تعد قضية المفقودين والمختفين قسراً في سوريا واحدة من التحديات الرئيسية التي تعيق أي حل للنزاع. تتم ممارسة الاخفاء القسري في سوريا منذ عقود، ورغم توثيقه على نطاق واسع، ما تزال هذه الممارسة قائمة في ظل إفلات كامل من العقاب. ترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن “قضية الأشخاص المفقودين على خلفية النزاع السوري إحدى أهم وأعقد القضايا التي تعالجها اللجنة الدولية في تاريخها الحديث”.
لا يقتصر التحدي على الحجم غير المسبوق لهذه الممارسة، أو عدد الجناة المتورطين، أو على أن عائلات الضحايا مشتتة في جميع أنحاء العالم نتيجة للفرار من الصراع، بل إن ممارسة الاخفاء القسري من قبل الأجهزة الأمنية السورية هي أداة متكاملة استخدمها النظام السوري للسيطرة على المجتمع وقمع أي شكل من أشكال المعارضة على مدى العقود الأربعة الماضية. إنها ممارسة ممنهجة من قبل بيروقراطية أمنية تعمل في ظل إفلات كامل من العقاب رسخته القوانين والممارسات لفترة طويلة حتى بات الوصول للعدالة وسيادة القانون والسلام المستدام غير ممكن إلا بمعالجة هذه القضية بشكل شامل.
يعرض هذا التقرير تجارب الدول الأخرى في معالجة قضية الاختفاء القسري أملاً في المساعدة في إثراء مناقشات ومقترحات الكتلة الثالثة في اللجنة الدستورية، وذلك من خلال تسليط الضوء على التحديات الرئيسية ونقاط التوتر في سياقات أخرى –بدءاً بالجوار اللبناني إلى تجارب من مناطق أبعد مثل كولومبيا– ومحاولات التغلب عليها.