المجازر مرة أخرى: بيان حول الأحداث المأساوية التي وقعت بين 6 و 10 آذار/مارس 2025 

المجازر مرة أخرى:
بيان حول الأحداث المأساوية التي وقعت بين 6 و 10 آذار/مارس 2025 


يعبر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير عن تضامنه العميق مع عائلات الضحايا المدنيين وعائلات أفراد الأمن العام الذين قضوا نتيجة أحداث العنف والانتهاكات التي بدأت في الساحل السوري في السادس من آذار/مارس 2025. 

حتى تاريخ إصدار البيان، وثق مشروع توثيق الانتهاكات في المركز 1169 ضحية من المدنيين/ات قضوا في الأحداث الأخيرة، منهم 732 في اللاذقية و276 في طرطوس و161 في حماه. من بين الضحايا هناك 103 امرأة و52 طفل (43 ذكر و 9 أنثى). كما وثق المشروع مقتل 218 من أفراد الأمن العام، وتم التعرف على جميع الضحايا المدنيين وأفراد الأمن العام بأسمائهم. لا تزال عمليات التوثيق والتحقق جارية، ومن المتوقع ارتفاع أعداد الضحايا. ورغم صعوبة تحديد المسؤولين المباشرين عن الانتهاكات في الوقت الحالي نظراً لتعقيد الوضع وتعدد الجهات المشاركة في الأحداث الأخيرة. إلا أنه وفقاً للمعلومات المتوفرة هناك مؤشرات على تورط أفراد تابعين للحكومة في أعمال القتل والعنف.

يؤكد المركز على أنه لا يمكن النظر إلى الأحداث المأساوية الأخيرة كوقائع وأحداث فردية معزولة عن الماضي، بل هي مؤشر واضح على هشاشة الوضع في سوريا نتيجة عقود من القمع والانتهاكات المنهجية، ولا يمكن وقف دوامة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان إلا من خلال إطار عدالة شامل يعالج الأسباب الجذرية للصراع ويكرس سيادة القانون ويرسخ السلم الأهلي. في الوقت نفسه، كشف هذه الأحداث أيضاً، عما يملكه السوريون/ات من أرضية مشتركة وعلاقات إنسانية يمكن أن يبنى عليها لمواجهة التحريض والعنف، حيث وثق المركز السوري شهادات لناجين أكدوا أن جيرانهم قاموا بحمايتهم وتهريبهم رغم اختلاف الانتماءات الطائفية.


يعبر المركز أيضاً عن قلقه العميق إزاء انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية باستخدام المنابر الدينية في بعض الحالات، لما له من دور سلبي في تأجيج التوترات والانقسامات بين مكونات الشعب السوري الأمر العائد أساساً لغياب الإعلام الحكومي الرسمي كمصدر شفاف وموثوق للمعلومات, ولغياب سياسات إعلامية وقانونية واضحة تتصدى لخطاب الكراهية وتجرمه.

يرحب المركز بالإجراءات المتخذة من قبل الحكومة، ولا سيما إعلانها عن تشكيل لجنة تحقيق للكشف عن الأحداث والظروف التي أدت إلى وقوع الأحداث والتحقيق في الانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها، ويعرب عن استعداده التام للتعاون مع اللجنة ودعم عملها بكامل الإمكانات المتاحة لديه. مع ذلك، يؤكد المركز أن نجاح جهود اللجنة يتطلب أن تكون التحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة ونزيهة، بحيث تضمن المحاسبة الحقيقية وعدم إفلات الجناة من العقاب وتوفر الإنصاف العادل للضحايا.

 وإذ يدين المركز أعمال العنف وعمليات القتل غير المشروع ضد المدنيين والاعتداء على الممتلكات ويندد بالهجوم الذي تعرض له أفراد من الأمن العام من مجموعات مسلحة يُعتقد أنها موالية لنظام الأسد المخلوع، يؤكد على أن مسؤولية حماية المدنيين/ات تقع في المقام الأول على عاتق الحكومة السورية. حيث تتحمل الحكومة مسؤولية قانونية بحماية جميع المواطنين دون تمييز، وهذا ما نص عليه الإعلان الدستوري الصادر في 13 آذار 2025 (المواد 12 و18 و 19) وبموجب التزامها وفق القانون الدولي باتخاذ تدابير استباقية لحماية الأفراد من العنف وضمان عدم التمييز في الحماية والتصدي لخطاب الكراهية وضمان الاستقرار. 

