محكمة الاستئناف الفرنسية تؤكد مذكرة التوقيف التاريخية الصادرة بحق الرئيس السوري بشار الأسد: حدث قانوني مهم وانتصار مؤزر للناجين

باريس 26 حزيران/يونيو 2024 – أكدت اليوم محكمة الاستئناف في باريس صحة مذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس السوري بشار الأسد، مع تأكيدها على مذكرات التوقيف الصادرة أيضًا بحق أخيه ماهر الأسد واثنين من كبار المسؤولين العسكريين السوريين بسبب اتهامهم بالمسؤولية عن الهجمات الكيميائية على الغوطة ودوما في آب/ أغسطس 2013.

يشكل هذا القرار خطوة هامة نحو الأمام سواء بالنسبة للضحايا والناجين من هذه الهجمات بالأسلحة الكيميائية أو للعدالة الدولية. فهويؤكد أن المسؤولين الذين يرتكبون مثل هذه الفظائع – بغض النظر عن رتبتهم – لا يمكنهم الاحتماء بالحصانة للتهرب من المساءلة.

تم إصدار مذكرات التوقيف في البداية من قبل اثنين من قضاة التحقيق في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وفي 22 كانون الأول/ ديسمبر 2023، طلب مكتب المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب إلغاء مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد مشيراًا إلى حصانة رئيس الدولة التي تحمي عادةً رؤساء الدول على رأس عملهم من الاختصاص القضائي للمحاكم الاجنبية. ومع ذلك، لم يعارض مكتب المدعي العام النتائج الواقعية بشأن دورالأسد في الهجمات الكيميائية ولا مذكرات التوقيف ضد المسؤولين السوريين الآخرين بمن فيهم ماهر الأسد

في 15 أيار/مايو 2024، استمعت محكمة الاستئناف في باريس إلى مرافعات المدعي العام ومحاميي الضحايا والمنظمات غير الحكومية، وهي الأطراف المدنية في القضية، بشأن قانونية مذكرة التوقيف ضد بشار الأسد. وقد اكد قرار المحكمة بشكل لا لبس فيه أن المساءلة عن الجرائم الدولية تتفوق على أي ادعاءات بالحصانة، بما في ذلك حصانة رئيس دولة حالي (على رأس عمله).

يحمل قرار محكمة الاستئناف دلالات عميقة للعدالة الدولية وحماية حقوق الإنسان. فهو يبعث برسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لا يمكنه التهاون بموضوع الإفلات من العقاب على الانتهاكات الفظيعة مثل استخدام الأسلحة الكيميائية.

بالنسبة للضحايا والناجين من الهجمات الكيميائية على الغوطة الشرقية ودوما، تمثل مذكرات التوقيف اعترافاً طال انتظاره بخطورة الجرائم المرتكبة ضدهم وخطوة حاسمة نحو العدالة.

قال مازن درويش، مؤسس ومدير عام المركز السوري للإعلام وحرية التعبير: “نحن نشيد بمحكمة الاستئناف في باريس لتأكيدها مذكرات التوقيف الصادرة بحق بشار الأسد. هذا القرار التاريخي يمثل خطوة حاسمة نحو العدالة لضحايا الهجمات الكيميائية. إنه يبعث برسالة واضحة أن الإفلات من العقاب على الجرائم الجسيمة لن يتم التهاون فيه، وأن عصر الحصانة كدرع للإفلات من العقاب قد ولى.”

وقال هادي الخطيب، مؤسس ومدير نيمُنك والأرشيف السوري: “بعد رؤية الأدلة، لم يشكك أي قاضي أو مدعٍ في فرنسا في دور بشار الأسد في الهجمات الكيميائية على الغوطة ودوما في آب/أغسطس 2013. بالنسبة للضحايا  والناجين والشعب السوري و غيرهم من المتضررين بشكل مماثل حول العالم أقول: يجب أن تكون المطالبة بالمساءلة القضائية عن مثل هذه الفظائع ممكنة ضد كل من يثبت تورطه فيها”

