إعادة اكتشاف الأفعال.. إعادة صياغة الحياة
عن السفير
تحلّق حوله المؤتمرون في «أف 8 ديفلوبرز» في سان فرانسيسكو في 22 أيلول الماضي، فاغري الأفواه دهشةً. فالشاب المعجزة مارك زاكربرغ، مخترع «فايسبوك»، سيعرّفهم إلى «اللغة الجديدة التي سيتواصل عبرها الناس في ما بينهم».
شرح زاكربرغ أنه «عندما انطلقنا بـ«فايسبوك»، كانت المفردات فعلاً محدودة. كان بالإمكان التعبير عن عدد ضيق من الأمور، كتحديد الأصدقاء الذين كنت معهم في مناسبة معينة. لكن، في العام الماضي، أطلقنا أوبن غراف، وأضفنا الأسماء، وصار بإمكان المستخدمين أن «يحبوّا» (النقر على زر «لايك») كل ما يريدونه». ثم حان وقت رفع الستار عن الجوهرة. فقال: «هذا العام، سنضيف الأفعال اللغوية. إنه جزء من بناء اللغة التي يتواصل عبرها الناس».
كان زاكربغ يتكلّم بحماسة من اكتشف الفعل… وبالفعل، كان كمن اكتشف أرضاً جديدة. من استمع إليه ظن نفسه يشاهد فيلم «مغامرات زاكربرغ في عالم الأفعال». فالشاب الطموح أعاد على مستمعيه، باقتضاب، تاريخ اللغة وأصولها، شارحاً أن أرسطو جادل حول فكرة أن «الأفعال طرأت على اللغة خلال تطوّرها».
عبر إضافة الأفعال إلى «اللغة الجديدة»، سيصبح «بالإمكان التعبير عن مروحة واسعة من الأمور». كلمة «التعبير» تكررت مراراً في محاضرة زاكربرغ. لكن تدقيقاً، ولو سريعاً، في «اللغة الجديدة»، يكشف أن «التعبير الممنوح لنا (عبر «فايسبوك»، بعد إضافة الأفعال إلى لغته) ليس سوى جزءاً يسيراً جداً من قائمة التعبيرات البشرية».
بالطبع، تأثير «فايسبوك» الضارّ على اللغة ليس أمراً جديداً. فالموقع شوّه معنى «الأصدقاء» وما «نحبّ». على «فايسبوك»، بات «الصديق» مجرد نقرة، بعدما كان في اللغة السابقة لـ«فايسبوك» مجرد اسم. ومع التحديث الجديد، ربما يصبح «فعلاً». أما «أن تحبّ» فبات بدوره مجرد نقرة على زر يحمل شكل إبهامٍ مرفوعٍ إلى أعلى موافقةً. الأبشع هو «التراجع عن الصداقة» و«التراجع عن الحب».. فهما يتمّان أيضاً بنقرة زر: «أنفراند» و«أنلايك».
وماذا حدث للصداقة بمعناها الحق؟ كان لا بد للصرخة أن تصدح، حتى يتدارك «غوغل» الوقوع في الفخ. ففي تطويراته الجديدة، آثر «غوغل بلاس» تخصيص «دائرة للأصدقاء». لا يترك الموقع شيئاً للإفتاء. هي دائرة «مخصصة للأصدقاء الحقيقيين، أي من لا تجد حرجاً في تعرية نفسك أمامهم».
لندع جانباً الجدل بين التحديثيين الذين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و«تويتر» يثرون اللغة البشرية بمفردات وطرق جديدة للتعبير، وبين التقليديين الذين يخشون أن تنقرض اللغة الأدبية.. ولنعد إلى التحديثات التي أدخلها «فايسبوك»، والتي «تذهب أبعد من إضافة مفاهيم خاصة لكلمات معينة». فقد أعيدت صياغة اللغة بطريقة أكثر تمحيصاً، وتحوّلت إلى أداة لـ«التعبير عن العلاقات والأشياء بنمط غير معبّر ولكن لافت».
بتطويرات «فايسبوك» الجديدة، باتت الجمل أشبه بالأدوات التي تساعدك على مشاطرة المعلومات الخاصة بطريقة سلسة غير معقدّة. وهكذا، أعيد إحياء تركيبة الجمل ذاتها، من أجل أن «تسرد قصتك». لم يعد الفعل الوحيد المتاح هو «الحب» (نقرة «لايك»)، بات بإمكان المستخدمين إبلاغ أصدقائهم «أننا نشاهد» التلفزيون أو «نستمع» إلى الموسيقى أو «نتناول» الطعام.. وهكذا دواليك. هي أفعال تتبع الزمن، تكتبه في الحاضر، ثم سرعان ما تصبح بصيغة الماضي.
