تم نشر الملف بتاريخ 19 تموز/يوليو 2023
تم تحديث الملف بتاريخ 16 نيسان/أبريل 2025
ما هي الحقائق وراء القضية؟
مجدي نعمة، المعروف باسم (إسلام علوش)، مسؤول رفيع المستوى سابق في جماعة جيش الإسلام. ألقي القبض عليه في 29 كانون الثاني/يناير 2020 في مدينة مرسيليا الفرنسية، ثم اتهمته وحدة جرائم الحرب الفرنسية التابعة للمحكمة القضائية في باريس بارتكاب جرائم حرب وتعذيب وإخفاء قسري والتواطؤ في تلك الجرائم. تم وضعه رهن الحبس الاحتياطي قبل محاكمته.
مثّل هذا الاعتقال بداية أول تحقيق قضائي في الجرائم التي ارتكبها جيش الإسلام في سوريا. والذي كان ناشطاً بشكل رئيسي في الغوطة الشرقية، على مشارف دمشق، ويُتّهم بارتكاب جرائم دولية ضد السكان المدنيين الذين عاشوا تحت سيطرتهم بين عامي 2013 و 2018.
وتشير العديد من التقارير والشهادات إلى جرائم ارتكبتها هذه المجموعة مثل الاستخدام المنهجي للتعذيب في السجون، والإعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والهجمات على السكان المدنيين، واستخدامهم كدروع بشرية.
وقد خلص قضاة التحقيق في فرنسا ومحكمة الاستئناف في باريس إلى مسؤولية جيش الإسلام عن الإخفاء القسري للناشطة الحقوقية والمحامية رزان زيتونة، مؤسسة لجان التنسيق المحلية وعضوة في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بالإضافة إلى زملائها وائل حمادة، مدافع عن حقوق الإنسان، وسميرة الخليل، ناشطة سياسية، وناظم الحمادي، محامٍ حقوقي. وكانوا قد اختُطفوا جميعاً في كانون الأول/ديسمبر 2013 من المكاتب المشتركة لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا ومنظمة التنمية المحلية ودعم المشاريع الصغيرة في مدينة دوما.
في 26 حزيران/يونيو 2019، وبناء على طلب الضحايا لتحقيق العدالة، تقدمت كل من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، ورابطة حقوق الإنسان الفرنسية بشكوى قانونية ضد جيش الإسلام بشأن الجرائم المرتكبة في سوريا. وقد جاءت هذه الخطوة القانونية دعماً مباشراً لمطالب الضحايا، وترافقت مع مرافقتنا المستمرة لهم ولعائلاتهم في سعيهم لتحقيق العدالة.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، سافر مجدي نعمة إلى فرنسا للمشاركة في تدريب. وعند علم السلطات الفرنسية بوجوده على أراضيها، قامت باعتقاله، وهو قيد الاحتجاز الاحتياطي منذ ذلك الحين.
ويضم أطراف الادعاء المدني في القضية خمس ضحايا إلى جانب المنظمات الثلاث المذكورة.
ما هي التهم الموجهة إلى مجدي نعمة؟
كان مجدي نعمة ناطقاً رسمياً باسم جيش الإسلام على الأقل بين عامي 2013 و2016، وهي الفترة التي كانت الجماعة تسيطر خلالها على منطقة الغوطة الشرقية، وخاصة مدينة دوما. وقد نسبت تقارير وشهادات عديدة لهم ارتكاب جرائم تعذيب، وإخفاء قسري، وجرائم حرب خلال تلك الفترة.
في كانون الثاني/يناير 2020، تم توجيه الاتهام إليه بارتكاب جرائم حرب تشمل القتل العمد، والتسبب في معاناة شديدة، والاختطاف والاحتجاز القسري، والهجمات المتعمدة ضد المدنيين، وتجنيد الأطفال، بالإضافة إلى التواطؤ في هذه الجرائم، والانتماء إلى جماعة أُنشئت للتحضير لارتكاب جرائم حرب.
في تموز/يوليو 2023، أمر قضاة التحقيق بمحاكمة مجدي نعمة أمام المحكمة الجنائية في باريس بالتهم نفسها. وقد طعنت هيئة الدفاع في هذا القرار.
في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أكدت غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف بباريس وجود أدلة كافية على ضلوع مجدي نعمة في جريمة حرب تتعلق بتجنيد الأطفال وعلى انتمائه لجماعة أُنشئت لارتكاب جرائم حرب.
ومع أن القضاة لم يشككوا في مسؤولية جيش الإسلام عن ارتكاب الجرائم الأخرى، إلا أنهم استبعدوا ثلاث تهم أخرى وجهت إلى نعمة، وهي التواطؤ في الإخفاء القسري، والتواطؤ في جرائم حرب تشمل القتل العمد، والتسبب في معاناة جسدية أو نفسية جسيمة، والهجمات المتعمدة على المدنيين.
وبخصوص تهمة الإخفاء القسري، أشارت المحكمة إلى أن «المعلومات والشهادات العديدة التي تم جمعها توضح أن جماعة جيش الإسلام مسؤولة عن اختفاء المدافعين الأربعة عن حقوق الإنسان»، إلا أن القضاة اعتبروا أن الشرط القانوني لكون الجناة «جهة رسمية أو أفراداً يعملون بتفويض أو دعم أو رضى من الدولة»، وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن الاختفاء القسري، لا ينطبق على حالة جماعة جيش الإسلام
وبالتالي، فإن مجدي نعمة سيُحاكم بتهمة التواطؤ في جريمة حرب تتعلق بتجنيد الأطفال والانتماء لجماعة أُنشئت للتحضير لارتكاب جرائم حرب
لماذا رفعت القضية في فرنسا وليس في سوريا أو أمام المحكمة الجنائية الدولية؟
على الرغم من حجم وخطورة الجرائم المرتكبة في سوريا منذ القمع الوحشي للحراك الشعبي في آذار/مارس 2011، فإن سبل العدالة أمام الضحايا وعائلاتهم ظلت محدودة لفترة طويلة.
إذ لم تصادق سوريا على نظام روما الأساسي، ورغم محاولات إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية عبر مجلس الأمن، فإن استخدام روسيا والصين المتكرر لحق النقض حال دون ذلك
ومع تعذر الوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعدم وجود آفاق حقيقية لتحقيق العدالة داخل سوريا، لجأ الضحايا إلى دول أخرى مثل ألمانيا والسويد وفرنسا وإسبانيا، بناء على مبدأ «الولاية القضائية الممتدة خارج الإقليم أو الولاية القضائية العالمية»، لفتح تحقيقات في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية
وفي قضية مجدي نعمة، لم يتمكن الضحايا من التوجه إلى المحاكم السورية، فلجؤوا إلى السلطات القضائية الفرنسية. وقد قامت منظمات المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ورابطة حقوق الإنسان الفرنسية، بدعمهم ومرافقتهم في هذه العملية
وبعد قرابة 54 عاماً من القمع في ظل حكم عائلة الأسد، فتح سقوط بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 آفاقاً جديدة للعدالة في سوريا. ومع ذلك، لا يمكن تحقيق هذه العدالة إلا بإنشاء مؤسسات قضائية مستقلة ومستقرة، واعتماد إطار قانوني يتوافق مع القانون الدولي ويضمن الحق في محاكمة عادلة. وهو ما يطالب به المجتمع المدني السوري أيضاً
وينبغي أن تكون هذه المؤسسات جزءاً من عملية عدالة انتقالية شاملة تعالج الانتهاكات المرتكبة من جميع أطراف النزاع، وتوفر سبل الإنصاف والتعويض للضحايا لمنع تكرار الانتهاكات في المستقبل
ما هي المعايير المطبقة في فرنسا لبدء التحقيقات في الجرائم المرتكبة في سوريا؟
تتمتع المحاكم الفرنسية عادة بالاختصاص القضائي بشأن الأفعال المرتكبة على الأراضي الفرنسية أو من قبل مواطن فرنسي أو ضد مواطن فرنسي في الخارج.
لكن فيما يخص «الجرائم الدولية» (كالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتعذيب والإخفاء القسري)، فقد اعتمد المشرع الفرنسي قوانين تتيح للضحايا التماس العدالة في فرنسا عندما يتعذر ذلك في بلدانهم.
وفيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في الخارج، اعتمد البرلمان الفرنسي في 9 آب/أغسطس 2010 قانوناً يدمج نظام روما الأساسي في القانون الفرنسي. وقد تم تعديله لاحقاً في آذار/مارس 2019 وتشرين الثاني/نوفمبر 2023، بحيث يمنح المحاكم الفرنسية صلاحية مقاضاة مرتكبي هذه الجرائم إذا توفرت الشروط التالية:
– إقامة المشتبه به في فرنسا
– عدم خضوع المشتبه به لطلب تسليم أو محاكمة من محكمة دولية أو وطنية أخرى
– لا يمكن بدء الملاحقات القضائية إلا بطلب من الادعاء العام الفرنسي
وقد أُلغي شرط «التجريم المزدوج» بالنسبة لجريمة الإبادة عام 2019، ولجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية عام 2023
وفي 1 كانون الثاني/يناير 2012، أُنشئت وحدة متخصصة في باريس للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتضم خمسة مدعين عامين وثلاثة قضاة تحقيق مستقلين وفريقاً من المحققين المتخصصين. حالياً، تجري هذه الوحدة 85 تحقيقاً أولياً و79 تحقيقاً قضائياً بشأن جرائم دولية ارتكبت خارج الأراضي الفرنسية، من بينها نحو 10 قضايا تتعلق بجرائم ارتُكبت في سوريا
كيف ستُجرى المحاكمة في فرنسا؟
سيُحاكم مجدي نعمة أمام المحكمة الجنائية في باريس بين 29 نيسان/أبريل و26 أيار/مايو 2025. ستتألف المحكمة من ثلاثة قضاة وستة محلفين يتم اختيارهم بالقرعة من القوائم الانتخابية
ستكون المحاكمة علنية. وستستمع المحكمة إلى أطراف القضية والشهود خلال الجلسات
وفي ختام المحاكمة، سينسحب المحلفون للمداولة، وسيتم إعلان الحكم في اليوم نفسه. ويواجه مجدي نعمة حكماً بالسجن لمدة عشرين عاماً
يمكنكم الاطلاع على الملف الكامل في الأسفل: