عشر سنوات مرّت على جريمة اختطافكم، ورغم سنوات التغييب القسري ما تزال بصماتكم في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان حاضرة في نشاطاتنا وأعمالنا، نحن زميلاتكن وزملاؤكم في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير.
عشر سنوات ولا تزال جهود مشروع توثيق الانتهاكات في سوريا، رغم غياب العزيزة رزان عنه، تشكل حجر الأساس للعديد من الشكاوى القضائية التي تنظر فيها الجهات القضائية في فرنسا والسويد وألمانيا، ما يجعل أهمية عملكم ونضالكم من أجل كرامة الإنسان وحقوقه في قلب معركة العدالة التي يخوضها سوريون وسوريات أمام المحاكم في مختلف الدول التي وصلوا إليها.
نكتب إليكم لأنكم حاضرون بيننا، وما زال عملكم يشكل دافعاً لنا للاستمرار، ولنخبركم أن فريق المركز من زملائكم وزميلاتكم، يواصل سعيه إلى العدالة التي آمنتم بها، من خلال توفيره لقاعدة من المعلومات والأدلة وشهادات الناجين والناجيات السوريين والسوريات ممن تعرضوا وتعرضن للانتهاكات. هؤلاء السوريون والسوريات ممن كنتم تسعون بكل ما أوتيتم من قوة، ورغم كل خطر تعرضتم له للدفاع عن حقوقهم وحقوقهن، لنعيش جميعاً في وطن يحترم القانون ويساوي بين مواطنيه ومواطناته.
في هذه الذكرى، ورغم أثرها المؤلم علينا جميعا، كمدافعين عن حقوق الإنسان، أردنا أن نعبر عن امتنانا لكم، ولكل ما حققنا بفضل تضحياتكم وجهودكم، ولنؤكد أيضاً على حقنا بالتعبير عن فداحة فقدنا لزميلات وزملاء ما تزال نضالاتهم ترشدنا وتدفعنا لمواصلة العمل.
كما نود أن نؤكد لكم أننا نواصل السعي لمحاسبة المسؤولين عن تغييبكم واختطافكم، فالدعوى القضائية ضد قيادات جيش الإسلام المتعلقة بتغييبكم، ننتظر فيها بدء المحاكمة أمام محكمة الجنايات في باريس. بعدما أكدت غرفة التحقيق بمحكمة الاستئناف في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، مسؤولية جيش الإسلام عن إخفائكم قسرياً. تقدمنا بهذه الدعوى لنتمكن من معرفة مصيركم، وذلك بدعم من حقوقيين مؤمنين بضرورة الكشف عن الحقيقة للوصول إلى العدالة والمساءلة.
وفي ذات السياق، نعلم أن ما سنخبركم به الآن كان جزءا لا يتجزأ من أحلامكم على صعيد محاسبة مرتكبي الانتهاكات في سوريا، خاصة أنكم قد شهدتم الواقعة وكنتم في المكان لحظة حدوثها، وكنتم أول من جمع وثائق وأدلة وشهادات تتعلق بها. نعم إننا نحدثكم عن هجمات الأسلحة الكيميائية على الغوطة الشرقية عام 2013.
فقد تكللت جهودنا بخطوة كبيرة اتجاه العدالة، بعد عمل شاق من جمع الأدلة والمعلومات والتواصل مع الشهود والشاهدات، وتحليل البيانات ومقاطعتها والتعاون مع منظمات سورية ودولية تعنى بحقوق الانسان، وتسعى إلى تقويض مبدأ الحصانة لأي مجرم. حيث قمنا بالاستناد إلى شهادات من ناجين وناجيات من هجمات آب/ أغسطس 2013 بتقديم دعوى جنائية للقضاء الفرنسي، وعليه تم فتح تحقيق في هذه الهجمات، وصدرت مذكرات توقيف ضد بشار الأسد وأخيه ماهر واثنين من كبار الضباط السوريين. لم تكن هذه المذكرات لولا الجهود المستمرة و المضنية التي بذلها بكل إخلاص زملاؤكم في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، أملاً في أن تشكل هذه السابقة القضائية منطلقاً للوصول إلى محاسبة كافة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين والسوريات، ولم يكن الوصول إلى هذه النتيجة ممكناً لولا جهودكم التي بذلتموها لحظة وقوع الجريمة، وشجاعتكم في جميع الأدلة وتوثيق المعلومات.
كما نود إبلاغكم نحن زملاؤكم وأصدقاؤكم ومحبوكم، أن جهودنا وتعاوننا مع عائلات وروابط الضحايا ومنظمات من المجتمع المدني من أجل الدفع نحو تشكيل المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، تكللت هذه الجهود بقرار إنشاء المؤسسة في 29 حزيران/ يونيو 2023، لتكون لكل السوريين والسوريات، تماماً كما تحلمون بسوريا أن تكون، ولتعالج مسألة المفقودين والمفقودات في سوريا وحق ذويكم وذويهم في معرفة الحقيقة، وتجسيدا لقضية عابرة لأي اختلاف أو انقسام، ولوقف الممارسات المستمرة لسلطات الأمر الواقع على امتداد الأراضي السورية بارتكاب جريمة الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي.
وبعد هذه السنوات العشر، ما زلنا نؤمن بأن درب العدالة طويل وأن شجاعتكم وخطاكم الأولى على درب الدفاع عن حقوق الإنسان، وعملكم الدؤوب والمخلص لمحاربة الإفلات من العقاب أياً يكن الجاني، هو السبيل لتحقيق عالم تسوده العدالة والمساواة، عالم تكون فيه سوريا المستقبل خالية من الانتهاكات، كما تحلمون وما زلنا نحلم معكم.