الإعلام السعودي يختنق في عز الربيع

الإعلام السعودي يختنق في عز الربيع

صحيفة “الأخبار”: مريم عبد الله

حلقة افتراضية عن الفقر في أحد أحياء الرياض، كانت كافية لاعتقال فريق عمل برنامج «ملعوب علينا» المؤلّف من حسام الدرويش وفراس بقنة. طبعاً لم يتوقّع هذَان الأخيران أن حلقة اجتماعية على يوتيوب ستقودهما إلى السجن، لكن هذا ما حصل، قبل أن يفرج عنهما أخيراً. في المقابل، انتقد أحد الصحافيين العاملين في جريدة سعودية جريدته، فكتب ساخراً أنّها «كشفت جرائم الشعب البحريني بحق قوات الأمن والحكومة»! طبعاً لم يكتب الصحافي هذا التعليق على صفحات جريدته، بل على فايسبوك. قد يبدو الممثلان متباعدين، إلا أنهما يصوران على نحو واضح كيف أفشل الإعلام الجديد كل المحاولات السعودية لمحاربة وصول ارتدادات الربيع العربي إلى المملكة.
في ظل ارتباط الإعلام السعودي التقليدي بالعائلة المالكة، اتجه قسم كبير من الشباب إلى الفضاء الافتراضي للتعبير عن رأيه. طبعاً لم تتلقّف السلطات هذا التوق إلى الحرية عند الشباب، بل ذهبت في الاتجاه المعاكس: عدّلت بعض مواد قانون المطبوعات الأخير على نحو يخنق حرية التعبير أكثر. وتفرض هذه التعديلات محرّمات جديدة على الإعلام، من بينها منع الكتابة عمّا «يخالف أحكام الشريعة الإسلامية… وما يدعو إلى الإخلال بأمن البلاد…» إلى جانب تعديلات أخرى تمنع التطرّق إلى الشخصيات العامة والدينية في البلاد، أو إثارة «النعرات» أو نشر «ما يضر بالشأن العام». باختصار، يمكن القول إنّ الخناق قد ضاق أكثر على الإعلام المكتوب، فبات ممنوعاً عليه حتى الكلام في قضايا الفساد، أو المشاكل الاجتماعية.
القانون الذي يُتهم بالضبابية، يمنح الحق لوزارة الإعلام بتأهيل مستشارين شرعيين لمراقبة محتوى الإعلام السعودي، وسحب أي مطبوعة مخالفة أو تدعو إلى «الإخلال بالأمن من دون تعويض مع مضاعفة الغرامة المالية… إضافة إلى إيقاف المخالف عن الكتابة في جميع الصحف والمجلات».
إذاً الثورات العربية لم تنعكس على المملكة سوى زيادة في القمع، وإصدار فتاوى تحرّم التظاهر، لكن ذلك لم يمنع المدونين من الكتابة في فضائهم الحر. وهو ما عرّض بعضهم للاعتقال مثل الكاتب نذير الماجد، الذي حرّض على ثقافة التظاهر، وسط تنامي التوتر في المنطقة الشرقية في ظل الاحتجاجات التي خرجت بعد ثورة البحرين، مطالبة بالمساواة والإفراج عن المعتقلين المنسيين.
يلعب النظام لعبة جديدة هي خنق الإعلام لا التضييق عليه، مانعاً إياه من التطرّق إلى كل القضايا الإشكالية، ومن بينها التحركات الداخلية. وهو ما انعكس على أداء وسائل الإعلام، التي تبدو انتقائية في تغطيتها للمواضيع. وهنا من المهمّ الإشارة إلى ما حصل مع صحيفة «اليوم»، التي تصدر في المنطقة الشرقية، التي كفّرت المواطنين الشيعة وخوّنتهم، ما أدّى إلى مقاطعتها وهبوط نسبة مبيعاتها.