باريس (٢٧ كانون الأول/ديسمبر)– بتاريخ 6 كانون الأول/ديسمبر 2022، الساعة الخامسة فجراً قامت السلطات التركية بمداهمة منازل يقطنها سوريون في حي “كهرمان كازان” بالعاصمة التركية أنقرة، وتوقيف أسر بكاملها من السوريين المشمولين بنظام الحماية المؤقتة, ثم اقتيادهم لاحقاً إلى مركز ترحيل “Oğuzeli” في مدينة غازي عنتاب، وإلزامهم بالبصم على استمارات العودة الطوعية دون معرفة مضمونها، ليتم ترحيلهم لاحقاً إلى الشمال السوري عبر معبر “جرابلس” رغم تأكيد عدد من المعادين قسرياً الذين تواصل معهم فريق المركز السوري للإعلام وحرية التعبير على عدم مخالفة أيّ منهم للقوانين، وامتلاكهم بطاقة الحماية المؤقتة “كيملك”، وتحديثهم لبياناتهم ضمن المُهل المُحدّدة قانوناً. .وقد أدّت عملية الترحيل التي تمّت خلال مدة لم تتجاوز /72/ ساعة منذ لحظة مُداهمة المنازل فجراً، لحرمان المُعاديِن من حق الاعتراض على قرار الترحيل خلال المدة التي يُحدّدها القانون التركي بـ 15 يوماً والتي تبدأ من تاريخ تبليغ قرار الترحيل،
في شهادته للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير أكد “ع ش” أحد المعادين قسراً” ” أنه تم ترحيله مع عائلته المكونة من زوجته وأربعة أولاد قُصّر ,بعد أن تم احضارهم الى المخفر وقيل لهم أنّ الإحضار بناء على استدعاء لاستكمال البيانات خلال ساعتين والعودة إلى المنزل لاحقاً, ولم يتبّلغ أحد من أفراد الأسرة قرار الترحيل، ولم تتح لهم الفرصة لأخذ أيّ من أوراق الثبوتية السورية آو متعلقاتهم الشخصية كأثاث المنزل والسيارة التي بقيت أمام منزلهم في أنقرة,.وأضاف ع ش أنه عندما رفض البصم على الأوراق التي قدمت إليه في مركز الترحيل تم تهديده بأنه في حال إصراره على الرفض فإنه سيتم وضع بصمة على الأوراق على أي حال، وأنه سوف يتم تسليم أولاده لمؤسسة الخدمات الاجتماعية التركية (السوسيال التركي) فقام بالبصم مُكرهاً، .كذلك قال “ع ص” أحد المُعادين قسراً “أن زوجته كانت حامل، فأعادوها مع طفليه للمنزل دون إعطائها بطاقة الحماية المؤقتة، وتم ترحيله لسوريا وهو المُعيل الوحيد لهم “.
ووفق شهادة “م ط فإنه وخلال يومي 22-23 كانون الأول/ديسمبر وبذات الطريقة داهمت القوات الأمنية منازل للسوريين في منطقة Çubuk في ولاية أنقرة وتمّ نقل العائلات إلى مركز الترحيل Akyurt أو مركز الترحيل Oğuzeli. ويتابع الشاهد م ط قائلاً أنه داهمت عناصر الشرطة في 22 كانون الأول/ديسمبر 2022 الساعة السادسة والنصف صباحاً منزله وأوقفوا زوجته وأولاده الأربعة القُصّر، وتمّت مصادرة هاتف زوجته وبطاقات الحماية المؤقتة للعائلة وإبطالها لاحقاً. ومن ثم تمّ نقل أسرته وبقية الأسر التي يزيد عددها عن 40 عائلة إلى مديرية الأمن العام في أنقرة، ومكثوا هناك 3 أيام، وتم تحويلهم لاحقاً لمركز الترحيل Oğuzeli ولا زالوا هناك حتى كتابة هذا البيان
استمرار حالات الترحيل وتكرارها في أكثر من ولاية تركية يؤكد انّها تتخطى الانتهاكات الفردية أو تعسّف الأجهزة الأمنيّة، وتؤشّر على سياسة ترحيل جماعية تنفذها الحكومة التركية بحق السوريين، تصاعدت حدتها بعد طرح الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” لمشروع يضمن عودة مليون لاجيء سوري طوعياً إلى سوريا.حيث تشهد المعابر الحدودية بين البلدين حركة مستمرة باتجاه سوريا في غالبيتها حالات إعادة قسرية، ووفق إحصائيات معبر باب الهوى التي يتم نشرها على الموقع الرسمي، بلغ عدد المرحلين من تركيا منذ بداية عام 2022 وحتى نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 17.340 . أمّا بالنسبة للمعابر الحدودية الأخرى، فلا يوجد احصائيات دقيقة عن أعداد المعادين قسراً، كما رفض القائمون على معبريّ باب السلامة وباب الهوى الإجابة عن سؤال فريق المركز السوري عن أيّ معلومات تتعلق بالمُعادين قسراً.
