بعثت منظمات دولية وسورية معنية بحقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات، من بينها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، برسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد الحكم الصادر من الشعبة الجنائية في محكمة النقض في فرنسا بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، والذي تبنى تفسيراً صارماً لمعيار التجريم المزدوج المنصوص عنه في المادة (689-11) من قانون الإجراءات الجنائية، حيث خلص الحكم إلى أن القضاء الفرنسي لا يملك الاختصاص للنظر بالجرائم المرتكبة في سوريا، على أساس أن الدولة السورية لم تصادق على نظام روما الأساسي، وأن سوريا لا تجرم الجرائم ضد الإنسانية في تشريعاتها المحلية.
واعتبرت الرسالة أن هذا الشرط الخاص بازدواجية التجريم بالنسبة للجرائم بموجب القانون الدولي، لا يشترطه بالنسبة للجرائم الأخرى المرتكبة خارج الأراضي الفرنسية والتي تغطيها الاتفاقيات الدولية، كما لا يشترطه نظام روما الأساسي أيضا، نظراً لأن القانون الجنائي الدولي للمحكمة يمكن أن ينظر فيه حتى إذا كان قانون الدولة التي ارتكبت فيها الجرائم لا يجرم الجريمة قيد النظر.
وأكدت المنظمات المشاركة في الرسالة على أن الشرط في التجريم المزدوج “يرقى إلى التشكيك في هذه العالمية ويتعارض تماما مع المبادئ التي تقوم عليها العدالة الجنائية الدولية”.
وحذرت الرسالة بأن هذا الشرط يعتبر بمثابة “مكافأة تُمنح للإفلات من العقاب”، لأنه يكفي للدولة التي تُرتكب فيها جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب، أن ترفض التصديق على نظام روما الأساسي، وألا تجرم هذه الأفعال في تشريعاتها الداخلية، لتصبح أفعالاً مباحة، وعليه فإن “هذا القرار يمنح تأشيرة لكل الجلادين في العالم بالهروب إلى فرنسا لأن المحاكم الفرنسية لا تملك صلاحية محاسبة هؤلاء المجرمين”.
وفي ختام رسالتهم، أكدت المنظمات الموقعة عليها، بأنه لن تكون هناك عدالة دولية فاعلة إذا جُعل من المستحيل ممارسة الولاية القضائية العالمية، لأنها هذه الولاية، في الكثير من الحالات، تعتبر الملاذ الوحيد لانصاف ضحايا الجرائم الدولية؛ مطالبة الرئيس ماكرون بالعمل على تغيير هذا القانون، ومنح أدوات وآليات تسمح للضحايا والجمعيات بمواصلة كفاحهم ضد إفلات مرتكبي أخطر الجرائم من العقاب، والتوجه أيضًا نحو العدالة الفرنسية.
لقراءة الرسالة: