ينعى المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بمزيد من الحزن والأسى، وفاة الصديق والزميل حسن كامل “أبو جلال”، والذي وافته المنية في 17 شباط/فبراير 2024، في فرنسا التي يقيم فيها منفياً منذ سنوات مع عائلته، بعد صراع طويل وشجاع مع المرض.
ولد الصديق والزميل حسن كامل عام 1959، ومنذ شبابه الأول انخرط في العمل السياسي، متبنياً قيم العدالة والدفاع عن الحريات السياسية والمدنية والديمقراطية، ما أدى إلى اعتقاله الأول في ثمانينات القرن الماضي، والذي استمر لسبع سنوات.
لم تكسر سنوات السجن الصديق الراحل، بل تابع نشاطه السياسي بعد خروجه من السجن، والتزامه التغيير الوطني الديمقراطي والدفاع عن حقوق الإنسان، فكان واحداً من الفاعلين الأساسيين إبان ربيع دمشق عام 2000، ويذكر الجميع مساهماته وتفانيه في سبيل تحقيق التغيير والانتقال السلمي الديمقراطي، في تلك المرحلة التي شهدت حراكاً سياسياً حيوياً، تلته حملات اعتقال وقمع، إلا أنها لم تثن زميلنا عن بذل جهده ومواجهة المخاطر الأمنية.
والتحق الصديق الراحل للعمل ضمن فريق المركز السوري للإعلام وحرية التعبير عام 2007، وشغل منصب المدير التنفيذي متطوعاً، مقدماً جهده ووقته وخبرته من أجل مؤسسة آمن بعملها ودورها وقيمها.
خلال تلك الفترة من 2007 إلى 2010، ساهم الزميل الراحل في تعزيز دور ومكانة المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، في مرحلة دقيقة وتأسيسية سياسياً وحقوقياً في السياق السوري، حيث عمل بشكل أساسي على تطبيق استراتيجية المركز في ذلك الوقت، القائمة على اعتبار العمل المدني والحقوقي حق أساسي للمجتمع السوري، بغض النظر عن عدم سماح السلطات السورية بممارسته بشكل قانوني، حيث شهدت تلك الفترة العديد من النشاطات والفعاليات العلنية التي قوبلت بقمع السلطة، بالإضافة إلى إصدار المركز لدراستين حول مراقبة أداء الإعلام في فترة الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتقريراً حول الرقابة في سوريا، وحملة لتعديل قانون الإعلام، واعتماد اللغة الكردية كإحدى اللغات الرسمية في المركز.
في كل هذه المحطات كان للراحل الكبير بصماته التي لا ينساها زملاؤه وزميلاته، هذا الالتزام والتفاني قاده مرة أخرى إلى الاعتقال بتاريخ 14 كانون الثاني/ يناير 2008، مع الزميل مازن درويش مؤسس والمدير العام للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، كما شهدت هذه المرحلة إغلاق المقر الذي كان المركز يمارس منه أعماله عام 2009 في دمشق من قبل جهاز أمن الدولة في سوريا ومصادرة كافة محتوياته.
رغم التضييق الأمني والمنع من السفر، واصل الصديق والزميل حسن كامل التزامه قضايا الحريات وحقوق الإنسان، وبعد اندلاع الانتفاضة الشعبية عام 2011، كان من أوائل الملتزمين بمطالبها الساعية للتغيير وإرساء القانون والحريات، ويذكر زملاؤه وزميلاته، وكثر من شباب وصبايا الانتفاضة حجم الأمل والتفاؤل الذي كان يبثه الراحل الكبير، ووقوفه بجانب جيل جديد كان يشق طريقه مطالباً بالتغيير والحرية ودولة القانون.
خلال بدايات الانتفاضة الشعبية، قدّم الزميل حسن كامل خبراته التنظيمية والسياسية لشباب الانتفاضة وشاباتها، ثم انخرط في تأسيس لجان التنسيق المحلية التي ضمت إلى صفوفها طيفاً واسعاً من المعارضين/ات ، ومن الناشطين/ات الحقوقيين، والشباب والشابات الطامحين للتغيير.
في مسيرة حياته، كان الراحل الكبير مثالاً للالتزام بقضايا الحريات، ومثالاً للمناضل الذي لم تكسره السجون ولا التهديدات الأمنية ولا المنافي، بل بقي حتى الرمق الأخير يدافع عن حقوق الناس الذين آمن بهم وانتسب إليهم.
ستبقى ذكرى “أبو جلال” حاضرة بيننا، كما ابتسامته، وروحه النبيلة، وسيبقى التزامه دافعاً لنا من أجل الدفاع عن الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان.
يتقدم المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بأحر التعازي من عائلة الزميل والصديق الكبير، وكافة زملائه وأصدقائه، ونؤكد أن ذكراه ستبقى معنا مكللة بطاقات الورد والغار.