وتنطوي سياسات الترحيل على انتهاك الحكومة التركية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي بما فيه القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتزامها بمبدأ عدم الإعادة القسرية الذي اعترفت به لجنة الأمم المتحدة الفرعية المعنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان كإحدى القواعد العرفية وهو ما أكدته أيضاً الجمعية العامّة للأمم المتحدة”. كما تشكل انتهاكاً لالتزامات تركيا بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة والتزامها أيضاً بالإعلان الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 1992 في المادة /8/ الفقرة الأولى، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 2006 المادة /16/. كما تخالف قرار مجلس الأمن رقم /2254/ لعام 2015 في الفقرة /14/، الذي يقضي بأنّ عودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم الأصلية يجب أن تكون طوعية وآمنة.
كما تتعارض السياسات التركية أيضاً مع المادة /16/ من الدستور التركي، الذي ينص على أنه “يمكن تقييد حقوق الأجانب وحرياتهم الأساسية بموجب قانون متوافق مع القانون الدولي” والمادة /55/ من القانون رقم 6458 لعام 2013 قانون الأجانب والحماية المؤقتة في تركيا، والتي تنص على أنه لا ينفذ قرار الترحيل في الحالات التالية: أ) أولئك الذين لديهم مؤشرات خطيرة على أنهم سيتعرضون لعقوبة الإعدام أو التعذيب أو المُعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة في الدولة التي سيتم ترحيلهم إليها.
بناءً على ما ذكر، يدعو المركز السوري للإعلام وحرية التعبير الحكومة التركية إلى:
- الوقف الفوري والكامل لعمليات الإعادة القسرية والاعتقال والاحتجاز والترحيل التعسفي للسوريين.تحت مُسمّى :العودة الطوعيّة”، أو “الترحيل وفق الإجراءات الإدارية”، والتقيّد التام بالتزامات تركيا الدوليّة وبالدستور التركي، وقانون الأجانب والحماية الدوليّة لحظر الإعادة القسرية.
- الشروع بتحقيق عاجل في الانتهاكات الواردة في البيان حول عمليات الإعادة القسرية والترحيل والطرد والإكراه التي تمّت بحق السوريين، والتحقيق في الإجراءات الرامية إلى فرض أو خداع أو تزوير توقيع أو بصماتهم على استمارات «العودة الطوعية».ومحاسبة الفاعلين.
- التعاون بين دائرة الهجرة التركية ووزارة الداخلية لتأمين عودة جميع المرحلين السوريين ممّن يحملون بطاقة الحماية المؤقتة، أو من كانت بحوزتهم وسحبت منهم تعسّفاً، وإيجاد حل للأشخاص الذين تمّ ترحيلهم ولا يملكون أوراقاً ثبوتيّة في تركيا،
- سحب التحفّظ على بند “القيود الجغرافية” في اتفاقيّة الأمم المتحدّة بشأن اللاجئين لعام 1951، ومنح السوريين صفة لاجئ، وإقرار الحماية المؤقتة سندًا للأوضاع العامّة السائدة في سوريا لمن لا يستحق الحصول على لجوء لأسباب فرديّة، وإعادة العمل باتّفاقيّة إسطنبول لمناهضة الاعتداء على المرأة والعنف المنزلي.
- إيقاف العمل باللائحة التنظيمية للحماية المؤقتة الصادرة بموجب قرار مجلس الوزراء التركي رقم 6883 بتاريخ 13/10/2014، والتي تمنح السلطات التركية حق ترحيل من يعمل دون الحصول على إذن عمل، والذي لا يمنح للغالبية المطلقة من السوريين في تركيا.
- السماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإرسال مندوبين عنها إلى مراكز الترحيل للرقابة على إجراءات عودة السوريين و التأكد من استيفائها لمتطلبات العودة الطوعية بأمان وكرامة وبإرادة حرة لا يشوبها أي شكل من أشكال الإكراه أو التهديد أو العنف.
ويدعو المجتمع الدولي وأصحاب القرار إلى:
- الالتزام بمتطلبات الاستجابة الدولية لأزمات اللاجئين واسعة النطاق بتوفير المساعدة المالية والنوعية دعماً للاجئين والدول المستضيفة ،وتقديم أشكال الدعم التي تساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة, واستخدام إعادة التوطين من حيث فاعليتها واستدامتها كأداة لمشاركة العبء والمسؤولية
- الدعوة لمؤتمر دولي أو إقليمي للاتفاق على خطة طارئة لبرامج دعم للاجئين السوريين في دول الجوار للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية التي تعيشها هذه الدول عبر اقرار مساعدات عاجلة، وتمويل مشاريع تنموية تعود بالفائدة على اللاجئين السوريين والمجتمع المضيف, وإيجاد آليات رقابة أكثر كفاءة لعمليات تمويل وتنفيذ المشاريع لجهة حجم تأثير الإنفاق والمساءلة عن تحقيق النتائج
- العمل على ضمان انتقال سياسي نحو بناء دولة ديمقراطية يسودها القانون في سوريا، استناداً لمرجعيّة جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة, ما يُمهّد الطريق نحو عودة آمنة وطوعيّة للاجئين ,والتأكيد على أنّ أيّ تسويّة بدون تغيير سياسي تتجاهل أسباب النزاع ستولد نزاعات جديدة وتفاقم زعزعة استقرار المنطقة، وتسفر عن المزيد من موجات الهجرة جديدة.