استضافت تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم حيث وصل عددهم إلى 3.600.000 شخص. وعلى الرغم من الترحيب الشعبي والحكومي الذي وجده اللاجئون السوريون الذين قصدوا تركيا في البدايات، إلا أن موجة الترحيب لم تستمر طويلًا، وتصاعد الاستياء أو الرفض الشعبي تدريجياً ما اعتبر في بدايته رد فعل مفهوم يمكن مشاهدته في أي جزء من العالم في ظل نفس الظروف، حيث يتعرض اللاجئون -في الموجات الكبيرة خاصة- للإقصاء الاجتماعي والتمييز في البلد المضيف، نتيجةً للوضع الاقتصادي والعوائق اللغوية والاجتماعية والاختلافات الثقافية، وبفعل الآثار المباشرة التي يتركها وجودهم على حياة السكان، وارتفاع تكلفة المعيشة وأسعار الإيجار والسلع، والمنافسة على سوق العمل خاصًة بالنسبة لأصحاب المستوى المعيشي المنخفض، إضافةً إلى مظاهر التسول ووجود بعض الأطفال في الشوارع لطلب المساعدة، والتي تعتبر جميعها نتائج حتمية للجوء، وتتعامل معها الحكومات المضيفة وتخفف من آثارها.
لكن ما اعتبر ردَ فعلٍ مبررٍ سابقاً اختلف في السنوات الاخيرة، فبينما يواجه السوريون تحديات الاقامة القانونية وتقييد الحق في التنقل والحركة وإلزامهم الحصول على إذن سفر عند التنقل بين الولايات، وعدم الحصول على الرعاية الصحية في حال عدم توفر بطاقة الحماية المؤقتة، وصعوبة الحصول على إذن للعمل والتمييز في الأجور وتداعيات جائحة كوفيد-19، تصاعدت النبرة التركية الرافضة لوجودهم، فضلاً عن النقاش العام حول إعادتهم قسراً إلى سورية، فبحسب استطلاع مركز الدراسات التركي في جامعة -قادر هاس- فإن نسبة الرفض التركي للاجئين السوريين وصلت الـ 67% عام 2019 بعدما كانت نحو 57% عام 2016، كما اتخذت حالة الرفض الشعبي طابع توتراتٍ اجتماعية آخذة في الارتفاع، وموجة من الاعتداءات العنصرية ضد السوريين تغذيها مواقف بعض السياسيين والشخصيات العامة التركية التي تتبنى خطاباً معادياً يتضمن جرائم خطاب الكراهية والتحريض والتمييز، في ظل غياب أي دورٍ للحكومة في التصدي لهذا الخطاب أو الحد من تصاعده.
خطاب العداء الذي انتقل من الأوساط الشعبية للسياسيين وصانعي القرار، ترافق مع شائعات تربط سوء الأوضاع الاقتصادية والبطالة وتراجع العلاقات السياسية لتركيا مع دول العالم باللاجئين السوريين، الذين بحسب الرواية المتناقلة يعيشون حياة مرفهة في المدن التركية، ويتلقون مساعداتٍ مالية سخية من الحكومة، وتشكل هذه الشائعات المتكررة السبب المباشر لموجة العداء والعنصرية.
في هذا التقرير يقوم المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، باستعراض الوضع القانوني والحقوقي للاجئين السوريين في تركيا، كما يقدم بيانات توضح توزع اللاجئين السوريين في الولايات التركية المختلفة، كذلك يقوم التقرير بعرض التغيرات السياسية والاقتصادية التي جرت في تركيا والتي أثرت على المجتمع التركي والتي بدورها اثرت على اللاجئين بشكل عام واللاجئين السوريين بشكل خاص، كما يقدم التقرير تسلسل زمني بتصاعد خطاب الكراهية تجاه السوريين والحوادث المترافقة مع هذا الخطاب وكذلك أهم الشخصيات الفاعلة التي تستغل اللاجئين السوريين في خطابها وتوجهاتها.
الورقة كاملة أدناه