حملة مقاطعة واسعة لـتويتر احتجاجا على نظام الحجب الجديد لـالتغريدات

الكونغرس الأميركي يتدخل في تعديلات اتفاقية خصوصية خدمات «غوغل» رسالة وضعت على المدونة الخاصة بشركة «تويتر» لشرح سياسة الحجب الجديدة التي تنوي الشركة تطبيقها

جدة: خلدون غسان سعيد

بعدما كانت شبكة تويتر التي تأسست في العام 2006 عاملا رئيسيا في تنظيم المظاهرات في مصر وشارع وول ستريت، أصبحت بحاجة إلى مساعدة بعد نشوب مظاهرات ضدها، بعد إعلانها عن تطوير نظام خاص بها لحجب محتوى ما عن سكان بلد محدد.

ودعا ناشطون إلى مقاطعة الشبكة ليوم كامل (الأمس)، وإيجاد رمز جديد لمقاطعته هو «#مقاطعة تويتر» #TwitterBlackout. وتواجه «تويتر» حاليا مشكلة إيجاد التوازن الصحيح بين حاجتها إلى التوسع والانصياع إلى القوانين المحلية للحكومات المختلفة، وخصوصا أن الكثيرين يرون «تويتر» منصة حرة للتعبير عن الآراء من دون قيود.

ونظم معارضون لهذا التغيير حملة مقاطعة لجميع خدمات «تويتر» يوم أمس السبت، وذلك للتعبير عن استيائهم وغضبهم من سياسة الشركة وشعورهم بالخيانة والغدر. ووفقا لـ«غوغل»، فقد ذكر رمز «#مقاطعة تويتر» أكثر من 1,5 مليون مرة لغاية الساعة 5 مساء من يوم أمس. وأرسلت مجموعة «مراسلون بلا حدود» رسالة إلى الرئيس التنفيذي للشركة «داك دورسي» يطالبونه فيها بالتخلي الفوري عن نظام الحجب الجديد. وتناور الشركة في هذه الفترة، وتلعب لعبة الانتظار ومراقبة النتائج، إلا أن الكثير من مستخدمي هذه الخدمة يرون أنها تقود بنفسها إلى الهاوية وإلى مصير مظلم بلا شك.

وتقول الشركة التي يرسل من خلالها 100 مليون مستخدم أكثر من 250 مليون رسالة يوميا بأنها لن تحجب أي محتوى إلا بعد وصول رسالة من ممثلي الحكومات أو الشركات أو أي طرف خارجي يرى أن محتوى ما غير قانوني، ليتم التحقيق في الطلب وتقييم إن كان المحتوى المذكور قانونيا أم لا، أي إن عملية الحجب ستكون الملاذ الأخير. وتعلق «جودي أولسن»، المتحدثة باسم «تويتر»، بأن هذا التغيير يعني أن الشركة ستمتثل للقوانين وتحجب ما هي مضطرة قانونيا إلى حجبه، وأن هذا التغيير ليس مرتبطا بطلبات أي مستثمر.

ويرى الكثير من المدافعين عن «تويتر» أن الشركة ليست فوق القانون، وأنه يجب عليها احترام عادات وتقاليد الشعوب المختلفة والانصياع إلى قوانين الحكومات التي تعمل خدماتها فيها، وإلا أصبحت معقلا للمفكرين والمخربين في الوقت نفسه. أضف إلى ذلك أن خدمة «تويتر» محجوبة في الصين (و«فيسبوك» أيضا)، وإن فتحت الأبواب أمام «تويتر» في الصين، فإن هذا الأمر سيعني الدخول إلى سوق ضخمة جدا، وبالتالي الحصول على المزيد من الإيرادات التي ستترجم على شكل تطوير مستويات الخدمة بشكل كبير.

وعلى هذا الصعيد، علق «إيريك شميدت»، عضو مجلس إدارة «غوغل»، من «دافوس» بأن شركته ستطبق جميع المحاولات الحاسمة الممكنة ضد الحجب في جميع منتجات وخدمات «غوغل». ويضيف «ديفيد دراموند»، رئيس القسم القانوني في «غوغل» بأن «تويتر» تصارع ما يواجهه معه الجميع، وأن غالبية الشركات ترغب في الدخول إلى الصين.

ويكمل بأن الأمر يشابه ذلك الموجود في الكثير من الدول، حيث ترى الولايات المتحدة الأميركية حقوق الملكية أمرا في غاية الأهمية وتحجب باستمرار الروابط إلى المواقع التي تقدم محتوى مقرصنا، بينما لا يعير الكثير من المستخدمين في دول أخرى هذا الأمر أي اهتمام، ولكنهم حساسون لمواضيع النازية (مثل فرنسا وألمانيا) أو المواضيع السياسية في الصين، مثلا. فالكل يحجب ما يراه غير مناسب أو غير قانوني، بغض النظر عن المحتوى المحجوب. فكيف يمكن تطبيق نظام عالمي موحد على شركة ما؟ هذا الأمر غير ممكن من وجهة نظر «ديفيد دراموند»، ولكن تستطيع «تويتر» رفض الدخول إلى بلدان تقمع سكانها وتسجن «من دون محاكمة عادلة» وتعذب من يعارض سياساتها.

وبالحديث عن «غوغل»، أرسل 8 من أعضاء الكونغرس الأميركي رسالة إلى «لاري بيغ»، الرئيس التنفيذي لـ«غوغل»، تطالبه فيها بتقديم المزيد من المعلومات حول التعديلات التي أعلنت عنها الشركة حول اتفاقية خصوصية المستخدمين الأسبوع الماضي.

ويتخوف أعضاء الكونغرس من عدم وجود خيار عملي أمام المستخدمين، ويتساءلون إن كانت التغييرات هذه ستحمي حقوق خصوصية مستخدمي الخدمات أم لا. ويضيف الأعضاء أنه من المفضل أن يقدم خيار للمستخدمين بعدم جمع معلوماتهم إن لم يشعروا بالراحة تجاه ذلك، عوضا عن فرض قبول الشروط الجديدة أو عدم استخدام الخدمات كليا.

وانخفضت أسهم «غوغل» بنسبة 9 في المائة بعد الإعلان عن اتفاقية الخصوصية الجديدة، وتؤكد الشركة بأنها لن تسجل معلومات حول مواضيع حساسة، مثل الدين والعرق والجنس والصحة. وكان الأسبوع الماضي حافلا بمواضيع الحجب والحرية، حيث أعلنت مجموعة من المواقع المعروفة، منها «ويكيبيديا» Wikipedia و«ريديت» Reddit و«ووردبريس» WordPress و«تويت بيك» TwitPic عن إيقاف خدماتها ليوم واحد احتجاجا على مشروع قرار «سوبا» Stop Online Piracy Act – SOPA الذي يهدف إلى إيقاف القرصنة على الإنترنت وحفظ حقوق الملكية في العالم الرقمي، ولكنه سيقدم في الوقت نفسه لصناع المحتوى (مثل استوديوهات الأفلام وشركات تسجيل الموسيقى) قوة مبالغا فيها، مثل القدرة على إزالة موقع يقدم نسخة من فيلم سينمائي ما من نتائج بحث «غوغل» وإلغاء الإعلانات الرقمية منه وعدم قبول الحوالات المالية إلى حسابات صاحب الموقع، بالإضافة إلى حجب مزود خدمة الإنترنت للموقع عن جميع المستخدمين في العالم، مثلا.

أضف إلى ذلك أنه سيكون لدى مزودي الخدمات (شركات الإنترنت و«يوتيوب» و«بحث غوغل» والشركات التي تستضيف المواقع، مثلا) الذين يحجبون من تلقاء أنفسهم الخدمات المشبوهة حصانة كبيرة، الأمر الذي يعني أن صناع المحتوى ليسوا بحاجة إلى إصدار مذكرات قانونية أو إرسال رسائل رسمية مباشرة، بل يكفي نشر قائمة بأسماء المواقع المشتبه بها، ليقوم مزودو الخدمات بحذف تلك المواقع من خدماتهم. ويمكن تخيل سيناريو افتراضي بحت وغير واقعي لتطبيق مشروع القرار، ولكنه قانوني: تستطيع «غوغل» حذف الروابط لجميع المواقع التي تقدم عروض فيديو بحجة الاشتباه بوجود محتوى مقرصن في تلك المواقع، والسماح فقط لعروض «يوتيوب» بالظهور في نتائج البحث، ليصبح «يوتيوب» الموقع الوحيد الذي يقدم خدمات عروض الفيديو الرقمية.

ومن الأمثلة التي حدثت إغلاق موقع «ميغاأبلود» MegaUpload الذي يوفر للمستخدمين مساحة تخزينية في الإنترنت لتخزين ملفاتهم المختلفة، حيث تم العثور على محتوى مقرصن رفعه أحد المستخدمين، ليغلق الموقع كاملا بعد ذلك. وبالطبع، خسر مئات ألوف المشتركين في هذا الموقع حياتهم الرقمية، مثل صورهم الشخصية وملفات العمل، وغيره من المحتوى الشخصي غير المقرصن.