2011.. عام فشل الحكومات في حماية الصحفيين

عمون – شهيرة خطاطبة

 ساعات ويرحل العام 2011 إلى غير رجعة لكن ذكريات “بلطة” سقطت على يد سامي محاسنة فكسرتها، وأخرى على رأس أنس ضمرة أفقدته الوعي، وحذاء “دركي” توسد بطن آخرين من الصحفيين تجعله عاماً لا ينسى ولكل من تعهد بنقل الحقيقة إلى العالم.

تاريخ الاعتداءات على الصحفيين لم يبدأ في العام 2011 ولكن هذا العام بدى مميزاً مع هبوب رياح الربيع العربي في كل اتجاه. والأردن كباقي الدول الأخرى لم يسلم صحفيوه من الضرب والاعتداء والاعتقال تارة والتهديد بالقتل والتنكيل تارة اخرى، فأينما وجد الصحفيون حضر صيادوهم من خلفهم.

استهلت الاعتداءات بداية العام 2011 بقرصنة وكالة عمون الإخبارية فكانت أولى الضحايا؛ ففي السادس من شهر شباط / فبراير حجبت “عمون” عن قرائها على الشبكة العنكبوتية على يد من بدوا وكأنهم مجهولون.

ولم يمض شهر حتى شهد الأردن الصدام الأوسع والأعنف مع متظاهرين. ففي 25 آذار/مارس استهدف عدد من الصحفيين وأصيب مجموعة منهم فيما كانت القوى الأمنية (الدرك والشرطة) تعمل على فض اعتصام نظّمه شباب تابعون لحركة 24 آذار في ساحة عبد الناصر (المعروفة بدوّار الداخلية) بالهراوات والغاز المسيل للدموع قتل في اثرها مواطن واصيب اكثر من 100 آخرين.

في هذا اليوم نقلت الصحفية في جريدة الغد عزيزة على وفراس النعسان الى المستشفى اثر إصابات مختلفة. وأصيب المصور ساهر قدارة في قدمه بحجارة رماها بلطجية باتجاهه، ومنع مدير قسم التصوير في الغد محمد أبو غوش ومصور وكالة أنباء شينخوا الصينية نعمان القزعة من التصوير وهددا بالضرب، كما قام بلطجية بمهاجمة المصور محمد حنون والمصور التلفزيوني في فضائية القدس بالعصي. أما القوى الامنية فأقدمت على الاعتداء على مصور من وكالة رويترز، وعمدت إلى الاعتداء على المدير الإقليمي لقناة العربية سعد السيلاوي بينما كان يقوم بتغطية إجراءات تتخذها الشرطة لتفريق المتظاهرين بعنف.

وكسرت الكاميرا الخاصة به، ومنع زميله غسان أبو لوز من التصوير. وفي المقابل وفي رد على التغطية الصحفية للتلفزيون الأردني لذات الحدث طرد مندوب التلفزيون من قبل احد اعضاء النقابات المهنية و24 اذار اثناء تغطيته لمؤتمر صحفي في مجمع النقابات. أما في نيسان فقام 6 من أقارب قائد سابق للجيش بالاعتداء على جهاد ابو بيدر وتهديده بالقتل رميا بالرصاص، اضافة الى تهديدات وصلت الى مدير مكتب الجزيرة في عمان ياسر ابو هلالة.

وحطمت سيارة أنس ضمرة وافرغ زيت سيارته من قبل مجهولين. في مسيرة لاحياء ذكرى النكبة في أيار اعتدي على مجموعة من الصحفيين كانت الاصابة الابلغ لربيع الصعوب حيث كسرت يده ودمرت الكاميرات الخاصة بالتصوير وغيره. وخلال شهر حزيران/يونيو أوقف مدير موقع “خبر جو” علاء الفزاع لأيام ووجهت له تهم خطيرة كمحاولة تغيير الدستور والانقلاب على نظام الحكم؛ تدخل الملك عبدالله في القضية وتم الافراج عنه.

