مدونون يطلقون حملة الكترونية لنصرة القدس

أخذت مقاومة الانتهاكات والحفريات والتهويد الإسرائيلي لمدينة القدس المحتلة وأحيائها والمسجد الأقصى ومقدساتها، من وسائل الإعلام الجديدة أسلوبًا جديدًا إلى جانب الأساليب التقليدية للدفاع الفعال عن قبلة المسلمين الأولى.

وأخذ المدونون الفلسطينيون على عاتقهم إيصال قضية القدس إلى العالم أجمع عبر السلاح الجديد المتمثل بالمدونات الإلكترونية، مطلقين العنان لأنفسهم من أجل الدفاع عن المدينة المقدسة من خلال حملة “لأجلك يا مدينة الصلاة.. ندون”.

وانتشرت الحملة بين المدونين الفلسطينيين بشكل واسع وسريع، ووصلت إلى مدونين عرب وأجانب، من خلال المشاركات التي أطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كـ”تويتر” و”فيسبوك”، للإيعاز لجمهور المدونين البدء بالتدوين من أجل القدس وفضح انتهاكات الاحتلال بحقها. ويهدف المدونون الفلسطينيون من خلال هذه الحملة التي يعبر فيها كل واحد منهم عن حقيقة ما يجري بداخله لعاصمته دون أي قيود، إلى نقل مشاهدة حية من قلب المدينة المقدسة عبر المدونين المقدسيين وعرضها على مدوناتهم.

ويستهل المدونون كتاباتهم عن المدينة من خلال القصص والخواطر والقصائد والفيديو والصور والتصاميم، المعبرة عن الحالة التي تمر بها سواء أكانت إيجابية أو سلبية، وكل ما يجول بخاطرهم، حيث صمموا إلى جانب التدوين، “هاشتاج” على الموقع الاجتماعي “تويتر” باسم “Blog4Quds”. بالتدوين نغير ويقول المدون خالد الشرقاوي وصاحب مدونة “كلام”: “إن فكرة إطلاق حملة من أجل مدينة القدس جاءت للمدونين بعد ملاحظتهم عدم وجود اهتمام رسمي وشعبي كاف بالمدينة وقضاياها، وخصوصًا في هذه الفترة التي كثر فيها الحديث عن المصالحة الوطنية عبر وسائل الإعلام”.

ويضيف الشرقاوي في حديث لـ”فلسطين”: “نستهدف نحن المدونين من خلال هذه الحملة المواضيع والقصص التي لا يذكرها الإعلام الفلسطيني عن المدينة المقدسة، ولا نكتفي بالحديث عن حي سلوان أو القضايا المعروفة، ولكن أكثر ما تم طرحه من خلال تدويناتنا هو القضايا غير الظاهرة مثل المحاولات الإسرائيلية في تهريب المخدرات لشباب المدينة “.

ويشير إلى اهتمامهم أيضا بنقل كل قصص الفقر والمعاناة التي تمر بها عائلات المدينة، والحديث عن همومهم والقصص التي يصعب على المراكز الحقوقية والإحصائية رصدها، وعدم الاهتمام كثيرًا بالحديث عن المعلومات بقدر الاهتمام بالمعالم الأثرية الموجودة هناك. ولفت النظر إلى أنه في حال تم تبني الحملة من أي جهة رسمية أو غير رسمية وترجمتها من اللغة العربية إلى الإنجليزية فإن قضية القدس ستصل إلى الكثير من المتضامنين الأجانب خارج الوطن وستتغير النظرة العالمية لها، وستواجه الدعاية والرؤية الإسرائيلية المضللة عن المدينة.

أما المدونة علا عنان صاحبة مدونة “علا من غزة” فتقول: “زرت المدينة المقدسة مرة واحدة في حياتي، وخلال زيارتي وجدت المفاجآت التي لا ينشرها الإعلام، مثل الحفريات وحالة أهالي البيوت في البلدة القديمة، فكان منها أن بدأت بالنشر من خلال مدونتي عن حالة هذه المدينة ورسم صورة للمتابع لها عن أحوالها في ظل الاحتلال”. وتضيف عنان في حديثها لـ”فلسطين”: “يجب علينا أن نعترف بالمشكلة ونفهمها جيدًا من أجل وضع الحلول المناسبة لها، كتوعية الناس والعالم من حولنا عما يدور في عاصمتنا من انتهاكات وتهويد لمقدساتها وهدم لبيوت أهلها، وحفريات لمسجدها”.

وتوضح أن الحملة تتيح لجميع المدونين المشاركين بها وضع الأفكار التي من شأنها أن تخفف عن أهلها، وتساهم في نقل ما يجري بها، من خلال النقاش والردود التي يتم تبادلها بين المشاركين في الحملة من خلال المواقع الاجتماعية. تشويش إسرائيلي كما تؤكد المدونة رندة أبو رمضان وصاحبة مدونة “جح بالغزاوي”، أن فكرة إطلاق الحملة جاءت إيمانا من المدونين بأهمية دورهم في نصرة القدس، واستغلال المساحة الالكترونية المتاحة لهم كجبهة مقاومة ووسيلة تعبئة لتوجيه النظر العربي والدولي نحو المدينة، ولصد الخطر المحدق والهجمات الشرسة التي يتعرض لها المقدسيون ومقدساتها من مشاريع ومخططات تهويدية. وتقول أبو رمضان لـ”فلسطين”: “بدأنا بحشد الدَّعم الشعبي للقضية الفلسطينية في ظل الصمت العربي والإسلامي والدولي، وقد كنا عند الانطلاقة 65 مدونًا عربيًا الآن وفي اليوم السادس من الحملة نحن 400 مدون عربي وأجنبي نتحدث ست لغات، عبر خمسة مواقع تواصل اجتماعية”.

وتضيف: “وجهنا الأنظار إلى ضرورة تحرك المدينة عبر التدوينة الأولى، وحملت التدوينة تساؤلات للشباب الفلسطينية بغزة عن كيف أنصر القدس وأنا محاصر في غزة، أما في التدوينة الثانية فنقلنا عن مدينة القدس التجارية عبر التعريف بأسواقها وتاريخ تلك الأسواق، وأوضاع التجار المقدسيين السيئة، حيث تحاربهم القوى الإسرائيلية بشتى الطرق من خلال تقليد صناعاتهم وزيادة الضرائب المفروضة عليهم”.

وتشير أبو رمضان إلى وجود بعض محاولات التشويش الإسرائيلية عبر موقع “تويتر” للتقليل من شأن الحملة، وذلك بعد مشاهدتهم للتفاعل العربي والدولي معها على جميع مواقع التواصل الاجتماعية ووسائل الإعلام المشهورة. وتتابع: “أخذنا ذلك بعين الاعتبار من خلال تكثيف جهودنا في المرحلة القادمة، وإنشاء موقع خاص يضم كل ما كتب عن القدس ضمن الحملة، كما يفكر الأعضاء المدونون بالحملة حاليا بفتح السقف الزمني للحملة إلى مالا نهاية حيث إنها قضية صراع على الوجود”.

وتنوه إلى أن الحملة وصل انتشارها إلى ست لغات هي العربية، الانجليزية، النرويجية، السويدية، الأسبانية، والعبرية، ونأمل في الأيام القادمة بزيادة عدد اللغات لخدمة الحملة.

تدوينات مختلفة وفي خروج عن التدوين التقليدي، كانت تدوينة المهندس أحمد الكريري وعبر مدونته “أحمد توك”، تمثل شكلاً جديدًا، حيث بث المدون سلسلة من الحلقات الإذاعية عن المدينة، عبر فيها عن معاناة أهالي المدينة المقدسة من خلال الحديث عنهم عبر قصص. ويقول الكريري في حديث لـ”فلسطين”: “منذ سماعي عن إطلاق الحملة قمت بالاشتراك بها، وبدأت بالحديث عن المعاناة التي يتلقاها أهلها عبر الحواجز، ومنعهم من الصلاة في المسجد الأقصى يوم الجمعة وحجم الانتهاك الذي يتعرض له أبناؤها من قبل المستوطنين”.

ويضيف: “أسعى بجانب زملائي المدونين إلى تغيير الصورة السلبية التي نقلها الاحتلال خلال السنوات الماضية عن أهالي المدينة وادعائه بأن العائلات هناك تقوم ببيع أراضيها إلى الإٍسرائيليين وهو ما نريد أن نثبت غير ذلك”. وكانت أبرز التدوينات التي لاقت انتباه وإعجاب الكثيرين، هو ما طرحته المدونة بدور أبو كويك من خلال مبادرتها لتعزيز التكافل والتواصل بين أبناء قطاع غزة والمدينة المقدسة، والمتمثلة في إرسال القرآن الكريم هدية للمسجد الأقصى، إضافة إلى توصية أي أحد يزور المدينة بشراء هدايا من المحال العربية وذلك لدعم أهلها اقتصاديًا.

وتقول بدور لـ”فلسطين”: “شاركت في حملة “لأجلك يا مدينة الصلاة ندون” عن طريقة مدونتي، وعبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وذلك من أجل المساهمة في نقل ما يمكنني عن عاصمتي ونشر معاناة أهلها، وتعزيز الروح المعنوية لهم من خلال التأكيد أنهم ليسوا وحدهم في مواجهة الاحتلال”. كما كان لمدونة المقدسية صفاء الخطيب وتدويناتها طابع مختلف عن زملائها المدونين، خصوصًا أنها بدأت بنقل مشاهد حية من داخل المدينة والمسجد الأقصى،

والذي كان أبرزها وضع مقطع فيديو يظهر فيه عدد من الهنود وهم يصلون. وتقول الخطيب في مدونتها حول ما رأت: “سِرنا قرب مسجد عمر بن الخطاب، ولمَ أشكّ بوجود أي كائن في المسجد، وما أن دخلت حتى رأيت حشداً من السياح، ليسوا شقراً هذه المرة وإن اعتدنا وجود السياح، ولكنني تفاجأت بأنهم سُمر البشرة من مسلمي الهند، وتحديداً من ولاية كيرلا وقد كانوا يتوضؤون استعداداً للصلاة”.