ألمانيا: المحكمة الإقليمية العليا في دوسلدورف تصدر حكمها بحق سوريَّين انضما إلى تنظيم “داعش”
باريس: رحّب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بصدور الحكم الصادر عن المحكمة الإقليمية العليا في دوسلدورف – دائرة حماية الدولة – بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر 2025، بحق كلٍّ من السّوريَّين محمد أ. (40 عاماً) وإسماعيل ك. (35 عاماً) بعد إدانتهما بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي أجنبي (تنظيم الدولة الإسلامية – داعش)، والحكم عليهما بالسجن سبع سنوات للأول وست سنوات للثاني.
وبحسب ما ثبت لدى المحكمة، فإن محمد أ. انضم عام 2013 – على الأقل – إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في جنوب دمشق مع أعضاء من الكتيبة المسلحة التي كان يقودها، المعروفة باسم “كتيبة الشهيد أبو عبيدة”. عمل في البداية بشكل سري لصالح التنظيم وجمع معلومات عن خصومه، ثم أصبح لاحقاً قائداً لـ “داعش” جنوب دمشق، وكان يشرف، من بين مهام أخرى، على نقطة التفتيش التابعة للتنظيم في المنطقة.
أما إسماعيل ك. فقد انضم أيضاً إلى التنظيم في عام 2013 في جنوب دمشق كمقاتل، وأصبح عضواً في وحدة خاصة كانت من مهامها تنفيذ عمليات الإعدام.
وكانت السلطات الألمانية قد اعتقلت المتهمين في عام 2023، حيث تمّ توقيف محمد أ. في مدينة فيسبادن بتاريخ 8 آذار/مارس 2023، وإسماعيل ك. في مدينة آسن بتاريخ 22 آذار/مارس 2023، بعد تحقيقات مطوّلة أجراها مكتب جرائم الحرب التابع للمدعي العام الألماني، بالتعاون مع المركز السوري للإعلام وحرية التعبير وجهات عدّة أخرى.
وقد ساهم المركز، استجابةً لطلبات من ضحايا الانتهاكات وذويهم، وبناءً على طلب رسمي من مكتب جرائم الحرب الألماني، في إعداد ملفَّي القضية اللذين تضمّنا أدلة وشهادات من ضحايا وشهود، ومواد من المصادر المفتوحة، أظهرت أن المشتبه بهما كانا قياديَّين في تنظيم “الدولة الإسلامية” في جنوب دمشق بين عامي 2013 و2018، وارتكبا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وفي 26 نيسان/أبريل 2022، استمع مكتب جرائم الحرب في برلين إلى شهادات ثلاثة من الزملاء في مشروع التقاضي في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، حول منهجية إعداد الملفات والأدلة التي قدّمها المركز. وفي 6 تموز/يوليو 2022 تلقى المركز إشعاراً من الشرطة الألمانية بفتح التحقيق الرسمي، أعقبه في آذار/مارس 2023 اعتقال المتهمين وبدء الملاحقات القضائية.
يرحب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بالإجراءات التي اتخذتها السلطات الألمانية بحق المتهمين، ويؤكد على استمراره في العمل من أجل محاربة الإفلات من العقاب، بما يخدم مسار العدالة، وإنصاف ضحايا عمليات القتل والاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري، وكافة الانتهاكات التي شهدتها سوريا خلال السنوات السابقة، كما يشدّد على أهمية ملاحقة الجناة المنتمين إلى مختلف أطراف الصراع المسلح، ممّن ارتكبوا انتهاكات بحق السوريين/ات.
وفي تعليقه على الحكم، قال المحامي مازن درويش، مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير:
“يشكّل هذا الحكم خطوة متقدمة في مسار العدالة الدولية وترسيخ مبدأ الولاية القضائية العالمية، ويؤكد أن الجرائم التي ارتُكبت في سوريا لن تبقى بلا حساب، وأن العدالة لا تُقاس بالانتماءات أو بالمواقع، بل تُبنى على الأدلة واحترام حقوق الضحايا. إن التزام القضاء الأوروبي بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات من مختلف الأطراف يبرهن أن سيادة القانون يمكن أن تمتد لتطال الجميع، وأن العدالة ليست شعاراً سياسياً بل مساراً قانونياً حيّاً لحماية الكرامة الإنسانية. لقد أثبت هذا المسار أن منظمات المجتمع المدني لم تعد على هامش العدالة، بل أصبحت جزءاً فاعلاً من آلياتها، تسهم في كشف الحقيقة وتمكين الضحايا ومكافحة الإفلات من العقاب.”
وإذ يرحب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا، فإنه يؤكد على أهمية دورها المحوري في ترسيخ مبادئ العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت في البلاد خلال السنوات الماضية.
كما يدعو المركز إلى تكامل الجهود والأدوار بين القضاء الوطني السوري والآليات القضائية الدولية، بما يضمن توحيد المسارات نحو تحقيق العدالة الشاملة، وإنصاف الضحايا، وتعزيز الثقة بالمؤسسات القضائية بوصفها ركيزة أساسية لبناء دولة القانون والمواطنة.