وبذلك، يصبح كلّ كائنٍ «فايسبوكي» كاتب سيرٍ، وسيرته الذاتية، مثلما وقعت أحداثها، وفقاً لأرشيف الزمن. وبذلك، «تروي قصتك بأقل قدر من الأفعال، بأقل قدر من الكلفة الجمالية»، أي بشكل «يتماشى مع ثقافة الاستهلاك» السائدة حالياً.
شرح زاكربرغ أنه «عندما انطلقنا بـ«فايسبوك»، كانت المفردات فعلاً محدودة. كان بالإمكان التعبير عن عدد ضيق من الأمور، كتحديد الأصدقاء الذين كنت معهم في مناسبة معينة. لكن، في العام الماضي، أطلقنا أوبن غراف، وأضفنا الأسماء، وصار بإمكان المستخدمين أن «يحبوّا» (النقر على زر «لايك») كل ما يريدونه». ثم حان وقت رفع الستار عن الجوهرة. فقال: «هذا العام، سنضيف الأفعال اللغوية. إنه جزء من بناء اللغة التي يتواصل عبرها الناس».
كان زاكربغ يتكلّم بحماسة من اكتشف الفعل… وبالفعل، كان كمن اكتشف أرضاً جديدة. من استمع إليه ظن نفسه يشاهد فيلم «مغامرات زاكربرغ في عالم الأفعال». فالشاب الطموح أعاد على مستمعيه، باقتضاب، تاريخ اللغة وأصولها، شارحاً أن أرسطو جادل حول فكرة أن «الأفعال طرأت على اللغة خلال تطوّرها».
عبر إضافة الأفعال إلى «اللغة الجديدة»، سيصبح «بالإمكان التعبير عن مروحة واسعة من الأمور». كلمة «التعبير» تكررت مراراً في محاضرة زاكربرغ. لكن تدقيقاً، ولو سريعاً، في «اللغة الجديدة»، يكشف أن «التعبير الممنوح لنا (عبر «فايسبوك»، بعد إضافة الأفعال إلى لغته) ليس سوى جزءاً يسيراً جداً من قائمة التعبيرات البشرية».
بالطبع، تأثير «فايسبوك» الضارّ على اللغة ليس أمراً جديداً. فالموقع شوّه معنى «الأصدقاء» وما «نحبّ». على «فايسبوك»، بات «الصديق» مجرد نقرة، بعدما كان في اللغة السابقة لـ«فايسبوك» مجرد اسم. ومع التحديث الجديد، ربما يصبح «فعلاً». أما «أن تحبّ» فبات بدوره مجرد نقرة على زر يحمل شكل إبهامٍ مرفوعٍ إلى أعلى موافقةً. الأبشع هو «التراجع عن الصداقة» و«التراجع عن الحب».. فهما يتمّان أيضاً بنقرة زر: «أنفراند» و«أنلايك».
وماذا حدث للصداقة بمعناها الحق؟ كان لا بد للصرخة أن تصدح، حتى يتدارك «غوغل» الوقوع في الفخ. ففي تطويراته الجديدة، آثر «غوغل بلاس» تخصيص «دائرة للأصدقاء». لا يترك الموقع شيئاً للإفتاء. هي دائرة «مخصصة للأصدقاء الحقيقيين، أي من لا تجد حرجاً في تعرية نفسك أمامهم».
لندع جانباً الجدل بين التحديثيين الذين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و«تويتر» يثرون اللغة البشرية بمفردات وطرق جديدة للتعبير، وبين التقليديين الذين يخشون أن تنقرض اللغة الأدبية.. ولنعد إلى التحديثات التي أدخلها «فايسبوك»، والتي «تذهب أبعد من إضافة مفاهيم خاصة لكلمات معينة». فقد أعيدت صياغة اللغة بطريقة أكثر تمحيصاً، وتحوّلت إلى أداة لـ«التعبير عن العلاقات والأشياء بنمط غير معبّر ولكن لافت».
بتطويرات «فايسبوك» الجديدة، باتت الجمل أشبه بالأدوات التي تساعدك على مشاطرة المعلومات الخاصة بطريقة سلسة غير معقدّة. وهكذا، أعيد إحياء تركيبة الجمل ذاتها، من أجل أن «تسرد قصتك». لم يعد الفعل الوحيد المتاح هو «الحب» (نقرة «لايك»)، بات بإمكان المستخدمين إبلاغ أصدقائهم «أننا نشاهد» التلفزيون أو «نستمع» إلى الموسيقى أو «نتناول» الطعام.. وهكذا دواليك. هي أفعال تتبع الزمن، تكتبه في الحاضر، ثم سرعان ما تصبح بصيغة الماضي.
وبذلك، يصبح كلّ كائنٍ «فايسبوكي» كاتب سيرٍ، وسيرته الذاتية، مثلما وقعت أحداثها، وفقاً لأرشيف الزمن. وبذلك، «تروي قصتك بأقل قدر من الأفعال، بأقل قدر من الكلفة الجمالية»، أي بشكل «يتماشى مع ثقافة الاستهلاك» السائدة حالياً.