ولم تمض ايام حتى اعتدى العشرات يتقدمهم نائب على مكتب الوكالة الفرنسية (AFP) وتكسير محتوياته وضرب احد مراسليه وتهديد مديرة المكتب الصحفية رندا حبيب. وانتهى الشهر بتكسير سيارة مراسل شبكة الجزيرة احمد جرار من قبل مجهولين أما تموز/يوليو فكان داميا ومؤسفا فقد اعتدي على عشرات الصحفيين الأردنيين والأجانب اثناء تغطيتهم لاعتصام عرف فيما بعد بأحداث النخيل حيث استهدف رجال الأمن والدرك كل من لبس السترة البرتقالية التي وزعها الامن على الصحفيين لتمييزهم، ووقتها تندر الصحفييون انفسهم واسموها مصيدة الستر البرتقالية. اصيب سامي محاسنه من العرب اليوم بكسور عدة، وأنس ضمرة من عمون وآخرون كثر، الامر الذي اجبر مدير الامن للاعتذار للصحفيين.. وبعد الحادث بأيام هدد جمال المحتسب بالقتل.

في آب / اغسطس اعتقلت السلطات الاسرائيلية مراسل الجزيرة الاردني سامر علاوي وافرجت عنه بعد اشهر من الاعتقال بتهم متعلقة بالارهاب. أما في أيلول / سبتمبر فأقر مجلس النواب المادة 23 من قانون مكافحة الفساد والتي تغرم اي صحفي يتحدث عن الفساد دون دليل بغرامات تصل الى 60 الف دينار أردني، ما اعتبره الصحفييون عقابا جماعيا لهم وتكميما للأفواه. وشهد الشهر نفسه فصلاً تعسفياً لعدد من الصحفيين من قناة نورمينا.

في الربع الأخير من العام وبالتحديد في تشرين الأول/ اكتوبر تم الاعتداء على عمر محارمة من جريدة الدستور، وتهديد يوسف ضمرة من صحيفة الغد بالقتل والاعتداء على مقر جريدته في الشهر الذي يليه. واختتم العام بالاعتداء بالضرب على غازي السرحان العامل في صحيفة الدستور اثناء تغطيته لاحداث المفرق. تعددت الأحداث والجهات المعتدية على الصحفيين فنسبت لقوات الامن والدرك واحيانا لاقارب متنفذين واصحاب قرار ونواب واحيانا كثيرة لمجهولين أو بلطجية لم تستطع الجهات الامنية القبض عليهم وتقديمهم للعدالة، لكن الذنب الذي اقترفه الصحفيون انهم تواجدوا لنقل الحقيقة وتغطية الأحداث.

جميع من اعتدي عليهم كانت اسباب الاعتداء انهم نشروا خبرا أو كتبوا تقريرا او حتى انه وضعهم القدر في حدث ما في وقت ما لرصد ما يحدث ليصبحوا هم الخبر. عالمياً؛ يغادر العام 2011 وقد سجل في طيات أيامه مقتل ما يقارب المائة صحفي من بينهم 22 عربيا، وتوقيف 1044 صحفياً، وتهديد أو الاعتداء على 1959 صحفياً، وفرض الرقابة على 499 وسيلة إعلام، واختطاف 71 صحفياً، وفرار 73 صحفياً من بلدانهم، ومقتل 5 مواطنين إلكترونيين، وتوقيف 199 مدوّناً ومواطناً إلكترونياً، والاعتداء على 62 مدوّناً ومواطناً إلكترونياً وفرض شكل من أشكال الرقابة على الإنترنت في 68 دولة، بحسب تقرير مراسلون بلا حدود.

أحداث دعت الاتحاد الدولي للصحفيين إلى مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالتحرك السريع للمساعدة في حماية الصحفيين في العالم. وقال رئيس الاتحاد جيم بوملحة في رسالة كتبها إلى الأمين العام للأمم المتحدة نشرت الجمعة،”في وضع تنكر فيه الحكومات أو لا تبالي بما أصبح نمطا معتادا من القتل المستهدف للصحفيين يتحتم عليك وعلى الأمم المتحدة تذكيرهم بمسؤوليتهم عن حماية الصحفيين”.

وحسب الاتحاد فقد بلغ العنف ضد الإعلام أسوأ مستوياته في باكستان والعراق والمكسيك، وشهد كل منها 11 حالة قتل. وألقى الاتحاد ومقره بروكسل، باللوم عن عدد القتلى في عام 2011 على فشل الحكومات في حماية الصحفيين ومعاقبة المسؤولين عن العنف ضدهم.