أما ستيف كوستاس، كبير المحامين في مبادرة العدالة في المجتمع المفتوح، فقد صرح: “هذا القرار يوضح أن القواعد الدولية حول الحصانة لا يمكن أن تكون مرادفة للإفلات من العقاب، خاصة للجرائم الدولية الأشد خطورة. الطريق إلى العدالة في هذه القضية طويل وصعب، ولكن مع نتيجة اليوم، رأينا القانون يستجيب بحق لعزم الضحايا على تحقيق المساءلة. مطلبهم واضح: أن يتم التحقيق مع جميع مرتكبي الهجمات الكيميائية ضد الشعب السوري وملاحقتهم قضائيا. قرار محكمة الاستئناف في باريس يسمح الآن بالتحقيق حتى مع المسؤولين رفيعي المستوى. مع كل خطوة إلى الأمام في هذه القضية، نعمل نحو مستقبل لا يكون فيه أي شخص في أي مكان، بغض النظر عن رتبته، فوق القانون.”

وقالت كذلك عايدة ساماني، مستشارة قانونية كبيرة في منظمة المدافعون عن الحقوق المدنية: “هذا حكم تاريخي ساهمت فيه محكمة الاستئناف في باريس بشكل مهم في إبطال الوضع الراهن حول الحصانات. نأمل أن يقرب هذا الحكم المجتمع الدولي خطوة واحدة نحو نظام عالمي لا يستطيع فيه رؤساء الدول ارتكاب جرائم دولية فاضحة دون عقاب.”

خلفية القضية:

في 1 آذار/مارس 2021، بادر الناجين من الهجمات الكيميائية، جنبًا إلى جنب مع المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بدعم من الأرشيف السوري ومبادرة العدالة في المجتمع المفتوح Open Society Justice Initiative ، بتقديم شكوى جنائية بخصوص هجمات الأسلحة الكيميائية التي وقعت في آب/أغسطس 2013 على دوما والغوطة الشرقية. وقد أشارت الشكوى، التي قُدمت كطلب طرف مدني أمام قضاة التحقيق في محكمة باريس القضائية، إلى أن هذه الهجمات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقدمت المنظمات غير الحكومية، إلى جانب منظمة مدافعي الحقوق المدنية كطرف مدني، أدلة جوهرية بما فيها شهادات لناجين، وتحليل لسلاسل القيادة، ومعلومات عن المسؤولين السوريين المزعوم تورطهم في الهجمات.

أدت الهجمات الكيميائية على الغوطة في 21 آب/أغسطس 2013، والتي استخدم فيها غاز الأعصاب القاتل السارين، إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين، وأدانها المجتمع الدولي على نطاق واسع. وكانت هذه الهجمات، إلى جانب الهجمات السابقة على دوما وعدرا، جزءًا من حملة ممنهجة ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وفي استجابة لهجمات الغوطة الشرقية، تبنت كل من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2118، الذي دعا إلى تدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا ومحاسبة جميع مرتكبي هذه الهجمات. رغم ذلك، أظهرت الهجمات اللاحقة استمرار استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية ولم تمارس أي محكمة دولية الولاية القضائية على مرتكبي هذه الجرائم، مما دفع الضحايا والمنظمات غير الحكومية إلى التوجه إلى السلطات الوطنية لمحاسبة الجناة.

يسمح القانون الفرنسي بالتحقيق وملاحقة هذه الجرائم الدولية، بغض النظر عن أنها ارتكبت في سوريا. في  14 شباط/نوفمبر 2023، أصدر اثنان من قضاة التحقيق في محكمة باريس القضائية مذكرات التوقيف بعد تحقيق واسع. وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2023، طعن المدعي العام الفرنسي في مذكرة توقيف الأسد مشيرًا إلى حصانة رئيس الدولة، لكنه لم يعارض النتائج حول دوره في الهجمات الكيميائية ولا مذكرات التوقيف بحق المسؤولين السوريين الآخرين بما في ذلك ماهر الأسد.

في 15 ايار/مايو 2024، استمعت محكمة الاستئناف في باريس إلى مرافعات من المدعي العام ومحامي الدعوى المدنية جين سولزر، وكليمانس ويت، وكليمانس بيكتارت، الذين يمثلون الضحايا الأفراد والمنظمات غير الحكومية – بشأن مشروعية مذكرة التوقيف ضد بشار الأسد في سياق حصانة رئيس الدولة.

لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال:

المركز السوري للإعلام وحرية التعبير [email protected]

 نيمُنك/الأرشيف السوري: [email protected]

مبادرة العدالة في المجتمع المفتوح: [email protected]

مدافعي الحقوق المدنية: [email protected]