يمثل اليوم العالمي للمرأة، فرصة سنوية للتذكير ببعد المنظومات السياسية والقانونية والاجتماعية والأخلاقية، في جميع دول العالم، وإن بنسب متفاوتة، عن تبني القواعد اللازمة لتحرير المرأة وتمكينها اقتصاديا واجتماعياً، وإتاحة الفرص المتساوية أمامها لتلعب دوراً أساسياً في قيادة الدول والمجتمعات.
لقد ذاقت النساء السوريات مرارة الحرب وما زلن يعانين من نتائجها، إن كنّ اللاتي يقبعن في السجون، أو تلك اللاتي يقارعن الاستبداد الاقتصادي والاجتماعي. لقد مارست أطراف النزاع في سوريا، وعلى رأسها الحكومة السورية، جميع أنواع الانتهاكات بحق النساء، ونستذكر في هذا السياق تغييب زميلتينا رزان زيتونة وسميرة الخليل من قبل جيش الإسلام، بالاضافة الى السيدات اللواتي تم تغيبهن من قبل السلطات السورية وباقي أطراف النزاع وللأسف تستمر هذه الانتهاكات دون رادع بسبب تسيّد مفهوم الإفلات من العقاب، واستمرار سيطرة الفكر الذكوري على جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
تشغل دراسة واقع النساء السوريات، حيّزاً أساسياً من عمل المركز اليوم، بهدف العمل على تأمين مستقبل أفضل لهن وللمجتمع بالعموم، وبهذا الإطار يكثف المركز من إصداراته حول الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة السورية، حيث كان تمّ نشر أكثر من دراسة في الأشهر الأخيرة.
الحرب هي نتاج للذكورية وحبّ السيطرة على الآخر، والنساء عرضة اليوم، للنتائج السلبية لسيطرة هذا الفكر، ومع تصاعد العنف بنتيجة النزاعات والحروب في أكثر من بلد، من ميانمار إلى أوكرانيا وسوريا وبلدان الربيع العربي، تتأكد أكثر فأكثر أهمية الجهود الهادفة إلى ضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على جرائمهم، وأهمية العمل على وضع نهاية للإفلات من العقاب، وصولاً لتحقيق العدالة، وإنصاف الضحايا، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
يوجه المركز السوري للإعلام وحرية التعبير تحيته اليوم إلى جميع النساء، بما فيهن السوريات، ويطالب المجتمع الدولي، وأجهزة الأمم المتحدة، بالعمل الجدي على تمكين المرأة في مختلف نواحي الحياة، وعلى الالتزام بوقف الحروب أينما كانت؛ فيما يجدد مطالبته بإطلاق سراح المعتقلات من السجون في سوريا، أياً كانت السلطات المسيطرة عليها، وكشف المعلومات عن المفقودات أياً كانت الجهة التي اختطفتهن، ويطالب الدول المضيفة للاجئات، الجارة والبعيدة، بوقف عمليات الترحيل القسري، وتقديم يدّ العون للاجئات السوريات بدلاً عن هذه التهديدات.