رمزي النجّار: الإعلام جسراً إلى "الشرق الجديد"

يبتعد رمزي النجار في كتابه عن اللغة العلمية الجافّة لا يحمّل رجل الإعلانات الشهير كتابه أكثر مما يحتمل. يقدّمه كمحاولة لملء الفراغ الذي تعانيه المكتبة العربية في هذا المجال. هكذا يستعرض تاريخ الإعلام وثنائياته ضمن رحلة ملأى بالإسقاطات على عالمنا العربي

صحيفة “الأخبار”: ليال حداد
لا ينسى رمزي النجّار للحظة أنّه رجل إعلانات. المهنة التي عمل فيها لسنوات تسكنه: «الكتاب ليس دراسة» يقول. الرجل الذي امتهن التسويق منذ عام 1992، متأكد أنّ كلمة «دراسة» ستخيف القارئ، وبالتالي ستبعده عن كتابه الجديد «وجهة نظر وسفر ــ الإعلام، التواصل والربيع العربيّ» (دار النهار). وبالفعل كتاب النجّار أبعد ما يكون عن الملل أو التخصصية، بل ينقلنا في رحلة إلى تاريخ الإعلام ومفهومه بطريقة ممتعة مع إسقاطات على عالمنا العربي. قبل عشر سنوات، قرّر صاحب شركة S2C للاستشارات الاستراتيجية أن يشرع في كتابة «وجهة نظر وسفر» بعدما هاله الفراغ الكبير الذي تعانيه المكتبة العربية في مجال الكتب الإعلامية. لكنّ المهمّة لم تكن سهلة. ثمّ جاء الربيع العربي ليعطي حافزاً إضافياً للنجّار، كي يستكمل هذا العمل، ويطرحه في الأسواق.
«رأيت أن هذا هو الوقت المناسب» يقول في حديثه مع «الأخبار»، مضيفاً: «نسمع عبارات عدة مرتبطة بدور الإعلام مثل سلطة رابعة، ومحاسبة، ومساءلة، وشرعية… لكن كل هذه العبارات مبهمة وغير واضحة وهو ما حفزني على كتابة هذا الكتاب». لا يوجّه النجّار كتابه إلى الإعلاميين أو المهتمّين بهذا الشأن فقط «بل إلى كلّ القرّاء. في عصرنا الحالي، كل مواطن أصبح إعلامياً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي».
يصنّف النجّار كتابه في خانة الـ easy to read أو «سهل القراءة» رغم أنه يتطرّق إلى قضايا شائكة، لكن مبسّطة. يبدأ الفصل الأوّل بالحديث عن «مراهقة الإعلام» أي البروباغندا، ثمّ ينتقل إلى «نضج الإعلام» فالثنائيات التي تحكم هذا القطاع مثل «الحقيقة والموضوعية» أو «الهوية والعولمة»… هكذا تتواصل المحاور لنصل إلى الفصل الثامن الذي يبدأ فيه الحديث عن الربيع العربي ليمتدّ إلى الفصل الأخير. هنا يخبرنا النجّار أنّه يقدّم دراسة لمستقبل ستّ دول عربية هي: لبنان، وسوريا، ومصر، والسعودية، وتونس، وليبيا «إنها دراسة زمنية بطريقة علميّة للإضاءة على مستقبل العالم العربي انطلاقاً من دور الإعلام». هكذا نقرأ سيناريوين مختلفَين لكل بلد: الأول قاتم يكون نتيجة حتمية في حال فشل الإعلام في دوره وسقط في لعبة الأصوليات الدينية والسياسية. أما السيناريو الآخر فمتفائل يرسي مفاهيم الدولة الديموقراطية.
غداً، يوقّع رمزي النجّار النسخة العربية من كتابه في «الجامعة الأميركية في بيروت». أما النسخة الإنكليزية فيُتوقّع أن تصدر أيضاً في الأيّام المقبلة بعدما كتبها بنفسه. يقول «أريد للغرب أن يقرأنا بأسلوبنا الأصلي لا المُترجَم». وبما أن رجل الإعلانات الشهير يدرك جيداً أن العصر الحالي هو العصر الافتراضي، فسيطلق أيضاً نسخة إلكترونية من كتابه بالعربية والإنكليزية.
«يعبرون الجسر في الصبح خفافاً/ أضلعي امتدّت لهم جسراً وطيد/ من كهوف الشرق، من مستنقع الشرق/ إلى الشرق الجديد» يستعيد رمزي النجّار كلمات أستاذه في AUB الشاعر خليل حاوي في مطلع كتابه، مهدياً عمله الجديد إلى جيل «الشرق الجديد»، الشرق الذي يأمل أن يولد مع الربيع العربي «وألا نضيّعه من أيدينا كي لا تكون خيبتنا أفظع من تلك التي عاشها الجيل السابق. إنّها الخيبة نفسها التي دفعت خليل حاوي إلى الانتحار».