوق الإنسان ومكافحة الإفات من العقاب وتمكين الضحايا من الوصول للعدالة بمسارات متعددة, بدأ عام 2016 مشروع التقاضي الاستراتيجي, لرفع قضايا إلى السلطات القضائيّة الوطنيّة ضدّ منتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي جرائم ضدّ الإنسانيّة في سوريا باستخدام مبدأ الاختصاص العالمي في دول أوروبية حالياً وغير أوروبية في القريب المنظور.
لقراءة التقرير كاملا: