باريس، الخميس 29 تموز/ يوليو 2021
يرحب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بإعلان المدعي العام الاتحادي في ألمانيا عن قراره الصادر بتاريخ 15 تموز/ يوليو 2021، والمتضمن توجيه لائحة من الاتهامات بحق الطبيب السوري “علاء. م” المقيم في ألمانيا، وإحالة ملف القضية إلى المحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت، ماين. تتضمن لائحة الاتهام جرائم من فئة القتل العمد والتعذيب وإلحاق الأذى البدني والنفسي الجسيم ومحاولة حرمان الأشخاص من القدرة الإنجابية، وتصنّف جميعها كجرائم ضد الإنسانية، يشتبه أن المتهم نفذها في فترات عمله في كل من مشفى حمص العسكري /608/، وفرع الأمن العسكري في حمص /261/ ومشفى المزة العسكري /601/ بين عام 2011 وعام 2015 الذي غادر فيه سوريا متجهاً إلى تركيا ومن ثم إلى ألمانيا ليستقر فيها.
تم اعتقال “علاء. م” من قبل الشرطة الألمانية يوم الجمعة 19 حزيران/ يونيو 2020 في ولاية هيسن، للاشتباه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية وتعذيب المعتقلين بناءً على مذكرة توقيف من قاضي التحقيق بمحكمة العدل الاتحادية في نفس اليوم، ولاحقاً وفي 16 كانون الأول/ ديسمبر أمر القاضي باستبدال المذكرة الصادرة في 19 حزيران/ يونيو بمذكرة توقيف مطولة تتكيف مع حالة التحقيق.
تعتبر هذه المحاكمة الثانية على الإطلاق ضد أحد موظفي الحكومة السورية، وينظر القضاء الألماني في عدة ملفات تتعلق بجرائم جسيمة مرتكبة في سوريا صدر في بعضها مذكرة توقيف بحق أحد المسؤولين الأمنيين في سوريا “اللواء جميل. ح”. بينما وتستمر حالياً محاكمة أحد ضباط أجهزة الأمن السورية “أنور. ر” في محكمة كوبلنز . إلا أن هذه الدعوى سيكون لها أهمية خاصة كونها الأولى من نوعها التي يتم فيها توجيه التهم بحق أحد أفراد الكوادر الطبية كان يفترض انه جزءاً من منظومة الرعاية الطبية وشارك في تنفيذ جرائم ضد الإنسانية. كما تسلط هذه القضية الضوء على الاستخدام المنهجي للحكومة السورية للعنف الجنسي والجنساني كشكل من أشكال التعذيب الذي يمارس أيضاً من قبل الكوادر الطبية كما في مراكز الاحتجاز والتحقيق في سوريا، الأمر الذي يعد سابقة مهمة في تاريخ قضايا الولاية القضائية العالمية فيما يتعلق بالجرائم الدولية المرتكبة في سوريا وخارجها.
إن المركز يؤكد بهذه المناسبة على أهمية محاسبة المتورطين بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا ومكافحة الإفلات من العقاب، ويعتبر أن هذا القرار يمثل خطوة أخرى على الطريق الطويل لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، من المهم أن تستتبع بخطوات أخرى للعمل على تقديم جميع مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سوريا من جميع الأطراف وأينما كانوا إلى العدالة، ويدعو المركز باقي حكومات الدول التي من الممكن أن يكون على أراضيها مجرمو حرب أو مرتكبي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان قدموا من سورية لاتخاذ إجراءات مماثلة.
ويؤكد المركز مرة أخرى أنه لا سبيل لتحقيق أي حل سياسي قابل للحياة أو سلام مستدام في سوريا دون تحقيق العدالة ودون إنصاف الضحايا وكشف مصير المفقودين والمختفين وأن أي محاولة لتجاهل هذه الاحتياجات لن تؤدي إلا إلى استدامة الصراع وتفتيت بنية المجتمع السوري والقضاء على أي فرصة للعيش المشترك.