ويؤكد المركز أن ضمان الاستقرار ومنع تكرار هذه الأحداث المأساوية يتطلب التزاماً حقيقياً بالعدالة والمحاسبة، واتخاذ إجراءات فاعلة لحماية حقوق جميع السوريين والسوريات دون تمييز. وفي هذا السياق، يدعو المركز الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات ملموسة تضمن التزامها بواجباتها بموجب القانون الدولي، وذلك من خلال:

  • حماية جميع المدنيين والمدنيات، دون تمييز، من جميع أشكال العنف والانتهاكات والأعمال الانتقامية والتحريض، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار الجرائم والانتهاكات.
  • التأكيد على توحيد الزي العسكري بين أفراد الأمن العام والتعميم بضرورة الالتزام الكامل باللباس الموحد والشارة والرتبة وحظر تغطية الوجه أثناء الخدمة، لتحديد المسؤولية ومنع أي أفراد أو جهات من انتحال صفة الأمن العام.
  • التأكيد على حرمة المساكن, وعلى أن تفتيش المساكن عمل قضائي، ومنع الدخول إليها إلا في الأحوال التي يجيزها القانون, وتطبيق أحكام قانون العقوبات السوري على المخالفين. 
  • الالتزام بأحكام قانون الإدارة المحلية رقم 15 لعام 1971 وتعديلاته بضرورة أن يرافق المختار أو عضو من لجنة الحي ممثلي القوى العامة عند دخول المنازل وتفتيشها.
  • الالتزام بما ورد في المادة 9 من الإعلان الدستوري التي تحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، وحصر السلاح بيد الدولة.
  • الاعتراف الرسمي بجميع الضحايا دون تمييز، وضمان حقهم وعائلاتهم في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات التي تعرضوا لها، وتسهيل وصولهم إلى العدالة وتوفير آليات فعالة لجبر الضرر.
  • توفير الموارد والدعم اللازم لضمان قدرة لجنة التحقيق المشكلة على إجراء تحقيقات شاملة وفقاً للمعايير الدولية، مع ضمان استقلاليتها وحيادها التام دون أي تدخل سياسي أو عسكري في عملها.
  • تأمين الحماية لجميع المواقع التي وقعت فيها الجرائم والانتهاكات باعتبارها مسارح جريمة، ومنع أي عبث أو طمس للأدلة قد يؤثر على سير التحقيقات. كما يجب توفير الحماية والضمانات اللازمة للشهود الذين يرغبون في الإدلاء بشهاداتهم، لضمان سلامتهم وتشجيعهم على المساهمة في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة.
  • إلزام جميع الأجهزة الحكومية والأمنية بالتعاون الكامل مع اللجنة، وتمكينها من الوصول إلى الأدلة والشهود وأماكن الجرائم دون قيود.
  • نشر نتائج تحقيقات اللجنة بشفافية أمام الرأي العام الوطني والدولي، وضمان أن تؤدي هذه التحقيقات إلى إجراءات قضائية عادلة وفعالة ضد مرتكبي الجرائم.
  • التعاون مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا والسماح بالوصول الكامل وغير المشروط للتحقيق في الأحداث الأخيرة، وضمان تعاون جميع الجهات المعنية في الحكومة معها للوصول إلى الحقائق وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات ومحاسبتهم.
  • التأكيد على منع استخدام المنابر الدينية في التحريض ونشر الكراهية. وضبط الخطاب غير المسؤول والمكرس لثقافة الكراهية والعنف بما لا يتعارض مع الالتزامات الدستورية بالحق في حرية التعبير وحرية المعتقد.
  • إطلاق قنوات إعلامية رسمية تكون مسؤولة عن إيصال المعلومات بشفافية ودقة إلى عموم السوريين والسوريات، للحد من انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية. ،كذلك اتخاذ تدابير قانونية وعملية فعالة لمحاربة وتجريم خطاب الكراهية وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. 
  • إطلاق عملية عدالة انتقالية شاملة بقيادة سورية وملكية سورية تعكس احتياجات وتطلعات جميع السوريين والسوريات، من خلال:
  1. وضع خارطة طريق واضحة للعدالة الانتقالية، تضمن المشاركة الفعّالة للضحايا والناجين والناجيات والنساء والمجتمعات المتضررة، بما في ذلك اللاجئون/ات والنازحون/ات داخلياً، 
  2. الشروع بعملية إصلاح قانوني ومؤسساتي يلغي أي شكل من أشكال التمييز بين السوريين ويكرس المساواة الكاملة بينهم . 
  3. ضمان ألا تكون جهود العدالة انتقائية وأن تعالج جميع الانتهاكات والجرائم المرتكبة من جميع الأطراف، وتوفر الإنصاف الفعّال لجميع الضحايا دون تمييز، وتؤدي إلى كشف الحقيقة وتضمن عدم تكرار الجرائم والانتهاكات.
  4. دعم وتعزيز مشاركة الضحايا والناجين في جميع عمليات العدالة الانتقالية مع تعزيز الأدوار القيادية للنساء والمجموعات التي يقودها الضحايا في مبادرات المحاسبة والحقيقة.